قراءة في
التحليل الاقتصادي لقانون الاستثمار الأجنبي في العراق
(1-2)
د.
عمرو هشام / مركز دراسات الوطن العربي / الجامعة
المستنصرية
تشير
التجارب الدولية الى وجود تباينات بين الدول للاستفادة من
تدفقات الاستثمار الاجنبي، فمن التجارب الناجحة التي تعد
احد النماذج هي سنغافورة التي بلغ رصيد تدفقات الاستثمارات
الاجنبية المباشرة كنسبة من اجمالي الناتج المحلي ما يقارب
53% في عام 1980 مقابل متوسط 10% بالنسبة للبلدان النامية
في ذلك العام، وبالمقابل نجد أن تبني تلك الاستثمارات بلا
ضوابط قد لا يؤدي بالضرورة الى حدوث تأثير انمائي مستقل
كما في حالة نيجيريا - التي بلغ رصيد تدفقات الاستثمارات
الاجنبية المباشرة فيها كنسبة من اجمالي الناتج المحلي ما
يقارب 49% مقابل متوسط يقارب 31% في البلدان النامية في
عام 2000.
لقد
تغيرت المواقف تجاه الاستثمار الاجنبي مع ازدياد ادراك
الدول النامية بأهميته في عصر يتميز بالمنافسة الدولية
المتزايدة، فضلا عن امكانية الحصول على التكنولوجيا،
وأساليب الادارة الجديدة، والوصول الى أسواق التصدير،
والارتباط بالسوق العالمية بشكل أفضل نتيجة الاستثمار
الاجنبي .
وشهد العالم النامي زيادة في نصيب الاستثمارات الاجنبية
المباشرة من اجمالي صافي التدفقات من 5.3% في عام 1980 الى
أكثر من 60% في عام 2000 .
وتشير التجارب الدولية الى وجود تباينات بين الدول
للاستفادة من تدفقات الاستثمار الاجنبي، فمن التجارب
الناجحة التي تعد احد النماذج هي سنغافورة التي بلغ رصيد
تدفقات الاستثمارات الاجنبية المباشرة كنسبة من اجمالي
الناتج المحلي ما يقارب 53% في عام 1980 مقابل متوسط 10%
بالنسبة للبلدان النامية في ذلك العام، وبالمقابل نجد أن
تبني تلك الاستثمارات بلا ضوابط قد لا يؤدي بالضرورة الى
حدوث تأثير انمائي مستقل كما في حالة نيجيريا - التي بلغ
رصيد تدفقات الاستثمارات الاجنبية المباشرة فيها كنسبة من
اجمالي الناتج المحلي ما يقارب 49% مقابل متوسط يقارب 31%
في البلدان النامية في عام 2000 .
وتشير الأدبيات المعاصرة الى أن التأثير الايجابي
للاستثمارات الأجنبية المباشرة في النمو يتوقف على الظروف
المحلية والقدرات الاستيعابية، وأن تحقيق نمو مستدام
ومستقل يتوقف على تفاعل الاستثمارات الاجنبية المباشرة مع
مستوى معين من التطور المالي يصل الى 14% لمتغير نسبة
الائتمان المحلي المقدم من البنوك التجارية للقطاع الخاص
الى الناتج المحلي الاجمالي (DC/GDP)
و47% لمتغير نسبة أصول البنوك التجارية الى اصول البنك
المركزي (RBA)،
(بحسب دراسة لصندوق النقد العربي، الاستثمارات الاجنبية
المباشرة والتطور المالي والنمو الاقتصادي: 2003)، وترى
تلك الدراسة أنه يتعين على بعض البلدان العربية اصلاح
نظامها المالي المحلي قبل جذب الاستثمارات الاجنبية، كذلك
فان تحسين مناخ الاستثمار من خلال حوافز مؤسسية واقتصادية
افضل بالنسبة لجميع المستثمرين ينبغي أن تكون في مقدمة
توجهات السياسات الاقتصادية الكلية .
وبالمقابل فان هناك محاولات كمية لقياس المناخ الاستثماري
من ضمنها هذا النموذج:
يمكن تحديد النموذج الاحصائي الذي يشخص أهم المتغيرات
المؤثرة في تدفق الاستثمار الاجنبي المباشر بالصيغة الآتية:
FDI= f (N, GDP,
GI, GP, DP,DB)
اذ أن :
FDI =تدفقات
الاستثمار الاجنبي المباشر.
N=
حجم السكان.
GDP =
حجم الناتج المحلي
الاجمالي.
GI =
اجمالي الاستثمار الثابت
المحلي.
GP =
نسبة السيولة المحلية الى
الناتج المحلي الاجمالي وهو مؤشر السياسة النقدية.
DP=
نسبة العجز أو الفائض في
الحساب الجاري في ميزان المدفوعات الى الناتج المحلي
الاجمالي وهو مؤشر لسياسة التوازن الخارجي.
DB =
نسبة العجز في الموازنة
الى الناتج المحلي الاجمالي وهو مؤشر السياسة المالية.
أما فيما يخص القراءات الاولية لمسودّة قانون للاستثمار
المقترح، فبرغم الايجابيات الكثيرة التي وردت في هذا
القانون ناهيك عن كونه خطوة مهمة لاعادة بناء قاعدة
الاقتصاد العراقي ترد بعض الملاحظات عليه من ضمنها:
1- أن مواد الفصل الاول كانت كلاماً اقتصادياً عاماً ولا
تصلح ان تكون نصا لقانون، وبالمقارنة مثلا مع قانون
الاستثمار في كوردستان رقم 4 لسنة 2006 نجد غياباً لتحديد
مفاهيم اساسية ترد في مسودة القانون العراقي مثل المستثمر
والمشروع والهيئة وغيرها، كان الاجدر تناولها في الفصل
الاول من هذه التعميمات الاقتصادية.
2- الفصل الثاني الخاص بهيئة الاستثمار، المادة 3- ثالثا:
أ-، استمراراً لمبدأ التعميم في الكتابة اذ ان مواصفات
شخوص الهيئة مبهمة في اغلبها باستثناء تحديد ثلاثة منهم من
القطاع الخاص . في حين يمكن الاشارة الى تحديد اشخاص من
وزارات ذات علاقة بموضوع الاستثمار مثل وزارة المالية
والتخطيط والتجارة. اضافة الى مندوب او اثنين من القطاع
الخاص.
3- في الفصل الثالث - المادة 10- ثالثا، ان اعطاء مدة
خمسين سنة مع كونها قابلة للتجديد قد تعد غير كافية في بعض
أنواع الانشطة التي يستلزم التملك فيها خاصة في قطاع
الاسكان والتشييد والذي يعد النهوض به وفتح ابواب
الاستثمارات الاجنبية اولوية اقتصادية واجتماعية للعراق،
واذا ما تمت مقارنة هذه الفقرة بفقرات مماثلة في بقية
القوانين لدول عربية مثل القانون الاردني للاستثمار لعام
2003 والقانون المصري لعام 1997 نجد أن المشرع قد أعطى
الحق كاملا في التملك واذا كانت الحجة الواضحة لدى المشرع
العراقي بان ارض العراق غنية بالموارد الطبيعية بالاخص
النفط والغاز - ولديه الحق في ذلك - يمكن تحديد بعض
المناطق التي يتم التأكد من خلوها سلفا من المعادن
الطبيعية واعطاء حق الملكية فيها، ولعل قانون كوردستان
للاستثمار فيه اشارة من هذا النوع الى هذه المسألة.
4- أما في الفصل الرابع المادة 14، نجد أن هناك الزاما آخر
قد يشكل قيدا جديدا على المستثمر وهو تشغيل نسبة لا تقل عن
50% من العراقيين المقيمين، وهذا الالزام أيضا غير موجود
في القوانين الثلاثة (قانون كوردستان والقانون المصري
والاردني)، وهنا أيضا يفهم حرص المشرع على ايجاد فرص عمل
وتطوير مهارات العمال العراقيين وهو حق مشروع، لكن مثل هذه
النسبة المرتفعة قياسا الى مناطق مجاورة تشكو ايضا من
البطالة -مثل مصر- يعد قيدا لا ضرورة له واذا كان امراً
ضرورياً فيمكن تخفيض هذه النسبة الى رقم معقول بما لا يقل
عن 25% مثلا، وترك الباب مفتوحا لزيادتها وفق رغبة
المستثمر الاجنبي.
5- ان الاعفاءات الضريبية في بداية النشاط تسبب تشوهات في
النظم الضريبية، إذ تنطوي على تفضيل للمستثمرين الجدد
وتمييز ضد المستثمرين الموجودين بالفعل، أو تمييز حتى ضد
المستثمرين الوطنيين. ويؤدي انقضاء فترة الاعفاء الضريبي
الى زيادة مفاجئة في العبء الضريبي على الشركات.
فضلا عن ان منح هذه الامتيازات غالبا ما يتم من خلال
اجراءات ادارية معقدة وبيروقراطية تشجع على الفساد الاداري،
ويعتبر النظام الضريبي المستقر والتلقائي الذي يشتمل على
أسعار معقولة، ولا يتضمن أية حوافز تمييزية أفضل لكل من
المستثمرين والدولة المضيفة معا. ونجد في الفصل الخامس
الخاص بالاعفاءات، أن المشرع يحاول منح مدة خمس سنوات
كاعفاء من الضرائب والرسوم للمستثمر وبنسب متفاوتة من
25-100% حسب المنطقة التنموية، في حين يحاول المشرع
العراقي استخدام الضريبة كاداة لتشجيع التنمية الجغرافية
وهي محاولة جيدة بالتأكيد.
|