في ندوة
للمركز العراقي للإصلاح الاقتصادي..
قانون
الاستثمار المنتظر وملاءمته البيئة العراقية!
تظل
ساحة التحاور السبيل الأسلم لإنضاج أي من المشاريع الكفيلة
بإرساء متطلبات النهوض بالواقع الاقتصادي وتفعيل برامج
الإعمار والتنمية، بعدما تعارف المعنيون على تشريعات
قانونية تأتي من الدولة من دون أن تلبي المصالح الحقيقية
لشتى الشرائح المعنية، بل تتعارض - في بعض الأحيان - مع
الحد الأدنى للمصلحة الوطنية بفعل افتقارها النضج المفترض
من خلال مشاركة الجهات المختصة من أكاديميين وباحثين
اقتصاديين وتكنوقراط مهتمين بتوجهات تلك القوانين
والمشاريع.
لماذا
أغفلت مشاريعنا الصناعية المعطلة؟
هل الأولوية للمستثمر العراقي فعلاً؟
مشكلة إيجار
المستثمر أرض المشروع ومدى تلاؤمها مع المشاريع الإسكانية
من ابرز تلك الأمثلة ما واجه به هؤلاء مشروع قانون
الاستثمار الجديد، حيث ينتظر أن يشرعه مجلس النواب خلال
استئناف جلساته في أيلول القادم. وكانت الندوة التي نظمها
المركز العراقي للإصلاح الاقتصادي مؤخراً لمتابعة تقويم
مشروع القانون والتي بدأها الدكتور ثائر الفيلي الذي أدار
الجلسة بتحفظاته على مواد عديدة من متن المشروع وخاصة ما
يتعلق منها بموضوع إيجار الأرض حين ثبت القانون المقترح أن
تحدد بفترة زمنية أمدها 49 سنة، مشيراً إلى استحالة
الاقتصادي. كما تناول المادة الخاصة بتشكيلة هيئة
الاستثمار واستفسر عن خلوها من الإشارة إلى مشاركة ممثلين
عن القطاع الخاص فيها، كما عرج على المشاريع القائمة في
البلد وتعرضت للعديد من المشاكل من دون أن يحدد القانون
موقفاً منها وخصوصاً مشروعات القطاع المختلط المتوقفة.
فيما أشار إلى قانون الاستثمار الخاص بإقليم كردستان وعده
أكثر تقدمية وحضوراً من القانون المنتظر.
المتحدث الثالث كان السيد بهاء المياحي فقد انطلق من مقولة
أن رأس المال سيملك الاقتصاد، ومن تملك الاقتصاد لابد من
أنه سيمتلك القرار السياسي، وبذلك سيغدو المستثمرون وأصحاب
الرساميل أصحاب القرار الأخير في العراق، وانطلاقاً من ذلك
فهو يعتقد بإمكانية تحويل الاستثمارات إلى شركات مساهمة
فيكون للعراقيين حضورهم وصوتهم في توجيه سياسات وأنشطة تلك
الشركات داعياً إلى تكوين مؤسسات الدولة لشركات مساهمة
يتوزع أسهمها مالكون عراقيون بما يجعل القرار الأول
والأخير فيها للمستثمر العراقي.
في هذه اللحظة حاول الدكتور ثائر الفيلي مدير الجلسة
التذكير بقناعته في أن يوسم قانون الاستثمار المقترح
بقانون الاستثمار حصراً وليس كما يتم ترديده بقانون
الاستثمار الأجنبي، لأنه تطرق إلى أنشطة الاستثمار وانسجام
مثل هذه الفترة مع مشاريع الإسكان تحديداً، لأن لا أحد
يرتضى أن يستثمر مشروعاً إسكانياً كمستثمر أو مستفيد وتحدد
له تسع وأربعون سنة ليترك مسكنه، لذلك ينبغي أن تستثنى
المشاريع الإسكانية - في الأقل - ويسمح للمستثمرين فيها
بتملك الأرض.
وفتح باب المحاورة فكان السيد حميد العقابي متحدثاً باسم
الاتحاد الدولي لرجال الأعمال العراقيين حين ركز على
أولوية تركيز مبادرة الدولة على أساس السوق والمنافسة،
وتطرق إلى ضرورة التعاون مع المؤسسات التمويلية العربية
والدولية داعياً إلى اعتماد تلك المؤسسات برامج قروض ميسرة
للمستثمرين ورجال الأعمال العراقيين. كما أشار إلى أهمية
الحد من سطوة القطاع العام.
الممارسة
الديمقراطية ليس في السياسة فقط
تقدم السيد باسم جميل انطون نائب رئيس اتحاد رجال الأعمال
العراقيين بمداخلة بدأها بالعتمة الواضحة المفروضة على
ديباجة المشروع، لأنها كما يقول أعدت على عجالة، فيما
تناول موضوع املاء بنود القانون المقترح مؤكداً أن
الديمقراطية التي يشار إليها كنهج في العمل السياسي لابد
من أن تعتمد أيضاً في الإطار كلها، وليس الاستثمار الأجنبي
تحديداً.
أولوية بناء دولة
المؤسسات
الدكتورة سلام
سميسم شاركت بمداخلة ارتكزت في مقدمتها على العوامل
الفاعلة لبيئة قادرة على تبني مشروعات جادة للعمل
الاستثماري حين دعت إلى بدهيات وجود مناخ ملائم للاستثمار
وما يعنيه في العراق المناخ الآمن لنشوئه وازدهاره حين
وجدت أن ما تعاني منه الآن الافتقار للأرضية الآمنة، كما
الافتقار لاقتصاد قادر على مواجهة الواقع فلا بنك يمول ولا
مستثمر أجنبي يراهن على الوضع القائم، مما يتطلب أولاً
وقبل كل شيء إرساء دولة المؤسسات، بل ينبغي أن نبرهن
للمستثمر الأجنبي جدارتنا في بناء دولة المؤسسات. كما
أشارت إلى ضرورة الارتقاء بالمستثمر المحلي وتوفير وسائل
دعمه ليصل إلى مستوى المستثمر الأجنبي.
وكما سعى القانون لتوفير تسهيلات وضمانات مشجعة ومحفزة
لدعم المستثمر وتعزيز استثماراته فمن المهم ان تقابل تلك
الوسائل بضمانات يقدمها المستثمر المحلي أو الأجنبي
لامتصاص البطالة التي نعانيها في العراق.
فيما اسهم الدكتور عبد الحسين العنبكي المستشار الاقتصادي
في مجلس الوزراء وأحد المشاركين في إعداد مسودة المشروع
بوضع النقاط على الحروف في مجرى المداخلات والمناقشات حين
تناول موضوعة الاستثمار مؤكداً أن الأصل في تناول المشروع
أن يكون الاستثمار محلياً، لكن بسبب الافتقار للإدخارات
المحلية الجديرة بالواقع الاستثماري المنتظر اتجهنا صوب
الاستثمارات الأجنبية. لأننا في واقع الأمر نعاني في
العراق فجوة في جانبي الإدخارات والتكنولوجيا، حيث ننتظر
الحصول عليهما من خلال تعاطينا مع الاستثمارات الأجنبية.
وحول ما جاء في بعض المناقشات من موضوع السماح المؤقت بخمس
سنوات في جانب فرض الضريبة قال: إن المستثمر جاء يبحث عن
الربح، ولكون الموازنة مثقلة بالعجز وما ينبغي أن نفكر
جدياً في استحصال إيرادات لها حاولنا الموازنة بين الحصول
على الضرائب وبين إعفائه من الرسوم فــــكان القرار أن لا
إعفـــاء نهـــائياً من الضرائب.
|