لا
تتركيها تواجه عالمها الجديد بمفردها ..
ابنتك
المراهقة.. صديقتك الجديدة
بغداد/ أسيل جبار غانم
هل
بلغت ابنتك سن المراهقة؟ حسناً فقد أصبحت لديك الآن صديقة
في البيت. تفهمك وتفهمينها، ولكن، هل الأمر على أرض الواقع
بهذه البساطة؟ يبدو أن علاقة الفتاة المراهقة بوالدتها هي
أعقد من ذلك بكثير، فهي خليط من الحب والتنافس والاحتياج
الزائد والتوتر والتنافر، ومن الناحية الأخرى تمثل هذه
العلاقة اختياراً قوياً لأمومة الأم وقدرتها على اكتساب
ابنتها ومد يد العون لها الفترة التي تكون فيها في أمس
الحاجة لمن يستوعبها ويضيء لها خطواتها الأولى في عالم
النضج.
*وتقول السيدة علية عبد الرحيم / باحثة اجتماعية: إن بناء
علاقة سليمة بين الأم وابنتها المراهقة يحتاج إلى فن يختلف
كل الاختلاف عن أساليب التعامل مع الأبناء في جميع مراحل
أعمارهم الأخرى، ومن المشكلات التي تنغص علاقة المراهقة
بوالدتها مشكلة التواصل والحوار، فالفتاة في تلك السن تكون
جامحة ونزقة وتتعامل مع الأمور بنفاد صبر، وإذا ما تعلقت
بشيء فهي تتماهى فيه لدرجة مقلقة، وإذا ما نفرت في المقابل
من شيء فهي تبدو شديدة الكراهية بشتى الطرق. كما أن مشكلة
الفراغ، وما ينجم عنها من توتر في العلاقة بين الفتاة
المراهقة وبقية الأسرة، تستدعي التفكير في اساليب خلاقة
لحله من جانب الوالدين وينصح الخبراء بالبحث عن الأنشطة
التي تحبها الفتاة المراهقة، وخصوصاً تلك التي يمكن الخوض
فيها بروح الفريق العائلي، فإذا كانت فتاة مغرمة بالقراءة
مثلاً، يتعين توفير الكتب المحببة إلى نفسها، ولكن الأمر
لا يتوقف عند تلك الحدود، فمن المهم أن يقوم أحد الأبوين
بمناقشة الفتاة في ما قرأت، وفي هذا السياق ينصح الخبراء
بتركها تتحدث بحرية تامة حول الأحداث والشخصيات والعقد
الواردة في الكتاب، وبعدم الإكثار من المواعظ والدروس،
لاسيما إذا ما تم تقديمها بأسلوب مباشر، لأن المراهقين
بطبيعتهم لا يستسيغون الدروس المباشرة والفوقية، وحتى إذا
تظاهروا بالاستماع، فما يدخل عبر الأذن غالباً ما يخرج من
الأذن الأخرى.
*بماذا تتسم شخصية المراهقة؟
- شخصية المراهقة تتسم بالتذبذب، فهي في بعض الأحيان تتصرف
كفتاة ناضجة تبلغ من العمر (25) سنة، وفي أحيان أخرى تكاد
الأم من فرط غيظها، تقسم بأن ابنتها لم تتعد سن الخامسة،
وما بين هذه الحالة وتلك، تكمن التناقضات التي تشكل جوهر
سن المراهقة وتبعاً للحالة، فإن استجابة الأم تتراوح هي
الأخرى بين الإطراء الشديد من جانب والتوبيخ اللاذع من
ناحية أخرى، وقلما تكون هناك حالة وسطى يسيطر فيها العقل
ويسود التفكير والتروي الذي يصلح للتعامل مع الحالات بمنطق
واحد.
*ما الطريقة المثلى للتعامل مع شخصية المراهقة؟
- الطريقة المثلى للتعامل مع هذا التذبذب تكمن في وضع
معايير مرنة وقابلة للتعديل حسب الحالة، وعلى الأم أن تحكم
على سلوك ابنتها من خلال النظر إلى كل موقف على حدة. وليس
من خلال التعميمات أو من خلال مقارنة السلوك العام
للمراهقة بنظيرتها في العمر من الزميلات أو القريبات، ولا
يخفى على كل أم أن الفتاة في مرحلة المراهقة تتعامل
بحساسية إزاء مقارنتها بفلانة أو علانة.
وإذا فتحنا الباب للمقارنات فالفتاة أيضاً عند مقارنتها
الخاصة تلتقط نماذج منها وتقارن نفسها بها، لتثبت لوالدتها
أنها أفضل حالاً، كما إن الفتاة قد تلجأ إلى مقارنة
الطريقة التي تتعامل بها والدتها معها، بالجانب الظاهر من
تعامل خالتها مثلاً مع ابنتها المراهقة.
*إذن بماذا تنصحين الأم في تلك الحالة؟
- يجب على الأم التواصل اليومي مع ابنتها وعدم ترك الفتاة
لتعيش بالكامل في عالمها، لاسيما أنها تعيش نقلة حادة بين
عامل الطفولة إلى عالم جديد ينطوي على أمثلة من نوع خاص،
لا يمكن الإجابة عنها إلا بمعونة، من طرف موثوق به، يمتلك
مخزوناً من الحب كالذي لدى الأم.
وعندما تبرز مسألة الاختلاف في الاهتمامات بين الأم
وابنتها، وهي الاختلافات التي تنم عن تباين بين الأجيال،
فمن الضروري أن تشعر الفتاة بوجود من يهتم باهتماماتها
مهما صغرت في نظر الكبار، وليس أدل على ذلك من الاختلاف في
الأذواق تجاه الموسيقى، فالمراهقون يتبعون نمطاً من
الأغاني التي تسمى الأغاني الشبابية أو السريعة، بينما قد
تهتم الأم ومعها الأب بموسيقى تعود إلى جيلهما، ويعد من
باب القمع غير المبرر أجبار الفتاة على الاستماع لنمط من
الأغاني لمجرد أنه يطرب الكبار في العائلة، وإن الأم
الجيدة هي التي تستطيع التنقل بين دورها كصديقة لابنتها
المراهقة وبين دورها كأم مربية، وينطوي الانتقال بين هذين
الوضعين على تغيير في طبيعة التعامل، وإلا فإن الأم تفقد
رسالتها وتأثيرها التربوي في ابنتها.
|