رئيس الأوبك يعبر عن قلق المنظمة
لاستمرار الارتفاع الحاد بأسعار النفط
تخوف
من احتمالات تجاوز أسعار النفط
لسقف
الـ 70 دولاراً للبرميل الواحد
محافظ إيران في الأوبك يحذر من تدهور الأسعار نتيجة للزيادة
الكبيرة في الإنتاج
أعرب رئيس منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) الدكتور
بورنومو يوسيجيانتورو عن قلق المنظمة للاستمرار في ارتفاع
أسعار النفط في السوق العالمية، ووصولها إلى أرقام قياسية هي
الأولى منذ أكثر من ربع قرن، على الرغم من الزيادة الكبيرة
في سقف الإنتاج العالمي للنفط. وأكد رئيس الأوبك في بيان
صحافي أن مجموع إنتاج الدول الأعضاء في الأوبك وصل إلى 30
مليون برميل في اليوم، بينها 2 مليون برميل زيادة عن سقف
الإنتاج المحدد بموجب الاتفاق الذي توصل إليه وزراء النفط
خلال اجتماعهم غير العادي المنعقد في بيروت في الثالث من
حزيران الماضي، والقاضي بزيادة الإنتاج على مرحلتين، الأولى،
زيادة مليوني برميل في اليوم ابتداءًً من الاول من تموز
الماضي، والثانية، زيادة نصف مليون برميل في اليوم ابتداءً
من الأول من آب الحالي. ورفض رئيس الأوبك مجدداً اعتبار
الزيادة الإضافية خرقاً للحصص الإنتاجية المخصصة للدول
الأعضاء بل رسالة تؤكد التزام المنظمة بتعهداتها في تأمين
الإمدادات النفطية، كما تؤكد حرصها على استقرار السوق وتوازن
الأسعار. وأشار الدكتور يوسجيانتورو وهو وزير الطاقة
والمعادن في إندونيسيا إلى أن غالبية الدول المنتجة للنفط من
خارج الاوبك تنتج بدورها بأقصى طاقاتها.
وأوضح رئيس الأوبك والذي يتولي كذلك منصب الأمين العام أن
قائمة جرد الحسابات ذات الصلة بحجم الطاقة النفطية الفائضة
أو الاحتياطية لدول المنظمة ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار
لمعرفة حجم الإنتاج الاضافي الذي يمكنها ضخه إلى السوق في
المرحلة المقبلة. وأعرب عن اعتقاده بأنه يوجد لدى الأوبك
قدرة على إنتاج مليوني برميل في اليوم، وهو ما تطبقه الآن،
مشيراً في هذا السياق إلى أن المملكة العربية السعودية تُنتج
حالياً بأقصى طاقاتها. وأكد الدكتور يوسجيانتورو بأن قراراً
بهذا الشأن سيعكف وزراء النفط والطاقة والمعادن في الدول
الاعضاء على مناقشته خلال اجتماعهم العادي المقرر انعقاده في
فيينا في 15 ايلول المقبل، والذي سيحضره مندوبون عن الدول
الرئيسية المنتجة للبترول من خارج الأوبك. وبهذه المناسبة،
دعا رئيس الأوبك مجدداً الدول المنتجة للبترول من خارج
الأوبك، وخصوصاً تلك التي تملك قدرات احتياطية إلى الاستعداد
لزيادة إنتاجها من النفط في المرحلة المقبلة. كما شدّد على
ضرورة تكثيف الجهود وحشد الطاقات من أجل الحد من ارتفاع
أسعار النفط في السوق العالمية. وأعرب عن اعتقاده بأن
الارتفاع الحاد لأسعار النفط ليس في مصلحة أحد. ورأى أن
الارتفاع الحاد بأسعار النفط لا يعود لعوامل أساسية مثل نقص
في الامدادات أو اختلال في العرض والطلب، بل يعود للاختلاف
في تحديد نوعية ومواصفات البنزين والمحروقات بين ولاية وأخرى
في الولايات المتحدة.
ويلاحظ المراقبون أن رئيس الأوبك لم يشر من قريب أو بعيد هذه
المرة إلى العوامل الخارجية وأبرزها ما يسمى بـ (العوامل
الجيو/سياسية) واستمرار التوترات الإقليمية والدولية، وتفاقم
الاشتباكات المسلحة في منطقة النجف، اضافة إلى احتدام
المضاربات في الأسواق العالمية، والرسوم الباهظة التي تفرضها
حكومات الدول الصناعية المستهلكة للنفط، والانخفاض المستمر
في القيمة الشرائية للدولار الأميركي. وكانت أسعار النفط
سجلت في بداية هذا الاسبوع ارقاماً قياسية في الارتفاع، حيث
تجاوز شعر النفط الأميركي الخام والخفيف سقف الـ 48 دولاراً
للبرميل الواحد، في حين وصل سعر خامات سلة نفط الأوبك إلى
44.70 دولار للبرميل الواحد. ويتوقع عدد من المراقبين
والمحللين أن تواصل أسعار النفط ارتفاعها بشكل مطرد خلال
النصف الثاني من العام، في ظل مخاوف تجتاح أوساط المتعاملين
في قطاع الصناعة النفطية والأسهم والبورصات العالمية من
ارتفاع أسعار البترول إلى ما فوق الـ 70 دولاراً للبرميل
الواحد. وفي هذا السياق، فقد حذر عدد من الخبراء الكوريين في
شؤون النفط بينهم كيم يونغ مان الباحث في المركز الكوري
لشؤون التمويل الدولي من مخاطر حدوث أزمة نفطية عالمية خانقة
على غرار الأزمة التي وقعت في عام 1973 عندما استخدم النفط
كسلاح رمزي للضغط في المعركة ضد إسرائيل. ولكن وزير المالية
والاقتصاد الوطني في الجمهورية الكورية كيم غوانغ ليم استبعد
حدوث مثل هذا السيناريو المبالغ فيه وقال: (ينبغي علينا أن
لا نطلق الاحكام والتكهنات المخيفة جزافاً، وعلينا أن ننتظر
لنر اتجاهات الأسعار في غضون الأيام والأسابيع القليلة
المقبلة).
وعلى صعيد ردود الفعل العالمية، تحاول حكومة الفليبين الحذو
حذو الشركات النفطية من خلال اتخاذ جميع التدابير لكبح جماح
أسعار البيع للبنزين والمشتقات البترولية بالمفرق للمستهلكين
العاديين. في غضون ذلك أخذ خبراء في شؤون النفط في تايلاند
يتساءلون بقلق عن فحوى ونتائج قرار الحكومة التايلندية
للحصول على منحة لدعم ميزان الطاقة. في حين أعربت جريدة
(الأمة) الصادرة في بانكوك عن اعتقاد قوي مفاده أن التمسك
بتحمل فروقات الأسعار والنفقات الباهظة لمحروقات الديزل
المنتج محلياً هي سياسة فاشلة وستؤدي إلى تداعيات وانعكاسات
خطيرة، لأن أسعار النفط في العالم تتحكم بها قوى عالمية
مهيمنة على قطاعات النقل والتكرير والتصنيع والأسهم. ونسبت
الصحيفة إلى مسؤول نفطي تايلندي كبير لم تكشف النقاب عن اسمه
قوله: ينبغي على الحكومة أن تتنازل عن سياستها الخاصة
بالتحكم الجائر بأسعار النفط المحلي والمستورد، وتبادر إلى
تبني نظام إداري متوازن. كما ينبغي على بنك تايلاند الوطني
أن يعتمد سياسة عائمة، وخصوصاً فيما يتعلق بتسعير العملة
التايلاندية البات. وأشارت صحيفة (الأمة) إلى أن أسعار
الأسهم والبورصات ذات الصلة بالطاقة تأثرت بشكل سلبي
بالارتفاع الحاد بأسعار النفط في السوق العالمية.
في غضون ذلك، أكدت مصادر مطلعة لدى الأوبك، بأن الدول
الأعضاء والأجهزة المعنية في الأمانة العامة للمنظمة بذلت
وتبذل كل ما بوسعها من أجل تحقيق استقرار السوق وتوازن
الأسعار. ونسبت شبكة المعلومات في منظمة (الطاقة والبترول)
التي تتخذ من طهران مقراً لها إلى وزير البترول الإيراني
بيجان نمدار زنغانة قوله أن عوامل السوق الأساسية لم تلعب أي
دور لكبح جماح ارتفاع أسعار النفط الذي سببته عوامل التوتر
الأمني والسياسي في المنطقة. وأعرب الوزير زنغانة عن اعتقاده
بأن الارتفاع الحاد بأسعار النفط أثرّ بشكل سلبي على
العمليات القائمة في تطوير قطاع الصناعة البترولية. وأشار
إلى أنه بقدر ما تكون أسعار النفط مرتفعة، بقدر ما تتأثر
برامج وعمليات تطوير حقوق النفط. ولكن وزير النفط الإيراني
استدرك قائلاً: مما لا شك فيه أن ارتفاع أسعار النفط قد يكون
لمصلحة إيران، ولكن على المدى القصير.
من جهة ثانية، نسبت وكالة أنباء (أوبكنا) التي تصدرها
الدائرة الإعلامية في الأمانة العامة لمنظمة الدول المصدرة
للبترول (أوبك) إلى حسين كاظم بور أردابيلي محافظ إيران لدى
المنظمة قوله إن منظمة الأوبك لا تستطيع عمل أي شيء من أجل
كبح جماح ارتفاع الأسعار، بعدما فعلت كل ما بوسعها، مشيراً
إلى أن المنظمة تضخ 2.8 مليون برميل في اليوم زيادة عن سقف
الانتاج المحدد لها. وحذر حسين أردابيلي وهو مرشح إيران لشغل
منصب الأمين العام لمنظمة الاوبك إلى جانب مرشحي الكويت
الدكتور عدنان شهاب الدين ومرشح فنزويلا سيلفا كالديرون، حذر
من تدهور حاد بأسعار النفط، وذلك نتيجة لضخ المنظمة 2.8
مليون برميل عن سقف الانتاج المحدد لها. وبعدما أعرب محافظ
إيران عن اعتقاده بأنه لا توجد هناك حاجة لزيادة الإنتاج،
اكتفى بالقول: هذه المنظمة اثبتت بأنها لا تستطيع عمل أي شيء
في المرحلة الراهنة، ولذلك فإن الأسعار ستواصل الارتفاع بدون
الأخذ في الاعتبار العوامل الأساسية الفاعلة في استقرار
السوق وتوازن الأسعار وهي المواءمة بين العرض والطلب على
النفط. وشدد أردابيلي على القول بأن التطورات السياسية
والعسكرية الراهنة في المنطقة تعتبر من أبرز الأسباب
الكامنة، الارتفاع الحاد
الحاصل
بأسعار النفط.
في غضون ذلك، لا تزال صادرات العراق من النفط منخفضة إلى
النصف بسبب استمرار وتيرة العنف والاشتباكات المسلحة. وأشارت
مصادر مطلعة إلى أن العراق يصدر قرابة 900 ألف برميل في
اليوم من ميناء العراق في البصرة، في حين لا يزال التصدير
متوقفاً إلى ميناء كيهان التركي بسبب تعرضه لعملية تخريب.
وجدير بالذكر أن الطاقة النفطية الإنتاجية المتوقعة للعراق
تراوحت ما بين 1.8 مليون ومليوني برميل في اليوم بما فيها
الكمية المحددة للاستهلاك المحلي والتي تصل إلى 700 ألف
برميل في اليوم.
|