صائب ادهم
يبقى الزمن
هو المانح وهو القابض معاً: والكثير الكثير منا من العابرين
والمسافرين في قطار هذا الزمن يجعلون منه شماعة يعلقون عليها
اخطاءهم
واخفاقاتهم والكثير الكثير ايضاً. عكس الفئة الاولى يتركون
ما يعانونه من صعاب العيش والحياة الى مسؤولية الزمن فهو
القادر الوحيد (السحري) الذي يذلل الصعاب ويوجد لها حلاً،
معللين موقفهم هذا ان الزمن سيبتسم لهم يوماً والشمس ان طال
مغيبها فإنها لن
تطفأ
وستشرق ثانية:
انها اتكالية
واعتقاد غيبي لا شك. لإستبعاد الارادة وتأجيل الفعل
الانساني او الغاؤه وتحول دون الابداع الذي يولد عادة من رحم
الفعل
حيث تجعل منه مجرد ممارسة عبثية وتضييع للجهد والوقت. وتبرر
الاتكالية هذا الموقف بوجود تعويقات زمنية وفنية كثيرة لا
نمتلك
كبشر محدودي القوى والعطاء وسائل غلبتها او تطويعها.
والمنحازون
الى الزمن بهذا الشكل (الانقيادي)
اهم بلا شك مجموعة تمارس بنفسها اغتيال قدراتها او تعجيزها
وفصلها عن مكنوناتها من القوة التي تمكنها من تحدي الزمن
وانتزاع ما تريده هي لا ما يريده هو..
صحيح ان
الزمن قوي (خارق حارق) لكن القوة الذاتية الخلاقة للانسان
كفيلة بإطفاء حرائقه ووقف استيلائه
على المصائر او على تلك القدرات الانسانية الذكية - الهندسية
التي تحدث التغيير..
ونعود
الى المنحازين للزمن (كحلال للمشاكل) هؤلاء يعرفون ان هذا
الحل هو كالعلاج بـ (الكي) يتطلب قوة احتمال كبيرة ورضوخ
للالم حتى ينصلح الحال..
لكن من نفد
صبرهم نتيجة انتظارهم الطويل حتى سقوط النظام السابق لا
يرحبون بفكرة انتظار زمني آخر يقولون: اضعنا العمر في
الانتظار، آن الاوان لأن نتذق الحلو، مرارة الانتظار
جففت
حلومنا وجعلت احلامنا في حدوث التغيير تبدو وكأنها سراب..
تلك، ملخص
شكاوى
استمعت اليها في جلسة طلابية مصادفة في احد مقاهي الانترنيت
ببغداد. انهم مجموعة طلبة شباب (خريجي جامعات ومعاهد عليا
وثانويات) طرحوا اسئلة كثيرة بحدود ولا حدود. اشاروا بمرارة
واحباط : الزمن يأكلنا مثلما يأكل السمك الكبير السمك الصغير
وتساءلوا:
الى متى نكون طعماً سهلا؟!ً
واوضحوا: الصحافة والمصلحون الاجتماعيون
والاختصاصيون
يصفوننا اننا في عمر الورود. فكيف اذن تترك هذه الورود لتذبل
تدريجياُ او تتفسخ في الاصص،
يتلاشى عطرها الفواح وتبهت الوانها؟
من هذا
المنطلق دخلوا في الطريق المسدود:
لا عمل .. لا
سكن .. لا اقتدار على تكاليف الزواج.. ولا اقتدار على السفر
الى الخارج لان العلامات المكتوبة على جانبي نقطة الحدود
تقول: الى اين؟ اسئلة كثيرة استمعت اليها وعتاب كثير على
الزمن ونفاد الصبر..
سحب
كثيفة تتجمع وتتلبد في سماء هؤلاء الشباب تنذر بالمطر لكنهم
لا يريدون المطر الا اذا فسربأنه العمل. ذلك هو مطرهم..!
|