كريمة فرحان
باتت
أسواقنا هذه الأيام وكأنها ساحات حرب تجارية وحقول ألغام
تتطلب التأني والتدقيق والتمحيص قبل الشراء إلا فإن العاقبة
غير محمودة، التحايل وتزوير ماركات البضاعة والعلامات
التجارية والنوعية الرديئة التي لا تمت بصلة إلى السلعة
الأصلية، وجميع هذه الألاعيب هي من نتاج البعض وابتكارات
أصحاب الجيوب المنتفخة.
الحرب
انتحارية
ترى ما الذي
حصل، ومن هم الذين يقفون وراء الحرب التجارية الباردة؟ لابد
أن هناك مستفيدين وراء هذه الحالات من أجل تخوين الناس وشراء
السلع الفلانية أو البضاعة التي اعتادوا شراءها.
جميعنا
سمعنا ونسمع بين الحين والآخر عن جنون البقر وغيرها من
الأمراض التي تصيب الأغنام والمواشي والأخبار الكثيرة عن مرض
(أنفلونزا) الطيور وكان من نتائجها المحمودة هبوط في أسعار
اللحوم الحمراء المستوردة والدجاج الأجنبي المستورد ولكن
بالمقابل ارتفاع أسعار الدجاج العراقي واستفادة اصحابه، ما
الذي يحدث؟
التجار
المتعاملون في السوق أدرى منا بالذي يحدث هناك ومنهم مجموعة
التقيناهم بالشورجة في سوق الحليب، وهذا السوق الذي نشأ
وترعرع في سنوات الحصار ويقع في الجهة المقابلة للشورجة حيث
توزعت السقائف على الرصيف وخلف كل سقيفة تجد شاطراً يجيد
الحديث والمجاملة وجر الزبون إلى البضاعة.
سألنا
البائع عباس حسن عن أسعار الحليب والمواد الأخرى لماذا لا
تستقر على حال معين؟
- فقال: إن
الأسعار تنخفض وترتفع لأسباب عديدة خاصة عندما يتم توزيع
الحصة التموينية على المواطنين والتأخير في توزيع مادة
الحليب وأي مادة أخرى ينطلق الكلام عن إضافة مادة أو تقليل
حصة مادة أخرى فترتفع وتنخفض أسعار المواد ثم سرعان ما يعود
الحال إلى وضعه الطبيعي وبمجرد أن توزع المواد ويثبت كذب هذه
الأقاويل.
وللشائعات
دور كبير في وضع السوق والمستفيدين التجار أو الباعة أو
الوسطاء أو المحتكرين ودورها في رفع الأسعار وقد نشطت هذه
الأيام تجارة البنزين والنفط الأبيض ونحن مقبلين على فصل
الشتاء ومنذ الآن بدأت الشائعات والأقاويل حول النفط الأبيض
وشحته أخت العربات والمواطنون يتجمعون طوابيراً أمام المحطات
التي توزع هذه المادة خاصة في المناطق الشعبية والله يعلم كم
سيصبح سعر اللتر والواحد من النفط الأبيض والله الحافظ.
شائعات تجارية
ما سمعناه
عن الشائعات التجارية جعلنا نبحث عن المزيد من الكلام الأسود
والأبيض وقد حصلنا على بعض من هذه النماذج في سوق السيارات
حيث يفاجأ المواطن بكلام كثير يسمعه من وكلاء بيع المواد
الاحتياطية للسيارات خاصة من البضاعة المغشوشة وعدم صلاحية
بعضها وأن السلعة الفلانية من (المار كة) الفلانية. هي
تجارية وليست أصلية وأن من يريد شراء السلعة الأصلية فإن
فارق السعر قد يصل إلى عشرات الآلاف من الدنانير وهي حالة
معروفة وطبيعية في محال السنك لبيع المواد الاحتياطية
للسيارات.. والنتيجة الحقيقية أن معظم ما يباع ليس أصلياً
وذلك لاختلاف المناشئ واتساع عملية تزوير (الماركات)
التجارية وهي الموضة التي تجتاح العالم منذ سنوات وقد وصلت
إلى أسواقنا متأخرة وكذلك لأن معظم التجار كما عرفنا من
أحدهم باتوا يقصدون المناشئ الأرخص سعراً على حساب النوعية
وبالتالي فالمواطن يقع ضحية لكذبة بيضاء تتعلق بالبحث عن
الحاجة الأصلية سواء لسيارته أم بيته. وحكاية اختيار الأرنب
أم الغزال تكرر نفسها في أسواقنا وبعض الناس مضطر إلى اختيار
الأرنب حتى وأن رغب بالغزال.
غمز ولمز
الأسواق
عامرة بالبضاعة نعم هذا صحيح هكذا بدأ معنا التاجر (جبار
الكردي) وأن تجارة هذه الأيام صارت عبارة عن (غمز ولمز)
ومثلما فيها رابح هناك خاسر وهو ضحية الأول - السوق يمكن
القول عنها بأنها ساحة حرب ولكي يربح تاجر لابد من أن يقاتل
الآخر ويضر بسمعة بضاعته أو يسرق ماركته أو يزور علامة
السلعة ذات السمعة الجيدة، والآن إذا رغبت في الحصول أو شراء
سلعة ذات سمعة جيدة ومجربة ومعروفة فستجد منها العشرات ولكن
في الحقيقة أن جميع ما تجده هو تقليد وليس الأصلي أو السلعة
التي تبتغيها، بل تحولت بعض المناطق الشعبية إلى معامل
لإنتاج وتقليد السلع المعروفة، وهذا غبن بحق الصناعيين
والتجار كون أكثرية الناس بدأت تعزف عن شراء سلعهم التي ضحوا
من أجل خلق سمعة طيبة لها.
تاجر آخر
تحدث عن تعمد البعض في نشر كلام غير صحيح عن البضائع والسلع
المعروفة ومن ثم عزوف الناس عن شرائها من أجل تمشية سلعهم،
فالسوق لا يخلو يومياً من الحكايات والكلام المقصود وغير
المقصود من أجل تمشية بضائع على حساب بضائع أخرى وبالتالي
الخاسر الوحيد هو المواطن.
تاجر آخر
تحدث عن البضاعة الأجنبية التي تنافس البضاعة المحلية في
السوق وتخلق حالة من الزعزعة في الأسعار وذلك بسبب جودتها
العالية قياساً بالبضاعة المصنعة محلياً وبالتالي تؤثر في
عمل الصناعيين العراقيين والتجار المحليين والذي تراجعت
أوضاعهم كثيراً، ويقترح هذا التاجر وضع ضوابط جديدة لحماية
الصناعي والتاجر العراقي وبما يعود بالنفع على السوق
المحلية.
ما نتمناه
للسوق هو الاستقرار وهذا ليس بالشيء المستحيل لو أن كل تاجر
تواضع قليلاً في التنافس وحدد الأسعار وحقق الأرباح المناسبة
والربح الحلال على قلته فيه بركة.
|