ديفيد ارونفيج
ترجمة:مفيد وحيد الصافي عن الاوبزرفر
حينما كان الأولاد يغادرون المدرسة مساء يوم الجمعة، كانوا
يخرجون أفرادا وجماعات، والخجل يغمرهم، فقد كانوا تلاميذا
حديثي العهد ولم يتعرف أحدهم على الآخر بعد، تمتد نظراتهم
إلى آبائهم ثم يبتسمون.كانت ابنتي ليلي واحدة منهم ،كنا
متشابكي الأيدي في طريقنا إلى البيت . مساء الجمعة ،والأولاد
عائدون من المدرسة.
ثم اخذوا يركضون
فزعين،
شبه عراة،والدماء تغطيهم ، كانوا يسرعون نحو حريتهم.لقد
تركوا خلفهم مئات الأجساد من زملائهم، بعد أن نسفتهم قنابل
مصنوعة يدويا أو من جراء التعرض لاطلاق نار القناصة من أعلى
سطح المدرسة.لا أستطيع أن أتحمل تصور ماكان يمكن لعوائل
الأطفال الضحايا أن تفكر فيه، وماكان باستطاعتي حتى أن أحاول
ذلك.
ومن حسن الحظ فان العوائل في بيسلان لن تشاهد
موجز
أخبار المساء على قناة البي بي سي ، حينما تصف مأساة أولئك
الضحايا بأنه(إحراج كبير للرئيس بوتين). السنا جميعا نعلم
بان الحكومات تستطيع وقف هذا النوع من الأعمال بطريقتين :
أولاهما أيجاد تسويات أو حلول سياسية لتصبح عملية الاختطاف
غير ضرورية ، والأخرى عن طريق تحضيرات عسكرية ناجعة.هل الأمر
لا يتجاوز عن أن يكون( إحراجا شديدا )فقط!!
لاشك إن روسيا قد واجهت أياما عصيبة في الآونة الأخيرة، لقد
فجرت طائرتان قبل أسبوع في عملية انتحارية ،وتمزقت في الجو
أجساد لتسعين رجلا وامرأة وطفلا، وفي مساء الثلاثاء الفائت
قتل ثمانية أشخاص في عملية انتحارية خارج محطة مترو في
موسكو،وكان من ضمن المصابين عدد من الأطفال (كان من المفترض
أن تراهم تلك المرأة الانتحارية قبل أن تفجر نفسها).وفي
الصيف الأخير فجرت انتحاريتان نفسيهما في حفلة للروك في
الهواء الطلق ، مما أدى إلى قتل 17 شخصا معظمهم من
المراهقين.
وفي مواجهة هذا الاستغلال البشع لاستهداف أهداف رقيقة كل
الرقة. هل علينا(أو على الروس )أن نتكلم ، أو نقاتل ، أم
نستسلم؟ما
الذي
نستطيع أن نفعله في مواجهة عمليات الخطف، وأولئك الذين يطلق
عليهم ألان
(متمردون)؟
إننا أحيانا لا نملك حتى الاختيار . لقد قتل الأسبوع الماضي
اثنا عشر نيباليا يعملون في شركة بناء أردنية، من قبل منظمة
تطلق على نفسها أنصار جيش السنة . وفي شريط فديو يظهر عملية
قطع راس شخص
( كان الرجل المعصوب العينين
يئن
وسمعت صوت حشرجته الحادة) ، ثم قام الرجل المقنع بتوجيه
الرأس نحو الكاميرا قبل أن يضعه على الجسد المقطوع الرأس، ثم
بدا إطلاق النار على أحد عشر شخصا (وسالت الدماء من أجسادهم
على الرمل).
وفي نفس الأسبوع بثت الجزيرة والتي نصبت نفسها لتكون سلاح
دعاية لهذه المنظمات ، شريطا عن الزرقاوي يظهر ثلاثة
سائقي شاحنات أتراك وهم جلوس أمام مجموعة من المسلحين.
وفيما بعد عثر على نفس الرجال مقتولين في سامراء ، إن تركيا
ليس لديها أي جيش في العراق!.
كانت هنالك مطالب في قضية انزو بالدوني الصحفي الإيطالي
والموظف في الصليب الأحمر الذي تم خطفه ثم قتله من قبل جماعة
تطلق على نفسها الجيش الإسلامي في العراق وعندما رفضت
الحكومة أن تسحب جيشها من العراق. قتل بالدوني!
وهي نفس المجموعة التي قامت باختطاف الصحفيين الفرنسيين
جورجيس ملبرونت وكرستين جسنوت ،
وطالبت
الحكومة الفرنسية بإلغاء قانون منع الحجاب ،من على قناة
الجزيرة.نعم إن الحكومة قد رفضت تنفيذ هذا الطلب ، لكنهم
فعلوا شيئا مختلفا، لقد ناشد وزير الاتصالات (رينو دينيو دو
فبراس ) الخاطفين قائلا :
(إننا لا نستطيع أن نفهم لماذا تم اختطاف الصحفيين ، خاصة إن
بلدنا دعا لمصلحة العراق بقوة في الأمم المتحدة وطالب بضرورة
احترام القانون الدولي لأعادة السلام) .
أني أتعاطف وبشدة مع رغبة تحرير أولئك الصحفيين من خطر
الموت الذي يهددهم، ولكن إلا يتمكن الوزير بحكم موقعه أن
يفهم
اسباب
قتل تلك المجموعات أولئك الإيطاليين أو قتلهم للنيباليين
المساكين أو لأعدامهم
عددا
من الأتراك، وليس هذا الفعل خاطئا مع الفرنسيين فقط!!
لقد ذكرت جبهة العمل الإسلامي الأردنية ( وهي حاليا تعمل على
إلغاء قانون عقوبات مستحقة لما يسمى بقتل الشرف في بلدهم)
انه لايجب قتل الصحفيين لان فرنسا لها موقف مميز في رفض
العدوان الانكلو _أميركي ضد العراق وليس لانه لا يجوز قتل
الصحفيين . كما إن الناطق باسم منظمة حماس قد وافق على ذلك
قائلا إن إطلاق سراح الصحفيين سوف يزيد من وحدة إسرائيل
وأميركا ،ولم يقل انه لا يجوز قتل الصحفيين ، إن الجدال
الفرنسي يقودنا بشكل مؤسف إلى الأمر نفسه.
هل يمكن الأمر بطريقة أخرى ؟، انك لو تركت وحدك فسوف تكون
قادرا على تجنب التعرض للإرهاب، لقد وجه العالم التاريخي
كورلي بارنت اللوم أزمة الحرب على الإرهاب نفسها ، قليلا أو
كثيرا ، تقول نظريته أنه منذ أحداث 11 أيلول فان الأعمال
التي قام بها الغرب (وخاصة الأميركيين )جعلت الأمر يزداد
سوءا، إن المعضلة تكمن في مسالة بسيطة إن الحرب على الإرهاب
قد أعلنت من قبل الإرهاب نفسه. لقد أعلنت في دار السلام
ونيروبي في عام 1998 ، أعلنت في نيويورك في 11 أيلول ، إنها
لم تكن موجودة قبل ذلك اليوم ،إذا راجعنا الأحداث تفصيليا
.أكان علينا أن نتفاوض مع نظام طالبان ، أو أن نترك صدام في
مكانه، أو أن نضغط على شارون اكثر لتهدئة الأمور ، لكان
الأطفال في اوسيتيا الشمالية بخير ألان، إن هذا تفكير حالم
وغير واقعي.
لقد وضعت إيزابيل هيلتون في عدد الغارديان
يوم السبت
الماضي
تفسيرا يثير الاهتمام ، واشارت إلى وجود مصلحة متناقضة تدفع
المقاتلين( بشكل يؤسف له) إلى استعمال السلاح ضد الأطفال و
الصحفيين أو الطباخيين النيباليين!! ما
الذي
يريدون أن يفعلوه ، ألم يكن الأمر مشابها في زمن غاندي ، هل
استولى على المدارس وقتل الأولاد؟ ، هل فعل ملنديلا
ذلك؟ ، هل القضية التي نواجهها ألان تعتبر عملية تحرير مسلحة
؟، لقد بثت القناة الرابعة ليلة الأربعاء دراما (سل هامبورغ)
والتي تحاول أن تفهم عقول منفذي القاعدة الذين قاموا بعملية
11 أيلول ، لقد اظهر الشريط طائفة دينية تقليدية ينفذون
عملية، كانوا شبابا يغمرهم الحقد والانعزال والغرور، يحثون
بعضهم البعض على تنفيذ أعمال عنف شنيعة ، إن الشريط لم يفسر
عملية تفجير البرجين فقط ، بل انه بين بأسلوب طبيعي مدينة
الحشاشين والانتحار الجماعي في غابة غينية.
انه من الممتع إن ترى انهم يقدمون تبريرا منطقيا لاعمالهم
تلك ، كل شي يقرا من جهة واحدة هي كيف يعذب المسلمون، وتدخل
الغرب في البوسنة قد وضع في الحساب أيضا وكأنه لم يكن لصالح
مسلمي البوسنة! .عندما أنهيت مشاهدة تلك الدراما (هامبورغ
سل) وجدت أن هنالك رسالة إلكترونية بانتظاري ، من قبل محترف
مشهور من إحدى المدن القروية البريطانية .كان يشتكي من
مقالتين كتبتا بأسلوب معاد للإسلام، كتبهما رجلان يسميان
براوني و كميونيس ،كتبت في ألتا يمز والساندي تلكراف يذكر
جزء منها:
(افترض
انك يهودي لان اليهود الذين خسروا في لعبتهم ،أطلقوا النار
على أنفسهم ،على أرجلهم……
انك لا تستطيع أن تهرب من الاستنتاج ان معظم المعلقين هم من
اليهود وان هدفهم الأساسي، أن يدفعوا المسيحيين لاعلان حرب
على الإسلام والمسلمين ، لا تتوقع مني أن اذرف الدموع حينما
يقوم الأشرار نفسهم بالاتجاه نحو اليهود،وربما ستكون هنالك
محرقة أخيرة لهم ،يدعون أنفسهم إليها).
من أين أبدا؟ هل لي أن أقول إن اسم براوني وكومنيس ليسا
اسمين يهوديين؟ وكيف لي أن استرضي رجلا كانت كل جملة كتبها
خاطئة ولكنها مع ذلك تبدو واثقة ،هل اترك رجلا
يؤمن إن الله قد أمره أن يقتل الطباخيين النيبال أو سوف
يسامحه إذا قتل طفلا هاربا من الخلف؟
أنا لا أقول أن الجواب الوحيد يكمن في زيادة الأمن، أما في
قضية الشيشان فأنا مع أولئك الذين يقولون انه قبل خمس سنوات
وقبل إن تعيد موسكو احتلالها لم تكن هنالك إشارة واضحة
للإرهاب ويبدو لي إن الجزء الأساسي والمهم من اجل عالم اكثر
أمنا هو قطع كل دعم مالي للجماعات الإرهابية ، وليس منطق
الاعتراف والتصالح مع الإرهابيين، لا نستطيع أن نمنحهم
الكثير مما يطلبونه، وان اكثر ما يريدونه يقع ضمن فعل
الإرهاب ،قد نلعب بالكلام مجازا إذ نقول إن ثمة حلولا
سياسية للإرهاب أو أن هنالك حلولا عسكرية له.
|