ارتفعت اسعار النفط الخام بنحو 30% في العام الحالي لتبلغ
مستويات لم تشهدها الاسواق منذ اوائل الثمانينيات.وتسبب هذه
الزيادات الاخيرة في اسعار النفط مخاوف لدى الدول المستوردة
بشأن التكلفة الاقتصادية لزيادة اسعار الطاقة.وقد تسبب زيادة
اسعار النفط زيادة غير مرغوبة في التضخم، وإعاقة للنمو
الاقتصادي كما انها تثير استياء الناخبين.وتقسم اكبر الدول
المصدرة للنفط بين تلك التي تفضل زيادة الانتاج في محاولة
لتهدئة الاسعار، مثل السعودية والكويت، ودول أخرى مثل
فنزويلا التي تعارض التنازلات المقدمة لكبار المستهلكين مثل
الولايات المتحدة.وارتفع سعر خام الخفيف الامريكي في آب إلى
نحو 44 دولاراً للبرميل، كما بلغ سعر برميل النفط من خام
برنت المستخرج من بحر الشمال نحو 40 دولاراً.وتحاول بي (بي
سي نيوز اونلاين) القاء الضوء على اسباب هذا الارتفاع الكبير
في اسعار خامات النفط.
تنامي الطلب
يقود تنامي الاقتصاد العالمي ما تقول وكالة الطاقة الدولية
إنه اكبر زيادة في الطلب على النفط في 16 عاماً.وكان التنامي
المضطرد للطلب على النفط في الدول الصناعية والصين اكبر من
المتوقع.كما ارتفع الطلب الامريكي على النفط بسبب الحاجة
لنفط خام أعلى درجة مناسب للتكرير إلى وقود لاستخدامه في
السيارات الرياضية، التي تحظى بشعبية بين السائقين في
الولايات المتحدة والتي تستهلك الوقود بشراهة.وارتفع الطلب
الصيني على النفط الخام بنسبة 20% على مدى العام الماضي.
ويرجح المتعاملون في سوق النفط أن يستمر هذا النمو المضطرد
لعدة أعوام بالرغم من وجود احتمال بان يشهد الاقتصاد جهوداً
تضخمية تؤدي إلى ارتفاع الاسعار وتباطؤ النمو في الطلب على
النفط.ومن بين الدول المصدرة للنفط، فإن السعودية وحدها هي
التي تتميز بقدرة إنتاجية احتياطية يمكنها طرحها في السوق
وقت الحاجة.
انخفاض المخزونات
حاولت شركات النفط أن تكون اكثر فاعلية في الاعوام الاخيرة
وأن تعمل بمخزونات اقل من النفط الخام.ويعني ذلك انخفاض قدرة
السوق على تغطية العجز الآني في الامدادات.وكان لأحداث مثل
العنف في الشرق الأوسط، والتوتر العرقي في نيجيريا
والاضرابات في فنزويلا، اثر على زيادة اسعار النفط في العام
الماضي اكبر مما كان سيحدث في حال زيادة مستويات مخزونات
الخام.
استراتيجية أوبك
وتعادل حصة منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) اكثر من نصف
صادرات النفط الخام في العالم، وهي تحاول الحفاظ على استقرار
الاسعار داخل نطاق معين عن طريق زيادة أو خفض انتاجها.وفي
الماضي، كان وزراء نفط أوبك يميلون إلى الانتظار حتى تنخفض
الاسعار قبل الاتفاق على تقليص الإنتاج.لكن المنظمة تنتهج
الآن سياسة اكثر حسماً، بإعلان خفض في الانتاج لاجهاض أي ضعف
في الاسعار.ودأبت شركات النفط الدولية على استثمار مواسم
انخفاض الطلب على الخام وقلة اسعاره في تكوين مخزونات
منه.ويبدو أن هذه النوافذ المفتوحة قد اغلقت.ويقول بعض
المحللون إن الاخطاء في البيانات تشكل عاملاً اضافياً في
زيادة اسعار النفط.فقد اتضح أن توقعات خبراء السوق لنسب
الاستهلاك جاءت أقل بكثير مما تحقق. وكانت النتيجة أن منتجي
النفط شددوا القيود على الامدادات لتجنب تكوين مخزونات منه.
تأثير المضاربين
وأدى انخفاض المخزون من النفط الخام وتحرك أوبك لابقاء
المخزونات منخفضة إلى تعريض السوق لاحتمالات الزياداة
المفاجئة في الأسعار إذا تهددت الامدادات.ولم يكن ذلك خافياً
على المضاربين المحترفين في السوق.وساهمت صناديق التحوط
والمضاربة على إمكانية ارتفاع الاسعار إلى المبالغة في
الضغوط السعرية في السوق.
العنف في الشرق الاوسط
لا يزال المستهلكون الكبار للنفط حول العالم يعتمدون على
الشرق الأوسط في الحصول على الخام. وأدت اعمال العنف التي
وقعت في السعودية والعراق في الآونة الاخيرة إلى اثارة
المخاوف بشأن انقطاع الامدادات.وشهدت صادرات النفط العراقية
انخفاضاً بسبب الهجمات التخريبية لمنشآت النفط. وكان انخفاض
الامدادات متواضعاً نسبياً لكنه آثار بعض الشك بشأن
الاحتمالات المستقبلية لأن يصبح العراق مصدراً كبيراً
ومستقراً للنفط.كما زادت هجمات المتشددين الاسلاميين على
العاملين الاجانب في السعودية من التوتر.وسيعد أي هجوم كبير
على منشآت نفطية سعودية حدثاً كبيراً في اسواق النفط
العالمية إذ أن السعودية أكبر منتج للنفط في العالم واكبر
مصدر له.
توترات سياسية أخرى
كما يرى المحللون أن التوترات السياسية في نيجيريا وفنزويلا
قد تعطل صادرات النفط وترفع من اسعاره العالمية.وتأتي زيادة
اسعار النفط الخام في تموز الماضي في اعقاب علامات على نشوب
نزاع بين حكومة روسيا ويوكوس - اكبر منتجة للنفط في البلاد -
قد يفضي إلى اغلاق اغلب انتاج الشركة.وتضخ الشركات خمس انتاج
روسيا اليومي من النفط البالغ نحو 8.5 مليون برميل، لكنها
تواجه احتمال الافلاس أو التفكيك بسبب مطالبة الحكومة لها
بمستحقات ضريبية متأخرة هائلة.
عجز في قدرة المصافي الامريكية
وساعد انخفاض مخزونات وقود السيارات الامريكية والضغوط من
المصافي الامريكية لزيادة انتاج خليط جديد من الوقود على
زيادة اسعار النفط الخام العالمية.وتطالب التشريعات البيئية
بدرجات جديدة من وقود السيارات، قد تختلف في درجة نقائها من
ولاية لأخرى.لكن تكلفة تشييد منشآت تكرير تخدم كل هذه
الاسواق المتعددة مرتفعة، وقد تصعب المخاوف البيئية من
الحصول على إذن ببدء التشييد.ويعني ذلك أن مصافي النفط
الامريكية تجاهد من اجل الوفاء بالطلب عليها. ويتوقع محللون
أن تؤدي عطلة الصيف إلى زيادة الطلب في الولايات المتحدة مما
قد يضخم من حجم المشكلة.
|