الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

شك بطعم الشوكولا .. شك بطعم الشوكران

علي أحمد الديري

 يكفي، وفق نيتشه، أن نضع كلمات (عقل) أو (روح) أو (إله) أو (تاريخ) أو (دولة) أو(عدل)، بين قوسين لكي ندخل الشك فيها، ونرسم مسافة بيننا وبينها بل نستخف بها.

فلسفة نيتشه، فلسفة أقواس بامتياز، أقواس الشك والمسافة والاستخفاف، كان يحاصر السماء والأرض بأقواسه، يحاصر يقينياتهما المفرطة بشكِّه المفرط، تستوي الأشياء باليقين وتختلف بالشك، تستوي السماء والأرض باليقين وتختلفان بالشك، تدَّعي الأرض أنها تمثل السماء باليقين، ولا شيء غير الشك يكذب ادَّعاءها، لذلك يقتتل الشك واليقين في الأرض، ومتى انتصر اليقين صارت الأرض قرية ضيقة وتباعدت السماء وتوحشت، ومتى انتصر الشك على اليقين صارت الأرض مدينة واسعة واقتربت السماء من الأرض وتروَّضت.

والسماء والأرض يفعلان، كل ذلك: الاستواء والادعاء والتباعد والتقارب والصيرورة والتوحش والتروض، في الإنسان، أي في روحه وعقله، فيستحيل الإنسان بحركة فعلهما فيه، أي يتحوَّل ويكون بحسب طبيعة هذه الاستحالة وتحولها. السماء في الإنسان ليست هي السماء في السماء، والأرض في الإنسان ليست هي الأرض في الأرض، فالأشياء لا تبقى في ذاتها، حين تظهر في الإنسان، لذلك يحتاج الإنسان إلى الشك ليختبر ما يظهر فيه، أي أن يضع ما يظهر له، وهو يعيش دنيويته، بين قوسين، أن يضع مدينته بين قوسين، ليتيح لفضاء قولها الحياة على نحو استشكالي.

الشك المدني ليس كما تخبرنا معاجم الفلسفة، تردداً بين نقيضين لا يرجح العقل، لعجزه وجهله، أحدهما على الآخر، وذلك لوجود أمارات متساوية في الحكمين، أو لعدم وجود أية أمارة فيها. الفلسفة المنحازة لليقين ترى هذا الشك ضرباً من الجهل، لذلك هي لا تحتفي إلا بالشك المؤقت الذي يتيح لك مراجعة معتقداتك تمهيداً لإسباغ صفة اليقين المطلق عليها، هكذا كان ديكارت وكان الغزالي، يشكَّان بإفراط ليوقنا بإفراط.

لكن الذي بقي حياً منهما، هو شكَّهما، فنحن لا نذكر ديكارت إلا ويسبقنا منهجه الشكِّي، ولا نذكر الغزالي إلا وتسبقنا حيرته وتجربته في المنقذ من الضلال، وبما بقي حياً منهما صار عَلَمَين وعالِمَين، وهذا ما يدحض معنى أن الشك جهل، ويثبت أنه علم وحياة، بل هو ليس تردداً بين شيئين، بقدر ما هو اجتراح حياة إشكالية تصهر حيوات، ألم يكن (هيجل) يتحدَّث عن حقيقة هذه الحياة وهو يتحدَّث عن الروح وتجربتها التاريخية المنصهرة بالنفي ونفي النفي؟!

الشك المدني ليس الطريقة الفلسفية الموصلة إلى اليقين، أي ليس هو شك مؤقت، الشك المدني، كما هو السمك الرعاش حالة تحمينا حيوية بقائها، من استبداد اليقين (اليقين الفلسفي والديني والأيديولوجي) الطارد للشك الذي يراه في صورة وحش وليل وظلام وضياع وكفر ورجس.

المدينة التي تعيش على اليقين المفرط، تستحيل قرية، تعيش على التماثل والانسجام التام والتشابه والألفة والتطابق، الذي يضيق بالشكولا وحبها واختلاف مذاقها وثقافتها، على النحو الذي ترويه الممثلة البارعة (جولييت بينوش Juliette Binoche) في دور (فيان Vianne) في فيلم (شوكولا Chocolat)، وهو فيلم يعرض فضاء الاختلاف في إحدى القرى الفرنسية (روسكاري) خلال الستينيات.

كانت شوكولا فيان تجسِّد الشك المدني في شكل حياة هذه القرية المفرطة في اليقين، وحين قُدِّر لهذه القرية أن تخرج على مُسيِّرِي شؤون اليقين والتقديس فيها بفضل طعم الحب الذي حرَّك جوهر إنسانيتهم، انفتحت ممكنات حياة جديدة لأناس هذه القرية، فصار فضاء القرية مدنياً، وفتح تلك الممكنات، وهذه هي وظيفة الشك بالدرجة الأولى. لذلك فالشك المدني ليس تردداً بين نقيضين، فالمدينة تكون بتكوثر نقائضها وتعدُّدها، الشك المدني ليس طرداً للنقائض، بل جلب لها وإحضار، من أجل التعايش والحياة، هكذا تتجاوز المدينة تناقضاتها.

اليقين الذي يطرد الشك، يطرد الإنسان بتجريده من إنسانيته، ومتى تمكَّن اليقين الميتافيزيقي من السيطرة على الإنسان، طرد شكل ممارسته المدنية (شكِّه المدني) وأحال شبه حياته يقيناً لا ماء فيه. اليقين الميتافيزيقي يرى الأرض سماء لا يجوز الشك فيها، لذلك يبقى يطارد الشك المدني بتهم الشك الميتافيزيقي، فالشك في الأرض شك في السماء.

إنني أرى في الشك إقداماً وعلماً ونوراً وإيماناً وحياةً ومسافةَ أمانٍ وقوسي نجاةٍ واستشكالَ سؤالٍ وإرادةَ إنسانٍ. لنتذوق الشك بطعم الشوكولا، لا بطعم الشوكران. إلهي هَبْ لي شكاً أستضيء به من مدلهمات اليقين.


اجتثاث البعث بين التسرع المرتجل والنقد الغاشم

د. ثائر كريم

اذا كانت حركة اجتثاث حزب البعث قد طرحت معاييرها واديرت بطريقة متسرعة وهزيلة بعد سقوط نظام صدام حسين فان نقدها الان يسعى لتصوير البعث كضرورة تاريخية، فيما مضى. فهل يريد البعثيون ان يكون البعث قدرا حتميا لما سيأتي؟

لقد شكلت حركة اجتثاث البعث توجها ضروريا ولكن ذو طابع مرتجل واعتباطي لتنقية العراق من معاني الشمولية الطائفية وادواتها. بيد ان نقاد الحركة يكادون ينجحون، الان، في اقناع الراي العام بان هذا التوجه خطاً استراتجيا جسيما بل وسبة اخلاقية مرفوضة. واذ انطلقت حركة الاجتثاث من مقاييس مرتبكة فان معارضيها يريدون كبحها كليا. فالبعض يعمل جاهدا لنبذ اي ضوابط واستحقاقات قانونية وسياسية مترتبة على دور ووظيفة حزب البعث.

كان الاعلان عن سياسات اجتثاث البعث ابان عهد بول بريمر، الحاكم المدني العام في سلطة الاحتلال الامريكي قد اثار ذعرا مفهوما ليس فقط لدى بضعة الوف معروفة ممن التصقوا بنظام الاستبداد وظيفيا وروحيا بل ومئات الالوف من البعثيين ممن كان متنميا شكليا، للتقية. وهناك الوف من العراقيين انتمى لحزب البعث بالترغيب والترهيب. وبالتطبيق، أقصت سياسة الاجتثاث، احيانا، أشخاصا أبرياء كانوا ينتمون بالاسم فقط لحزب البعث. وبعض ممن اقصى تحلى بكفاءات مطلوبة لسياقات اعادة بناء البلاد. فضلا على ان الاف من البعثيين هم قطاع اجتماعي ليس من الحكمة تغريبه وعدم ادماجه في سيرورات التحول السياسي. هذا عدل وضرووة سياسية.

ولكن من العدل ، ايضا، عدم انكار حقيقة ان عشرات الوف من اعضاء حزب البعث كانوا بمثابة جهاز شعبي مكمل لاجهزة امن ومخابرات النظام، يكتبون تقارير مخابراتيه يومية عن كل بادرة او حركة او همسة بين الناس تؤشر على معارضة الاستبداد الطائفي. وقسم كبير من وشايات اعضاء حزب البعث قد افضت الى مآسي انسانية فادحة: قتل واغتصاب وتهجير وتعذيب وتشريد للالوف من العراقيين.

ان نقد حزب البعث هو جزء من عملية نقد النظام الحزبي في العراق. بيد ان هذا الحزب يتسحق معالجات خاصة ووقفات مطولة لدوره المأساوي البالغ الذي لم يعدله أي حزب آخر في كل تاريخ العراق الحديث. ومن المهم تماما الاستمرار في دراسة وتقييم دوره ووظيفته وعواقب سياساته.

فحزب البعث الذي شكل، ايضا، الاساس الايديولوجي للشمولية الطائفية قام، فعليا، بتكريس عملية اختزال كل مكونات المجتمع العراقي وضمها قسرا وتعسفا داخل قماط قومي طائفي. فالحزب لم يعدّ نفسه مجرد جزء من هذا التنوع القومي والمذهبي والفكري والسياسي في البلاد. بل ان هذا الكل المتنوع هو جزء من كيان الحزب وقاعدة لمبادئه. والحزب لم يزل يؤمن بلا تردد بان الانقلابات العسكرية والاساليب السرية الملتوية طريقا مجربا، بالطبع، لتغيير الحكم والوصول للسلطة. ولم يتزحزح اعتقاد الحزب بالقوة والعنف كاسلوب اساسي في فرض رؤاه لمصير البلاد. ولم يقدم الحزب أي اشارة على التزام حقيقي بقيم العدالة والمساوة السياسية وروح دولة القانون والتعددية الفكرية والسياسية.

ثمة كل الدلائل ما يؤكد على ان حزب البعث راى ويرى نفسه راعي موارد العراق المادية والسياسية والقيمية. فاي حزب يقوم على هذه القيم، وليس حزب العبث فقط، يشكل مصدر خطر ما بعده خطر على استقرار البلاد والسلام الوطني، على حاضرها ومستقبلها.

تجارب البلدان الاخرى لها معناها المفيد هنا. فمهما تباينت وسائل ومكونات عمليات التغيير السياسي صوب دولة القانون والشرعية السياسية والتعددية فانها تفرز قاسما مشتركا ذا مغزى استراتيجي: لايقوم على التغيير إلا قوى سياسية اجتماعية لها مصلحة حيوية، آنية ومستقبلية، سياسيا واخلاقيا في القيام بهذا التغيير. هذه القوى هي قوام الذات-الارادة الحية المدركة لاهمية التغيير وصاحبة الشان في تفتيت بنى الاستبداد القديمة ورفع هياكل الدولة الجديدة. وقد توقف مصير عملية التحويل السياسي للدول الشمولية والسلطوية، اولا وقبل كل شىء، على هوية هذه القوى الاجتماعية، على نشاطها السياسي وممارستها الادارية وبالتالي قدرتها، حقا، على توليد رجالات دولة قانون من بين ظهرانيها.

فهل يشكل البعثيون قوام هذه القوى؟ من المستبعد، تماما، اذا كان الامر يتعلق بالبعثيين النشطين. وفي افضل الاحوال، يمكن لقسم محدود من البعثيين السابقين- ممن كان في داخله وفي ضميره يعيش حالة اغتراب حقيقية عن قيم حزب البعث ويتسنكف عن ممارسات - ان يدلو بدلوه قي عملية بناء عراق منفتح، متعدد وقائم  على القانون. اما الناشطون من البعثيين فلعهم، قبل كل شىء، يحاكمون انفسهم وضميرهم وقيمهم ليعيدوا خلق ما هو خير فيها وينبذوا، بكل جرأة، ما تفسخ وخرب.

واذا كان ثمة امل باقامة نظام عادل وحكم قانون شرعي وشفاف في العراق فان منطق تحقيق ذلك يتطلب، سياسيا، معنويا، واخلاقيا، التوقف اكثر من مرة عند دور حزب البعث ونشطائه وانصاره. المساءلة الفكرية السياسية والمحاسبة القانونية للفكر البعثي وممارساته ولقوى النظام السابق هو شرط ضروري لازم لاي تغيير ايجابي. ولكن هذه المساءلة والمحاسبة لابد ان تسير، ذاتها، وفق مبادىء العدل والموضوعية، بعيدا عن روح الثأر والتعصب والهمجية. ويجب ان يعطى للقضاء العراقي سلطة كاملة في اصدار احكامه على الالاف من الذين اقترفوا جرائم في الحق العام والحق الشخصي و جرائم الابادة والقبور الجماعية والقتل.

فلتكف حركة اجتثاث البعث، تماما، عن ان تكون غطاء لقتل اهوج للناس خارج القانون والعدل ولحرق ألاخضر واليابس من البعثيين.

ولكن حركة اجتثاث البعث يجب ان تستمر وتنمو. لتكون حركة شعبية صادقة لقلع كل فكر شمولي. ولكل ممارسات سياسية احتكارية. ولكل نشاط استئثاري طائفي. ولوضع الانسان المناسب في المكان المناسب. لتكون، اذن، مناسبة لتاسيس ثقافة سياسية ديمقراطية، حقا. فهل يفلح العراقيون بذلك؟


نظرة في البرلمان الاوروبي : الهيكل والخلفيات التأريخية

(1-2)

سلام العبودي

يذكر المؤرخ فردناند لوت  Ferdinand Lot أن البدايات الأولى للوحـدة الأوربية يرجع تأريخها إلى عهد شارلمان Charlemagne، زمن الإمبراطورية الكارولينية؛ وأن ما حصل في ذلك الوقت من تفاعل، في الثقافة، والمعارف والمصالح، قد وضع الأسس لحضارة أوربية مشتركة كما رسخ في أذهان الأوربيين شعوراً مشتركاً توارثوه جيلاً بعد جيل رغم قرون من الصراعات والحروب الدامية.

وبعد حربين طاحنتين في أقل من نصف قرن، اقتنعت شعوب أوربا وقياداتها بوجوب تلافي العودة إلى دمار بكافة أشكاله كالذي حصل لها جراء الصراع بينها. كما أيقنت أن السلام هو شرط للتنمية المتناسقة بفضل تعدد التبادلات بينها في كافة المجالات دون استثناء. ووجدت أن لابد من وضعِ حداً لانقسام أوربا اقتصادياً لغرض تحسين مستوى معيشة شعوبها.

وفي حين كان (المجلس الأوربي) قائماً منذ 1949،  قال الفرنسي جان مونيه Jean Monnet كلمة صريحة وبكل وضوح: "إن أوربا لن تكون وليدة خطوة واحدة". وقررت ست دول أوربية، بمبادرة من فرنسا، أن تبني تدريجياً (مجـموعةً) متماسكة. "لنوحد اقتصادياتنا، وسيكون الاتحاد السياسي لاحقاً". هكذا كان يعتقد الآباء المؤسسون لـ(السوق المشتركة) التي أصبحت لاحقاً تحمل اسم (الاتحاد الأوربي). ولقد كشفت التجربة خطأ ذلك. فلكي لا تكون هذه السوق المشتركة ليست سوى منطقة "تبادل حر"، لابد من وجود إدارة سياسية موحدة ترسم سياسات نقدية، ضريبية، صناعية، زراعية وتقنية مشتركة قادرة على تجاوز الصعوبات التي تواجه أوربا جراء المنافسة اليابانية والأمريكية.

بتاريخ 25 آذار 1957، شهدت القاعة الكبرى (مونت كابيتولي Mont Capitole)، في روما، توقيع ممثلي أقطار المجموعة الأوربية للفحم والصلب CECA ليس فقط على معاهدة حول مجموعة الطاقة الذرية (أوراتوم Euratom)، ولكن بالأخص على معاهدة تنص على تأسيس المجموعة الاقتصادية الأوربية CEE والتي اعتُبِرت بمثابة بيان الولادة لـ (السوق الأوربية المشتركة)، بعد عملية تباحث منذ 1949.

إن الاتحاد الأوربي، بقوته التجارية، إذ يحتل حالياً المرتبة الأولى في التصنيف العالمي، وبحجم إسهاماته المالية لصالح التنمية والمساعدة الإنسانية،  يعتبر طرفاً دولياً بارزاً على الصعيد الاقتصادي. فوصوله إلى صف الشريك القائم بذاته، الذي سهله انتهاء الحرب الباردة، يعتمد على قدرته على أن يهب لنفسه دفاعاً مشتركاً ودبلوماسيةً مشتركة على الصعيد الأوربي وكما عبرت عن ذلك معاهدة ماسترخت، في "مرتكزها الثاني". ولكن، لم تصل أوربا بعد إلى حد الصوت الواحد. أما بشأن القضايا الساخنة التي تعصف في أرجاء العالم، فإن الأصوات الأوربية تضيق الفوارق بينها شيئاً فشيئاً. واعتاد دبلوماسيو الأقطار الأوربية العمل سوية أكثر فأكثر. وإن قطاع "التعاون السياسي" قد أحرزت فيه أوربا خطوات حقيقية من التقدم.

لقد أصبح الاتحاد الأوربي، بعد التوسع الأخير في عضويته، يضم 25 قطراً أوربياً يبلغ مجموع سكانها 455 مليون نسمة، في خطوة من شأنها أن تمد الاستقرار والرخاء، الذي تتمتع به الدول الأعضاء في الاتحاد منذ تأسيسه، إلى عدد أكبر من الدول لتصبح أوروبا مكانا أكثر أماناً.

والاتحاد الأوربي، كتنظيم سياسي، يتألف من عدة تشكيلات مهمة من بينها البرلمان الأوربي الذي هو موضوع بحثنا هذا. فمعاهدة روما المبرمة عام 1957 قد نصت أساساً على أن "الهيأة البرلمانية الأوربية تمثل شعوب الدول المنضوية في المجموعة". ومع زيادة توسع المجموعة الأوربية لعدد آخر من أقطار أوربا الغربية، ومن ثم لأقطار من أوربا الوسطى والشرقية؛ ازدادت أهمية دور البرلمان الأوربي في رسم السياسة الأوربية في شتى المجالات وأصبح قبلة يزورها رؤساء دول العالم حيث يقصدون مقره في ستراسبورغ كي يلقون خطاباُ لهم أمام أعضاءه يوجهون فيه كلامهم إلى شعوب أوربا، كما يزوره الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة وأمناء ورؤساء المنظمات الدولية الهامة. والبرلمان الأوربي هو المؤسسة الاتحادية الأوربية الوحيدة التي تجري وقائع اجتماعاتها ومناقشاتها واتخاذ مواقفها  وقراراتها بصورة علنية كما يجري نشرها في الجريدة الرسمية للمجموعات الأوربية.

هكذا، ويعد أربعة وثلاثين سنة على انتهاء الحرب العالمية الثانية، توجهت شعوب خمسة وعشرين من الأمم الأوربية لتنتخب، في حزيران 2004 برلمانا يمثلها بأكملها وليكون رمز وحدتها والتفاهم بين شعوبها.

 

تأسيس البرلمان الأوربي

بتأريخ 19 آذار 1958، اجتمعت (الهيأة البرلمانية الأوربية) المؤلفة بصورة مشتركة من المجموعات الأوربية الثلاث: - المجموعة الأوربية للفحم والصلب Communauté européenne du charbon et de l'acier (CECA):  التي هي أول مجموعة أوربية كانت قد أسست بموجب معاهدة باريس في 18 نيسان 1951 وحُلت عام 2002، - المجموعة الاقتصادية الأوربية Communauté Économique Européenne" (CEE) المؤسسة بموجب اتفاقية روما عام 1957 التي استبدلت نصوصها لاحقاً بمعاهدة ماسترخت Maastricht  عام 1992، و- المجموعة الأوربية للطاقة الذرية أو أورآتوم Communauté européenne de l'énergie atomique (CEEA ou Euratom) التي أسست بموجب اتفاقية روما عام 1957. وقد اتخذت الهيأة قراراً لاحقاً بأن يكون اسمها: البرلمان الأوربي. 

عند تأسيس البرلمان عام 1958، قررت الدول الست الأعضاء آنذاك توزيع دوائره بين أربع مدن أوربية كبرى: - الأمانة و موظفوها في لوكسمبورغ، - مقر الجماعات الحزبية البرلمانية في بروكسل، - اجتماعات الهيأة العامة البرلمانية بكامل أعضاءها في ستراسبورغ و لوكسمبورغ بالتعاقب ثم تقرر لاحقاً أن تكون كافة هذه الاجتماعات في ستراسبورغ فقط. ولقد كان البرلمان الأوربي، عند تأسيسه، مؤلفاً من نواب منتدبين عن البرلمانات الوطنية في الأقطار الأوربية الأعضاء في ما كان يسمى: المجموعة الأوربية.

  في الأول من كانون الأول 1975، قرر المجلس الأوربي المنعقد في روما أن يجري انتخاب أعضاء البرلمان الأوربي بالتصويت العام المباشر، كل خمس سنوات.  ولقد جرت للفترة 7 - 10 حزيران 1979 أول انتخابات للبرلمان الأوربي بالتصويت العام المباشر.

 

 النواب الأوربيون

يتألف البرلمان الأوربي حالياً من 732  نائباً أوربياً عقب الانتخابات التي جرت في حزيران 2004، بعد ان كان يضم 626 نائباً قبل التوسع الأخير في عضوية الاتحاد الأوربي. وتحديد عدد النواب لكل دولة عضوة مثبت من قبل معاهدة ماسترخت. ويجري الانتخاب كل خمس سنوات، منذ 1979، أما على المستوى الإقليمي (خاصة في بلجيكا، إيطاليا والملكة المتحدة)، أو على المستوى الوطني (كما في الدنمارك، أسبانيا، فرنسا، لوكسمبورغ، النمسا، الخ..)، أو في إطار نظام مختلط (ألمانيا). ويجري تطبيق شروطاً مشتركة في كافة أرجاء الاتحاد:

- حق الانتخاب لمن بلغوا سن 18 سنة،

- المساواة بين النساء والرجال،

- سرية الانتخابات بصفة خاصة.

في بلجيكا، واليونان ولوكسمبورغ، يكون الانتخاب إلزامياً. ومنذ دخول معاهدة ماسترخت حيز التطبيق عام 1993، فإن كل مواطن من بلد عضو في الاتحاد الأوربي مقيم في بلد آخر من الاتحاد يستطيع التصويت أو ترشيح نفسه في بلد إقامته. التفاصيل

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة