الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

الإرهاب ليس هو الرد على الإرهاب الشيشاني

برنارد - هنري ليفي

إن أخذ الرهائن في بيسلان، روسيا، بمجزرته التي طالت الأبرياء، بقسوته، بمذبحته وبقراره الجنوني في انتهاك هذا التابو النهائي كلياً - تابو الطفولة - يملؤنا برعب مقدس تقريباً.وقد ارتفع بالإرهاب العالمي إلى مستوى جديد.

ولا عذر يمكن إيجاده لهؤلاء الرجال والنساء القادرين على مثل هذا البغض.ولا يمكن أن يكون هناك تفسير - لا اليأس، ولا البؤس، ولا جرائم الدولة التي سبق أن ارتكبها الجيش الروسي.من سيجرؤ، وهو يخط هذا الفعل في كتاب عن تاريخ مأساوي يثير الشفقة، أن يبحث عن تبرير؟ إن البينة التي لا جدال فيها تتطلب أن يكون الموضوع الوحيد للشفقة تلك العوائل المشتتة، المشربة بالشك والألم، التي هي في نواح منذ الجمعة على الشهداء الأطفال في أوسيتيا الشمالية.

مع هذا.

مع هذا، فإن الألم والعذاب يجب أن لا يسمح لنا بأن نتجنب التفكير النقدي المتأني.ولنأخذ بوتين، على سبيل المثال.فيجب أن لا ننسى أن فلاديمير بوتين لم يكف، خلال الأزمة بكاملها، عن تضليل آباء وأمهات الأطفال، وإسكات أفواه الصحافيين الذين اعتبرهم فضوليين جداً، وتخريب المفاوضات الممكنة.

انظروا إلى همجية الانقضاض وجنون الدبابات، التي راحت، وفقاً لشهود عيان، تطلق قنابلها على جدران المدرسة.ولنتأمل اللامبالاة بموت الآخرين، على شاكلة ما رأيناه حين غرقت الغواصة كورسك عام 2000 وعندما جرت عملية الاستيلاء على المسرح في موسكو عام 2002، وهي لا مبالاة أدت ببوتين - وهو يرسل ضباطاً غير مدربين ومسلحين بما فيه الكفاية - إلى المجازفة عن علم بحدوث حمام دم.

ويجب القول هنا، ويجب تكرار: أن بوتين، بدلاً من القيام بكل شيء من أجل (حماية الأطفال)، كما كان قد أعلن قبل الانقضاض الروسي على المدرسة بأربع وعشرين ساعة، أعطى إشارة بالبدء بالمجزرة.والإرهابيون إرهابيون، لكن بوتين هو الذي مهد لهم الطريق.

انظروا إلى الشيشان، والطريقة التي يحاول المسؤولون في موسكو الآن استخدام هذه البلية بها لإلحاق الخزي بكامل الأمة الشيشانية.فبوتين يحاول التأكيد على خط مواز.وهذا هو أسلوبه لقعدنة شيشنيا.فموسكو تنشد صرف مخاوف الشيشانيين المعتدلين، وهناك مزج هادئ لأولئك الشيشانيين المعارضين لهجمات روسيا المهلكة بأولئك الذين يشاركون في عتمة الإرهاب العالمي الغائمة.

وهذه مقارنة لا تطاق.فبينما يندب الواحد موتى بيسلان، يجب عليه أيضاً أن يقاوم بكل قوته محاولة اتهام كل الشيشانيين بالمشاركة في القتل الجماعي للمدنيين.فالذي حصل في الواقع أن حفنة من العدميين اختطفوا قضية - قضية الاتجاه القومي الشيشاني - وجعلت أفعالهم ذاتها، بالتحديد، هزأة منها، مثلما فعل أسامة بن لادن بالقضية الفلسطينية إلى حد كبير يوم 11 أيلول.

مرة أخرى: الشيشانيون، ودعونا نحلل الفكرة الشائعة في شوارع روسيا وأوسيتيا الشمالية، والقائلة بأن حلاً نهائياً، صارماً وعنيفاً، للمسألة الشيشانية التي لا نهاية لها، وحده الذي يسمح للدولة بالشفاء من 11 أيلول الخاص بها.فالشيشانيون، كما تقول هذه الفكرة، ليسوا بشراً، وإنما حيوانات، وحوش.وإن ستالين لم يكن مخطئاً، كما تقول فكرة أخرى، في رغبته بإفناء آخر من يتبقى منهم.ويجب علينا أن ننهي ما قام به ستالين، سيد كل الدول الروسية.

وهكذا فإن الطبقة السياسية ما بعد السوفيتية بكاملها، ومعها القوات المسلحة، تسلم جدلاً بأن إرهاباً مضاداً للشيشان أكثر - وليس أقل - يمكن أن يكون الرد الوحيد على إرهاب الإرهابيين.طبيب، في هذه النقطة أيضاً، يجب أن ننأى بأنفسنا عن الطبقة السياسية ما بعد السوفيتية والقوات العسكرية.في هذه النقطة، كما في غيرها، يجب أن تمتلك الشجاعة لنبذ ضباط الكي جي بي السابقين الذين يشيرون على بوتين وربما يسيرونه، ويجب أن نذكرهم بأن كونهم على الخطوط الأمامية في الحرب على الإرهاب لا يعطيهم كل حق - وبالتأكيد حق الرد بالرعب على الرعب، ولا التصرف بإهمال بأرواح مواطني غروزني.

هل واجه جاك شيراك فرنسا بوتين بجرأة في أية نقطة من ذلك؟ أم غيرها ردشرودر ألمانيا؟ أم الرئيس بوش؟ أم وزير خارجية هولندا (الذي سحب بأدب سؤاله الصغير الذي كان قد سمح لنفسه بإفلاته فيما يتعلق بالظروف التي كان قرار مهاجمة المدرسة قد أتخذ تحتها في آخر الأمر؟

وهذا ليس هو الجانب الأكثر إيلاماً من المسألة.ولا هو أقل خزياً للديمقراطيات العظمى التي تكافح الهمجية ولحقوق الإنسان - للحقيقة.

فإذا كان إرهاب الإرهاب قد منعنا من العد إلى اثنين، فلنعد إلى واحد: الإدانة الكلية لفاشية عصرنا هذا، التي هي الإرهاب الإسلاموي.وإلى اثنين: رفض الأجندة السياسية التي تقوم، في ثأرها لنفسها من أطفال الآخرين لأن أشراراً أنزلوا البلاء بأطفالنا نحن، بإضافة المزيد إلى ألم العالم والتعويض بلا شيء.

ترجمة/ عادل العامل

عن/ لوس أنجلس تايمز

 

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة