الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

رياح التغيير الديمقراطي آتية لا ريب فيها (2-2): وصفة ديمقراطية عاجلة لبلدان المنطقة

كاظم حبيب

يبدو ان عاملين اساسيين سيجعلان من عالمنا الجديد مليئاً بالمخاطر واحتمال نشوب حروب محلية واقليمية ما لم تبادر القوى العقلانية في هذا العالم وعبر الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي برغم اختلالاته الى التصدي لهذا الواقع ومحاولة تغييره وهما:

1- الفهم المتحيز لعملية العولمة الموضوعية الجارية في العالم منذ اكثر من عقدين من جانب الليبراليين والمحافظين الجدد في الولايات المتحدة الامريكية وقوى مماثلة لها في بعض الدول الاوروربية، والركض المتسارع وراء المصلحة الخاصة وتحقيق اقصى الارباح لهذه الدولة الاعظم ورغبتهم في فرض  هيمنتهم وارادتهم وسياساتهم الليبرالية الجديدة على بقية دول العالم بطرق التهديد وفرض المقاطعة والعقوبات الاقتصادية والحصار وشن الحروب الاقليمية، مما تثير المصاعب والتناقضات والصراعات ثم النزاعات التي يمكن ان تتخذ صيغاً متطرفة كالحرب الاستباقية او الوقائية..الخ، ان هذه الحالة تعني من دون ادنى شك ترويج ارهاب الدولة الاعظم على العالم كله وهو امر لا يمكنه ان يستمر طويلاً اذ ان هذا سيصطدم عاجلاً ام آجلاً بسياسات دول اخرى آخذة بالتقدم والتطور السريع مثل الصين وروسيا الاتحادية واليابان ودول جنوب شرق آسيا.

2- وجود عالم متخلف علمياً وتقنياً وانتاجياً يعاني الفقر والمرض والبطالة وهو يعيد انتاج كل ذلك يومياً برغم ما يملكه من ثروات في باطن الارض وعلى سحطها مما يمكن ان يشكل مصدر خطر جديد على العالم بسبب الارهاب الذي يمكن ان يصدر عن قواه الدينية المتطرفة التي تمنع عملياً تحقيق عملية التنوير والنهضة في بلدانها وتمارس الاستبداد ولنا في سلوك القوى الدينية المتخلفة والمتطرفة في السعودية والسودان والجزائر والعراق الراهن وفي غيرها من دول المنطقة ما يؤكد ذلك. كما توجد قوى قومية يمينية شوفينية تمنع عن القوميات الاخرى حقوقها المشروعة والعادلة، مثلما كان عليه الحال في العراق، او كما هو عليه الحال في المغرب والجزائر او حتى ما هو عليه الان في جنوب وغرب السودان. وفي هذه البلدان يزداد الخوف من المستقبل ومن فقدان الامل في الحصول على عمل يضمن لقمة العيش الكريمة للفرد والعائلة وبالتالي يكون هؤلاء ارضاً سهلة ومحروثة لزرع دعايات ونشاط القوى الدينية المتطرفة والمعادية للحضارة الاوروبية المتقدمة ولعملية التنوير الضرورية في البلدان، اذ يمكن كسب جمهرة واسعة من سكان هذه البلدان الى نشاطات ارهابية ضد الدول الغربية وضد الاتجاهات العقلانية في بلدان منطقتي الشرقين الادنى والاوسط، ومنها الدول العربية اضافة الى الدول المغاربية. كما يمكن ان تتواصل الهجرة الجماعية من هذه البلدان الى بلدان اوربا الغربية وامريكا الشمالية واسترالي وغيرها هرباً من الاوضاع الاقتصادية والمعيشية وبسبب الممارسات الارهابية والقمعية لحكومات بلدانها. ولكن هناك من المؤشرات على الصعيد الدولي ما يمكنه ان يحد من العامل الاول بسبب الدور الذي تلعبه دول الاتحاد الاروروبي في هذا الصدد والتي عانت حربين عالميتين ومشكلات معقدة وبسبب قربها من آسيا وافريقيا وما يمكن ان يعنيه ذلك بالنسبة لشعوبها وبلدانها اضافة الى مقاومة الشعوب لمثل هذه السياسة بما في ذلك الشعب الامريكي وتطور الاحتجاج العالمي على سياسات الولايات المتحدة ونمو ظاهرة العداء للولايات المتحدة بسبب تلك السياسات التي تمارسها.

ويجد المتتبع لاوضاع الدول الاوروبية والولايات المتحدة ذاتها بروز تيارات وحركات فكرية وسياسية اخرى غير تيار المحافظين والليبراليين الجدد التي تفهم موضوعية العولمة الجارية بطريقة افضل واكثر حرصاً على عالمنا الراهن وتسعى الى تنشيط رياح التغيير الديمقراطي في العالم كله، بما في ذلك دول منطقتي الشرقين الادنى والاوسط.

من يتابع ادبيات القوى المحافظة والليبرالية الجديدة في الولايات المتحدة وبريطانيا او في غيرها من الدول سيجد انها هي الاخرى تتحدث عن ضرورة اجراء التغيير الديمقراطي في هذه البلدان ورفع هذا الشعار من جانب تلك القوى ومن قوى ديمقراطية في الدول العربية وفي بقية دول المنطقة لا يعني التطابق في الرأي او الفهم المشترك والموحد لهذا التغيير الديمقراطي المطلوب في جميع مناحي الحياة. ففهم المحافظين والليبراليين الجدد يعني بالدرجة الاولى فرض تصورهم وهيمنتهم في النماذج التي يريدون اقامتها في عالمنا الراهن في حين يفترض ان يعني التغيير الذي تطمح اليه شعوب المنطقة هو سيادة الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان والاستقلال والسيادة الوطنية والتصرف الحر في اتخاذ القرارات المختلفة..الخ. ومع ذلك لا اجد ضيراً ان نلتزم بشعار التغيير الديمقراطي في بلداننا حتى لو رفعه من يحتمل ان يسعى الى استخدامه بطريقة خاطئة وغاية اخرى. اذ ان المهم ماذا نقصد نحن بذلك وكيف نسعى اليه؟

ولا بد لي ان اشير في هذا الصدد الى صواب التحذير الذي اشار اليه العديد من الكتاب والصحفيين العرب وغير العرب ومفاده ان العديد من حكومات دول المنطقة تحاول الالتفاف على رياح التغيير الديمقراطي من خلال ادخال بعض (التعديلات والتحسينات المحدودة جداً والقاصرة جداً) على بعض مجالات نظمها الاستبدادية الراهنة، كالتربية والتعليم الديني. كما يجري الان في السعودية اذ ان مثل هذه الاجراءات يفترض ان لا تخفى اهدافها على احد وان تفضح لمصلحة التغيير الديمقراطي في هذه البلدان. ويبدو لي ولغيري أن الحملة الامريكية لعملية التغيير الديمقراطي في بلدان الشرقين الادنى والاوسط يمكن ان تنفعنا ان ادركت قوانا الديمقراطية سبل الاستفادة منها لمصلحة شعوبنا من خلال فرض التغيير الفعلي على نظم وسياسات واجراءات حكوماتها، اذ ان حكومات هذه البلدان ستركع امام الارادة الامريكية وليس امام ارادة شعوبها. ولكن ما المقصود بهبوب رياح التغيير الديمقراطي في هذه المنطقة؟ التفاصيل


قيم الاستبداد الذكوري في الذهنية العربية

مهدي النجار

في مقالنا هذا نستبعد الخوض في -او نتغاضى عن ثلاث قضايا:

القضية الاولى: عدم مناقشة الخطاب المعلن للحركات او التنظيمات السياسية والاجتماعية والدينية التي تزعم ان التجمعات النسوية تؤيدها لانها تعبر عن تطلعات المرأة وبذا تكسب في خطابها المتعاطف مع الاناث نصف اصوات المجتمع وتضيف ارقاماً مرموقة لصالح صناديقها الانتخابية، في حين نجد ان ثقافة هذه التنظيمات تركن الى تصورات تقليدية مريحة تستبد بها نزعة ذكورية مفرطة تسوغ الطرد الهوسي للانثى وتحيط قيمها التراثية باطر تحريمية قاسية تحت ذريعة التقاليد والاعراف متغافلة عن ان هذه التقاليد والاعراف هي ظواهر تاريخية وهي ثمرة اجتهاد بشري تخضع للبحث والنقد والمناقشة.

القضية الثانية لا يهدف مقالنا لتحرير الوضع النسوي من العذابات لان مثل هذا النحو يتطلب التحليل الواقعي لاقتصاديات الاجتماع العربي الذي آل في هشاشته الى تهميش الناس في عمارات اقتصادية راكدة كما هو حالنا في الاستخراج البترولي، هذا النمط من الواقع الاقتصادي تطلب تدريب الذوات الذكورية المالكة، الملك، الرئيس، وافراد عائلته على سلوك طرز عيش ذكورية ترفة وباذخة وانيقة ومترفعة تفرض حرماً قمعياً على الآخرين -من كلا الجنسين- لان يسلكوها عبر حيازات مالية وعقارية واسعة وامتلاكات آلية وآدمية مسرفة (زوجات، اماء، سرايا، قينات، جواري، عاهرات، خدم مخصيين، شعراء اذلاء وكتاب فكاهة ودجل ووعاظ وندماء...الخ). اذن فمثل هذا النحو الهادف لتحرير المرأة يقتضي تحليلاً للمضمار الاقتصادي والسياسي الا انه من الخطأ الشائع القول بأن تحرير المرأة يتوقف عند ذلك التحليل، ثم يأتي المضمار الذهني لاحقاً او تابعاً فالحقيقة هي تساوق هذه المضامير مع بعضها بل في مجتمعات غير متعلمنة وغير متعلمة تكون التصورات قوة لا شعورية ضاربة في نخاع العقل الجماهيري من يساره الى يمينه، قوة رهيبة تطور نفسها بآليات ذهنية زائفة، مرقعة ومؤولة، عقول واسعة متبحرة في تقديس وشرح اللا معقول.

القضية الثالثة: استبعاد الموضوعة النفسية الهامة التي يجب ان يخضع من اجلها وان يؤهل طفلاً حديث الولادة (او مولوداً) لان يكون انثى تناولت هذه الموضوعة بتحليل قدير وبالغ الاهمية نوال السعداوي في جزأي كتابها: (المرأة والجنس) الجريئين.

علينا هنا مهمة تظهير الفارق النوعي (الاستبدادي) للجنس الذكري بشكله الكارثي في الذهنية العربية ومخيالها البعولي الشوفييني (البعل: المالك= الصاحب=الرب) حيث يمارس الايديولوجيون العرب في تكريسه  لصالح طهرانية الذكورية ونتفحص اولاً بأول القيم البعولية التي اطلقت العنان لقولنا بتوصيف الذهنية العربية بهذه الصفة، أي صفة الاستبداد:

اولاً: قبل الخلق البشري، نستخلص بإيجاز من الحكمةالعربية القديمة (قبل الاسلام) ان الرجل هو ظل اله او الملك هو مرآة الاله، هناك في الفوق توجد: سلطة، قوة، اله، العلة والسبب لكل شيء (اشتق) (الاله) من (أل) اللاهوتية التي تعني (القوة) وكانت اسماءالاله مسبوقة بإشارتين (أل أل) اصبح فيما بعد (الله) بالادغام. (البنية الذهنية/ د. يوسف الحوراني/ دار النهار/ بيروت 1978) ويتضح قبل خلق آدم ان سلطة الفوق هي سلطة ذكورية لان الرجل هو ظل اله ونستبعد بذلك ان تكون السلطة انثوية او ان يكون ملكوت السلطة ملكوتاً انثوياً ونستغرب لماذا كان العرب يقولون: ان الملائكة وهذه الاصنام (اللات والعزي ومناة) بنات الله وكانوا يبعدونها ويزعمون انها شفعاؤهم عند الله ومن جهة ثانية يئدون بناتهم؟! ولا نعرف تفسيراً مرموقاً لهذين السلوكين عند العرب قبل الاسلام: عبادة بنات الله ووأد النساء واذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت) اذا صح اعتقادنا بأن (الوأد) كان ظاهرة دينية عبادية تقديم القربان وليس ظاهرة مجاعية او تنكيلية يزول الالتباس وتكون الوثنية العربية منسجمة مع نفسها في حقل (البنات) العبادة وتقديم القربان. قطع الاسلام التوحيدي دابر هذا التخليط الوثني وفرز بصورة حاسمة وقاطعة سلطة الله عن الشوائب الأنثوية فمن كبائر الاثم تسمية ملائكة الله تسمية اناث وفي مجال النذور والاخلاص للعبادة تكون للغلمان دون الإناث الا مريم (العابدة) التي قبلت مقام الذكر في النذور ولم تقبل قبلها انثى لاصطفائها على نساء العالمين (تفسير النسفي/ دار احياء الكتب العربية. بيروت/ ح4) وعلى اساس هذا الفرز القاطع والحاسم سيرسل (الله) خلفاءه (ظلاله) الى الارض من الجنس الذكوري سواء قبل الخلق البشري: ابليس، اوبعد الخلق البشري: آدم.

ثانياً: الخلق البشري تختص قصة الخلق البشري بالجنس الذكوري (آدم) المخلوق من الطين اللاذب (اللزج) الطيب ولا نعثر في اغلب مراجع قصة الخلق على كيفية مستقلة لخلق الجنس الانثوي (حواء) انما هي تابع او تخليق جزئي من جسد الرجل: (ان المرأة خلقت من ضلع وان اعوج شيء في الضلع اعلاه ان ذهبت تقومه كسرته وان تركته لم يزل اعوج) تتركز قصة الخلق الاسطوري للانثى في محورين: التفاصيل

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة