احمد السعداوي
شهدت مدينة بغداد تحسناً ملحوظاً في التيار الكهربائي، ويبدو
ان وعود وزارة الكهرباء رغم تأخرها اعطت ثمارها هذه الأيام،
لكن عدداً من المواطنين يشكك في امكانية تصاعد هذا التحسن
الكهربائي، ويرى فيه (عرضاً) طارئاً سرعان ما يتلاشى. هذا
التشكك والتخوف مدفوع بعوامل كثيرة، لا تبتدئ من التفجيرات
المتتابعة لخطوط نقل الطاقة، ولا تنتهي بالتخريب الذي يشترك
فيه المواطن نفسه في بعض الاحيان.
عن ذلك، وعن تداعيات تحسن التيار الكهربائي تحدثنا مع عدد من
المواطنين وكانت هذه الاراء.
الثقة بالتيار الكهربائي
علاء مجيد(32 سنة) يعمل بائعاً للشاي يرى ان التيار
الكهربائي قد تحسن بشكل ملحوظ وهو يأمل ان يستمر هذا التحسن
الى اليوم الذي ( ينتهي) فيه القطع الكهربائي نهائياً.
ويرى حسن جبار من منطقة الشعب ان الكهرباء في منطقتهم قد
تحسنت منذ يومين تقريباً، ويعتقد بأن لقدوم الشتاء علاقة
بذلك. وحين سألناه عن تفسيره لهذه العلاقة، قال ان هناك
علاقة مؤكدة ولم يشرح اكثر.
بينما يرى علي الدايني (سائق اجرة) ان الكهرباء تنقطع في بعض
الايام لمدة 6-7 ساعات دون سبب منطقي وتستمر في ايام اخرى
نهاراً كاملاً دون انقطاع، لذا هو لا يثق بتحسن التيار
الكهربائي ابداً.
ماء وكهرباء
زيادة ساعات القطع الكهربائي او قلتها، تؤثر بشكل كبير في
نواحي الحياة الاخرى، ولعل ارتباط الماء بالكهرباء هو الذي
دفع عدنان عبد الحسين مهودر الى التشاؤم من تحسن التيار
الكهربائي حيث قال: اننا في مدينة الصدر نعتمد بشكل كبير على
مضخات الماء، بسبب ضعف ضخ الماء الطبيعي، وهذا يجعل عوائل
كثيرة محرومة من الماء بسبب عدم وجود مضخات لديها، ولأن قوة
الماء تسجلها هذه المضخات، لذا فاننا ننتظر انقطاع التيار
الكهربائي، وخصوصاً في الليل، من اجل ان نتزود بحاجتنا
اليومية من الماء، لأن السحب الشديد على الشبكة ينقطع ويجري
الماء بصورة طبيعية.
عدد من الطلبة يعتقدون بأن كل شيء (هش) الان، فما الذي يضمن
استمرار تحسن التيار الكهربائي وسط هذه الفوضى الامنية (يقول
اياد محمد) حيث بامكان اي شخص فاقد الضمير ان يفجر المولدات
الضخمة او يقطع شبكات نقل الطاقة. ويرى علي خضر هادي ان
الامن هو المحور الذي تدور حوله كل الخدمات الاخرى، فمن دونه
لا يمكن ضمان شيء، لا تحسن الطاقة الكهربائية ولا القضايا
الاخرى.
مناطق غير مشمولة
يرى سعد محمد عطية الذي يسكن منطقة سبع قصور في اطراف بغداد،
ان منطقتهم غير مشمولة بتحسن الخدمات، ومنها الكهرباء، لان
فوضى الشبكة في هذه المنطقة ، وكذلك الربط الكيفي الذي يقوم
به المواطنون على الشبكة واعمدة الكهرباء يجعل من التيار غير
مستقر، ويكثر من فترات القطع.
في الشتاء الماضي كانت الكهرباء تنقطع لدينا ساعات طويلة،
وفي بعض الاحيان أربعة ايام متتالية (يقول سعد) ونخشى مع
مقدم الشتاء ان نعاني من المشكلة نفسها، القضية ليست في تحسن
التيار الكهربائي، وقلة ساعات القطع، المشكلة لدينا متعلقة
بالشبكة السيئة والقديمة، والربط غير النظامي عليها.
ويعضد مجيد رشيد كلام سعد بالقول: ما الفائدة من تحسنها الان
(اي الكهرباء) بعد ان (شوينا) بحر الصيف اللاهب، المبردة
التي لدي في البيت ما زالت على حالها، ولم ننعم بهوائها
البارد ابداً، بسبب القطوعات الطويلة اولا، وبسبب ضعف التيار
الكهربائي ـ حين يأتي ـ ثانياً.
ابو يحيى صاحب مطعم (ابو يحيى) في منطقة الشعب تعرض الى
كارثة كهربائية، كما يبدو. فقد اضطر الى تبديل 17 شمعة في
مطعمه، مع متعلقاتها، وقد كلفته 75 الف دينار، وحين سألناه
عن السبب قال ان التيار الكهربائي غير منتظم في المنطقة ،
فهو يأتي احيانا ضعيفاً لا يكاد يشعل مصباحاً صغيراً ، وفي
بعض الاحيان يأتي قوياً ويسبب لي هذه الكارثة التي تراها.
لكن مجاورين له في المحل قالوا ان السبب هو (ابو يحيى) نفسه
لأنه يعتمد في اوقات القطع على خط يسحبه من منطقة بعيدة
بطريقة غير شرعية، والذي سبب الكارثة لديه هو ان الكهرباء
الوطنية اشتغلت في مطعمه وفي الخط الذي سحبه في آن واحد مما
ولد تياراً هائلاً حطم شمعاته كلها.
جيوب غير مرتاحة!
الشائعات التي انتشرت في الشارع العراقي خلال الاشهر الماضية
حول عمل وزارة الكهرباء لا يمكن ان تتبدد بالتصريحات، وانما
هناك طريق واحد هو العمل، يقول علي راجي (مدرس اعدادية)،
فتحسن التيار الكهربائي المضطرد هو من سيقطع الكلام حول سوء
عمل الوزارة، ولكن الكثير من المواطنين يجيد الشكوى والاتهام
(يقول محسن محمد / مدرس لغة عربية) ويريدون كل شيء (كاملاً
مكملاً)، من دون ان يتفهموا الظروف الصعبة التي تعمل فيها
اغلب الوزارات الان ومنها وزارة الكهرباء.
في مناطق اخرى من بغداد بدا تحسن التيار الكهربائي جيداً كما
في منطقة حي الوحدة (شارع 52) حيث يقول ابو فؤاد ان التيار
الكهربائي منذ عشرة ايام لا يكاد ينقطع سوى ساعة او اثنتين
على مدار اليوم. ونحن منذ فترة طويلة نعتمد على اشتراك خط في
مولدة سعة 250
KV،
حيث يوزع صاحب المولدة الكهرباء على البيوت مقابل مبالغ
كيفية، في فترات انقطاع الكهرباء الوطنية، وهذه المولدة
(مرتاحة) هذه الايام بسبب تحسن الكهرباء الوطنية، ولكن
(جيوبنا) غير مرتاحة لان اصحاب المولدات يصرون على تسلم
المبالغ الشهرية بلا تغيير يذكر.
نعمة الاستمرار
كما اكد الكثير من المواطنين إن تحسن التيار الكهربائي
سينعكس على جوانب كثيرة من الحياة اليومية، وليس اقلها،
ظاهرة انتشار بيع الوقود في الطرقات، التي نشطت بسبب حاجة
الناس لوقود المولدات المنزلية الصغيرة والاخرى الكبيرة التي
اصبحت مصدر رزق (غير طبيعي) وغير منطقي للبعض.
ان قلة الاعتماد على المولدات ستقلل الطلب على البنزين
والكاز، مما سيضعف من انتشار ظاهرة بيع الوقود، ويخفف الضغط
على محطات تزويد الوقود، ويخفف زحام السيارات عليها.
ومع الجهود التي تبذلها وزارة الكهرباء وكوادرها من اجل
تحسين التيار الكهربائي في بغداد والمحافظات، نرى من الضروري
الاشارة الى ظاهرة مرتبطة بتحسن او سوء التيار الكهربائي،
وهي قضية السحب غير القانوني للتيار الكهربائي من مناطق
سكنية الى اخرى، وكذلك انتشار بعض المعامل التي تستهلك طاقة
فائقة بين المناطق السكنية مما يضعف التيار الكهربائي إن لم
يسبب انقطاعه.
وقد قامت كوادر وزارة الكهرباء قبل شهرين تقريباً بحملة
واسعة في ارجاء بغداد لقطع كل الاسلاك والتوصيلات غير
القانونية على الشبكة، ولكن العمل لم يكتمل كما يبدو للمتجول
في احياء بغداد، فسرعان ما اعاد المواطنون هذه التوصيلات،
دون اكتراث او شعور بالمسؤولية.
كما ان عدداً من المناطق في بغداد يعاني من تقادم الشبكة
الكهربائية او الربط الكيفي على الاعمدة الرئيسة.
هذه الملاحظات وغيرها، نطرحها بحب امام انظار وزارة الكهرباء
من اجل تحسين خدماتها، مع اليقين بأن سلبية المواطن وعدم
شعوره بالمسؤولية يساهمان مساهمة كبيرة في عرقلة عمل الوزارة
وفي حرمانه من نعمة الكهرباء المستمرة.
|