الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

بعد زيادة الطلب على النفط خارج التوقعات: المستقبل لنفط العراق

عبد الجبار عبود الحلفي

جامعة البصرة

يمتلك العراق نحو (11%) من احتياطيات النفط العالمية المؤكدة.

وقبل سقوط النظام البائد كان يسهم بنسبة (3%) من الانتاج العالمي للنفط.

وتضم اراضيه نحو (300) مليار برميل غير مؤكدة ويعد حقل (عكاس) في المنطقة الغربية اكبر حقل نفطي عملاق في العالم، وتشير بعض المصادر الوطنية الى ان هذا الحقل يضم ربع مساحة العراق، كما ان الاحتياطي المؤكد يبلغ (115) مليار برميل، واذا كان عمر النفط في السعودية، كما هو مقدر من قبل منظمة الاوبك، هو 88سنة، وللكويت 132 سنة، و 120 سنة للامارات، فأن عمر النفط العراقي يتخطى حاجز الـ(250) سنة بالمعدل المتوسط للانتاج الذي سيتراوح مابين (3-5) مليون ب/ي، حسب (نموذج كينج هيوبرت).

اذن دولة نفطية بهذه المواصفات، لابد وان يكون لها تأثير كبير على مستقبل اسواق النفط العالمية، وربما يتحول العراق الى مروض للاوبك.

فأذا كانت اوبك قد تمكنت من التعامل مع تقلب صادرات النفط العراقي في سنوات الحصار الاقتصادي حتى سقوط النظام البائد، فأنها لايمكنها التعامل مع النفط العراقي في المستقبل المنظور، بنفس اساليب ذلك التعامل.

*معوقات زيادة الطاقة الانتاجية الى (6-8) ملايين ب/ي:- كثرت التصريحات من قبل المسؤولين المباشرين في وزارة النفط العراقية حول قدرة العراق على زيادة طاقته الانتاجية الى (6-8) ملايين ب/ي خلال نهاية العقد الحالي (2010) ومع ايماننا بقدرة الكوادر الفنية العراقية على الابداع والانجاز في قضايا النفط، فاننا، ومن منطلق الشفافية، نعتقد ان هناك مثقلات تحد من قدرة العراق على الوصول الى الطاقة المذكورة اذا مابقيت تلك المشكلات قائمة بفعل التهديدات الامنية والعمليات التخريبية التي تصب في غير مصلحة الشعب العراقي، ومن تلك المشكلات:

1-ان انتاج النفط العراقي وزيادة طاقة التصدير خلال سنوات الحصار الاقتصادي (1990-2003) جرى بناء على قرار سياسي وليس بناء على قرار فني بحث من قبل خبراء النفط العراقيين، الامر الذي ادى الى تدمير جزء كبير من الحقول والابار العراقية، خاصة بطانات الابار وقد اشرنا الى هذا الموضوع بالتفصيل في مقالنا المنشور على هذه الصفحة من جريدة المدى في العدد(75) في (17/3/2004) واشارت تقارير متخصصة الى ان القرار السياسي بزيادة الانتاجية من دون أي اعتبار للعوامل الفنية ادى الى انسياب المياه بكميات كبيرة الى المكامن النفطية، وهو ماحدث في حقل الرميلة الجنوبي والرميلة الشمالي بالذات مما ادى الى خسارة مئات الالاف من براميل النفط، وهذا يعني ان تكلفة الانتاج لم تكن تشمل تكاليف الاستخراج والتشغيل وعدم القدرة على تعويض النفط المستخرج وحسب، وانما شملت تكلفة الانتاج الكميات التي هدرت للابد بسبب عدم القدرة لدى شركة نفط الجنوب على شفط الماء من المكامن، نتيجة للنقص الحاد في المعدات اللازمة لذلك العمل الفني.

2-من الممكن ان يزيد العرق انتاجه لاكثر من مليوني ب/ي ولكن ذلك سيكون لمدة قصيرة، بحسابات صناعة النفط، لان البنية التحتية اللازمة لانتاج وتخزين ونقل النفط تحد من قدرة العراق على ضخ ثلاثة ملايين برميل يومياً خلال ماتبقى من هذا العام، فضلاً عن ذلك استمرار العمليات التخريبية التي ربما تكون مدعومة من خارج القطر، فضلاً عن دعمها من داخل البلاد.

3-ان أيه زيادة في انتاج النفط العراقي وتنمية الطاقة الانتاجية الى (6-8) ملايين ب/ي، تحتاج الى تطوير حقول النفط وشراء معدات تقنية عالية الجودة، وهذا يتطلب استثمارات تصل الى نحو (15) مليار دولار، كما قدرتها وزارة النفط العراقية، وهو امر لايمكن تحقيقه في مدة قصيرة بل يتطلب ذلك حكومة دائمية منتخبة وبرلماناً ممثلاً للشعب العراقي بصورة شرعية، واستقرارا سياسياً وامنياً.

4-تلعب مشكلة الفساد الاداري في المؤسسات الحكومية دوراً مثبطأ للشفافية المطلوبة في العوائد الحقيقية للنفط العراقي، وللمبالغ الموجودة في صندوق اعمار العراق، بحيث تتردد الكثير من بيوتات التمويل في منح قروض للعراق لتطوير صناعته النفطية، او حتى تقديم استثمارات مباشرة من الشركات النفطية العالمية-غير الامريكية-بسبب غياب الشفافية المالية للعراق و الاحتقان الامني.

5- ان العراق، كدولة مطلة على جزء صغير من الخليج العربي، فانه مضطر الى تسويق نفطه عبر الانابيب ومن غير الممكن فنياً ضخ ستة او ثمانية ملايين برميل يومياً، من دون بناء خطوط انابيب جديدة تمر عبر الدول المجاورة بموجب اتفاقيات متعارف عليها، وهو شيء ذو تكلفة عالية ويحتاج الى وقت ليس بالقصير، اذ ان المباحثات مع الدول المجاورة قد تستغرق عدة سنوات كما ان هذه الدول لن توقع عقوداً الا مع حكومة شرعية دائمة بحيث تستمد العقود شرعيتها من برلمان منتخب من الشعب العراقي لذلك هناك شكوك حول امكانية رفع الطاقة الانتاجية بحدود (6-8) ملايين برميل يومياً.

6- هناك مشكلة مع الكويت لم تحل لحد الان، ذلك ان احدى المشكلات التي تواجه اية حكومة عراقية قادمة هي كيفية التعامل مع الحقول المشتركة مع الكويت مثل حقل (الركة) الذي يعد امتداداً لحقول الرميلة في البصرة خاصة وان انحدار الحقل يتجه نحو الاراضي الكويتية، مما يسهل اختراقه. ان تطوير حقل الرميلة الجنوبي يتطلب اتفاقاً مع الكويت، خاصة وان هناك اشكالية في الاتفاقية التي وقعها النظام البائد بعد حرب عام 1991 مباشرة باشراف الامم المتحدة بشان الحدود بين البلدين، ولاسباب سياسية وفنية فان أي اتفاق مع الكويت حول هذا الموضوع يتطلب وقتاً طويلاً من الزمن.

* نفط العراق قاعدة الارتكاز للتوازن المستقبلي لسوق النفط العالمية:- في الفقرة السابقة تحدثنا عن المعوقات بصورة تتجلى فيها الشفافية العالمية، وهو ليس الوجه الوحيد لقضية النفط في العراق، فهناك الوجه الاخر، الاكثر اشراقا. فعودة العراق الى السوق النفطية بشكل طبيعي وبكل مايمتلك من امكانيات الاحتياطي والانتاج والكوادر الفنية، تبقى مسألة وقت فقط، فالعراق يمتلك المقومات التي تحوله نداً لقدرات السعودية في انتاجها البالغ  (10.5) مليون ب/ي والسعودية بهذه الكمية فانها تنتج بكامل طاقتها الانتاجية، اما العراق فهو الان في وضع مستريح وان كان اضطرارياً فمن بين 73 حقلاً مكتشفة هناك الان (15) حقلاً فقط تعمل بأقل من طاقتها الانتاجية (30-50% من طاقتها الانتاجية) رغم عمليات التخريب، وهناك ثلاثة حقول فقط تغطي نحو (70%) من كمية الانتاج الحالية (2.0-2.5 مليون ب/ي) وهي حقول قديمة هي حقول (كركوك التي بدأت بالانتاج في العام 1927 وحقول الرميلة الجنوبية -1951 والرميلة الشمالية 1962، ومنذ العام 1927، حيث بدأ انتاج النفط في العراق لم يتم حفر الا (2300) بئراً في عموم مناطق العراق، مقارنة بنحو مليون بئر في ولاية تكساس وحدها، في حين ان حقل (عكاس) في المنطقة الغربية من العراق يضاهي حقل (الغوار) في السعودية، اكبر حقول النفط المنتجة حالياً في العالم، اذ يمكن ان يغطي حاجة الولايات المتحدة من النفط لمدة 25 سنة من انتاجه لوحده.

كما ان مناطق الجنوب مازالت حقولاً بكراً، فلم تطلها عمليات الاستكشاف بعد، بأستثناء الحقول المعروفة حالياُ، وحقول (غرب القرنة) التي بدأت الانتاج بكوادر عراقية (100%) خلال فترة الحصار الاقتصادي مرشحة لزيادة طاقتها الانتاجية الى مليون ب/ي وبكوادر من شركة نفط الجنوب نفسها فضلاً عن ذلك فان حقول (الاحدب) و (مجنون) و (بزركان) وغيرها تمتلك من الاحتياطي، ويكفي لتلبية اية زيادة في الطلب على النفط في السوق العالمية، يضاف الى ذلك ان وزارة النفط العراقية قد انتهت تقريبا، من منح عقود لاستكشاف وتطوير صناعة النفط العراقية لشركات عالمية معروفة بصناعة النفط، وهذه العقود ستكون نتيجتها زيادة الطاقة الانتاجية لنفط العراق مابين (6-8) ملايين ب/ي للسنوات الثلاث القادمة، ان وفرة الاحتياطيات المؤكدة من النفط العراقي، واحتمالات احتياطيات مضاعفة غير مؤكدة، يشكل اغراء للشركات العالمية للاستثمار في العراق وبالصورة التي تصون القرار الاقتصادي والسياسي المستقل.

ان قيام السعودية بالانتاج بعامل طاقتها الانتاجية (10.5) مليون ب/وعدم قدرتها على زيادة هذه الطاقة رغم عطش السوق للمزيد من براميل النفط، ووصول انتاج بحر الشمال الى ذروته في العام 1999 وتباين احتياطيات بحر قزوين، وزيادة الطلب المستمرة على النفط، والتي فاقت التوقعات، كل ذلك يجعل العراق مرشحاً، بامكانياته، ان يؤدي دور المنتج القائد لتوازن السوق العالمية للنفط، ممايؤدي الى استقرار السوق. خاصة اذا علمنا ان اوبك تنتج الان بكامل طاقتها الانتاجية (30 مليون ب/ي) من بينها مليوني برميل فوق الحصص لمقابلة الطلب المتزايد، وربما يفاجئ العراقيون العالم بانتاج اربعة ملايين ب/ي في نهاية العام 2005، فهناك من يعمل بصمت.. ودون ضجيج اعلامي.

 


خبراء نفطيون يسخرون من اشاعات اعادة بناء خط أنابيب كركوك-حيفا

سخر عدد من خبراء النفط عما تردد من اشاعات حول اعادة بناء خط انابيب كركوك-حيفا في فلسطين المحتلة والذي توقف العمل فيه في اعقاب حرب 1948.

وذكروا في حديث خصوا به الصفحة: يبدو ان اطلاق هذه الشائعات لم يكن سوى وسيلة لممارسة الضغط على الحكومتين السورية واللبنانية الراغبتين في اعادة استخدام الانابيب العراقية التي

تصب في مرافيء بايناس وطرابلس على المتوسط.

واضافوا: ان مجرد الكلام حول اعادة تصدير النفط العراقي عبر المرافيء الاسرائيلية يظهر مدى عدم تمرس الغرب في التعامل مع الحساسيات السياسية في الشرق الاوسط وقد تظن الولايات المتحدة انه سيكون من السهل انهاء فترة العداء بين العراق والدولة العبرية متناسية ان مصر مثلاً لاتزال تردد في اخذ أي موقف علني مؤيد لاي نوع من التعاون مع تل ابيب، غير انه قد يكون لدى الولايات المتحدة دافع آخر وراء طرح مشروع اعادة بناء انبوب نفط بين العراق واسرائيل وهو محاولة التخفيف من الاعتماد على نفط الخليج العربي واذا مانفذ هذا المخطط فانه سيدفع بالسعودية الى درس امكانية اعادة فتح  مايعرف بخط الانابيب العربي (التابلاين) والذي يضخ النفط انطلاقا من المنطقة الشرقية في المملكة مروراً بالاردن وسوريا الى ان يصب في مصفاة الزهراني جنوب لبنان وقال هؤلاء الخبراء: لابد ان يؤدي هذا السيناريو الى تعاظم اهمية منطقة شرق البحر الابيض المتوسط بالنسبة الى اسواق النفط العالمية نظراً الى تزايد حجم كميات النفط التي سيتم ضخها عبر الانابيب الى موانيء هذه المنطقة القريبة جغرافياً من اسواق اوروبا فالموانيء التركية المطلبة على البحر المتوسط ستكون مثلاُ مصباً لانابيب النفط من منطقة بحر قزوين ومن العراق في حين تستقبل الموانيء السورية واللبنانية والاسرائيلية النفط والغاز من مصادرها في السعودية والعراق ومصر وذلك في اطار شبكة انابيب تسمح بضخ مايزيد على 8 ملايين برميل من النفط يومياً في الاسواق العالمية..

وكشف الخبراء ان الشركات الاجنبية ستأخذ جميع هذه العوامل الجغرافية والسياسية داخل العراق وخارجه في الاعتبار في معرض دراساتها للدخول في هذه السوق الانتاجية الضخمة والواعدة ومايزيد من التحديات التي يتوجب على الحكومة العراقية الجديدة ان تواجهها في المستقبل.


وكالة الطاقة ترفع تقديراتها للطلب على النفط

قالت وكالة الطاقة الدولية ان الطلب العالمي على النفط تزايد بشكل اسرع مما اوردته تقارير سابقة مما خفض الامدادات النفطية وقفز باسعار النفط لمستويات قياسية.

وتأتي تعديلات الوكالة بعد مراجعة تقارير لها لتصحيح تقديراتها حول الطلب على النفط بعد ان سببت هذه التقديرات ارباكا لاسواق النفط في وقت سابق من العام الحالي عندما شجعت التقارير اعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) على خفض امداداتهم اكثر من الضروري.

واوضحت الوكالة في تقريرها الشهري ان مراجعة تقديرات الطلب العالمي على النفط منذ العام 2002 في دول غير بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية زادت التقديرات 750 الف برميل يوميا ليصبح حجم الطلب الكلي لهذا العام 82.2 مليون برميل يومياً.

ولكن الوكالة التي تتخذ من باريس مقرا لها ابقت توقعات نمو الطلب دون تغيير على 2.5 مليون برميل يوميا خلال العام الحالي و 1.8 مليون برميل يوميا للعام 2005.

ونشرت الوكالة تقديراتها لانتاج اوبك مقارنة مع الحصص المستهدفة حسب ماحددته المنظمة للشهرين الماضي والجاري.

 


تقرير توقع تحولات جذرية في السوق العالمية تهدد بصدمة بترولية

توقع تقرير نفطي حديث أن تشهد السوق البترولية تحولات جذرية خلال العشرينيات المقبلة قد تخلق صدمة بترولية اذا لم يتم الترتيب لها بما يؤدي الى ايجاد توازن بالسوق.

وأوضح التقرير الذي اعدته وريدة علي ملياني وورد بالعدد الجديد من نشرة اخبار النفط والصناعة التي تصدرها وزارة النفط والثروة المعدنية اوضح أن هذه التحولات المتوقعة يفرضها عاملان.

الاول، تعاظم أهمية نفط بحر قزوين واسيا الوسطى خصوصا بعد قيام حكومة موالية للولايات المتحدة الامريكية في افغانستان والثاني بسبب حدوث تغيير من جانب الطلب بانضمام دول جديدة لقائمة سوق الطلب منها الصين التي من المتوقع أن يكون طلبها على الطاقة من الغاز والنفط كبيرا.

وأوضح التقرير انه انطلاقا من هذا الوضع المرتقب ليس على المدى البعيد الان هناك دلالات رقمية تؤكد انه في الاجال القريبة ستكون له حتما تأثيرات سلبية على منظمة اوبك التي تعتبر المورد الأساس لسوق الطلب وتجمع توقعات الى تنامي الاعتماد العالمي على نفط اوبك لسد حاجياته بحلول عام 2020م، والتي سوف يزيد انتاجها بشكل ملحوظ مع النصف الثاني للفترة المتوقعة، حيث سيكون نصيبها 85% من الزيادة للفترة 2010- 2020.

وأضاف انه بالرغم من هذه التوقعات التي تدل على أنه مازال لأوبك مستقبل زاهر وواعد، الا أن هناك من يحث على الالتزام بالحذر والحيطة مطالبين أعضاءها خاصة الدول العربية بالأخذ بالاهتمام والجدية ذلك الاهتمام الدولي المتزايد الذي بدأ يأخذه نفط اسيا الوسطى وبحر قزوين غير مستبعدين من أنه قد يشكل اكبر منافس لأوبك على سوق الطلب، ويطرح بديلا لنفط أوبك أو وسيلة للضغط خاصة أن مواردها النفطية والغازية ضخمة، فمنطقة بحر قزوين وحدها تقدر مواردها بحوالي 268 مليار برميل من النفط، فضلا عن 475 تريليون قدم مكعب من الغاز حسب تقديرات ادارة معلومات الطاقة الامريكية.

وأكد التقرير انه على الرغم من الانغلاق الجغرافي والانحباس الاستراتيجي لمنطقة اسيا الوسطى، الا أن الاحتياطيات النفطية والغازية الضخمة، قد غطت على ذلك ونقلت المنطقة نقلة نوعية من حيث أهميتها الاستراتيجية، حيث صارت محط انظار القوى العالمية.

فمنذ منتصف القرن التاسع عشر كانت منطقة بحر قزوين واحدة من أشهر المناطق الحاوية للنفط في العالم، وفي نهايات القرن التاسع عشر بدأ رأس المال الغربي في الدخول الى المنطقة عن طريق شركتين لعائلتين هما الاخوة نوبل والفرع الفرنسي من عائلة روتشيلد، وعندما عاد روتشيلد الى المنطقة في أواخر القرن التاسع عشر قال: «النفط والدم والسياسة تختلط هنا بعضها ببعض» وشكل استخراج النفط في بدايات القرن الـ(20) في منطقة القوفاز، اسيا الوسطى نقلة نوعية للمنطقة.

وأوضح انه مع نهاية الاتحاد السوفييتي،ونظام القطبية الثنائية الذي شغل العالم لمدة فاقت 50 سنة، تغيرت المنطقة جذريا وذلك بظهور دول مستقلة فأصبحت الدول المطلة على بحر قزوين خمس دول بدلا من اثنتين فقط هما ايران وروسيا وزادت أهمية المنطقة مع منتصف التسعينيات حيث مثل عام 1994 نقطة فاصلة في تاريخ اسيا الوسطى وبحر قزوين ومرد ذلك أنه في هذا العام شهد توقيع ما اسماه الرئيس الاذربيجاني حيدر علييف «صفقة القرن» مع الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون اتفاقية توزيع انصبة «شركة نفط أذربيجان الدولية» ولقد صار هذا اتفاق قدوة لدول المنطقة.

وذكر التقرير أن الاهتمام الاميركي بالدرجة الاولى بنفط هذه المنطقة تراه بعض الاوساط الاقتصادية هو الذي سيؤثر على التعاملات المستقبلية للاوبك، لأن الولايات المتحدة الاميركية التي تشير بيانات مركز الدراسات السياسية والدولية في واشنطن الى أن نصيب الفرد الاميركي من الطاقة سيزيد في القرن الحادي والعشرين بكثير، تعتمد على منظمة البلدان المصدرة للنفط أوبك في تغطية 46% من وارداتها. لذا تذهب بعض التحاليل الى التأكيد بأن اميركا ستستغل نفط بحر قزوين كمعادل للطلب المتزايد وكضاغط على عرض النفط من أوبك في استراتيجية القرن الحالي، وهذا يستشف مما قاله الباحث الاميركي «يريندا شيفر»، في محاضرة أمام الكونغرس الاميركي، حيث أكد أن موارد بحر قزوين سوف تضغط على أوبك، وسوف تعطي للولايات المتحدة السيطرة على سوق الطاقة العالمية لسنين طوال قادمة، من هذا المنطق فان نفط بحر قزوين سيؤثر تأثيرا سلبيا من ناحية الضغط على حجم المعروض من نفط منظمة اوبك. فقد ادى تطوير حقول كازاخستان، وهي تنجيز اوزن وكاتشاجناك بالتعاون مع الشركات الغربية الى جعل كازاخستان محطة انتاج الطاقة في بحر قزوين، ويعتبر حقل كاشجان الذي تديره مجموعة AGIP الايطالية اكبر حقل بترولي تم اكتشافه خلال السنوات الثلاثين الماضية، وتتراوح التقديرات الخاصة باحتياطي كازاخستان المؤكد بين 10 و20 مليار برميل، وكذلك فقد ادت الاجراءات الخاصة بالمشاركة في انتاج اذربيجان مع شركة اذربيجان الدولية للنفط AIOC الى تنمية حقلي «ازري شيراج وجوتشلي»، وتتراوح تقديرات الاحتياطي المؤكد من النفط الاذري ما بين 3.6 و 12.5 مليار برميل، ولكل من تركمانستان واوزبكستان احتياطيات متواضعة من النفط وكميات كبيرة من الغاز.

واستعرض التقرير ما اكده ديفيد جولدوين رئيس مؤسسة جولدوين الاستراتيجية الدولية، أن هناك مبالغة نوعا ما تجاه التخوفات التي يبديها البعض بشأن منافسة نفط بحر قزوين لاوبك موضحا أن الانتاج الجديد لاسيا الوسطى وبحر قزوين يمكن أن يشكل تحديا لدول أوبك، وذلك بمشاركتها في الأسواق على المدى البعيد، الا أن هنالك مجموعة من الشكوك تحيط بتقديرات الانتاج والصادرات الزائدة المرتبطة اساسا بعوامل اكتشاف النفط من حقول جديدة، ونقل المعروض الى الأسواق العالمية، اضافة الى الشكوك المتصلة بالأوضاع الاقتصادية والسياسية للمنطقة.

وأضاف التقرير أن مستقبل صادرات النفط القزوينية تحيط بها مجموعة كبيرة من الشكوك بما في ذلك البنية الأساسية والنقل والنزاعات الحدودية وحالة عدم الاستقرار في الاقليم، والتصرفات غير المتوقعة من الحكومات وسياسة الولايات المتحدة الاميركية تجاه ايران مشيرا الى أن خبراء النفط يرون أن المشكلة الرئيسية للبنية الأساسية تكمن في نقص عدد اجهزة حفر جديدة ونقلها عبر نهر الفولجا عندما تسمح الأحوال الجوية يستغرق سنوات عديدة، وقد ادى ذلك النقص الى ابطاء حركة الاستكشاف، ومن المتوقع أن يستمر ذلك في المستقبل القريب، ويشكل النقل أهم المشكلات التي تواجه عملية انتاج نفط بحر قزوين، لانه يعتبر بحرا مغلقاً لا يتصل ببحار مفتوحة، فمع أن الخط الجديد لأنابيب بحر قزوين CPC يلتزم بنقل النفط من حقل تنجيز الكازاخستاني الا أن الحاجة تدعو أعمال نقل جديدة للبترول المستخرج من حقل كاشاجان العملاق.

وتوقع أن تنتج أذربيجان حوالي 800 ألف برميل يوميا في نهاية هذه السنة. لذا فأن الخطوط الحالية لا تكفي لنقل هذا الانتاج الجديد. وتمثل قلة الاستثمارات ورؤوس الأموال الموجهة لمجال التنقيب عائقا اخر يحول دون استقرار انتاج نفط اسيا الوسطى وبحر قزوين، فعلى سبيل المثال لكي تحافظ روسيا على مستوى انتاجها في حقولها القائمة بحلول عام 2010 فانها بحاجة الى استثمار ما بين 11 و12 مليار دولار سنويا الى جانب قلة الاستثمارات، هنالك مشكلة النقل المكلفة، ونقص معدات وأجهزة الحفر في المنطقة، والتي يستلزم توصيلها اليها عددا من السنوات ورؤوس أموال باهظة، وعلاوة على كل هذه الاوضاع السياسية التي تشهدها المنطقة من عدم استقرار سياسي، وخلافات حدودية «الحرب بين اذربيجان وأرمينيا» والتوتر الذي يسعود العلاقات الايرانية، الاذربيجانية، وكذا غياب نظام قانوني واضح بما في ذلك القواعد الضريبية واستعادة التكاليف.

وأوضح أن خبراء النفط لا يستبعدون أن السوق البترولية ستعرف خلال السنوات العشر القادمة ترتيبات جديدة تأخذ بعين الاعتبار نفط بحر قزوين، وهو يدخل السوق في حالة عدم الاستقرار لفترة زمنية معينة خاصة أن هنالك مؤشرات ذات مغزى ودلالة في السنوات الأخيرة بأن موارد الطاقة لهذه المنطقة ستدخل للأسواق العالمية، وتضغط على دول الأوبك، ويعتبر انخراط شركات النفط العالمية عموما والأميركية خصوصا في شؤون المنطقة ثم بتوقيعها لاتفاقات شراء الحصص ثم دراسة طرق نقل الأنابيب دليلا واضحا على تعاظم أهمية هذا النفط عالميا. وتعتقد ذات المصادر أن أهم عوامل عدم الاستقرار تتمحور حول كيفية تفاعل أوبك التي تشكل الدول العربية عمودها الفقري مع عروض الدول خارج المنظمة، كذا مع التوترات المتزايدة في الشرق الاوسط في هذا السياق يتوقع ديفيد جولدوين أن تشتعل معركة كبرى حول أنصبة السوق بحلول عام 2005م، اذا زاد الطلب على البترول بما يعادل 5.5 ملايين برميل يوميا، وزاد انتاج الدول من خارج أوبك بمقدار 3.5 ملايين برميل يوميا، فقد تواجه أوبك تحديات خطيرة، فقد تزيد الكميات المعروضة في السوق بمقدار 2 مليون برميل يوميا، وقد تواجه أوبك وخاصة السعودية خفضا لانتاجها بمقدار 2 مليون برميل يوميا.

وأكد التقرير أنه على الرغم من أن الخطر مازال بعيد الاجال بالنظر للمشكلات التي يواجهها انتاج واستكشاف ونقل نفط بحر قزوين فانه على الدول المصدرة للنفط، وبخاصة الدول العربية التي تشكل 72% تقريبا، من صادرات أوبك لعام 2000 العمل الجاد لتأمين مصالحها ومواجهة التهديدات، ويعتقد العارفون بشؤون النفط العربي أن على الدول العربية أن تتحرك في طريقين متوازيين معا وهما الانفتاح اقتصادي وسياسي على هذه المنطقة التي تربطها بالمنطقة العربية اواصر التاريخ والثقافة.

 

 

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة