الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

فتاوى أكثر.. وتغطية إعلامية أقل هو المطلوب الآن في قضية الرهائن

ديفيد غاردنر

قد لا تكون هناك صلة فعلية بين اختطاف الأمريكيين والبريطاني من بيتهم في الضاحية الغنية من بغداد واختطاف الإيطاليتين العاملتين في مجال المساعدة الإنسانية.

غير إن الحادثين جزء من النمط الناشئ الذي تتداخل فيه الأهداف السياسية والابتزاز المالي، والذي يعاني فيه العراقيون من الاختطاف أكثر بكثير من الأجانب في بلادهم.

وبالنسبة للأجانب لن يشكل ذلك كما يبدو اختلافاً كبيراً على أي جانب من جدل الحرب تقف بلادهم، سواء ألزم قادتهم القوات العسكرية بمهمة الاحتلال، أو كانوا في العراق كمرتزقة أو مبعوثين، مراسلين أو عمال إعمار، يتساوى في ذلك الفرنسيون، والإيطاليون، والروس، والكنديون، والأمريكيون، والبريطانيون. فتركيا، وإيران، ومصر، ولبنان، جميعها عارضت الحرب، لكنها لم تقم بحماية مواطنيها من الخاطفين، أكثر من مواطني اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين المتحالفة مع الولايات المتحدة، أما نيبال، التي يتمثل دورها في القضية كلها في مجرد حضور عمالي تعداده 15000 عامل في العراق، فقد واجهت رعب مشاهدة 12 من مواطنيها يقتلون على أيدي الخاطفين في حادث واحد.

"ومن المؤلم أن الخاطفين لا يفرقون بين الأخ والصديق، والعدو"، كما قال جان عبيد، وزير خارجية لبنان، بعد الاختطاف المتسم بالخرق في بغداد الذي خلف ثلاثة قتلى من اللبنانيين، ويبد أنه نسي ما جرى في حرب لبنان الأهلية 1975 - 1990، التي يعيش العراق الآن خطر محاكاتها.

ومع هذا ومنذ سقوط بغداد قبل 18 شهراً، ازداد الأمر سوءاً بالنسبة للعراقيين، فمع انهيار الدولة العراقية وشيوع انعدام القانون وقطع الطرق - وهي ظاهرة تسبق في الواقع نشوء المقاومة للاحتلال - لم ينج إلا القليل من الأسر ذات المستوى المعيشي الطيب من الابتلاء بحالة اختطاف مقابل فدية. وربما تجاوزت عملية احتجاز الرهائن أخطار الحرب المستمرة في دفعها للعراقيين المتوسطي الحال إلى التدفق على البلدان المجاورة. وبعض المختطفين مقاتلون إسلاميون بشكل واضح، وتنشر مطالبهم، التي منها في العادة سحب القوات، في بلاغات رسمية أو تسجل أعمالهم الانتقامية الوحشية على أقراص الكومبيوتر أو أشرطة الفيديو بطريقة مروعة. والآخرون بعثيون، بضمنهم رجال شرطة وضباط عسكريون سابقون (وفي بعض التقارير، عاملون في الخدمة الآن). وهناك ببساطة قطاع طرق، استغلوا عدم قدرة القوات الأمريكية على ضبط الطرق والحدود، وعدد متزايد من البلدات والمدن في وسط وجنوبي العراق.

والهدف السياسي هو إحداث فرار جماعي للقوات المتحالفة، ورجال الأعمال والمهنيين العراقيين لإظهار أن الاحتلال لا يمكنه أن يوفر السلام ولا إعادة الإعمار. أما الهدف المالي فهو على نفس الدرجة من عدم التعقيد.

وبنفس الطريقة التي تلقي بها واشنطن وحلفاؤها باللوم في الكثير من المقاومة على (مقاتلين أجانب)، فإنهم يعزون المسؤولية عن أعمال الاختطاف إلى أفراد من السهل تحويلهم إلى شياطين، كأبي مصعب الزرقاوي، فالزرقاوي هذا، وهو وهابي أردني من أهدافه إشعال حرب أهلية لإبادة الأغلبية الشيعية في العراق، هو الذي قام كما يبدو، بقطع رأس الرهينة الأمريكي نيك بيرغ في شهر آيار الماضي. وكان ذلك ذبحاً طقوسياً يثير القشعريرة والاشمئزاز، ولذلك فهو - والزرقاوي في الواقع - جزء من المشكلة ليس إلا. وما ذلك إلا لأن الفوضى الشقاقية وانعدام القانون يؤديان، كما في الحرب اللبنانية، إلى حالات عزل متعددة وإن لم تكن مرئية إلا في النادر ما بين السياسة وشغلة الاختطاف، وتكوين سوق يباع فيها الرهائن المحتجزون لغرض المال لجماعات سياسية - دينية، وهذا هو الاتجاه الذي يسلكه الاختطاف في العراق، كما يبدو، وهو أمر يتسم بالشؤم على نحو عميق.

فقد حدث عام 1986 في بيروت، على سبيل المثال، أن اختطف ثلاثة مدرسين في الجامعة الأمريكية، بريطانيان وأمريكي، وتعرضا للبيع، وقد اشترتهم في آخر الأمر جماعة مؤيدة لليبيا، و(أعدمتهم) انتقاماً للضربات الجوية الأمريكية التي وجهت لطرابلس في ذلك العام.

ومن الواضح أن فرنسا مدركة للتجربة اللبنانية وهي تحاول تأمين إطلاق سراح الصحفيين الفرنسيين اللذين اختطفا في الشهر الماضي، فقد بعثت الجنرال فيليب، وهو رئيس استخبارات خبير بالشؤون العربية ومتمرس في أزمة الرهائن اللبنانية، لاكتشاف الجهة التي تحتجز الصحفيين وهي، كما حال آخرين، مستعدة لدفع فدية من أجل حريتهما، وراحت تشن حملة دبلوماسية، وتستمد الدعم من عواصم عربية وغربية، وجماعات وشخصيات ميليشية مثل حماس، والإخوان المسلمين ومقتدى الصدر، إضافة إلى رجال الدين المسلمين في الاتجاه السائد.

إن دفع الفدية في هذه الحال يعمق سوق الرهائن، بينما تعظم دبلوماسية العناوين الكبيرة الخاطفين وتعزز مطالبهم، وهناك الآن نقاش متزايد وسط المؤسسات الإخبارية حول ما إذا كانت العلنية تؤدي إلى مفاقمة مشكلة الاختطاف، غير أن للفتاوى، وهي مراسيم دينية، قوتها في العالم الإسلامي.

ولا توجد هناك خيارات طيبة أو حلول سهلة لوباء الاختطاف، مثلما هي الحال بالنسبة لفوضى عراق ما بعد الحرب. لكن قدرة فرنسا على تعبئة الرأي العام الإسلامي والعربي، سوية مع مناقشة القدر الذي ينبغي الإلتزام به في تغطية أخبار حالات احتجاز الرهائن، أمر قد يوحي بما ينفع في هذا الإطار. ولو أصدرت السلطات الدينية في العراق والمنطقة فتاوى تحرم الاختطاف، كما قال مقاول انسحب من العراق بعد دفع فدية سائقين، فإن الكثيرين سيعودون، وإن فتاوى أكثر وعناوين أقل ليس بالأمر الكثير الذي يمكن القيام به، وليس هناك الكثير مما يمكن فعله سوى ذلك الآن، كما يبدو.

ترجمة/ عادل العامل


ما بعد بيسلان- الرعب الروسي

" لقد أعلنوا الحرب علينا" قالها مذيع إحدى محطات التلفاز الروسية عندما شرع في قراءة تقرير عن مذبحة بيسلان. وفي الواقع، فان الإرهابيين الذين دمروا المدرسة والرهائن في 3 أيلول قد خلفوا مذبحة لا تحدث إلا أوقات الحرب: فقد فاقت الخسائر في الأرواح، في مدينة صغيرة كهذه، الخمسمائة.

وحتى الحروب قلما تكون في هذه القسوة. فهنالك قوانين في الحروب، أحدها هو تجنب إلحاق الأذى بالمدنيين قدر الامكان، وخصوصا الأطفال. استهدف الإرهابيون في بيسلان عن قصد اكثر الأهداف براءة وعديمة الحيلة؛ فقد وقتوا هجومهم، ليصادف في اليوم الأول من السنة الدراسية، لحجز اكبر عدد ممكن؛ وعذبوا أسراهم الصغار برفضهم تقديم كل أنواع الطعام والماء؛ وعندما انفجرت إحدى عبواتهم الناسفة التي وضعوها في قاعة الجمناستك؛ وهو انفجار يبدو حدث بالصدفة، أطلقوا الرصاص على الأطفال الهاربين في الظهر قبل نسف البناية. إن كانت هذه حرباً، على هذه الدرجة من الوحشية، والأعمال اللاإنسانية فإنها تستحق بجدارة اسم حرب الجرائم.

على العالم أن يدرك هذا ويؤكده. ومع ذلك فمن المهم أيضا أن نأخذ دروسا أخرى من بيسلان. أحدها هو إن قوات الأمن الروسية قد ارتكبت أخطاء كادت تودي بحياة الكثيرين. فلم يحددوا كم كان عدد الرهائن أو الإرهابيين، ولم يفعلوا إلا القليل لحماية المنطقة ولتهيئة خدمات الطوارئ، حتى انهم سمحوا للمسلحين المدنيين بالاشتراك في الحصار. وهذا ربما أجبرهم على التصرف عندما انفجرت قنبلة الإرهابيين.

إن تفجير الطائرتين الروسيتين، قبل أسبوع، بواسطة انتحاريين، لم يغير إلا القليل في سياسة الحكومة الروسية أو في حياة الروس، إضافة إلى التشديد الروتيني في تدقيق الأوراق الثبوتية على المسافرين الوافدين إلى مطارات موسكو من جنوب روسيا. لكن بيسلان، على أية حال، هزت قيادة البلاد من الأعماق. فقد قال فلاديمير بوتن الرئيس الروسي" هذه حرب شاملة و قاسية، تحصد وتحصد مجددا أرواح مواطنينا".

تستطيع لغة الحرب أن توحد الأمة. و مثل جورج بوش، الذي أعلن " الحرب على الإرهاب" بعد 11 سبتمبر، يضع السيد بوتن بلاده على حافة الحرب. لقد وعد باتخاذ إجراءات" تهدف إلى تعزيز وحدة البلاد"، و تنسيق افضل مع القوات في شمال القوقاز، و "طرق جديدة تماما لوسائل تطبيق القانون. " و، كما في السابق، حاول ربط مشكل روسيا بمشاكل أمريكا: " إن ما نواجهه هو تدخل مباشر من قبل الإرهاب الدولي موجه ضد روسيا." وبالنتيجة فهو يريد أن ينظر إلى 3/9 باعتبارها 11/9 الأمريكية.

لكن هذا كلام غير مستقيم، بل وربما يكون خطرا. فالروابط الموثوقة بين الإرهابيين الشيشان والقاعدة قليلة وباهتة. تشك مصادر الاستخبارات في أن "فرقة الاسلمبولي" التي ادعت مسؤوليتها عن تفجير الطائرتين الشهر الماضي كانت وراء الحادث. وتزعم السلطات الروسية بان 10 من الذين اخذوا الرهائن في مدرسة بيسلان قد يكونوا عربا، ولكن لم يقدم دليل، سوى الصور غير الواضحة وبعض الأصوات التي قد تشير إلى كونهم عرب. كل الدلائل تشير إلى إن العقل المدبر هو شامل باساييف، شيشاني نظم سلسلة من الهجمات الإرهابية ، بضمنها مستشفى بودينوفسكي في عام 1995 ومسرح موسكو في 2002. (اعترف باسييف بعد نشر هذا التقرير - المحرر).

على عاتق الحكومات التي تسير إلى الحرب واجب لا يتمثل في إحراز النصر فقط، ولكن أيضا في منع اندلاع حرب أخرى في المستقبل. وهذا يعني فهم الجذور المسببة- والتي لا تعني أبدا تبريرها أو إدانتها ضمنيا. إن الإصرار على الروابط بين الشيشان والقاعدة قادت السيد بوتن إلى الاعتراف بان التهديدات الإرهابية الموجهة إلى أمريكا وروسيا مختلفة اكثر مما هي متشابهة.

الحرب الروسية في الشيشان هي نتاج محلي، نشأت في جمهورية دمرت بشكل منظم في الصراع من اجل السلطة. حاولت روسيا إزالة الانفصاليين الشيشان، أولا بواسطة القوة العسكرية المباشرة، و أخيرا بواسطة "الشيشنة" - أي بوضع المشكلة على عاتق رجل قوي محلي (كان آخر مرشح عاثر الحظ، الو الخانوف، قد نصب في انتخابات مزيفة قبل أسبوعين). ولكن النتيجة كانت فوضى اختطف فيها الجنود والانفصاليون على حد سواء وقتلوا الأبرياء بدون عقوبة.

إن استخدام الشدة ضد المتمردين الذين يختبئون في الجمهوريات المجاورة قاد وببساطة إلى انعدام القانون. ضمت مجموعة مهاجمي بسلان ليس شيشانيين فقط بل انكوش و من جمهوريات شمال القوقاز. فقد يحيي عملهم الشرير الآن النزاع القديم بين اوستيا ذات الأغلبية المسيحية والانكوش ذات الأغلبية المسلمة.

كان الهدف من "الشيشنة" هو احتواء الشيشان؛ ولكن الأمور تهدد بابتلاع المنطقة. ومع ذلك فان التطرف الإسلامي للسيد باساييف قد استعير من الخارج؛ ويمكن ان يجذب قليلا من المتعاطفين، الذين يدفعهم البؤس الذي يعانونه داخل البلاد.

قال السيد بوتن بعد بسلان "أظهرنا ضعفنا، وضرب الضعيف" . هذا يعني بأنه سيكون اكثر قسوة في الشيشان. ليس من المحتمل أن يثير هذا مزيدا من الإرهاب فحسب؛ بل انه يهمل واحدا من أهم أسباب النزاع، النقود. إن ما يناسب بعض الشيشانيين، وبشكل خاص قبيلة القادروف المهيمنة على الجمهورية الآن، هو استمرار الحرب، لسبب أساسي هي انها تدر عليهم المال. كما يروق لكثير من الروس التغاضي عن والاستفادة من الفساد، والتهريب ومن سوء الأوضاع في الشيشان. كما انه لمما يناسب بعض القادة الروس والمد راء فرض القانون الذين يحصلون على حصتهم من آبار النفط الشيشانية، وبيع الأسلحة والرشاوى التي يدفعها الجميع- بضمنهم الإرهابيون- لكي يمرون عبر نقاط السيطرة التي تطرز شمال القوقاز.

جزء من الحل في الشيشان يجب أن يكون في كسر السلسلة الفاسدة الحالية التي تعمل كل شيء من اجل إدامة الحرب. وهذا يعني انه لا حاجة إلى مزيد من نقاط السيطرة القاسية مع كل السكان، في محاولة عقيمة لاجتثاث الإرهاب، ولكن في النهاية الشروع بمعالجة الفساد من القمة إلى القاعدة التي تسخر من نقاط السيطرة الموجودة. يبدو إن السيد بوتن يدرك أحيانا بان قواته المسلحة هي جزء من المشكلة، ولكن يبدو بان حله المفضل يبقى في فرض السيطرة، من خلال الموظف الحكومي، بدلا من تجربة طريق جديد.

ما الذي يمكن أن يكونه هذا الطريق؟ في النهاية، حكم ذاتي كامل، قد يقود إلى استقلال يتم التفاوض حوله بشكل مناسب، وهو ما ينبغي أن لا يستبعد، إن كان هذا ما يريده الشيشانيون. ولكن القسم الأعظم يريد الآن السلام فقط. وببساطة إن إعلان استقلال الجمهورية لا يعني فقط مكافأة الإرهاب؛ بل انه لن ينجح، لان الشيشانيين مبعثرون ولا يمكنهم إدارة أنفسهم. فسحب القوات يمكن أن يحيلها إلى دولة قطاع طرق، أسوأ من تلك التي عملت في 1996-1999. ومع هذا رفض السيد بوتن التفاوض مع الشيشانيين المعتدلين. لقد تحول المفوضون المحتملون إما إلى متطرفين أو فقدوا أنصارهم. وعلاوة على ذلك، فعندما أعلن السيد بوتن بان الشيشان هي مشكلة "دولية"، فانه كان مصيبا - رغم إنها ليست بالطريقة التي يزعم. ربما لم يبدأ النزاع الروسي بالإرهابيين الأجانب، ولكنه غذى مشاكلهم الخاصة التي تثير المشاكل.

وهذا ما قاد القادة الغربيين إلى المساعدة في وضع حد لها. أحد هذه الأشياء هو وجوب قول الحقيقة. عليهم إبداء التعاطف والعون إلى الروس كضحايا للإرهاب، واقل ما يمكن هو تدريب قواتها الأمنية. ولكن حتى بعد بيسلان، عليهم عدم التغاضي عن انتهاك حقوق الإنسان من قبل روسيا في الشيشان، وعليهم حث السيد بوتن للبحث عن معتدلين للتفاوض معهم. فلربما يبحثون بعد فترة عن دور اكبر في القوقاز. لقد وصلت روسيا إلى طريق مسدود في الشيشان،لو أن ما يقدمه الغرب من قوات حفظ السلام، مراقبي حقوق الإنسان ، مساعدات مالية وما اليها لتنسحب مرة أخرى، فستكون جهودا مثمرة.

سيقاوم السيد بوتن "التدخل" الأجنبي. ولكن الروس بحاجة إلى المساعدة في الشيشان. كي لا يكون هنالك المزيد من مسرح موسكو و بودينوفسكي و بيسلان.

ترجمة فاروق السعد

عن الايكونومست


على خلفية الغليان الاقتصادي القيادة الصينية العليا تعقد جلستها السنوية وسط صراع محموم على السلطة

ترسيخ السلطة وضمان السيطرة النهائية والكاملة على زمام الأمور السياسية هي بالنسبة للرئيس الصيني (هو جنتاو) أحد رهانات جلسة اللجنة المركزية التي بدأت في السادس عشر من أيلول الحالي في فندق غربي بكين العاصمة، على خلفية شائعات تروج لإحالة رئيس اللجنة العسكرية المركزية، الرئيس السابق جيانغ زيمن (78 عاماً) إلى التقاعد.

في عام 2002، كان جيانغ زيمن قد نقل سلطته إلى هو جنتاو (62 عاماً) كرئيس للحزب وذلك قبل أن يتخلى له عن مهامه كرئيس في عام 2003، ومنذ ذلك الوقت، كان التعايش بين هاتين الشخصيتين تعايشاً حرجاً وضعيفاً، حتى لو إن سلطة الرئيس (هو جنتاو) تبدو اليوم إنها تفوقت على رئيس الجيش.. يقول مراقبون سياسيون في حال الانسحاب النهائي لـ(جيانغ) سوف يطلق الرئيس (هو جنتاو) حليفه ورئيس الوزراء (ون جياباو) أيديهما للاستمرار في سياسة تحديث الحزب الشيوعي باسم روح التجديد والحكم الجيد.

وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد تحدثت في مقالة لها نشرت الأسبوع الماضي حول رحيل جيانغ المحتمل: استناداً إلى تصريحات سرية من مصادر داخل الحزب، وأكدت النيويورك تايمز على إن خليفة دنغ هيساوينغ سيكون مستعداً للاستقالة من منصبه الستراتيجي كرئيس للجيش على رأس مليوني رجل. إن هذا النزاع من أجل السلطة الذي يجري بحد السيوف، على حد تعبير صحيفة لوموند الفرنسية - بين أقوى شخصيتين في الصين يخفي انشقاقاً سياسياً واقتصادياً في الوقت نفسه وبخاصة حول معرفة كيف ينبغي على الحزب أن يدير البلد ذي الواقعيات الاجتماعية التي تزداد تعقيداً في زمن التوسع الاقتصادي السريع هذا.

ففي الوقت الذي قرر فيه (هو جنتاو) وحكومته تعطيل الغليان الاقتصادي المتنامي باتخاذهم إجراءات للحد من النمو، فإن جيانغ يدافع عن استمرار هذا النمو، الذي يجب أن يظل الأولوية حسب رأيه، ويرى الرئيس (هو جنتاو) ضرورة التأكيد على (النظام داخل الحزب) وهو تلميح للإشارة إلى مكافحة الفساد، من خلال اتخاذ إجراءات إزاء ما يتخلف عن المعجزة الاقتصادية الصينية.

مما هو وغير المرغوب فيه، وهذا ما يتعارض وآراء جيانغ وبهذا الصدد يقول أحد الدبلوماسيين الصينيين أن هو جنتاو ماركسي وإصلاحي ويؤمن بالاشتراكية، أما جيانغ فإنه سمح لرجال الأعمال بالدخول إلى الحزب، ويمثل المقاولين..

وفي أحد أعدادها الصادرة حديثاً أكدت صحيفة فايننشيال تايمز على إن بعض مسؤولي الحزب أعلنوا بأن المنافسة بين أكبر شخصيتين صينيتين قد تفضي إلى

نزاع صريح ومفتوح إن لم يقبل جيانغ بالانسحاب، وإن النزاع بين جماعات هي على قمة الهرم الحاكم تزيد صعوبة الاستمرار في سياسة متماسكة في بلد تأتي جميع القرارات من السلطة العليا. غير إن خبراء في الشؤون الصينية حذروا في تحليل كارثي للتوترات التي وقعت في زونغنسانهاي، الموقع الذي فرضت عليه السلطة الشيوعية حظراً ويقع في وسط بكين، بالقول أن المنافسات بعد كل شيء قد تنطوي على أكثر من اختلاف في وجهات النظر والخطاب أي حقيقة معركة فعلية بين الزعماء قد تفضي إلى حرب ماضية، كتلك التي حدثت في (ربيع بكين) عام 1989، عندما استطاع طلبة (تيانان مين) الرهان على الانشقاقات الداخلية،

واليوم فإن التوترات مع تايوان وقضية إدخال الديمقراطية الجارية في هونغ كونغ ربما تصبح أدوات في صراع الفصائل هذا.

لقد استطاع بعض المراقبين تهذيب تحليلاتهم حول الصراع الصيني على القمة في ضوء حادثة طريفة (هو جنتاو) دونغ هسياونينغ كمثال وكان هسياوينغ قد احتفظ حتى نهاية عمله، بمنصب قائد الجيش لمن طالب بإلغاء المهام الرسمية مدى الحياة قبل أن يكون هو قدوة في هذا ويتخلى عن منصبه قبل موته!

وبعد افتتاح جلسة اللجنة المركزية عبر الرئيس(هو جنتاو) عن تحفظه في إعادة تأكيده على حدود قبوله بالإصلاح السياسي.. وفي التجمع الذي نظم احتفالاً بالذكرى الخمسين على تأسيس الجمعية الوطنية الشعبية، أي برلمان النظام الشيوعي قال رئيس الدولة الصينية أن التأريخ يشير إلى أن تقليد الأنظمة السياسية الغربية بلا تمييز يعتبر مأزق بالنسبة للصين، وبمعنى آخر، ففي عقلية القادة الصينيين ينبغي الحذر من الخلط بين الإصلاح الضروري والديمقراطية الاستيهامية.

وعلى صعيد متصل أصدرت محكمة شنيانغ (شمال شرق الصين) عقوبات بالسجن على عاملين عضوين في الحزب الديمقراطي الصيني (المحظور) لمدة 15 و 12 عاماً على التوالي لأنهما عبرا عن وجهات نظر انشقاقية من خلال مطالبتهما على الإنترنت بمنظمة للدفاع عن حقوق الإنسان في هونغ كونغ، مركز الديمقراطية وحقوق الإنسان، وعدت ذلك تخريب لسلطة الدولة.. وكان كلا العاملين ناشطين في الأوساط العمالية في شمال شرق الصين، المنطقة الصناعية وكان الحزب الديمقراطي الصيني قد تأسس في عام 1998 على يد عناصر الانشقاق الصيني المعروفين ومنهم (وينلي) وكن يونغمن، وانغ يومساي بعد توقيع الصين على اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية.

ترجمة/ زينب محمد

عن لوموند

 

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة