الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

على الطرق تاكسي المنفيست

بشار الشداد الحياوي

لم يكن يخطر في ذهني نوع السيارة التي ستقلني وأنا ارفع يدي لعلي اجد سائقاً ينصفني في الاجرة لاصل المكان الذي اريد.

في هذه اللحظات، لا يتابع من هو مثلي سوى حركة السيارات والنظر في وجوه سائقيها من خلال الزجاجية الامامية.

شعرت بوقوف سيارة بالقرب مني، تملكني احساس بأني لم اكن معنياً بهذا التوقف، والذي اوحى لي بهذا الاحساس هو شكل السيارة فهي جميلة انيقة وحديثة الموديل، ولو كنت في زمن صدام لتغير لوني وضربت اخماساً باسداس لوقوفها المفاجئ بقربي.

حاولت تجاهل الموضوع، وبقيت ارفع يدي لكل سيارة تمر أمامي لكنني سمعت صوتاً قادماً من سائق السيارة الحديثة يقول:

اتفضل.. وين اتريد..؟

اجبته: للرصافي، إذن الرجل يعمل سائقاً في سيارة تاكسي، صعدت السيارة، وانا اقول: ها هو تاكسي المنفيست!!.. خلال السير والتوقفات الكثيرة، بسبب ازدحام شوارعنا التي تشكو مع الناس المتذمرين من العوائق  والحواجز والانقطاعات المفاجئة، كنت اشاهد سواق سيارات التاكسي العراقية (الاصلية) كما يحب اصحابها تسميتها، وفي عيونهم عتب شديد على الدولة وعلى الركاب ايضاً.

كأني اسمعهم يقولون: لقد  لبست سياراتنا اللون البرتقالي والابيض، وما زال في بعضها، مكان العداد شاهداً على اصالتها، دفعنا رسوماً ضريبية للدولة، وعانينا وعانت سياراتنا من ملاحقة المرور ايام النظام السابق، عملنا في خدمة الناس في السنوات التي شهدت ارتفاع اسعار الادوات الاحتياطية، واليوم مع الاسف، يهجرنا الجميع، وتهددنا اخطار الترحيل وينافسنا اصحاب (المنفيست)، بسياراتهم الحديثة والرخيصة، والراكب يبحث عن سيارة مريحة (كشخة) فيجد في تاكسي المنفيست ضالته.

اصحاب المنفيست لا يعنيهم الوضع، يتحدثون عن التغيير وانخفاض اسعار السيارات بايجابية، ووجودهم يعتبر مظهراً من مظاهر التغيير وبعضهم كانت له سيارة تاكسي تويوتا تدارك الوضع فباعها واشترى سيارة (منفيست) ولا دخل للأصالة في هذا الموضوع ولكن الحقيقة (صاحب الحاجة اعمى، لا يرى الا قضاء حاجته).

قال قائل: ان وجود السيارات الحديثة في بغداد ظاهرة حضارية يجب ان تدعمها وزارة الداخلية ووزارة البيئة بسبب الاثار الضارة التي تتركها السيارات القديمة على حركة السير وعلى البيئة.

في حين قال آخر: ان اصحاب السيارات القديمة اغلبهم اصحاب عوائل وسياراتهم هي المصدر الوحيد لزرقهم، لذا يجب تعويضهم من خلال اعطائهم الاولوية في تسليمهم سيارات حديثة مقابل هذا التنافس بين القديم والحديث في وسائل النقل، التنافس حول البقاء والسيادة في الشارع ولكن المنطق يقول: ان البقاء للأصلح.

 


كنت مع الجمهور

جمال كريم

أقول، في الحوارات المفتوحة والمنقولة عبر الأثير مباشرة: نحب أن نسمع الكلام في مختلف القضايا، جلياً، واضحاً، مضيئاً للحقيقة وكاشفاً عن جوهرها، لا أن نسمع ما تحار العقول فيه، ويضل رأي الرائي معه، ونحب، أيضاً ان نسمع ـ عمّا ـ أصبح فعلاً.. ملموساً ومحسوساً ونافعاً للسواد الأعظم ـ بلا علامات فارقة بين هذا وذاك أو ولاءات لهؤلاء أو أولئك فما يهمنا، في المقام الأول والأخير هو العراق، وطناً، ينعم بالحرية والرخاء والسلام، فلا ننظر إلى الأقاليم والمدن واختلاف حظوظها وألسنها وتمايز طبائع نفوس أهلها واختلاف ألوانهم وتباين شرائعهم وطوائفهم ومللهم ومذاهبهم وأحزابهم ومنظماتهم، نظرة التعصب والتخلف. أما ما يهمنا في المقامات الأخرى فكثيرة وقد لا تحصى، لكن هذا لا يدعونا إلى أن نتغافلها أو نتناساها أو أحياناً، نفتعل الحجج والذرائع لتبرير تفشيها بين شرائح المجتمع ومؤسساته المدنية، فالملايين والمليارات، مثلاً من العملة الوطنية العراقية ومثيلاتها من الدولارات واليورات والينّات ما زالت تطرق اسماعنا من خلال الصحف العراقية وعبر فضائيات فضائنا وفضائيات عربية وأخرى أجنبية، لا بل، أن الأمر يتعدى ذلك حين نسمعها، تنطلق، هادرة من أفواه رؤساء الحكومات والدول، لكن أين هي تلك المبالغ الخاصة بالاعمار وإعادة البنى التحتية وتوفير العمل للعمالة العراقية العاطلة بل السائحة في شوارع المدن العراقية ونواحيها وحاراتها؟ وكذا الحال، بالنسبة لأكثر الخدمات الأساسية العامة، كبناء المدارس الحديثة وصرف مياه المجاري واستحداث المشافي و..و..الخ.

إذن، ما جدوى هذه الأرقام تطرب أسماعنا بملينتها ومليرتها بين فترة وأخرى؟ بقي ان نقول: إذا وصلت، فعلاً تلك المبالغ إلى خزائن العراقيين بأمنائهم الجدد، ووصلت كاملة، من دون ان تطولها رسوم الضرائب المختلفة..! فما علينا إلا ان نبعث أمهر الخطاطين إلى منافذ حدودنا، ليدونوا يافطات كبيرة تقول: اللهمّ أعطهم ما يتمنون لنا!! طبعاً بعد ان نأخذ حقوق الخط، لا الطبع، من أصحاب عربات النفط الأبيض الذي طالت غيبته، علينا كثيراً والشتاء على الباب!

 

 

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة