الرأي العام

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

عبد الرزاق المرجاني.. محبة
 

محمد درويش علي

مذ جمعتنا (المدى) في رحابها، واطل علينا الحرف قبلها، كنت تسبح في بحر من نور، وتشرئب علينا من نوافذ الاحلام، المظللة بالليلك، والمعطرة باريج ضحكة تأتينا على غفلة من حزن نام فينا، مذ قتل قابيل هابيل، حتى وصل الينا هذه الايام، عبر تسميات سمعنا بها اليوم، وتسربت الينا عن ثقوب عقولنا الواهية المرتبطة بسرفات تجاهلنا لانفسنا!
مذ جمعتنا المدى في رحابها، واطل علينا الحرف قبلها، لملمنا حبنا ووضعناه في كل الدروب التي تفضي الى العراق، اخفيناه تحت جذع شجرة، او فوق جنح فراشة، لتحلق به نحو اعالي الفضاءات المهورة بانفاس اهل العراق.
جمعتنا المدى، ولا يفرقنا الموت، وكلما دخلت الاستعلامات اتوضأ بذكراك ايها الراحل الى الخلود، كل ما فيك هو ذكرى آخر مرة في تلك الغرفة المزججة، تحدثنا بهمس، وضحكنا كالصراخ، كاننا ، كانك كنت تريد ان توقظ الردى ، الذي تربص بك، في منطقة العظيم، ليسجل لها عنواناً تعرف به: هنا كان عبد الرزاق وزينة، وعلي وآخرون كانوا معك، من هنا غادروا، وحلقوا في السماء، ستعرف العظيم بك. حينما يسأل عن العظيم، اي عظيم تقصد يقال تلك التي مات فيها عبد الرزاق وبناته وحفيده الجميل الذي يملأ جيوب بنطاله كل صباح بالحلوى، تدسها فيها زينة، كي يبقى اليفاً، ضاحكاً طوال النهار.
لم تكن يا أخي عبد الرزاق غير حلقة وصل بين الحب والحب، بين القلب والقلب، وتبقى هكذا وانت هناك في مثواك الاخير!


محنة رثاء موت في ثلاثة أجيال

قاسم محمد عباس

أفكر منذ أن تلقيت نبأ موت الصديق عبد الرزاق المرجاني بمحنة الكتابة عن أصدقاء أموات الأصدقاء،الذين يغادروننا على غير توقع كما هو اختيار الموت، خاصة وإنني ورثت تاريخا طويلا من رحيل الكثير منهم، هذه المحنة التي تعيدني دائما الى النظر في أدبيات الفقد التي طالما ارتبطت بالبكاء على الغائبين، وكنت في كل مرة أحاول أعادتهم إلى حياتي، حياتي التي غدت نقطة تتجمع فيها كل تلك الوجوه التي غابت عني، اعيد النظر في رثاء هؤلاء الذين غابوا عني دونما انذار، واتذكر انهم يرحلون هكذا وعلى الدوام في وقت مفاجئ، وقت طالما اعتقدت ان لا علاقة له بفكرة الزمان الدنيوي.
هل يكفي ان أستعيد في هذه الكلمات زمنا من التفاصيل مع صديق عزيز كان له وجوده المهم في المدى،أم ارثي نفسي فيما اصابني واصاب الاصدقاء هنا ، تتمايز حادثة موت عبد الرزاق المفجع بالنسبة لي انها سابقة أن افقد ثلاثة اشخاص اعرفهم دفعة واحدة فموتهم الذي جاء في ثلاثة أجيال امتد من طفولة الأمير علي ( الحفيد ) إلى ربيع ( زينة ( الابنة ) وصولا إلى رجاحة عقل ( الأب) الذي مزج أبوته بعاطفة تتحسس أدق تفاصيل حياته ،يدفعني موت هذه الأجيال الثلاثة إلى النظر في حياة الشاهد الحي (خالد) على غياب قاس لهذه الأجيال ،لقد عشت معهم وعلي ان انظر في حياتهم الان ، كيف يمكن النظر في حياتهم الآن؟ عبد الرزاق وزينة وعلي، الاب والابنة والحفيد، ثلاثة اجيال مروا بي سريعا ويتوجب أن اقرأ مأساة موتهم في عقلي وضميري وقلبي، وجيل واحد منهم يكفي لأن يفطر الفؤاد على النحو الذي رحلوا فيه،
فإذا كان الموت قد اختار عبد الرزاق لان يخرج مكللا بدمه من زحمة حياتنا المليئة بالخوف والرعب، فما الذي دعا الموت لان يأخذ اسرة عبد الرزاق معه ؟ كأن هذا الموت يخبرنا بمدى التصاق الأب بحيوات عائلته .
لقد كان عبد الرزاق ابا محبا، يفكر كل لحظة ببناته ، كشجرة واقفة تنثر عليهم نثار التسامح والمحبةو الأبوة والمودة والرحمة .
لن اجرؤ هنا على الحديث عن موت صديق عشت معه في المدى زمنا من الوئام والسلام، عبد الرزاق الذي لن تكفيه كلمات سريعة ككلمات الرثاء المتعثرة هذه ان ترسم اطارا عاما عن رجل طالما كان ينحاز للعمل والاخلاص ومحبة الآخرين. ترك بموته معنى أن نحيا بهدوء دون ضجيج ، لن أتحدث عن وسائله في خلق جو الألفة بين العاملين في المدى، لن أتحدث عن إيمانه بجدوى التسامح ،لن أتحدث عن الكثير من الذي كان يقوله عن محبته للمدى ، كبيت وليس كصحيفة
موته على هذا النحو لن يسمح لي الا ان افكر في حياته، حياته التي جمعها في سنوات ثلاث قضيناها معا في مكان هو المدى، الا ان اصمت امام صدى كلماته التي تتصادى بين جدران الطابق الثاني من بناية المدى : ارجوك قاسم لا تتأخر لما بعد الغروب، كان عبد الرزاق آخر المغادرين للمدى بعد كل يوم عمل، كلماته وهي تنصحني بعدم التأخر كانت كلمات آخر كل نهار،فقد كان على عجلة من أمره عندما ينتهي العمل في الصفحة الأولى، أما ضغوطات كل يوم وزحمة العمل فلم يكن يتلقى كل ذلك الزخم الا بابتسامة ستبقى سببا حقيقيا لتجاوز الكثر من الضغوطات التي كانت تواجهنا، رجل لم يكن يترك الا تلك الابتسامة الحقيقية المتسامحة وهي تربت على اندفاعاتنا وغضبنا وحماستنا، فكم شاق علي شخصيا ان افكر في فراقك ،مع ان ايماني يذهب الى ان الفراق لا بد له من قلب أقسى من الحجر.
لن ازيد سوى كلمات صدرت عن ضميري لم يسمح الوقت لان اخبرك بها يا ابا زينة ارجوك دعني اقول لك :
أحيي قلبك ايها الصديق ، ذلك القلب الذي لم تصدر عنه كلمة أذى واحدة
لقد كنت رائحة زكية عطرة تشير الى نفسها دونما كلام.
ولأقل كلمات فقد في ظلام المكتب الذي جنب مكتبي:
ما أحزن الصباح الذي لن اراك فيه ثانية.
ما أحزن المدى بغيابك
رافقتك المحبة
وقارنك السلام
لن اجرؤ على انهاء كلمات الفقد هذه إلا بقول إن لحركة روحك بين جدران المدى صدى وذكرى طيبة .
خلاصة معرفتي بك الذكر الطيب والذكر الطيب، وما بعد ذلك فحقيقة كل من عليها فان.


خسرنا حكمة المحبة، ايها المرجاني 
 

علي المالكي / المدى
حيثما ذهبت، كنت التقي بشراً يثنون على (انسانية) الاخ (ابو زينة) الاستاذ عبد الرزاق المرجاني كان البعض يتذكر مواقف شجاعة لأبي زينة، مواقف كانت بحاجة الى رجل منقد فوثب لهم ابو زينة ، منقذاً،..
وهناك من كان يلح عليّ في ان ابلغ ابا زينة التحية والسلام لانه كان صديقاً لهم، صديقاً طيباً وودوداً.
ولم يحدث مكروه للزملاء، إلا وكان ابو زينة اول من يبادر للتخفيف عن احد افراد اسرة (المدى)، فيقوم بتنفيذ الواجب الاجتماعي.
وكان يعالج الاشكالات بحكمة العقل وروح الفريق الواحد والنصح بلا منة ولا تعال، متواضع وحميم ومتواصل، ربما اعترض على عمل تؤديه فتنفعل ولكن لأبي زينة من الخبرة ما يقنعك بان الصحيح هو هذا وليس ذلك.
وثمة من يذكر كرمه، ولم التق باحد مس (ابو زينة)... ولهذا كان جديراً باعتزازي ومحبتي له، لقد خسرت انسانا كنت اطمئن حين اراه واشعر بالالفة الانسانية معه نعم لقد خسرنا حكمة المحبة الساكنة في قلبك ايها النبيل.


كلــــــمات عبــد الرزاق المرجـــــاني

محمد الحمراني

حريص ومثابر ومهتم بالكلمات ومجنون بها.. هي وحدها التي عرفتني عليه في مبنى جريدة (المدى).. يجلس بصمت بين عشرات الاوراق المحملة بالاخبار والتقارير، يده تزرع بصمة خاصة عليها.. راسمة الموت والدخان بالجمال.. كان يقاوم الموت اليومي الذي يتسلل الى حياتنا من امكنة لا يمكن تمييزها فينهض بنشاطه واناقته وكلماته الوديعة، التي لم تحمل يوماً حروفاً جارحة ، لذا كلما صادفتني مشكلة في عملي قلت في سري: (حلها عند أبي زينة).. وحين نأتيه متشنجين، يبتسم لنا ويخفف احزاننا. ولكنه الموت، الذي يسرطن جسد البلد.. سار في جسده الرقيق واخفى تلك الاصابع التي صافحتنا كثيراً ولم تكف عن الكتابة في يوم ما .. انها اصابع كتبت للسلام والحب والحرية وكانت تنتقد التعصب والمزاجية، لتترك هذه الاصابع نبلها وهمومها المطرزة بهموم الوطن وحبه.. اما انا كصديق له فبفقدانه اختفى من حياتي انسانا رائعا كنت اراه شعلة من النشاط بين جدران جريدة المدى، يتنقل مثل طائر بين غرفها والابتسامة لا تفارقه. من عبد الرزاق المرجاني تعلمت الكثير كان اولها واهمها طيبة القلب والحرص في العمل.. فتحية لك ايها الميت الحي ولابد لي ان اقول لك في النهاية : (آه كم أحبك).


انت باقٍ بيننا ايها العزيز

عبد الرسول حسين

باسم الوجه نقي السريرة واضحا محبا للخير معطاء مع الجميع وخاصة زملاء المهنة.
هكذا كنت ايها العزيز (ابو زينة) ولقد عرفك الجميع مهنياً مثابراً ومدافعاً دؤوباً عن شرف المهنة.
حين رحلت اصيب الجميع بنوبات من ألم لم يزل مستمراً في القلوب..اغلبنا لم يصدق نبأ الفاجعة حتى بعد ظهوره على الصفحة الاولى من المدى. كنا نراك في جميع الاقسام ونراك في نشاطاتنا حاضراً. ولقد اصبح رحيلك المفاجئ صوتا لموت لا يصدق لان الراحل كان في عنفوان عطائه الاهل والاصدقاء، والزملاء وضعوك في قلوبهم وستظل فيها حتى الابد.
اما انا فمازلت اتذكر الايام التي سبقت انضمامي الى اسرة (المدى) وكيف كنت اتحدث اليه هاتفياً وازوره لاعرف منه ما يجري حول الموضوع. وهكذا ايها العزيز عبد الرزاق.. ايها المبتسم ابداً انت باق بيننا. ومستقر في قلوبنا لك جنات الخلد.. والهم الله اهلك واصدقاءك وزملاءك الصبر على المحن. وليرحمنا ويرحمك الله


خسارة في منتصف الشوط!

اياد الصالحي
غيبت يد المنون الزميل العزيز عبد الرزاق المرجاني احد اخلص رجال (المدى) في زمن بات الاخلاص في عالم الصحافة من نوادر هذه الايام.. اذ ما زالت دموعنا مسكونة بالدهشة واسئلتنا خرساء وعتب يطرق في الرؤوس.. كيف غادرنا من دون ان يتمتم بكلمات الوداع وهو الشاغل في كل زوايا غرف المؤسسة بحركته النشيطة مثل فراشة تنثر عطر العطاء والاريحية والطيبة.. غادرنا (ابو زينة) وفي نفسه غصة حلم كبير بان ترتقي نفوس اهلنا وتتشابك ايدي الناس من اجل ان نركب جميعنا في قارب الامان وصولاً الى ضفة الاخاء والاستقرار ... واذا به يمتطي صهوة الوداع في غير موعده ويسبقنا الى عالم الخلود نقي القلب وعفيف اليد ولطيف اللسان ولم يبخل عن زملائه صغيرهم وكبيرهم في اسداء النصح وابداء المساعدة وثراه متعطشاً دوما لاثراء الصفحات بما يواكب هموم البسطاء التي اهلكتهم في اصعب ظرف يمر به البلد.
ان رحيل عبد الرزاق المرجاني فاجعة في منتصف شوط لم ينته بعد. وكنا نترقب منه ان يكمل المباراة في حيويته وابداعه مثل كل يوم نحتاج فيه الى خبرته وتكتكته ومناوراته للعب بين سطورنا للخروج باهداف القناعة التي مازالت غاية لا تدرك!
خسرنا المرجاني العُقد الملتمع على صدر المدى لكن ضياء ذكراه سيبقى يعكس اثره في دنيا الصحافة وعلاقاته النقية مع محبيه وزملائه، واننا في القسم الرياضي نحفظ له اكثر من موقف جميل طوق به اعناقنا في سبيل ان ترتقي ضربات محررينا المباشرة في شباك النقد الهادف وكنا عند حسن ظنه يوم انيط به الاشراف على ملحق المونديال الاخير بفضل جهوده ومتابعته الدؤوبة لاخراجه بالصورة التي نالت استحسان متابعي الملحق.
لن نقول وداعاً يا مرجاني طالما ان صوتك مازال يحفر في ذهولنا قهقهات امل بان الحياة مهما طالت عذاباتها تبقى هناك نافذة نطل من خلالها بامالنا صوب غد جميل. كان المرجاني يشاطرنا الامنية بمعايشته لولا ان القدر اختبأ في جسده وقوض احلامه.! ولا يسعنا إلا ان نعطر قلوبنا بالرحمة له...
انا لله وانا اليه راجعون


ثـــــــقيـــــل أنــــــت ايهــــا المـــــــوت !
 

عمران السعيدي
يا لك ضيف قاتل وثقيل ايها الموت...! تأتي الى فضائنا وعلى (المدى) الذي تريد وليس بالامكان ردك او ابعادك عن بيوتنا وقلوبنا وتخطف العزيز عنا وترحل بشكل غريب ومريب الا يكفيك ما اخذت من ارواح طيبة لتأتي الى عائلة المرجاني وتأخذها بشكل عشوائي مؤلم؟ حقاً انك ضيف ثقيل جداً ونستقبلك مكرهين ولا حول لنا.
العزيز ابو زينة صاحب الروح المرحة والوجه المبتسم دائماً اذكر لك هذه الحكاية الوفية معي والتي حدثت قبل عام حيث انقطعت عن الدوام لمدة ثلاثة ايام متتالية وفي اليوم الرابع شاهدته رحمه الله عند سلم البناية القديمة للجريدة ففاجأني بسؤاله الودي والصادق عن سبب هذا الانقطاع وحين اجبته ان الاسباب مرضية المت بي قال وبكل طيبة: سلامتك.. واردف قائلاً اذا كانت هناك مصاريف مالية لمستشفى او علاج خاص قدم لنا طلباً مع الاوراق الخاصة بالمستشفى كي اعرضها على الاستاذ رئيس مجلس الادارة كي تصرف لك فوراً واكد على كلمة.. سلامتك.. سلامتك... شكرته جداً واكدت على عدم وجود كلفة تستوجب ذلك.
جميل انت بروحك واخلاقك والطيبة التي تملك .. لن ننساك ايها العزيز (أبو زينة) ولن ننسى مواقفك وظلك الخفيف حين كنت تتنقل بين غرفة واخرى وانت تسال عن المواد وعن الاخرين بكل طيب وود صادق... انت باق بـيننا ايها الصديق العزيز.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة