ليوناردو
دافنشي: الخبرة، التجربة و التصميم ..
معـرض في
متحـف فـــكتوريا يــــعيد فــحص العقل الجــــــميل لرجل
عصر النهضة
منذ
خمس مئة عام، كان بضعة كتاب يصارعون من اجل فهم سر
ليوناردو دافنشي. هل كان الرجل الذي انتج ابتسامة
الموناليزا فنانا؟ هل كان مخترعا عجيبا او عالما حالماً؟
او مجرد نتاج صدمة طفولة؟ لقد حاول عظام المفكرين من يوهان
فولفكانك فون غوته الى ولتر باتر و الى سجموند فرويد
سبرغور الشخصية التي كانت تمثل جوهر عصر النهضة. و في
الوقت القريب الماضي، كشف كتاب دان براون الاكثر مبيعا "
جفرة دافنشي" الجانب المدمر منه، بتاكيده على ان عمل
دافنشي قد بين مؤامرة قديمة في الكنيسة الرومانية من خلال
لوحته الواسعة عام 1498 " العشاء الاخير".
ترجمة: فاروق السعد
عن / نيوزويك
ان
كتاب برازان عبارة عن رواية. و لكن البحث الجديد في
الاستاذ الايطالي يخلق في الحقيقة افكارا جديدة حول ما
يجعل دافنشي مثيرا للاهتمام. فمنذ ثمانينيات القرن الثامن
عشر، كان القسم الاعظم من مخطوطاته الـ(6000) قد نشر و
ترجم، مما سمح لطبيعة عبقرية دافنشي ان تبزغ من قرون من
الخرافة و التأمل. تشكل تلك الدفاتر اساسا لمعرض جديد
بمتحف فكتوريا و البيرت في لندن" ليواناردو دافنشي:
الخبرة، التجربة و التصميم" الذي سيفتتح في 14 سبتمبر. ومن
خلال مخطوطات قلما ترى و رسومات، نماذج كبيرة الحجم من
تصميماته و تمثيل الاعمال بالكومبيوتر، يبين المعرض نمط
تفكير دافنشي الشجاع وواسع الاهتمامات. : فمثل شكسبير او
نيوتن، مثل جميع الشخصيات العظيمة، يبقى دافنشي و الى
الابد مثيرا للدهشة" كما يقول الاستاذ المختص بدافنشي
مارتن كيمب، امين المعرض." ينقسم المعرض الى اربعة اقسام،
و يبتدأ بـ" القدرة على التخيل" و هو استكشاف لعمل دافنشي
للعلاقة بين العين و العقل، و دراساته التفصيلية في
العلاقات التناسبية بين اقسام الوجه، جذع الانسان و
الاطراف. وكإبن غير شرعي، لم يحصل دافنشي ابدا على التعليم
الثانوي في الفلسفة الكلاسيكية و الطبيعية التي كان يتمتع
بها بعض معاصريه. و كان يشدد دوما على انه كان " ابن
التجربة" رجل " بدون تعليم عن طريق الكتب." و كان ذلك
النقص في التعليم هو ما عزز من تصميمه على فهم قوانين
الطبيعة عن طريق المراقبة عن قرب. كان دافنشي ميالا الى
الاستبطان، ايضا. " العوالم الاصغر و الاكبر" ، المرحلة
الثانية من المعرض، تعبر عن استكشافه لفكرة قديمة عن
العالم المصغر و الكون- الاعتقاد بان جسم الانسان يحتوي
على نموذج مصغر للعالم و الكون. و بالتوافق مع ملاحظاته
للطبيعة، مكنت هذه الفلسفة دافنشي من القيام بقفزات ثقافية
واسعة تستدعي التأمل اليوم. فبعد ان درس الانهر و
التيارات، على سبيل المثال، قام بتطبق ذلك البحث في دراسته
عن كيفية جريان الدم من خلال القلب. و استنتج ان الدم لا
بد من ان يجري من خلال صمامات و خلق دوارة الماء، التي
تتسبب في اغلاق الصمامات. يقارن المعرض رسوماته عن العملية
مع اجهزة التخطيط المغناطيسي الحديثة- التي تؤكد ان نظريته
القديمة كانت صحيحة. غالبا ما كانت افكار دافنشي المبتكرة
ذات طبيعة براغماتية، موحية بالجانب الذي يهتم بالانسان
الذي قد يبدو على السطح مستهلكا بالحاجة للانتاج. وكان
يعتقد بثبات بانه حالما تتم دراسة قوانين الطبيعة
بتفاصيلها المعقدة و فهمت، فان بالامكان اعادة خلقها لصالح
الجنس البشري. يكشف المعرض ان هذه المسالة هي ما كانت تشكل
الرابطة بين اعماله، بضمنها ابداعاته المتنوعة من مخططاته
للماكنة الطائرة و الى اشهر رسوماته ، الموناليزا. و
بالبحث عن الكيفية التي يمكن للبشر ان يطير فيها عن طريق
خلق طير اصطناعي، قام دافنشي بعمل مخططات و دراسة الطيور
الحقيقية، متفحصا كيفية ميلان و انزلاق اجنحتها و ذيولها.
يشمل المعرض نماذج بحجم كامل من تلك الاختراعات. اما
القسمان الثالث الرابع ، اللذان يركزان على تصاميم دافنشي
للساعات المائية و النافورات، و رسوماته المعمارية- فهما
يشددان مجددا على الجانب العملي عنده. و في الوقت الذي
يكشف فيه معرض لندن عن الكثر من جمال عقل دافنشي، الا انه
بالتاكيد لا يغلق الكتاب عن قصته. فهنالك حفنة من المعارض
حول الايطالي الملهم سوف تبذل ما في وسعها من اجل مواصلة
الحوار. " ليوناردو: مريم العذراء مع القرنفل" الذي يفتتح
في ميونخ يوم 14 سبتمبر، ايضا، سيركز على رسم دافنشي
الملهم تحت نفس الاسم، الذي اعاده فيه اختراع التمثيل
التقليدي. و هنالك معرض في ميلانو سيفتتح في نوفمبر،" بحث
في الرسم: مخطوطات وطبعات بين القرنين 16 و 19" سيوضح
تاثير ملاحظات و فن دافنشي على الرسامين المتأخرين. وفي
مطلع الشهر القادم في اوكسفورد، سيقوم كل من متحف تاريخ
العلم، رواق صورة كنيسة المسيح، متحف اشموليان، كلية
ماجدلين و جامعة بوتانك كاردن بتقديم عروض منفصلة لاستكشاف
مختلف الاوجه من تراث دافنشي، تتراوح بين الرياضيات و علم
النبات والى الفن. " ان على الرسام الجيد ان يرسم شيئين
رئيسيين. المرء و نية تفكيره" كما كتب دافنشي في " بحث في
الرسم." " الاول سهل و الثاني صعب." و بالحكم استنادا إلى
تلك الجولة من المعارض العميقة، فان الاخيرة قد تصبح اكثر
سهولة بالنسبة للذين يشعرون بالفضول حول واحد من اكثر
شخصيات عصر النهضة فتنة.
|