المدى الثقافي

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

مناجاة هاملت الخامسة
 

صلاح نيازي

يلاحِظُ أحدُ النقاد الإنكليز أنّ هذه المناجاة خالية من البلاغة، وهي كذلك حقّاً. ما من جناس ولا إرصاد ولا تصريع. هاملت هنا لا يعتاد الألفاظ الصعبة، وهذا شأن كلّ إنسان يرى الجِدّ فوق الحماسة، فهي مضرّة، وألفاظها المنتفخة عين الفزع، شأنه شأن مَن يجدّف في موج عاتٍ، وزورقه متعتع. كان هاملت
ساعتها أقرب ما يكون مجدّفاً في موجٍ مهلك.
العيون تترصّده. كلّ حركة منه، كلّ نأمة، لا تُفَسّر بأقلّ من الجنون.
في هذا الخضمّ المكفهرّ يأتي بولونيوس زعيم البلاغة السخيفة في القصر الملكي، ليخبر هاملت بأن الملكة تودّ أنْ تراه حالاً، وهذه الـ "حالاً" هنا تأخذ طابع الاستنفار.
يقول هاملت قبل المناجاة:
"إذنْ سأذهب إلى أمّي حالاً
إنّهم يعبثون بي إلى أقصى منْزع في قوسي"

ما من تهمة أشدّ إذلالاً من رميِ إنسانٍ سليم ٍبالسقم، و ما من تهمةٍ أشدّ لؤماً من تهمة إنسان بكامل قواه العقلية بالجنون. كان هاملت متهماً بغرابة الأطوار، ولدى خُصَمائه أكثر من دليل على جنونه. و الأنكى، ما من شاهد على صحة عقله غيره. هاملت شاهد نفسه الوحيد، ولكنّه غير قادر على البوح بما يعرف من أسرار مدمّرة. إنّه الوحيد الذي يعرف أنّ أباه قُتِل غدراً من قِبَلِ شقيقه، أيْ الملك القائم، وهو يعرف أنّ أمّه زانية.
تُظهر هذه المناجاة، تمزّقَ هاملت، ولكنّها تُظهره
في الوقت نفسه في أعلى درجةٍ من التوازن الذهنيّ لا سيّما أنّ الظروف المحيقة به، تتطلّب منه مواقف متناقضة، وسريعة. من بينها، مثلاً كيف يوائم بين واجبه الديني والاجتماعي تجاه أمّه كأمّ، وتجاهها كزانية؟ كيف يقسو عليها لدرجة الكسر، ويبقى حنوناً؟ كيف تكون لكلماته، حدّة الخناجر، لا طعناتها؟ كيف يكون للسانه دور القسوة، ولروحه دور الحنان؟
يقوم تمزّقُ هاملت الصادق، كنقيضٍ لتمزّق الملك الزائف، في تبرير زواجه من امرأة أخيه القتيل.(الفصل الأوّل
المشهد الثاني):
"
وبما يشبه الابتهاج المتكدّر إنْ صحّ التعبير
وبعينٍ ضاحكةٍ وبعينٍ باكيةٍ
ومرح في جنازة، وندْبٍ في زواج
واضعين كيليْن من البهجة والأسى
في نفس الميزان
اتخذناها زوجة
…".
لا شكّ كانتْ عينا الملك كلتاهما، على عكس ما يقول، ضاحكتين. بينما ظلّتْ عينا هاملت قلقتيْن
حتى وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة.

المناجاة الخامسة

"هذه ساعةُ منتصف الليل حين تشرب الساحراتُ الدم
حين تنشقُّ القبورُ وتنطلق أشباحها، وحين
ينفث الجحيمُ قُواه الخفيّةَ في هذا العالم.
في هذهِ الساعةِ أستطيعُ أنْ أشربَ دماً ساخناً
فأقومَ بشرِّ قتلةٍ شنيعةٍ يتزلزل
من مرآها النهار. كنْ على حذر،
والآن إلى أمّي. آه، أيّها القلبُ
لا تفقدْ مشاعرَ بنوّتكَ. لا تجعلْ
أبداً روح "نيرون" يدخل في
هذا الصدر الوفيّ،
دعْني أكونُ قاسياً ولكنْ لن أكون عاقّاً
سأكلّمها بحدّة الخناجر غير أنّي لن أطعنَها بأيّ منها
للساني القسوةُ ولروحي الحنان
ومهما كانت كلماتي جارحةً
فليت روحي لا تضع الختْمَ عليها وتقومُ بتنفيذها أبداً"

تتكوّن هذه المناجاة من ثلاث لوحات، هي ثلاث حالات نفسية متباينة. في كلّ حالةٍ، تصعيدٌ حاذقٌ يزيد من ترقّب المشاهد، وفضوله. المشاهد هنا جزءٌ أساسي من المشهد.
في الحالة الأولى (من السطر الأوّل وحتى السطر السادس) تعتيم ليليٌّ مقصود، حتّى يسهل توليد الأشباح. النور الوحيد في المشهد هو النور المنفوث من الجحيم. هكذا يكتظّ الليل بالساحرات، والأشباح التي راحت تتكاثر بما رسمتْ لها نيرانُ الجحيم من ظلال.
للتعتيم هنا غاية أخرى هي جعل النظر مرتبطاً بالسماء. بهذه الحيلة تدخل القوى الغيبية أوّلاً، ومعها يبدو الإنسان أمامها ضئيلاً، مسلوب القوى.
في الحالة النفسية الثانية (من السطر السابع إلى السطر الرابع عشر)، نرى هاملت نهْبَ قوّتين. فهو وإن كان على حافة التوحّش وشرب الدم، فإنه لا يريد أن يقتل أمّه كما قتل الإمبراطور الروماني نيرون أمّه أغربينا لأنّها قتلتْ أباه كلوديوس بالسم.
كان هاملت في هذا المقطع مذعناً لنصيحة والده
الشبح . (الفصل الأوّل المشهد الخامس):
"ولكنْ كيفما ستأخذ الثأر
فكنْ نبيلاً ولا تنحدرْ إلى أفعال عمّك الشرّيرة
ولا تدعْ روحك تكيد لأمّك بتاتاً
اتركها لحكم السماء، وللأشواك المقيمة في صدرها
تخزها وتلسعها"
لا بدّ أن المشاهد هنا مستوفز، متحرّق لرؤية ما الذي سيفعله هاملت؟ وكيف؟
في الحالة النفسية الثالثة(السطران الأخيران) تزيد حدّة التوتّر وبالتالي شدّ المشاهد، ذلك لأنّ هاملت لم يحسم الأمر، بعدُ. هل سيثأر؟ أم ينصاع إلى مشيئة أبيه؟
يقول هاملت:
"ومهما بلغتْ كلماتي من تجريحٍ لها
فليت روحي لا تضعْ ختمها عليها وتقوم بتنفيذها أبداّ"

كذا، لم يحسم هاملت الأمر. فصيغة التمنّي : ليت
Subjunctiveتركت الباب مفتوحاً للحيرة. إنه غير متأكد من نفسه. هل سيقوم بتنفيذ كلماته؟
قد يكون من المفيد أنْ نذكر أنّ جبرا ترجمها على المنسوق التالي:"ولينافقْ لساني وروحي بهذا" أي جعلها بصيغة الأمر
Imperative . على هذا الديدن ترجمها القطّ:"أي لساني وروحي نافقا في هذا الأمر". أما بدوي فسردها ببرود :"سينافق لساني روحي في هذا الأمر" وكأن النفاق سهل حتى إذا كان بين جوارح الإنسان الواحد.
يقول
John F. Andrews :" قد يكون هاملت على علم بأنّ كلمة: ممثل بالإغريقية هي Hypocrite فإذا صحّ هذا الافتراض فإنّ ما يقوله، هو أنّ لسانه وروحه يلعبان دورين مختلفيْن.(قارن كذلك "يوليوس قيصر" الفصل الثاني المشهد الأوّل):
بروتس : أيها السادة الكرام، اصطنعوا الانتعاش والمرح
ولا تدعوا نظراتنا تشي بنيّاتنا
لكنْ تصرّفوا في الأمر كما يفعل ممثلونا الرومانيّون،
بروحٍ منتعشة ورباطة جأش تمثيلية”...

(ترجمة عبد الحقّ فاضل)

كيفما دار الأمر، تأخذ هذه الحالات النفسية أبعاداً استثنائية لأنّ هاملت سيذهب مباشرة إلى غرفة الملكة، فما الذي سيقوم به هناك؟
بهذه الحيلة الفنّية ازدادت أهمية اللقاء بين هاملت وأمّه، وتوتّرتْ وكأنّ المناجاة تمهيد مقلق له.
على أية حال، ما دمنا قد ذكرنا المترجمين المحترفين الثلاثة، فلنتوقفْ عند الأسطر الخمسة الأولى وكيف تُرجمت ؟
1- ترجمة جبرا إبراهيم جبرا :
"هذا من الليل هزيع السحر
ساعة تفغر المقابرُ أفواهَها وينفث الجحيم
في هذه الدنيا الوباء. لعمري بوسعي الآن
أن أشرب الدماء حارّة وآتي من رهيب الفعل
ما يرتعد النهار لرؤيته"
2- ترجمة عبد القادر القطّ:
الآن هذه أحفل ساعات الليل بالغرائب
فيها تنفتح القبور، وتنفث الجحيم نفسها السموم
في هذه الحياة
الآن أستطيع أن أشرب الدم الحار وآتي من
مرير الأفعال ما يرتجف لمرآه النهار"
1-    ترجمة محمّد مصطفى بدوي:
في هذا الهزيع من الليل حين يقبل السحرة على أداء سحرهم
حين تفقر(كذا)المقابر أفواهها وينفث الجحيم الوباء على هذه الدنيا
الآن أستطيع أن أشرب الدم الحار
وأقوم بفعل شنيع يقشعر النهار من مشاهدته"

أوّلاً خلت الترجمات الثلاث من التوقيت الزمني. يقول جبرا : "هذا من الليل هزيع السحر".
بغضّ النظر عن تركيب الجملة الغريب، فما المقصود بالسحر؟ وكم كانت الساعة في تعبير :"هذا من الليل"؟
إلى أيّة ساعة أو جزءٍ من الليل تشير كلمة :"هذا"؟
أمّا القطّ فقال:" الآن هذه أحفل ساعات الليل بالغرائب". ولكنْ ما الساعة الآن؟ ولِمَ تكون حافلة
بالغرائب؟ وهل هي حافلة بالغرائب في كلّ ليلة؟
وقال بدوي :"في هذا الهزيع من الليل". وهي جملة على غرار أختيها السابقتيْن لا يُعرَف لها توقيت.
لماذا اتفق المترجمون الثلاثة على نزع عقربيْ الساعة؟ ربما لأنّهم كانوا يترجمون النصّ جملاً منفصلة، لا نسيجاً متداخلاً.
الزمن المقصود هنا، من استقراء القرائن، هو منتصف الليل. وهو توقيت خطير في المفهومات الشيكسبيرية. عرفنا سابقاً أن النور وكذلك الصباح، علامة تنذر بالكوارث. شؤم خطير. كالنجم القطبي الذي مرّ بنا في الفصل الأوّل
المشهد الأوّل.
قال برناردو:
"هذه الليلة الأخيرة بالذات
عندما كان النجم القطبي يسير
غربيّ القطب ليضئ ذلك القسم من السماء
حيث الآن يومض
…"
وكما قال هوراشيو وهو يتحدث عن الهواجس الشريرة التي يأتي بها شبح الملك المقتول، ويضرب على ذلك مثلاً بروما في أوج عظمتها، قبل سقوط يوليوس:
"باتت القبور خاليةً من ساكنيها، وراح
الموتى المكفّنون يصيئون ويبربرون في شوارع روما
وكما المذنّبات والأنداء الحمراء
حلّ الكَلَفُ المنحوس في الشمس
…"
يقول أحد الباحثين الإنكليز "منتصف الليل هو الساعة التي يكون فيها ارتكاب الجرائم الكبيرة ملائماً، إذ يشعر هاملت فيها بتأثير الوقت وبتأثير الأشياء المحيطة به".
بالإضافة إلى ذلك، يَرِدُ توقيت منتصف الليل قبل هذا، في الفصل الأوّل
المشهد الأوّل، كما في الحوار التالي:
الحارس فرانسسكو: تأتي في ساعة خفارتك بالضبط
الحارس برناردو : دقّت الساعة الثانية عشرة"
(وهو وقت ظهور شبح الملك).
كذلك يأتي توقيت منتصف الليل في الفصل الثالث
المشهد الثاني:
هاملت : ما الوقت الآن؟
هوراشيو : أظنّ أقلّ من الثانية عشرة
مارسيلوس : لا، دقّت الثانية عشرة
هوراشيو : صحيح؟ لم أسمعها
إذنْ تقترب الساعة من الوقت الذي
تعوّد أن يتمشى الشبح فيه."

(الصباح المشؤوم يذكّر بالصباح الأوّل لرحلة نوح في فلكه. ويبدو أن لخروج الموتى من القبور وطوافهم في المدينة صدى من القبور السومرية).
لنعد إلى الشطر الأوّل ونرى كيف تُرجمتْ بقيّة الجملة.
يقول جبرا :" هزيع السحر" . ولكن من يقوم بالسحر ولماذا جاء توقيته مع هذا الهزيع بالذات؟
يقول القطّ :" أحفل ساعات الليل بالغرائب" ولكن ما الغرائب؟ وهل في النص الأصلي غرائب؟
أما ترجمة بدوي : "حين يُقبل السحرة على أداء سحرهم" فتمطيط نثري لأدقّ استقطار شعريّ. بالإضافة، جعل المترجم، السَّحَرة ذكوراً بدليل "الميم" في سحرهم. المعروف ان كلّ ساحرات شيكسبير إناث أو هنّ في صيغة المؤنث.
ما أهميّة توقيت الساحرات هنا؟
أوّلا: تقتضي طقوس الساحرات شرب الدم، وهو ما أشار إليه أندروز، محرر طبعة آردن، في الحاشية 379.
يمهّد هذا الدم إلى ما سيقوله هاملت في السطر الرابع : "أستطيع أن أشرب دماً ساخناً".
ثانياً: لون الدم الأحمر يتماشى مع شروق الشمس المشؤوم، ومع "الأنداء الحمراء" التي مرّت بنا أعلاه و "الصباح برداء محمرّ" التي ذكرها الشبح لهاملت، وهو يهمّ بالرجوع إلى المطهر.

دعنا نتوقف قليلاً عند السطر الثاني الذي ترجمه جبرا :"ساعة تفغر القبور أفواهها وينفث الجحيم في هذه الدنيا الوباء"، وترجمه القطّ :"فيها تنفتح القبور وتنفث الجحيم السموم في هذه الدنيا"، وترجمه بدوي "حينما تفغر المقابر أفواهها وينفث الجحيم الوباء على هذه الدنيا".
في الترجمات أعلاه ما من أشباح تخرج من قبورها. القبور الفاغرة الأفواه لا تعني بالضرورة انتفاض الموتى بوجه الأحياء . كما كان الشأن مع شبح الملك، و مع أشباح قبور روما التي استشهدنا بها أعلاه.
هذا معنى أن يقوم المترجم بالنظر إلى النصّ كنسيج محبوك، لا كجمل منفصلة عن بيئتها،
والأدهى منفصلة عن سلالتها.
أمّا السطر الرابع فيترجمه جبرا :"لعمري بوسعي الآن أن أشرب الدماء حارّة"
أوّلاً إن القَسَم هنا إضافة لا لزوم لها ومضرّة. المفروض أن هاملت يتحدث إلى نفسه فقط،ولكنْ بصوتٍ عالٍ. وهذا هو مفهوم المناجاة. بينما :" لعمري"، توحي بأنّ هاملت كان يخاطب شخصاً ما حتى لو كان متخيّلاً. أكثر من ذلك ترجم
hot blood، وهو اسم جنس هنا، بـ : "الدماء حارّة".
قبل كلّ شيء جاء الدم بصيغة المفرد في النصّ الأصلي، فكيف أصبح بصيغة الجمع : أيْ دماء.
لم يكن هاملت يفكّر بكلّ دم بل بدم واحد ولمرة واحدة.
لو دققنا في الجملة المترجمة أكثر، لرأينا أن : "بوسعي أن أشرب الدماء حارّة"، تعني أنّ بوسع هاملت أن يشرب الدماء إذا كانت باردة، أمّا الآن، فيستطيع تحت ظروفه الخاصّة أن يشربها حارّة.
أمّا ترجمة القط وبدوي فجاءت بإدخال أل التعريف على الدم وصفته، فانتقل من اسم جنس إلى اسم. وبهذا الانتقال أصبح المعنى أن باستطاعة هاملت أن يشرب الآن الدم حتى لو كان حارّاً.
المعنى الذي أراده شيكسبير دقيق للغاية. فالدم محرّم دينياً، ولأنه جاء على صيغة اسم جنس،
فهو يعني كل دم. أي أن هاملت تردّى به الأمر فأصبح كافراً ووحشاً في آنٍ واحد، لأنه بات قاب قوسين من شرب الدم.
ولكنْ، وهذا هو الأهم، لماذا قال هاملت :"حارّاً"؟
بهذه الصفة أصبح هاملت في أعلى درجات التوحش، فالدم لا يكون حارّاً إلاّ إذا كان لايزال
يشخب من الجراح. بكلمات أخرى إنّ هاملت يرى ضحيّته، يرى آلامها، ومع ذلك يلعق دماءها.


وصف
 

شعر: أديب كمال الدين
 

الى : صالح زامل


( 1 )
سقطتْ دمعةُ الشاعرِ على الورقة
فرأى فيها أخوةَ يوسف
وهم يمكرون ويكذبون
ورأى دمَ الذئب
ورأى أباه شيخاً وحيداً يتمتم :
ياأسفي على يوسف ، ياأسفي .
ثم نظرَ مرّة أخرى
فرأى نارَ أبراهيم
ورأى صليبَ المسيح
ورأى الموتى ينهضون
والعميان يتشبّثون
ببعضهم ، يصرخون .
ثم رأى موسى
يعبر بحراً من الرعبِ والموت
ورآه وهو يقول : ربي .
فَيُقالُ له :
لن تراني
انظرْ الى الجبل
فإن استقرّ مكانه
فسوفَ تراني .

( 2 )
هكذا في دمعةٍ واحدة
رأى الجبلَ ينهدّ هدّا
وموسى يستغيثُ : أنا أول المؤمنين .
ثم رأى عاداً وثمود
ورأى أصحابَ الأخدود
ورأى صحارى محمد وأصحابه عند بدر
ثم رأى رأسَ الحسين
يحُمَلُ فوق الرماح
فوق خيول الخونة
لِيُنقَل بين مدن الكَفَرة الفَجَرة .

( 3 )
هكذا في دمعةٍ واحدة
أضاءتْ له الدنيا جميعا
فاحتارَ الشاعرُ كيفَ يبدأ ، كيفَ يقول
ثم رأى أن يصفَ المشهدَ ليس الاّ !


رسالة الإمارات الثقافية: انطلاق فعاليات المعرض الدولي للصيد والفروسية في (أبو ظبي)
 

محمّد رجب السّامرائي

أبوظـــبي

تشهد العاصمة أبو ظبي انطلاق فعاليات المعرض الدولي للصيد والفروسية " أبو ظبي 2006م"، تحت رعاية سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس نادي صقاري الإمارات، يوم الأحد القادم 11 أيلول الجاري ويستمر لمدة أربعة أيام، بمشاركة نخبة كبيرة من محبي رياضتي الصقور والفروسية العربية.
ويمثل المعرض الدولي 2006م الذي ينظمه نادي صقاري الإمارات، بالتعاون مع هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث في أبو ظبي تجربة كبيرة من حيث معدات الصقار والصيد المتنوع ومزادات الهجن والخيول وعروض السلوقي ومسابقة الجَمَال فضلاً عن فرص البيع وعقد الصفقات، وتنظيم المعارض الخاصة وسحوبات الصقور والمسابقات التراثية والثقافية، وفعاليات الشعر..
وأوضح سعادة محمد خلف المزروعي رئيس اللجنة المنظمة للمعرض وعضو مجلس إدارة نادي صقاري الإمارات على أهمية تنظيم هذا المعرض الذي اكتسب شهرة عالمية واسعة، من خلال الوجود الكثيف لوسائل الإعلام من جميع أنحاء العالم، حيث سيتم تغطية فعالياته للعام 2006م من قبل 400 قناة تلفزيونية، وبمشاركة 354 عارضاً من 35 دولة مشاركة، في حين يتوقع أن يبلغ عدد الزوار أكثر من 75 ألف زائر خلال الأسبوع القادم.
كما ستشهد فعاليات المعرض الدولي للصيد والصقور الحالي فرصة متاحة فيها للمشاركة في فئة من مسابقات الابتكار والاختراع، إذ ستجرى وللمرة الأولى في هذا المعرض مسابقة فريدة من نوعها لاختيار أفضل السيارات المُجهزة لرحلات الصيد، وإجراء مسابقة خاصة لاختيار أفضل بحث يتناول الصيد والفروسية عن العرب، خصوصاً إنّ دولة الإمارات العربية المتحدة تستعد حالياً لإدراج الصقارة كتراث عالمي في منظمة اليونسكو.
وإيماناً من نادي صقاري الإمارات بضرورة إحياء وتفعيل تراث الآباء والأجداد وجعله حيّاً فاعلاً في وجدان الأجيال الشابة، فسوف ينظم المعرض ضمن الأنشطة الثقافية والتراثية المُصاحبة لفعالياته، أمسية تراثية عبارة عن "محاورة شعرية" معروفة شعبياً باسم "القَلْطَة". ويأتي التركيز على هذا النوع من الفعاليات التراثية في المعرض ضمن الاستراتيجية العامة التي تتبناها هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث ونادي صقاري الإمارات من أجل جعل التراث يواكب النهضة الكبيرة التي تشهدها إمارة أبو ظبي على مختلف الصُعُد، ولعلّ اختيار فنّ "القَلْطَة"، في هذه الأمسية بالذات يُقصد من ورائه جعل الجمهور الشعري يعيش تجربة فنية حقيقية مليئة بالإثارة والتحدي الإبداعي، لأنّ القَلْطَة فنّ قائم على الارتجال الشعري الفوري بين شاعرين أو أكثر وذلك على مشهد ومسمع من الجمهور، إذ يلتزم فيها الشاعران أو الشعراء بالوزن نفسه والقافية نفسها، إلى جانب ضرورة أن يكون المعنى في الأبيات المرتجلة متعلقاً بما قبله، وأن يقول الشاعر الثاني ما ينقض به كلام الأول ويرد عليه وهو ما يعرف عند أهل القَلْطَة ب" الفتل والنقض"، وفي ذلك من الإثارة والمتعة والتشويق الكثير، خصوصاً بالنظر إلى أن خلف كلا الفريقين صفٌ من الرجال يعرفون ب"الشيالة" يرددون ما يقوله المتحاوران في أداء فني ساحر، يلهب مشاعر الشعراء ويجعلهم أكثر قدرة على الارتجال وعلى إصابة المعنى، وإضافة لما يميز فنّ القَلْطَة من جَمَال وإثارة ستكون أكثر تميزاً وأكثر متعة لأن الشعراء الذين سيحيونها شعراء لهم باعهم الطويل في مختلف أغراض الشعر النبطي وفي فنّ القَلْطَة بصورة خاصة، ويتمتعون بذكاء شديد وسرعة بديهة معروفة، وهي أمور مطلوبة في القَلْطَة لأنها قائمة على" حاضر بحاضر".
هذا وتُعدُّ "القَلْطَة" من أبرز أنواع الشعر النبطي وأصعبه لأنها تحتاج إلى كثير من حضور الذهن وسرعة البديهة والشاعرية المتوهجة، والجرأة الأدبية، ولذا فإنّ قليلاً من الشعراء هم الذين يجرؤون على خوضها، لأنّ الدخول فيها دون الثقة بالنفس والمقدرة الفنية، يعرض الشاعر لخسارة علنية يشهدها كثيرون.
أما عن أصولها التاريخية فإنّ المختصين في الشعر النبطي يرجعون القَلْطَة إلى الشعر الفصيح فيما عرف فيه باسم "النقائض" في العصر الأموي التي كان من أبرز شعرائها الأخطل والفرزدق وجرير، غير أن الفرق بين القَلْطَة والنقائض يعود في الأساس إلى الفرق بين الشعرين النبطي والفصيح، ففي حين تتقيد النقائض بضوابط وقواعد فنية صارمة، فإن بحور القَلْطَة قابلة للتجديد والتطوير في كل زمان ومكان ويجوز فيها للشاعر ما لا يجوز لغيره فهو الآمر الناهي والمجال مفتوح أمامه ليقول ما يشاء وكيفما شاء دون قيد أو شرط خاصة حينما تكون البداية منه. غير أن هذا لا يعني بالطبع أن القَلْطَة ليست لها أصول وقواعد وقوانين وإنما العكس أصح إن لها كل ذلك، غير أن أصولها وقواعدها وقوانينها أشبه ما تكون بالعرف المتبع بين الشعراء إلا أن روح التحدي فيها تجعل الشاعر يخرج عن كل الأعراف المتبعة ويقول كل ما يتراءى له.
وسيتضمن منهاج فعاليات المعرض عقد مؤتمر صحفي للإعلان عن إنطلاق فعالياته ظهر يوم السبت 9 أيلول الجاري، بينما سيفتتح المعرض المصاحب له رسمياً عصر يوم الأحد 10 منه، بينما سيقام يوم الاثنين 11 أيلول مزاد الهجن، وعرض الهجن للمشاركة في المزاد، أما مزاد الخيول فيقام عرض لها في إسطبلاتها يوم الثلاثاء 12 منه، في حين ستتم عروض السلوقي ومسابقة الجَمَال وعروض المراوغة طيلة أيام المعرض الأربعة.
وسوف تتم طيلة أيام المعرض الدولي للصيد والفروسية سحوبات على الصقور، ومسابقات تراثية ثقافية تتضمن جوائز قيمة للزوار، ثم إقامة فعاليات الشعر، وأخيراً الإعلان عن نتائج مسابقات المعرض من خلال المركز الإعلامي للمعرض، حيث سيجري يوم الاثنين 11 أيلول الإعلان عن نتيجة مسابقة أفضل بحث عن الصيد والفروسية عند العرب، يليه يوم الثلاثاء الإعلان عن نتيجة مسابقة أجمل اللوحات والصور الفوتوغرافية، بينما سيشهد يوم الأربعاء 13 منه إعلان نتيجة مسابقة أفضل الاختراعات وأفضل سيارة صيد، يعقبه يوم الخميس إعلان نتيجة مسابقة أجمل الصقور المكاثرة في الأسر، ويختتم المعرض الدولي فعالياته يوم الجمعة 15 أيلول الجاري بإعلان نتيجة مسابقة أجمل القصائد في الطير والمِقْنَاص.


الأدباء يحتفون بالشاعر مظفر النواب
 

بحضور عدد كبير من الادباء والكتاب والمثقفين الذين اكتظت بهم قاعة الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق، أقيمت احتفائية بالشاعر الكبير مظفر النواب، الذي ما زال يقيم بمنفاه الدمشقي بعد ان باعدته المنافي الاخرى عن (سمائه الاولى).

بغداد علي ياسين

ابراهيم الخياط: اتهاماته عميقة جارحة
قدم الشاعر ابراهيم الخياط لاحتفالية الادباء بالنواب قائلا:
مظفر النواب شاعر واسع الشهرة ، عرفته عواصم الوطن العربي وهو يشهر أصابعه بالاتهام السياسي ، لمراحل مختلفة من تاريخنا الحديث...
وقد جاءت اتهاماته عميقة وحادة وجارحة.. انه يصدر عن رؤية تتجذر معطياتها في أعماق تاريخ المعارضة السياسية العربية ، وتمتد أغصانها في فضاء الروح حتى المطلق.
هو مظفر بن عبدالمجيد النواب ، والنواب تسمية مهنية ، وقد تكون جاءت من النيابة ، أي النائب عن الحاكم ، إذ كانت عائلته في الماضي تحكم إحدى الولايات الهندية.
فهذه العائلة العريقة ، بالأساس ، من شبه الجزيرة العربية ، ثم استقرت في بغداد ، لأنها كانت من سلالة الإمام الورع موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام ، الذي مات غيلة بالسم في عصر الخليفة هارون الرشيد ، فهاجرت العائلة ومن يلوذ بها الى الهند باتجاه المقاطعات الشمالية: بنجاب-لكناو-كشمير.
ونتيجة لسمعتهم العلمية وشرف نسبهم ، أصبحوا حكاماً لتلك الولايات في مرحلة من المراحل.
وبعد استيلاء الإنكليز على الهند ، أبدت العائلة روح المقاومة والمعارضة المباشرة للاحتلال البريطاني للهند ، فاستاء الحاكم الإنكليزي من موقف العائلة المعارض والمعادي للاحتلال والهيمنة البريطانية ، وبعد قمع الثورة الهندية-الوطنية عرض الإنكليز على وجهاء هذه العائلة النفي السياسي على ان يختاروا الدولة التي تروق لهم ، فاختاروا العراق ، موطنهم القديم ، حيث تغفو أمجاد العائلة على حلم الحقيقة ونشوة الماضي الشريف والعتبات المقدسة.. فارتحلوا الى العراق ومعهم ثرواتهم الكبيرة من ذهب ومجوهرات وتحف فنية نفيسة.
ولد مظفر النواب في بغداد-جانب الكرخ في عام 1934 من أسرة ثرية أرستقراطية تتذوق الفنون والموسيقى وتحتفي بالأدب. وفي أثناء دراسته في الصف الثالث الابتدائي اكتشف أستاذه موهبته الفطرية في نظم الشعر وسلامته العروضية ، وفي المرحلة الإعدادية أصبح ينشر ما تجود به قريحته في المجلات الحائطية التي تحرر في المدرسة والمنزل كنشاط ثقافي من قبل طلاب المدرسة.
الفريد سمعان: النواب.. شاعرا محرضاً
والقى الشاعر الفريد سمعان كلمة نقتطف منها:
في كل العصور وعبر السنوات الطوال ومن خلال الوان العطاءات وعلى شتى الصعد يبرز مبدعون لديهم من المزايا والاعمال ما يجعلهم في مقدمة الصفوف وعلى قمة الابداع الفني، علميا وثقافيا واخلاقيا ايضا.
مظفر النواب الشاعر والصديق.. احد هؤلاء المبدعين الذين تركوا لهم بصمات واضحة وذات تأثير على الساحة الشعرية العراقية كما ان له انفاسه في مروج الواقع السياسي العراقي منذ ما يقرب من النصف قرن.. وما زال مبدعا وما زال معطاء وما زال صوته يتردد ونتمنى ان يظل يتردد.. ينشد ونستمع، يقول ونتمعن فيما يقول، يتألق على الاغصان ثمرات يانعة، وبين الاصوات صدى جميلا رائعا في افق الايمان بقضية تشغل البال والوجدان مناضلا وطنيا تجرد عن الصغائر وتحدى موائد المذلة والانحناء ليظل انسانا يفخر بماضيه وحاضره ويترك للمستقبل صفحة مترعة بالامجاد والعطاء.. ولد مظفر عام 1934 واكمل دراسته في بغداد حيث تخرج في كلية الاداب.. واصبح عضوا في اتحاد الادباء عام 1959 كما اصبح عضوا في جمعية الفنانين العراقيين.
عرفت مظفر في هذا المكان، عضوا في اتحاد الادباء وسط مجموعة من الشعراء والادباء الذين مارسوا دعائم هذا الاتحاد وانطلقوا منه ليشكلوا اساسا متينا وقفت وما زالت تقف عليه مجاميع من النمط الابداعي المتفرد.. ما بين شاعر وروائي وناقد أدبي ومستمع عزيز يجيد فن الاستماع.. وكانت المفاجأة.. حين نشرت مجلة المثقف التي كانت تصدر عن جمعية الخريجين وعلى رأسها علي الشوك، امجد حسين، الدكتور غانم حمدون ومجموعة من الشباب آنذاك حريصة على تبني ثقافة وتطعيم الادب العربي بالنبضات الحديثة التي تتسرب من مروج الثقافة الاجنبية واستيعاب تراث لم يحسن التراثيون استخدامه على الوجه الصحيح بل اخذوه نقلا جامدا لم يشكل اية اضافة جديدة ولم يكشف النقاب عن خصائص وانطباعات كانت ثقافتنا بحاجة اليها الا لتنويع العطاء وحسب بل للافادة منها في تطور مسيرتنا الثقافية وابراز معالمنا وطقوسنا القديمة للملأ.. في العالم العربي والبلدان الاخرى.
ويضيف الشاعر الفريد سمعان: انه صورة مشرقة للانسان وقد خدمته في ذلك قدرته الرائعة على امتلاك زمام اللغة واحتواء الاحداث بقصائد وتصنيع اللعنات الجدية للطغاة.. ولنستمع اليه في قصيدته عبد الله الارهابي وهي عن صدام والزعماء العرب:
يا عبد الله بساعات الضيق
تحولت الدبابات أرانب
فتلت اسلحة الجيران شواربها ليلا وصباحا
وغدا الميثاق القومي بدون شوارب
نشكر علانا وفلانا وفلينا والفلن الثاني وفهد
بالذات فهد
نشكر همة اعضائكم الجنسية
في صد هجوم الجيش الاسرائيلي
والقاء الصمت على المغتصبات

مع مظفر في نقرة السلمان
ويمضي الفريد قائلا:حل مظفر مع سعدي الحديثي.. في القاعة رقم عشرة وكنت مسؤولا عنها.. وكانت فرصة كبيرة حيث التقينا ثانية وكان معنا ايضا الشاعر فائز الزبيدي ومجموعة من الضباط الشباب الطيبين وعلى رأسهم العقيد الطبيب الجراح رافد صبحي أديب وخليط من العمال والفلاحين والمعلمين والجنود واصحاب مهن عديدة، كانت القاعة تضم اكثر من مائة واربعين معتقلا وهي لا تستوعب اكثر من ستين فردا وقد اضطررنا الى تقليص عرض (الدواشك) ومنح كل سجين مسافة 50 سم عرضا لكي تستوعب القاعة اكبر عدد ممكن من السجناء الذين بلغ عددهم اكثر من الفي سجين تتجاوز سنوات احكامهم عشرات الالاف من السنين.
كانت في السجن نشاطات مختلفة، كانت هنالك برامج ثقافية بدءا بتعليم الاميين وكذلك دراسة اللغة الانكليزية وتشكيل فرق لكرة القدم والسلة والطائرة والجمناستك الى اللجنة الثقافية التي كانت تقيم الفعاليات الادبية وكانت تضم فاضل ثامر.. محمد الجزائري، الفريد سمعان وكان مظفر يشترك في القاء قصائده المتمردة ويحظى باستقبال كبير وكانت لكلماته اصداء شتى في صدور السجناء الذين كانوا بحاجة الى كلمة طيبة او لحن جميل واستذكار لتاريخ مضى ومستقبل منتظر.. وكفاح يتواصل ولعل من ابرز ما كان يجري، لا سيما عندما تجتمع الايادي والاجساد حول طعام العشاء.. وكان سعدي الحديثي يصعد بمقام يشد الابصار والايدي ويخرج الاذان عن صمتها وتتوقف الحركة برهة.. واحيانا يستجيب مظفر له ويصبح العشاء غنائيا اذا صح التعبير.

الروائي أحمد خلف: حاولت ان أفي كتلميذ لمظفر النواب
ثم القى الروائي احمد خلف شهادته عن الشاعر الكبير مظفر النواب وجاء فيها:
ليس لدي من الذكريات مع استاذي الكبير الشاعر مظفر النواب، ما لدى الشاعر العراقي الفريد سمعان. سنة 1961 كانت متوسطة الكميت في الكاظمية، بانتظار ان يشغل احد الاساتذة من مدرسي اللغة العربية، هذه الحصة، وفوجئ الطلبة باستاذ وسيم جميل انيق، يدخل علينا نحن، طلبة الصف الثاني فتحدث برقة متناهية لم نألفها، لدى اساتذة اللغة العربية.. ثم طلب من التلاميذ ان يزيحوا كتب النحو، وان يستمعوا اليه لقراءة مادة، فوجئ الجميع بها، فقد كان يحتفظ بين دفة كتبه وأوراقه بقصة المغني الايطالي الشهير (كروزو) واشار على الطلبة، ان يكتبوا انشاء في بيوتهم، ثم يأتوا بها في يوم آخر، وكنت قد كتبت انشاء وسلمته مع مجموعة من الطلبة اليه.
واضاف الروائي احمد خلف قائلا: لقد قام النواب بزيارة الى المبنى العتيد هذا، مبنى اتحاد الادباء، وللمرة الاولى التقي في الاتحاد بالقاص، الذي ارى فيه قد قتلته الظروف واساءت اليه، انه الكاتب العراقي (جيان) ولقد كنت امضيت اكثر من عشر سنوات وانا اقلد حركات (جيان) وأقرأ له عددا من قصصه. ذهب (جيان) وبقيت أقاصيصه في ذهني وبالي، وكنت غالبا ما اشير الى ان مظفر النواب هو الذي تكرم علي بمعرفة جيان.
ولقد حاولت من جانبي رغم الظروف العسيرة والصعبة التي تعرفونها ان أفي كتلميذ لمظفر النواب في انني غامرت بزيارته بعد نقله من معتقله في نقرة السلمان الى سجن الحلة، اذ اخبرني صديقي القديم حميد الخاقاني، بان مظفر النواب، الان، في سجن الحلة، فاتفقت مع عدد من اصدقائي على زيارته، للحق اقول، كنا اربعة اصدقاء: المناضل عبد الامير الركابي، والشاعر حميد الخاقاني، والمتحدث اليكم، واحد اصدقائنا الذي كان يعمل في المكتبة المركزية، غير ان الشخص الوحيد الذي طرق ابواب سجن، صراحة اقول: هو المتحدث اليكم، على امل تثبيت ان من الممكن ان يكون التلميذ وفياً لاستاذ.
الناقد علي الفواز: دمت لنا فيضا ننهل منه
وتحت عنوان (سيدي الشاعر الماطر والحالم مظفر النواب) قرأ الناقد على حسن الفواز رسالته الى النواب قائلا فيها:
نحن على يقين بأنك تمسك الحياة مثلما يمسك الشاعر حبات القصيدة، وان سنواتك البيض تلملم العمر مثل (جكليت) العروس، تمنحه توهج الروح وارتعاشة الفرح بين الاصابع، وربما تشعل امامه شموع القديسين الذين يغسلون الحياة عند مواسم البهجة.
نحن على يقين سيدي الشاعر، بأنك تكبر مثل البلاد مهما كثر الغزاة عليها، وازدحم العابرون على شوارعها، تفيض دائما بالبقاء، لان الاشياء العظيمة، العراق، والمدن العالية، والمنائر المتوهجة بالادعية، والمياه التي توغل في الروح والامكنة، والجواهري، ومظفر النواب لا تشيخ ولا تنوء بحمل السنوات، لانها تحتل روح كلكامش العراقي، هذا الذي رأى كل شيء فغنت بذكره البلاد وعرائس الماء وجنائن المقدس.
سيدي الشاعر
عند كل لحظة عراقية يحضر فيها الوطن والشعر، يأتي مظفر النواب بكل حنينه وبكائه، وصوته المثلوج ببرد الروح وبحاته المغلولة بالوجع، يمارس توهج الشاعر واحتجاج المناضل، وصفاء المتأمل الذي يحلم بوطن يتسع بالبياض ويفرش امكنته وحدائقه وشوارعه وبيوته لصانعي البهجة والسعادات النبيلة، مثلما يحضر النواب الصاخب والساخط على الكراهية والخنوع ومشعلي الحرائق وقاتلي الابناء والعاطلين عن الجمال واللذة والاحلام.
نعم ايها الشاعر الابهى..
لقد اوضحت قصائدك تاريخا يمشي بيننا، ومناشير لم تعد سرية تفيض بحرارة الموقف وقوة الفكرة وسمو العبارة، تعلم الابناء ان الطريق الى الحياة هو الطريق الى العراق، يهبط بيننا (حمد) عن (ريله) القديم يفزز النائمين ويرش على وجوههم ماء الورد، يمنحهم صحوة المكان مثلما يمنحهم صحوة البقاء والثبات.. ويحضر (صويحب) المدجج بذاكرة القوة وفصاحة الموقف الابيض دون دغش او غوايات، ويحضر (حجام البريس) بكل قلقه النبيل يتعالى على عسس الليل وعسس الفكر، يفترش وطنا يحاول ان يصحو، يحاول ان يمسك الحلم، ان يحفظ عش الطيور وعش الاهل، وطنا يطرد القبح ويطرد الرمليين الذين ملأوا حياتنا شحوبا وعطشا وضلالة.
ويؤكد الفواز في رسالته: سيدي الشاعر نفرش لك ارض العراق بمحبتنا وندعوك الى بيتك البهي، لتعمره بالشعر والحكايات ولتغسله مثل سنواتك بالماء الزلال.. فعراقك برغم كل المحن وبرغم كل الخرابات المصنوعة ما زال عصيا وبهيا، وما زالت قلوب محبيه ومريديه عامرة بإيمان الفكرة، وعظيم الشكيمة، وارتعاشة العشق، ينتظرون فجرا لملموا ضوءه منذ زمانات بعيدة، ربما يتأخر كعادته مثل هلال الفرح، لكنه يأتي ويفرش ضوءه للابناء الطيبين الذين ما زالوا هم كما عرفتهم منذ سنوات الاسى والركض على الجمر.
سيدي الشاعر..
الصحة والسلامة لك ولسنواتك السبعين توهجا وغنى، ودمت لنا فيضا مازلنا ننهل منه روحا تتوهج فيها قصائد تمشي مع اطفالنا الى مدارسهم والعشاق عند حضرة محبيهم والحالمين مع لحظات توثبهم الى وطن يكبر ويعلو برغم كل اوهام المحاربين الصغار..
ودمت سيدي الشاعر..
وفي تداخل بين المسرح والشعر والابداع والصوت والحضور والتميز، قدم المسرحي عزيز خيون، قراءة غنائية، ممسرحة لقصيدة، (نهران اهلنا) للشاعر النواب المحتفى به.
الشاعر كاظم غيلان: ارى النواب يعانق قامة تاريخ الشرف العراقي
وفي شهادة عراقية للشاعر كاظم غيلان جاء في متنها:
"أصحيح يا مظفر
ان غصنا طمرته الريح
رغم الريح والصحراء اخضر"
بلند الحيدري
ارى مظفر النواب يقف الان يعانق قامة تاريخ الشرف العراقي صارخا:
اقسمت باسمك يا عراق
ان أحارب أينما وجد المحارب
او اموب محاربا وحدي
لم يكن صنيعة الاحياء الاستقراطية وبيوتها الفارهة، كان نديما لسفن غيلان والدغارة والميمونة وهور الغموكة والقدس وبيروت في كل بقعة ملتهبة يقف بقامته العراقية الزاهية حاملا في قلبه رموز تاريخ الثورات: علي بن ابي طالب، ابو ذر الغفاري، حسين الرضوي، صاحب ملا خصاف حسن سريع صلاح حرز، وجيفارا أية قامة هذه التي لم تنحن امام الحاكم، هي قامة الشاعر والمناضل الحقيقي.
اليوم ومظفر النواب يجتاز السبعين يكلل رأسه بما تبقى من الشيب المقدس وتحني السنوات ظهره الذي تحمل وحمل كثيرا في سجون العراق ومنافي غربته المريرة، أيان حل وارتحل تجده مزهوا.. بالشموس والرايات وصهيل الخيول الاولى بالدمع وماء الزهر والبنادق والاغاني، الصمت الذي يخيم دائما على ملامحه هو صراخ الثوار والجياع والصعاليك وليس نزف الحكام مترهلي الكروش واولاد الافندية اللاهثين خلف كراسي القرارات التي تولد مشوهة.
بعد كل هذا المجد..
كم مجد تستحقه يا مظفرنا يا ابجدية الكبرياء
سيأتي الريل حتما رغما عن انوف التكفيريين وايتام نتانة صدام وفنونه التي تعيش في الحضيض.
حمزة الحلفي وفرقة الطريق
ثم القى الشاعر حمزة الحلفي قصيدة شعبية بالاحتفائية توهجت في مضمونها مثلما تألق الشاعر في القائها.
واختتمت الاحتفائية بتقديم فرقة الطريق مجموعة من الاغاني التي كتب كلماتها الشاعر مظفر النواب.


سيمياء التمائم
 

خضير فليح الزيدي

(هناك تورية كبيرة وغموض يكتنف العالم السري الذي يعيش في الظل .. بل انه عالم آخر يضحك من عقولنا .. دون أن نفكك ماهية وجوده المختبئ في الأماكن القصية من المشهد الظاهر .. انه عالم يعيش في ظلام الأمكنة المسكوت عنها أو تلك المنسية تحت الإبط أو في تلافيف الملابس أو عند البطن أو الجيد الفتي .. إن ذلك العالم الذي يلازمنا كظلنا يعتقد انه هو الذي يسيرنا تحت لجة رغباته وتكتمه الشديد على عدم الظهور الى العلن ، تورية محضة أدواتها التمائم والحروز والرقى وقرون الغزال وأنياب الفيلة وعظمة الافعى او الهدهد او القنافذ وشحم الخنزير وحدوة الحصان وخرزة الهبهاب ممزوجة بأبخرة نباتات غريبة ، إنها تعمل منفردة حين تشح السبل الى النجاة وطرائق الخلاص لتؤدي مسعى معيناً، وتجتمع في تسيير دفة العالم باتجاه خفي وتورية عظيمة ، لا تفك أسرارها بسهولة .إلا إنها تبقى محاولة لتهجي الخطى السيميائية قبل وأدها .
(
ه ه .. لا ..ه حزره بدره منحوسه .. بنت الصالح ابن الصالح مدروكه متروكة الى يوم الدين ) .
ذلك مقطع من تميمة قد انتهى مفعولها السري ، واستبيحت كلماتها ..التي لفّت بإتقان ثم وضعت بقطعة قماش بيضاء وغيرها خضراء ، ولفها ظلام ورطوبة كيس من جلد كبش مدبوغ تفوح منه رائحة مبهمة .
والتمائم هي العوذة التي تعلق تحت الإبط لطفل يعاني حرقة التبول الدموي أو في الرقبة لغيره المسعول أو تحت لبّة الصدر لطرد عين الشر ،وتحت الملابس الداخلية لتطفو بالصبي قبل غرقه في الترعة أيام نيسان ومايس من كل عام .. وقيل هي الخرزة .. وقيل هي اللقية المحروسة ..
وان اعتاها تلك التي دُبجت عن عجائز بدو أبى غار ، من اعتى الحروز التي تحفظ الطفل الوحيد لامه أو لحفظ المال او لجريان الجداول العمياء ..
من فلسفة ووصايا المحرزين:
الابتعاد عن النجاسة وبعكسه بطلان مفعول( العمل ) أو انقلاب مادته الى الضد الشديد ..
- إعطاء اسم ألام كاملا لحامله وعامله وتاريخ تولدها .
- التروي من فعل الشر وعمله .. والتمهل في فعل الدسيسة والمكر ..
- كتم السر ، واخفاء مكان الحرز تحت أسرة النوم وبمكان بعيد لا تصله يد العابث من الأطفال أو القارضات السود .
من متن القص :
كنا ثلاثة شياطين صغار ، نبحث في كل اللفائف والصرر العتيقة داخل بيوتنا الطينية .. كنا كما تقول امهاتنا إن سرتنا أو حبل المشيمة السري قد قطع ولف بإتقان في خرقة نظيفة ثم أوصت الجدة التي سحبت بقايانا من اجواف امهاتنا .. أن تقذف في السر داخل اسيجة المدارس للحؤول دون ضياعنا وتسربلنا في التيه .. أنا وصحبتي بعيدا عن جوف المدارس التي عانينا من قساوة معلميها وتبجحهم وهم يتبخترون كالطواويس ببذلاتهم المقلمة في بداية الصيف أيام الامتحانات وعسرتها .. لذلك قد ملأنا الرحلات الدراسية بولا قد خر الى سبورة المعلم ..
كنا ثلاثة صبيان نعبث بأسرار امهاتنا ونخرجها الى النور ..لقد استطاعت أيدينا الصغيرة تلك أن تصل الى الحجب السرية ، وتحت ظل البيوت في قيظ الظهيرة استطعنا الحصول على سررنا المخفية لبداية العام الدراسي القادم لتدفن في ساحتها .. وغير ذلك استطعنا جلب التمائم المضمومة تحت الأسرّة وبين تلافيف الأغطية لنفتش عن المسكوت عنه .. عن أسرار بيوتنا وأمهاتنا العجيبة .. تمائم لا اذكر تفاصيلها وخطوطها الملتوية .. أما صحبتي فقد انشطروا الى فريقين .. الفريق الأول ودع الحياة مبكرا ، قد أعطته الحرب درسا في الموت المجاني .. إذ تشظى جسده في حجابات الحرب .. الحجابات التي ضيّعتُ صيغة مفردها ، راح الفريق الأول مغلوبا على أمره كما الأوليين والقادمين ، اخذ سرّه معه الى الحرب والقبر ، فمن الطبيعي كما تدعي الأمهات أن يتشظى هناك ، أما الفريق الآخر فقد غاب ولم يعد ليومنا هذا .. وقد اختلفت الروايات في غيبته ، فالبعض قال انه هرب خارج الحدود ومات في المنافي البعيدة ، والبعض الآخر قال انه اعتقل ومن ثم لقنه الموت المجاني الذي يلفنا درسا في استباحة دمه ، لم تنفع مع شراسته لفة الحرز المضموّم تحت الإبط .. راح الفريق الثاني لانه لم يعتن بسره او يدفنه في ساحة المدرسة قرب ملعب كرة السلة الشاهقة كما الفريق الأول ، بل أضاعه في التراب او في وحل الهزيمة الصبيانية التي كنا مغلوبين فيها دائما ، ومن الطبيعي كذلك أن يتسربل في موت معتق .. أما أنا فلم أمت وقد استطعت الحفاظ على رقبتي الى ساعة كتابة هذه السطور ..أو أستطيع أن أقول إن سرّي الذي لم أضعه طيلة ما حييت مازال راقدا في مكان أمين اقلبه مثل مسبحة عتيقة كلما ضاقت بي الدنيا ..
حول لغة التميمة :

أما تمائم امهاتنا فلم يبق منها سوى حواريات غائمة .. لم استطع الى اللحظة أن أفك لغتها مستعينا بالمناهج الحديثة في فك تراكيب لغة خليطة من رسوم وحروف وشبابيك وتصنيف حوارياتها المتشابكة وسر أشكال حروفها التي تتموضع بأشكال دفاعية بعد السطر الأول .. فهي نتف من أرقام غير دالة وشبابيك لا تفضي إلا الى الفراغ وأفاع مبتورة الذنب ونونات مقلوبة ودوائر بذيل متعرج ، وكان الحرف مختزلا الى الشكل الذي يبدو فيه شحيحا مثل ذؤابة لهب آيلة الى العدم ، غير إن ذلك الاختزال يؤسس الى مركز تكرار الحرف ورقميه المتجاورين في دوامة خرقاء تؤدي الى متاهة غير منتهية ..
وغير هذا وذاك استطعت بمجهود استثنائي الوقوف الفردي والمنجز المتواضع في الإحاطة غير الكافية في سرية لغة الحروز ، مستعينا بثلاثة نماذج مختلفة ومتنوعة المصادر ، استطعت الحصول عليها بمساعدة بعض نساء الحي الذي أعيش واموت فيه .. أن احصل على ثلاثة مصادر لوثائق سرية غاية في الخطورة عن الحروز وماهية تأثيرها السحري واستجابة القوى الخفية لارادتهما ..
كان الحرز الأول قد جلب لي من قرية نائية على ضفاف صحراء الجنوب .. هناك بعض جماعات شهيرة في ( عمل ) الحروز مهما تعددت أغراضه وتأثيراته يأتي دفعة واحدة ومفعوله يعطي ثمارا سريعة .. وكانت النونات المقلوبة تدل على انه عمل لمحبة .. وقد اختفت الأفاعي مما يؤكد ما ذهبنا اليه من دالات تتموضع في كوز الماء .
والثاني جلبته النسوة لي من منطقة الركشة ، من عجوز عمياء تستطيع توجيه دفة العالم المتكبر من إصبعها المعفر برماد التنور ، ولها القدرة على اشفاء المرضى . وذلك تكثر فيه الأفاعي مبتورة الذنب بعد السطر الأول وفيه ثلاث نوافذ تفضي الى الفراغ .. وهذه دالة الاستشفاء او الاحتماء من كيد نساء العمل السري . وليس فيه أي اثر لنونات مقلوبة .
أما الثالث فقد حصلت عليه من رجل صالح في سوق الشيوخ يعيش منفردا في بيت طيني على ضفة الفرات ، وهو شهير بصناعة الحرز ذي الوصفة السحرية على إعادة الحبيب الى حضن حبيبته مهما تعددت الصعوبات ، ويستطيع أن يرزق حامله برزق ممدود لا ينتهي ولا ينضب .. وتكثر فيه الدوائر والمنحنيات المغلقة بزوائد قصيرة ، دلت على هجرة الحبيب وضياع أخباره ..
في العمق باستخدام المفك :

الحرز كما جاء عند الرازي في إصحاحه هو الموضع الحصين .. إذ يقال هذا ( حرز حريز ) ويسمى التعويذ حرزا ، واحترز منه أي توقاه ..
والحرز تميمة أو لقية وصاحبه المستلقي وهو الحجية من السر الملفوف في بطن خرقة اخيطت في كيس جلدي من كبش مذكور على شكل محفظة جلدية يقي مادته من فواعل الزمن .. توضع في مكان من الجسم المريض او تلك التي تبعد عنها العين والنفس الشريرة ..
وفيما تتكور وتلتف المقاطع الحرفية الى عقد ومشبكات ورسوم دالة وسهام متوثبة عند البابليين ، فهي شبابيك ونوافذ لا تطل لدى الآشوريين والكلدانين ، وكذا هي لدى السومريين أحجية من حجر فيروزي تأخذ منحى الجرس الصوتي للكلمة المحذورة ، وهي في الريف بعض إدغام من كلمات من بسملات وحوقلات وتكبيرات سبع واستغفارات ثلاثة، تنتهي بماء قد قرأت عليه إحدى الصالحات أو الصالحين ..وهو قصاصة ورق ابيض محروقة الطرف أو بدون الحرق أحيانا .. قد كتبت بمداد من ماء وزعفران وصمغة صفراء وأداتهما صوفة محروقة الطرف وضعت برأس قصبة نحيفة ، لتكتمل التميمة في صياغة فيها الدالة المرمزة عناوين لا تفضي إلا الى حضن مخصبها ..
والتميمة عوذة كما اشر بسبابته الرازي ، وهي عليقة محصنة فيها عين تقف ندا ضد عين الحاسد ،، وفيها باب للفرج بعد كربة المحاكم والسجون ،، وأيضا تنطوي على كنز للرزق الوفير .. وهي غير اللقية المكتوبة على قشرة البيض او قشرة البصل او حشفة مهملة .
أما الذي يدبج لغتها فهو عرّاب النساء القرويات اكثر من نساء المدن اللائى وضعن حدوة الحصان على جبهة الدار قريبا من التميمة الزرقاء .. وربما خفا مقلوبا ، كان ذلك يكفي لطرد العين الثاقبة ..أما القروية فهي ضحية أوضاع متردية عامة جعلتها تحتضن التمائم كجزء من المعادل الموضوعي لسوء الحال وتردي الأوضاع والأمراض المتلاحقة التي تأكل الأطفال ..
أما عامل الحرز فلم يتوقع يوما أن لغته السرية وسيمياءها قد تخضع تحت طائلة التفكيك وطرق كلماتها الساخنة ، لتنبعث أبخرة الرماد من نارها الخامدة.


مجلات: الأديب العراقي في عددها الجديد
 

بغداد/ المدى الثقافي

تواصلاً مع خطوات الثقافة العراقية الجديدة صدر العدد الجديد من مجلة "الاديب العراقي" وهي مجلة فصلية تصدر عن الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق وقد احتوى العدد الذي جاء في (163) صفحة على عدد من الكتابات والدراسات والنصوص الشعرية والسردية والوثائق. وقد ضم باب دراسات مواد عديدة هي: المخزومي وتحديث الفكر النحوي العربي، للدكتور مالك المطلبي، حداثة لغة ام حداثة انزياح؟! للدكتور سمير الخليل، تطور المناهج الاجتماعية في النقد الادبي، للدكتور عبد الهادي احمد الفرطوسي، السرد المتعالي في الرواية العراقية الجديدة، للدكتور قيس كاظم الجنابي، اسطورة زو: مقاربة توراتية لحسن عبيد عيسى، عودة الباطنية، ترجمة جودت جالي، الفريد سمعان في تعبه المسافر، وهي قراءة نقدية لمجموعة سمعان الشعرية الاخيرة "التعب المسافر"، كتبها علوان السلمان، ثنائية اللغة والكلام في فكر باختين، لعيسى الصباغ، غوص في المتن واكتناه المغيب والمعلن، لشكيب كاظم.
وفي ساحة الابداع، ضم العدد في فن السرد القصصي قصصاً قصيرة هي: الوشائج الجديدة لمجيد جاسم العلي، الهور لكاظم حسوني، الموتى القادمون للكاتب المكسيكي سيرخيو ليندو، ترجمها مزاحم حسين، على كرسي الاعتراف لايناس البدران، والرجال لا يبكون، لشيماء المقدادي، كما جاءت في باب ديوان الشعر مجموعة من القصائد الجديدة هي: لحن تركماني لعبد اللطيف بندر اوغلو، عشب للطفولة، لصادق الصائغ، القصيدة لخضر حسن خلف، دخان لعشب غانم لجاسم بديوي، العثور على ذاكرة المغني لرزاق الزيدي، فهم اولي للاسود والابيض، لعلي الاسكندري، قصائد اقرب الى الوضوح لريسان الخزعلي، لعام جديد لعبد الاله الفهد، يوسف لعلي حنون العقابي، وحكاية حبل الخريف لياس السعدي.
وضم العدد في باب الوثائق: نادي الشعر في الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق، عام لتشكيل الفعل الثقافي كتبه المحرر الثقافي، ومنتدى نازك الملائكة الادبي، نافذة تطل على نتاج المرأة الثقافي للفترة من 23/ 11/ 2005 الى 12/ 6/ 2006، تابعته وكتبته القاصة نعيمة مجيد.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة