لعبة
ارتفاع أسعار المواد الغذائية ..
الـتجـــــار يــثـرون والمــواطــن يـــدفــع الثـمن
- مواطنون يتهمون
التجار باغراق السوق بالأطعمة الفاسدة ووزارتي الصحة
والتجارة بتقصيرهما في الرقابة والمحاسبة
بغداد/ أدهم يوسف
يعاني العراقيون
من ارتفاعاً كبيراً في أسعار المواد الغذائية كالخضراوات
والفواكه واللحوم الحمر والبيض والالبان والبيض في وقت
اصبح فيه النقص الحاد في الخدمات الاساسية كالماء
والكهرباء امرا يسمم حياة الشعب العراقي.. إذ اعترفت وزارة
التجارة بوجود مفسدين يعششون داخل أروقة الوزارة.. وهؤلاء
كان لهم ولا يزال الدور الكبير في رداءة مواد الحصة
التموينية التي (يجبر) المواطن على تسلمها امام ارتفاع
أسعار المواد التموينية في السوق المحلية، ولأجل وضع خطة
وزارة التجارة هذه موضع التنفيذ فان الإجراءات كانت سريعة
إذ تمكنت الاجهزة الرقابية التابعة للوزارة التي تعمل في
الموانئ الأردنية من وضع يدها على شحنات من اللحوم
والاسماك والدجاج وهي غير صالحة للاستهلاك البشري، وكانت
تلك الشاحنات في طريقها للدخول الى العراق لولا العين
الساهرة للأجهزة الرقابية التابعة لوزارة التجارة التي
منعت تلك المواد المغشوشة من الدخول الى العراق..
بعد
ذلك بدأت اجراءات رقابية واسعة تشمل فحص جميع المواد
الداخلة للعراق كما انها تدرس حالياً وضع نظام خاص
للاستيراد يتم فيه وضع ضوابط صارمة تمنع دخول أية مادة غير
مطابقة للشروط والمواصفات التي تحددها الوزارة.
الرقابة على
الأغذية
لكن السؤال المهم
الذي يمكن طرحه ونحن نقرأ تصريحات المسؤولين في وزارة
التجارة كم من الشحنات دخلت الأراضي العراقية قبل ان تقوم
وزارة التجارة بتفعيل اجراءاتها وتشديد رقابتها في المنافذ
الحدودية؟! سؤال ربما يبدو بسيطاً للبعض، لكنه كبير في
نتائجه إذ ان مئات الاطنان ان لم نقل آلاف الاطنان من
الاغذية الفاسدة قد دخلت الأراضي العراقية في ظل غياب
الرقابة التجارية والصحية معاً.. لكن والحق يقال ان وزارة
الصحة تقوم بين فترة واخرى بجولة في الأسواق المحلية تقوم
خلالها باتلاف كميات كبيرة من الاغذية الفاسدة وهي غير
صالحة للاستهلاك البشري.. وبالتأكيد فان عملية الاتلاف هذه
فيها فائدة لصحة المواطنين ومضرة لاقتصاد البلد! إذ ان
المواد الغذائية الفاسدة استوردت بأموال عراقية.
والصحة لها عذر!!
من هنا تأتي اهمية
تشديد الرقابة الصحية في المنافذ الحدودية لمنع اية
إرسالية للمواد الغذائية من دخول العراق ما لم يتم فحص
المواد فحصاً دقيقاً وبالتالي ليتم ارجاع المواد الغذائية
الفاسدة قبل ان تدخل العراق لتفسد بعدها صحة المواطن لكن
السؤال الآخر هل بالامكان تشديد الرقابة في المنافذ
الحدودية ليتم بالتالي منع دخول المواد الفاسدة؟ تصعب
الاجابة عليه في ظل الوضع الحالي اولاً وفي ظل حدودنا
المفتوحة لدخول كل أنواع اجهزة الموت وليس لدخول مواد
غذائية فاسدة!! ربما سيقول البعض ان هناك معهداً خاصاً
يعنى بفحص المواد الغذائية وذلك هو معهد بحوث التغذية الذي
قال عنه مصدر مخول في المعهد.. اننا الجهة الوحيدة
والمختصة بفحص الاغذية وذلك استناداً الى قانون الصحة
العامة، حيث يقوم ملاكنا الصحي بفحص جميع المواد الغذائية
التي ترسل الى المعهد عن طريق دائرة الرقابة الصحية.
وأضاف اننا نقوم بفحص المواد الغذائية للتحري عن السموم
الفطرية والكيماوية والجرثومية التي ربما نكتشفها من خلال
فحصنا المواد الغذائية.. وفي حالة اكتشافنا لذلك أي اكتشاف
تسمم المواد الغذائية المرسلة الينا تتم مخاطبة دائرة
الرقابة الصحية ذلك لتقوم من جهتها باعادة تصدير تلك
المواد الى جهة المنشأ أو اتلافها عن طريق الرقابة الصحية.
وهذا هو واجب معهد بحوث التغذية وهو واجب مهم وضروري في
حالة تطبيقه بصورة صحيحة..
هل يمكن للفاحص ان
يقول لا؟!!
إذن السؤال الذي
يطرح نفسه هو.. وفي ظل ضعف الإجراءات القانونية والرقابة
وفي ظل التهديدات والاغتيالات.. هل يمكن (للفاحص) في معهد
بحوث الغذائية ان يقول عن إرسالية كلفت مستورديها ملايين
الدنانير بانها غير صالحة للاستهلاك البشري وبالتالي
إتلافها؟! هل يمكن ذلك ؟!
جولة في السوق
حينما نتجول في
السوق المحلية نشاهد (العجب العجاب) إذ كيف يتم بيع كيسين
شربت (محلى) بمبلغ 250 ديناراً ؟ ثم كيف يتم بيع قنينة
(عمبة) مستوردة بمبلغ 750 ديناراً؟! بالتأكيد حينما نتمعن
في تاريخ نفاد صلاحية المواد الغذائية سنجد انها منتهية
الصلاحية.
كما نرى في السوق المحلية عشرات الانواع من علب المواد
الغذائية وهي تخلو من اسم المنشأ.. والظاهرة الملفتة للنظر
ان اغلب هذه المواد الغذائية المعلبة تباع باسعار مناسبة..
لكن في الجانب الآخر نقرأ تصريحات المسؤولين في وزارة
الصحة وهي تعلن ان هذه المادة الغذائية المعلبة أو تلك
تسبب امراض السرطان على المدى البعيد!! ورغم هذا التحذير
من قبل وزارة الصحة الا ان المواطنين لا يزالون يقبلون على
شراء هذه المواد الغذائية غير آبهين بتحذيرات وزارة الصحة!
عدد كثير من المواطنين الذين التقينا بهم أكدوا انهم
يتناولون هذه المواد الغذائية لانها رخيصة السعر وطيبة
المذاق، اما تحذيرات وزارة الصحة فلن تلقى تجاوباً من
المواطنين. ومهما يكن امر هذه المواد الغذائية، إلا اننا
نستطيع القول انها تشكل ظاهرة مضرة بالصحة لأن اغلب هذه
المواد مجهولة المصدر.. وهي ظاهرة تتطلب تكثيف الجهود في
المنافذ الحدودية لأجل منع دخولها إلا ستنتشر أمراض لا
نعرف مصدرها أو نوعيتها!!
بين الناس!
قالت ام مصطفى 45 عاماً ربة بيت لها اربعة اولاد اكبرهم 16
عاماً، ان البصل الذي هو غذاء الفقراء تضاعف سعره من 150
الى 750 ديناراً للكيلو غرام الواحد. واضافت ام مصطفى ان
سعر الكيلو غرام من لحم الغنم تضاعف تقريباً الى 9000
دينار عما كان عليه قبل عدة اشهر واصبح سعر البيضة الواحدة
250 ديناراً وقال احمد عبد اللطيف 38 عاماً وهو بائع
خضراوات ان سعر كيلو غرام الطماطم زاد بنسبة الضعف ليبلغ
750 ديناراً للكيلو غرام الواحد وسعر كيلو غرام العنب من
الدرجة الاولى 1500 دينار مما يمثل زيادة بنسبة 80 في
المائة ام التمر وهو ثمر ينتجه العراق حيث أكثر من 20
مليون نخلة يبلغ سعر الكيلو غرام منه 1500 ينار واضاف عبد
الجبار احمد 32 عاماً وهو ايضاً بقال في سوق العلاوي بجانب
الكرخ.. ان اسباب ارتفاع أسعار اللحوم تهريب المواشي
والاغنام بعد انهيار النظام السابق وما تبع ذلك من انفلات
امني حيث يتم تهريب الاغنام الى الدول المجاورة للعراق..
والتقينا السيد حازم محمد عزيز وهو صاحب محل لبيع اللحوم
فسألناه عن سبب ارتفاع أسعار اللحوم فأجاب:
يعود السبب الرئيس في ارتفاع أسعار اللحوم لتهريب هذه
الثروة الحيوانية المهمة الى خارج البلد، حيث يبيعها
التجار باسعار خيالية جداً وبسبب عدم انتباه السلطات
الامنية لهذه الظاهرة التي أدت الى ارتفاع أسعار هذه
المادة الاساسية للعائلة العراقية، الكثير من المواطنين
يرغبون في شراء اللحوم العراقية لانها مذبوحة على الطريقة
الإسلامية، لكن هناك قلة في الطلب عليها بسبب ارتفاع
اسعارها ويبقى السبب الرئيس إننا نشتري هذه اللحوم باسعار
باهظة ولا نحملها الا الشيء القليل لنغطي اجور العمال
والايجارات والمصاريف الاخرى.
التجار هم السبب
اما المواطن رشيد
ونان احد المتبضعين من السوق فسألناه: عن سبب ارتفاع أسعار
المواد الغذائية ؟ فاجابنا:
- لا اعرف ماذا حصل في السوق هذه الأيام لقد ازدادت أسعار
جميع المواد الغذائية والخضر باسعار خيالية جداً والسبب
الرئيس في الارتفاع يقولون زيادة رواتب الموظفين
والعسكريين والمتقاعدين، وانا اقول من خلال صحيفتكم
الغراء.
ان تجار الجملة والمفرد هم السبب الرئيس في الزيادات
ويفكرون بانفسهم اولاً ولا يفكرون بالمواطن الذي اصبح تحت
المطرقة، لماذا لا يفكر التجار بالمواد الفاسدة وغير
الصالحة للاستعمال والاستخدام البشري، وهذه المواد مثل
السمك واللحوم والمعلبات المستوردة بانواعها، وهذه الظاهرة
بدأت تطفو على السطح ولم نجد لها أي علاج والضحية هو
المواطن والمجتمع العراقي.
* وشاركنا الحديث السيد مصطفى صاحب محل لبيع المواد
الغذائية:
نحن نتسوق يومياً من السوق بالجملة "العلوة" ولا اعرف
بالضبط ان كانت هذه المواد المستوردة صالحة للاستعمال أو
الاستهلاك البشري لأن مسؤولية ذلك تقع على وزارة الصحة
بالدرجة الاولى والتجارة ثانياً.
وفي جولتنا في سوق الصدرية التقينا السيد محمد دلشاد صاحب
محل لبيع الفواكه والخضراوات .. سألناه:
عن سبب ارتفاع المواد المحلية التي شملها غليان الأسعار
بماذا تعلل ذلك؟
- يقول محمد اتسوق الفواكه والخضراوات من علوة جميلة أو
الرشيد واحملها فوق سعرها مبلغ معقول برغم انها مادة محلية
ومن خيرات بلدنا لكن الفلاح أخذ يرفع سعرها يوماً بعد يوم
بسبب اجور النقل أو الاسمدة أو بسبب الأوضاع الأمنية
وعصابات التسليب المتفرقة هنا وهناك أو اسباب أخرى لا
يعرفها غير الفلاحين انفسهم، وتقع المسؤولية على الباعة
الذين لا حول لهم الذين يتحملون شجارات المواطن وهو الآخر
يكون الضحية في هذه اللعبة التي لا تنتهي إلا بقوة
القانون. اما السيد حنين مال الله احد المتبضعين من السوق
فقال:
- بدأت أسعار المواد الغذائية واسعار الخضراوات والفواكه
المطروحة في الأسواق بزيادة اسعارها زيادة ملحوظة ومن وجهة
نظري ان هذه الزيادة وعدم التوازن في تحديد اسعارها خدمة
للمواطن يأتي من خلال اضطراب الفوضى وعدم الاستقرار الذي
يعيش فيه المجتمع العراقي في هذه المرحلة من حياة الإنسان.
بغياب الدولة ومؤسساتها الخدمية وعدم تشكيل حكومة وطنية
تسيطر على الاقتصاد وعلى الاستيراد والتصدير.. مما يجعل
أصحاب النفوس الضعيفة من التجار والمتلاعبين بدماء وقوت
الشعب يقومون باستغلال هذه العملية من اجل الحصول على
مكاسب مادية على حساب ومصير المواطن العادي واصحاب الدخل
المحدود.
سعر اليوم؟!
عندما تريد شراء
كيلو "طماطة" يقول لك البقال ان سعر اليوم هو 1000 دينار
وهذا المبلغ لم يتعود عليه المواطن العادي وعندما يسأل عن
السبب.. يتعذر البقال بشتى الاعذار منها ارتفاع اجور
النقل، ارتفاع أسعار المواد الكيمياوية والاسمدة وتلاعب
المستثمر بعملية الانتاج وفي المحصلة النهائية ترى ان جميع
العوامل التي تتحكم في ارتفاع الأسعار هي عوامل شخصية
وذاتية وربحية وكلها تؤثر في دخل المواطن ذي الدخل
المحدود.
ان اشكالية ارتفاع الأسعار وغلائها نضعها امام السادة
المسؤولين في الوزارات ومجلس الـبلدية في بغداد
والمحافظات.
|