العثــــــور على توليفات من البروتينات
ترجمة فاروق السعد عن
مجلة الطبيعة
يبدو
إن البروتينات متغيرة اكثر مما كان علماء البيولوجيا يظنون
في يوم ما. فيبدو إن الخلايا البشرية قادرة على إعادة
ترتيب مكوناتها من تلك الجزيئات بخلطها و إعادة ترتيبها من
اجل بناء تركيبات جديدة. إن هذه القدرة قد تسمح للجسم بأن
يعزز ردنا المناعي على الخلايا المصابة. كما إن الباحثين
متفائلون من أن ذلك يمكن أن يدعم فهمهم للكيفية التي يتمكن
فيها النظام المناعي من تشخيص الخلايا التي تحتاج إلى هجوم.
يقوم DNA
بترميز البروتينات عن
طريق إنتاج قالب
RNA أول الأمر،
الذي يمكن تقطيعه و إعادة تجميعه اعتمادا على نوع البروتين
المطلوب. كان علماء البيولوجيا منذ أمد بعيد يفترضون بأنه
حالما يتم إنتاج هذا الخليط على مستوى
RNA
، فان البروتينات
الناتجة تصبح ثابتة لا تتغير.
ولكن
الباحثين وجدوا في عام 2004 بان ذلك لم يكن دوما صحيحا-
على الأقل ليس بالنسبة إلى البروتينات الموجودة في خلايا
سرطان الجلد. فقد بدت بعض تلك الجزيئات قد تعرضت للتقطيع،
و أزيل بعض مقاطعها، و من ثم ربطت مع بعضها مرة أخرى. إن
مثل هذه " الجراحة البروتينية" قد لوحظت في النباتات و
الكائنات الحية وحيدة الخلية. و الآن يقول الباحثون بان
عمليات التقطيع و التغيرات في البروتينات تلك تحدث في بعض
الخلايا الطبيعية أيضا. فقد بينوا في عدد هذا الأسبوع من
مجلة علوم بان البروتينات يمكن أن تقطع ويعاد ترتيبها و
ربطها معا، مما يزيد بشكل كبير عدد التركيبات المختلفة
التي يمكن صنعها من البروتين الأساس. وبما أن هذه الظاهرة
قد لوحظت في بروتينات تتواجد في الخلايا الطبيعية، فهذا
يشير إلى إن إعادة الترتيب هذه قد تكون اكثر شيوعا مما كان
يظن. قام الفريق بدراسة مجموعة من البروتينات القصيرة تدعى
peptides
، التي توجد في أسطح
الخلايا. تستخدم هذه الجزيئات من قبل مكونات النظام
المناعي وتسمى خلايا-(ت) لتحديد إن كانت خلية ما طبيعية أو
غاز أجنبي. تتكون
peptides بصورة
عامة عندما تبلى البروتينات التي تصنع داخل الخلية: هنالك
جزء من آلية الخلية يسمى
proteasome
يقوم بمضغ البروتينات و
إخراج تلك القطع إلى خارج الخلية. و لكن
proteasome
يمتلك حيلا أخرى أيضا. "
يستطيع proteasome
أن يربط
peptides
معا" كما يقول فريق البحث.
" بين الحين و الآخر، يتم خلق أجزاء من
peptides،
و ليس مجرد تدميرها." ليس من الواضح لماذا يحدث هذا، أو
ماذا تفعل شرائح
peptides الجديدة.
كما يقول الباحثون. وفي آخر دراسة، كان
peptides
المصنوع من عملية المزج و
التوافق هذه قد وجدت في أعلى خلايا مأخوذة من مريض مصاب
باللوكيميا الذي أجريت له عملية زرع نخاع. و لسوء الحظ فان
peptides
التي أعيد ترتيبها في
المريض قد أثارت رد فعل مناعي من خلايا-(ت) في النخاع
المزروع. وان البروتينات التي أعيد ترتيبها هي من النوع
الموجود عادة في الكثير من الخلايا، بضمنها الخلايا غير
السرطانية. يعتقد الباحثون بان ربط
peptides
قد يساعد أيضا النظام
المناعي في تشخيص الخلايا التي هوجمت من قبل فيروس ما.
وعند تكاثرها داخل الخلية، تقوم الفيروسات بخلق
peptides
جديدة على سطح الخلية. و
عندها إن كانت تلك الخلية قادرة على إعادة ترتيب تلك
peptides
، فإنها قد تزيد من فرصة
النظام المناعي في تشخيص الغزاة الأجانب، كما يقولون. لكن
هذه الفكرة لم تعرض للاختبار. و ليس معروفا بعد ان كانت
جميع الخلايا تستخدم
proteasomes
الخاص بها لخلط جميع
أنواع البروتينات، أو إن كانت تلك الآلية خاصة بـ(peptides)
المستخدم من قبل
النظام المناعي. يعتقد الباحثون بان هذه الآلية موجودة في
أماكن أخرى. " لا يوجد هنالك من سبب يمنع الخلايا من تعلم
استخدام تلك الآلية من اجل مصالحها ذاتها. ولكن لا نعتقد
بان الناس قد لاحظوا ذلك أبدا" كمــــا يقولون.
|