ماذا بعد
تفجيرات (11) ايلول؟ ..
خوف متواصل وذرائع لقمع
الحريات
ترجمة: عدوية الهلالي
بقلم: جان بيير ستروبان
عن: لوموند الفرنسية
بعد
مرور خمس سنوات على هجمات الحادي عشر من ايلول لعام (2000)
ما زال العالم مضطرباً كما انَّ القاعدة لم تحقق اهدافها
السياسية والدينية..، وما زالت الحرب ضد الارهاب تحصد
اعداداً لا تحصى من الضحابا وآلاف الموتى والحريات
المذبوحة في كل مكان من العالم تقريباً عبر قيام مناخ من
الخوف المطلق والحاجة الى الامان.
وعندما ينعدم الامان، يسود الخوف من الموت العنيف ومن خوض
حياة شاقة وقاسية وقصيرة "كما قال المحلل السياسي بيير
هاسنير في عام 2003، اما ما يغذي هذا الخوف الغامض
والمتعدد الاشكال والمجهول فهو وجود مجازفات بامتلاك
الحرية الفردية ومقاومة العنف ذلك ان الفرد بالتالي سيكون
مسؤولاً عن حماية نفسه حتى لو انتمى الى دولة او
امبراطورية.!
لقد تحققت هذه النبوءة لتهمل تحذيرات السكرتير العام للأمم
المتحدة كوفي عنان ومن أيده ممن شددوا على حقيقة ان
التشريعات والافعال المضادة للارهاب لابدَّ من ان تكون
منسجمة مع حقوق الانسان والمبادئ الديمقراطية..واذن،
فمحاربة اولئك الباحثين عن تدمير القيم الانسانية تحتاج
الى يد قوية يغذيها بغض شديد لافكار القاعدة كما كتب
الاتحاد الفيدرالي العالمي لحقوق الانسان في تشرين الثاني
2005.
لقد اعقبت احداث 11 ايلول، افعال مرعبة لبعض الحكومات التي
ارادت الاستفادة منها وبالتدريج تبين ان المجتمعات العصرية
لا تحتاج الى الحرية بقدر حاجتها الى الأمان.
بالنسبة لأوروبا، كان موقفها اقل حماسة من واشنطن التي
بدأت بتبجيل مبدأ "تدمير الشر" بما تمتلكه من "خير" وصارت
تحتفي بثيودور روزفلت، رئيسها السابق الذي قال يوماً: "اذا
لم يحافظ المرء على طباعه وفضائله البدائية فالفوز بالحصول
على الفضائل المتحضرة لن يجديه نفعاً".!
وفي اوروبا، وتحت تأثير العاطفة ربما، تم تسهيل عمليات
تخفيف الاعتقالات والتوقيف وايجاد ضمانات ترتبط باحترام
الحياة الخاصة في دول عديدة من الاتحاد الاوروبي، كما تمت
اعادة النظر في تسليم المجرمين او المهاجرين واللاجئين
متجاهلين حقيقة وجود نزاع واضح بين بعض القادة في الغرب-
برغم خطاباتهم المتحضرة- الاسلام.!
وعلى العكس من الكثير من حلفائها، جهزت فرنسا نفسها
بترسانة اسلحة خاصة بعد الحملات الارهابية في سنوات
الثمانينيات والتسعينيات، كما عملت على تعزيز تشكيلاتها
العربية بعد هجمات 11 ايلول وبعدها تفجيرات لندن في تموز/
2005 خصوصاً.
ومن المتوقع ان يتم تنفيذ قانون اسقاط الجنسية الفرنسية
التي يحصل عليها البعض بواسطة "التجنس" والزواج خلال فترة
تتراوح بين 10-15 عاماً للقضاء على اية بادرة من بوادر
الارهاب التي لا تنسجم حتماً مع طبيعة المجتمع الفرنسي..
اما في الولايات المتحدة، فقد تمت ممارسة سياسة قمعية في
معسكرات الاعتقال كما في غوانتانامو حين يوجد معتقلون
يفترض انتماؤهم الى القاعدة في اغلب الاحيان، ذلك ان ادارة
بوش، وبمساعدة رجال القانون الامريكيين، منحوا الشرعية
لممارسة قمع واضح ضد المدنيين احياناً ومعاملتهم كمحاربين
واعضاء في منظمات ارهابية على اعتبار إنهم يهددون أمن
امريكا، وهو ما لاقى انتقادات واسعة من بعض اعضاء
الاستخبارات الامريكية لأنهم يدركون جيداً تلك الذريعة
التي اعتمدها بوش لتمرير افكاره وقوانينه الخاصة ومنها نقل
السجناء بطريقة مباشرة او غير مباشرة الى معسكرات تعذيب
رهيبة في دول اخرى..
وفي بريطانيا.. فشل توني بلير في مبادرته بالرد على افعال
الارهاب في اسرائيل، لكنه ترك لها مطلق الحرية اضافة الى
دعمها في صراعها ضد المنظمات الفلسطينية واللبنانية.. اما
في آسيا الوسطى وروسيا فقد حدثت تطورات عديدة اخرى بعد
تفجيرات ايلول، لكن ما نستخلصه من كل ما سبق هو ان معايير
مناهضة الارهاب تتناقض حتماً مع حقوق الانسان وقد تحقق
مبتغاها لكنها تجهل من سيكون الخاسر النهائي في المعركة..
هل تكون المجتمعات التي تحاول حماية نفسها بمواجهة تهديدات
خطرة؟ ام تلك الشبكات المجرمة التي يبدو ان القمع المتزايد
يغذيها اكثر مما يضعفها.!
|