الضربة
الكبيرة.. سبايك لي ودينزل واشنطن معاً
غرادي هيندريكس
ترجمة: عادل
العامل
يُعد
"Inside Man"
أفضل فلم لسبايك
لي يحرز تقدماً منذ مالكولم إيكس، عام 1992. كما أنه اول
فلم لسبايك لي منذ "فاز باللعبة
He Got Game"
يتألق فيه الممثل دينزل
واشنطن، وكما كانت الحال مع جيمس ستيورات وهيتشكوك اللذين
أبرز الواحد منهما افضل ما لدى الآخر، فإن دينزل وسبايك
يحتاج احدهما الآخر، مثل خمر الفيرموت الأبيض وشراب الجن!
فهما تمام التمام وفقاً لما يقدمه كل منهما، ولكن ذلك
يمزجهما معاً وبشكل بارع بحيث انك لا تنسى فقط مشاكلك، بل
تنسى حتى ماذا كانت المشاكل في المقام الاول.
ويمثل دينزل هنا دور كيث فريزير، وهو مفاوض رهائن، بعد ان
دخلت جماعة من اللصوص مصرفاً وأخذت من فيه رهائن، وافلام
السرقة عادةً مشوبة بالتوتر حيث يصرخ الناس بعضهم بالبعض
الآخر عبر الهاتف، والمثاقب الماسية الأطراف تخترق جدران
الاقبية، وتعرق ما تحت الابط ينفذ عبر القمصان، والفريق
المسلح بالأسلحة الخاصة والتكتيك يقضم طعامه بصوتٍ عالٍ،
وهم متشوقون لكسر النوافذ والاقتحام وملء الجميع بالرصاص.
غير ان هذا الفلم عمل راشد، ومعاصر، ويتسم بالاسترخاء
تماماً، فلا احد يصرخ، والقليل من الاشخاص يتعرقون، وليس
على المجرمين ان يثقبوا ابواب الاقبية، لانهم يقفون في
العراء، اما فريق الاسلحة والتكتيك، فهم متعاونون جداً الى
حد اني كنت اتوقع من دينزل واشنطن، في نهاية الفلم، ان
يمنحهم بقشيشاً! وهو عمود من البرودة، واشد توترٍ يُحدثه
يأتي من قبعته، وهي قبعة عريضة من القش تتفرج عليها
بأنفاسٍ لاهثة، منتظراً شخصاً ما يجلس عليها. وبطريقة
اخرى، فإن واشنطن يخطو خلال الفلم، مقاطعاً نفسه باستمرار
وهو يتكلم بطريقة ناعمة الى حد أنه يُلزم أدنى الرجال
بالاصغاء اليه.
وتقوم جودي فوستر بدور صغير مطول، كأشد النساء البيضاوات
عصبيةً في العالم. وفوستر هنا، وهي غير مقنعة بكعبيها
العاليين، سمسارة قوة مبهمة تتدبر تذاكر لأحداثٍ خيرية
ويدعوها آل بن لادن عندما يحتاج أبن اخيهم شقة في مانهاتن
وهي مأجورة لمؤسس المصرف، كريستوفر بلومر، لحماية السر
الغامض، العميق، الذي كان عليه إخفاؤه في احد صناديق
الايداع، كما للمجرمين أسرارهم، فبدلاً من حشو حقائب
بالمال، يبدون منكبين على انجاز نوع من الحيل السحرية
المعقدة التي تتضمن نقل الرهائن من غرفة الى غرفة.
ويتضح في آخر الامر ان هذا ليس بفلم سرقة بالرغم من كل
شيء، وإنما هو مزيج من فلم "القطن يأتي الى هارلم"، وتكملة
لم تنجز لفلم "صوت الموسيقى" ، حيث يعود كابتن السيد
كريستوفر بلومر، فون تراب، الى ارض الوطن ويدخل في شغل مع
النازيين، وفي نيويورك سبايك لي، يكون الاغنياء والاقوياء
قد دفنوا جثث ضحاياهم الماضين في أسس مدنهم الجديدة
اللامعة، والقلة من الناس فقط يمكنهم التصريح بأنهم يشمون
الرائحة الكريهة، وقد مال النقاد الى اختزال سبايك لي الى
حزمة من التحريضات وجعلوه متحدثاً باسم العنصر
race،
بما أنه تقريباً المخرج الوحيد الذي سيذكره، والنتيجة
النهائية هي انه على مدى السنوات القليلة الماضية، كان
النقاد يميلون الى تجاهل صناعته السينمائية، وما تحمسهم
لفلم "Inside Man"
المرح إلا كما لو
كانوا تقريباً يقولون له: "لو توقفت عن التصرف بشكل شائن
وحضرت الى الطاولة وفقاً لشروطنا، فإننا سنصغي لك عند
ذاك".
|