سوق
السراي والعام الدراسي الجديد ..
اشراقة أمل رغم ارتفاع
أسعار القرطاسية
بغداد / أدهم يوسف
مع
اقتراب دقات أجراس المدارس والجامعات يشهد شارع السراي وسط
بغداد حركة كثيفة للطلاب وأولياء أمورهم. فهو شارع يحتوي
على مستلزمات الطالب من قرطاسية وكتب ومراجع وبين مكتبات
ومعالم شارع السراي توقفنا لتغمرنا رائحة الكتب العتيقة من
جهة ودفاتر الطلاب وقرطاسيتهم التي تنشط عمليات بيعها
وشرائها مع بداية العام الدراسي الجديد
يقول هيثم مجيد، وهو صاحب
محل لبيع القرطاسية، انه يمارس هذه المهنة منذ اثني عشر
عاما وهي تزدهر هذه الأيام لقرب بدء العام الدراسي. إما
محمد قدوري فهو زائر دائم للسراي كما يقول فهو يقضي أكثر
من ثلاث ساعات يوميا بالجلوس في هذا المكان ويلتقي أصدقاءه
الذين عرفهم منذ سنوات طويلة ولا يحلو له مكان أخر أكثر من
السراي لان لديه ذكريات جميلة فيه. وفي إثناء حديثنا مع
قدوري تقدمت عائلة لشراء بعض اللوازم المدرسية.استوقفنا رب
الأسرة فقال.. إن الأسعار مرتفعة جدا والسبب يعود لاقتراب
الموعد الدراسي مما يدفع أصحاب المحال إلى رفع الأسعار
لأنهم يدركون تماما انه لا مناص من التوجه إليهم...
إما السيد فلاح منشد سلطان وهو معلم في إحدى المدارس
الابتدائية والذي كان يصطحب ابنه الطالب في كلية الهندسة
فقال.. ان بداية عام دراسي جديد يعني بداية أزمة جديدة في
كل بيت..! أقلام ومساطر ودفاتر، أدوات كثيرة لا حصر لها
ترهق كاهل رب الأسرة وتأكل من ميزانيته، ولي الأمر أصبح
اليوم بين هم المدارس وطلباتها وارتفاع أسعار الأدوات
المكتبية، الأب يلقي اللوم على المدارس، والمدرسة تلقي
اللوم على ولي الأمر الذي يصنع لنفسه الأزمة حينما يتكاسل
في شراء مستلزمات أبنائه وينتظر حتى اللحظة الأخيرة فيكون
فريسة سهلة لارتفاع أسعار المحال التجارية والمكتبات التي
تحرق جيبه..
أيضا الطالب قد يكون له دور كبير في حدوث هذه الأزمة،هذا
ما قاله السيد سلام عبد الهادي احد زوار السوق فبعض طلبة
المدارس يتنافسون في شراء قرطاسية قد لا يحتاجون لها،
والبعض الآخر ينظرون الي زملائهم في محاولة لتقليدهم فيما
يشترون من مستلزمات! معتبرين إن تلك القرطاسية هي غاية
وهدف وليست وسيلة لكسب العلم والتفوق الدراسي الذي ينسونه
وسط الأشكال والأحجام والألوان المختلفة من القرطاسية التي
تذهب عقولهم في ظل هذا التنافس السلبي الذي لا يحمل أي وعي
أو مسؤولية أو مراعاة للظروف الاقتصادية لأسرهم!!ويضيف
السيد مازن خليل معلم في مادة التاريخ.. من خلال تجربتنا
في المدارس والعمل بمختلف مراحلها فقد وجدنا إن طالب
المرحلة الابتدائية تختلف متطلباته والمسؤوليات الواقعة
عليه عن طالب المرحلة الإعدادية أو الثانوية، حيث إن طالب
الابتدائي تكون أعباؤه المادية وحجم متطلباته أكثر من أي
مرحلة أخرى. لأن الطالب يكون صغيرا في هذه المرحلة ولا
يستطيع الحفاظ على أدواته المدرسية وبالتالي يفقد الكثير
منها ما يضطر والده الى إن يشتري بديلا لها، وهذا يشكل
عبئا ماديا كبيرا على الأسرة، إضافة الى إن طالب الابتدائي
ينظر إلى زميله ويسعي الى تقليده، وقد تختلف المستويات
الاجتماعية بين كل طالب وآخر فيحاول طالب متوسط الحال إن
يقلد زميلاً له قد يكون أحسن حالا منه ماديا أو اجتماعيا،
أما في المرحلة الإعدادية فيصبح لدي الطالب وعي أكبر
للحفاظ على أدواته ولكن هذا لا يمنع فقدان بعض منها...
هموم أولياء أمور
الطلبة
قال السيد محمد
ناصر..إنني ألمس عن قرب مدى معاناة الآباء مع أبنائهم خاصة
في المرحلة الابتدائية فإنني أب وجميع أبنائي في المرحلة
الابتدائية وأعاني فقدهم أدواتهم المدرسية نظرا لصغر
أعمارهم.. أما السيد إيهاب عبد اللطيف.. فيؤكد إن متطلبات
التلميذ تنقسم إلى قسمين مادية ومعنوية والمادية هي ما قد
يحتاجه من أدوات مكتبية وقرطاسية وقد تكون هذه المتطلبات
مكلفة بعض الشيء حيث أنها تأخذ أحيانا الطابع الشكلي فنجد
الطالب يشترط علي والده شكلا معينا أو لونا مميزا عند شراء
أدواته.
يضيفون للحياة
نكهة
سوسن وتمارة واحمد
في المرحلة الابتدائية كانوا يتبضعون الدفاتر والقرطاسية
من أحد المحال توقفنا بجانبهم فقالوا.. في بداية كل عام
دراسي جديد يجلبنا والدنا إلى هذا السوق كي نتبضع منه
مستلزمات المدرسة من أقلام وممسحات ومساطر وورق تجليد
وغيرها.. فسألنا رب الأسرة عن تلك الاحتياجات فقال انتم
تعرفون أن حياتنا السابقة تختلف عن حياة الأطفال في الوقت
الحاضر. إذ كنا في السابق لا نشتري إلا الشيء الضروري من
أقلام وممسحات تكاد تكون بسيطة جداً.. اما الأطفال الان
فلهم متطلبات عديدة وكثيرة منهم من يطلب أشياء لا تناسبه
في المرحلة الابتدائية مثل أقلام السوفت والمسطرة الهندسية
وحتى الحقائب التي يستخدمها طلبة الماجستير! وغيرها من
الكماليات المعروضة إمامهم.. الطفل يريد أن يشتري كل شيء
حتى ولو كان ذلك لا ينفعه.. إما بخصوص الأسعار فأنا
اختصرها بكلمة إذا كانت هناك رقابة على أسعار القرطاسية
فنحن بخير... إما السيدة أم حاتم التي اصطحبت أولادها
الثلاثة كي تشتري ما يلزمهم من قرطاسية وغيرها فقالت..
والله حتى لو قامت إدارة المدرسة بتوزيع القرطاسية
والدفاتر الملونة على الطلبة فانهم لا يرضون بذلك أبدا لا
اعرف ما الفرق بينهما وانتم تعرفون أن الأسعار عالية
والحال متعب جدا هذا هم جديد يضاف إلى هموم العائلة..
والدوائر الحكومية
أيضا
عندما انتهينا من
كلام السيدة تجولنا في السوق اذ وجدنا رجالاً يحملون
صناديق كبيرة ومتوسطة.. توقفنا وشرحنا وجهة نظرنا لهم
سألنا السيد غسان مطر موظف في وزارة الإسكان والتعمير عن
البضاعة التي معهم فقال: إن هذه قرطاسية نحتاجها في عملنا
داخل الوزارة إذ يعتبر هذا السوق الأول في تجهيز الطلبة
وبعدها دوائر الدولة وحتى المطابع الأهلية. وانتم تعرفون
أن هناك محال في المناطق تبيع بالمفرد وهذا غير مجد لذا
أتينا هنا لشراء كل ما نحتاجه من محل واحد فقط وبسعر ربما
أفضل من باقي المناطق الأخرى.
إنني أتذكر طفولتي عندما كان يصطحبني أبي بهذا الشارع
لشراء قرطاسية المدرسة واعتبر هذا اليوم هو أجمل يوم في
حياتي.
في حين قال لنا أبو حسين صاحب مكتبة عن علاقته بهذا الشارع:
نحن في سوق السراي نعتبر أنفسنا عائلة واحدة لا يمكن
مغادرة هذا المكان المشبع بعبق الماضي الجميل انظروا من
بداية السوق وحتى النهاية لا تجدون محلاً يبيع غير
القرطاسية والشيء الجميل عندما تبدأ المدارس ونرى الأطفال
يتبضعون من هذا السوق تاركين خلفهم الاحداث المدمرة
والمزعجة فهي أجمل اشراقة أمل..
|