نجاح علاج السرطان بواسطة
الجينات
ترجمة/
فاروق السعد
عن/
الايكونومست
في
المعركة الدائرة ضد السرطان من الضروري الاستفادة من جميع
القوى المتوفرة. فبالرغم من إن الطرق التقليدية للعلاج-
العمليات الجراحية، الأشعة و المواد الكيماوية- ما زالت
تحتل مكانها، إلا إن الأسلحة الأخرى يزج بها بشكل متزايد
لاكمال القديمة منها. من إحدى تلك الطرق هو نظام الجسم
المناعي ذاته.
وبهذه الروحية قامت مجموعة من الباحثين بإجراء تعديل جيني
على خلايا النظام المناعي و تحويلها إلى صيادين قادرين على
مهاجمة الخلايا السرطانية. خلال السنوات الخمس الماضية
اصبح من الواضح أن النظام المناعي غالبا ما يمنع الأورام
عن طريق تشخيص و إزالة الخلايا الخبيثة في أية مرحلة مبكرة
من نشوء الحالة. و مع ذلك، فان العملية غير تامة. فبعض
الخلايا الورمية تتخلص من عملية التشخيص و تستمر لتسبب
السرطان. إن هذا الانحراف هو اقل ترجيحا في تحفيز رد فعل
من النظام المناعي مما هو الحال مع الأورام الأخرى، ويعود
السبب الدقيق في ذلك إلى إن تلك الخلايا تفلت من عملية
مراقبة النظام المناعي في المقام الأول. كان العديد من
الأشخاص يعملون على طرق للتغلب على عملية تخفي تلك الخلايا
المنحرفة. فإحدى المجموعات، بقيادة ستيفن روزنبرغ في معهد
السرطان الوطني في ماريلاند، كان يحاول القيام بذلك عن
طريق التلاعب بجينات خلايا النظام المناعي نفسها، لغرض
جعلها اكثر كفاءة في عملها. حصل سبعة عشر مريضاً يعانون
الأورام القيتامينية- وهو سرطان الجلد الذي انتشر الى
أجزاء أخرى من الجسم- على علاج تجريبي. لم يتبق لهؤلاء
المرضى من خيارات أخرى وكان من المتوقع ان تنتهي حياتهم ما
بين ثلاثة الى ستة اشهر. و بعد العلاج، لاحظ اثنان من
السبعة عشر أن اورامهم تنكمش و اعتبروا خالين من المرض بعد
عام و نصف من بداية العلاج. ورغم ان التجربة لم تكن تتضمن
مجموعة سيطرة، الا ان جميع المرضى كانوا من المتوقع ان
يموتوا بدون علاج. لخلق علاجهم، قام الباحثون بسحب عينة دم
من كل مريض لكي يتم استخلاص و تعديل خلية من خلايا النظام
المناعي، تدعى خلية-ت، بحيث تتمكن من تشخيص الجزيء الموجود
في السطح الخارجي من الأورام القيتامينية. لقد قاموا بذلك
عن طريق إصابة الخلايا-ت بفيروسات معدلة جينيا تحمل جينات
مشفرة لمستقبلات جزيئات الورم القيتاميني. ان الفيروسات
المعنية كانت فيروسات
retroviruses،
التي تعمل بإضافة جيناتها إلى تلك التي في نويات خلايا
المضيف. و بهذا تتم إعادة تسليحها، كانت الخلايا-ت قد سمح
لها بان تتكاثر قبل إعادتها الى المريض الذي كان قد أخذت
منه في الأصل. ان الخلايا-ت المعدلة قد عاشت في 15 مريضاً،
رغم أن الدرجة التي عبرت فيها تلك الخلايا عن الجينات
المعدلة قد تضاءلت. و لكن الخلايا صمدت في مريضين، كما إن
الورمين قد انكمشا. ورغم انه لم ينج سوى مريضين، إلا إن
العمل يعد خطوة إلى الأمام. وهذه هي المرة الأولى التي
يستخدم فيها العلاج بالجينات بنجاح في معالجة السرطان. و
علاوة على ذلك، يمكن تعديلها لتحسين تعبير و وظيفة جينات
خلية-ت، إضافة إلى التأكد من إن المزيد من الخلايا المعدلة
ستنجو. كما يعتقد الباحثون بان العلاج يمكن ان يتوسع ليشمل
أنواعاً أخرى من السرطان. فهم يأملون بان يسمعوا خلال شهر
واحد بان إدارة الطعام و الدواء الأمريكية ستسمح لهم
باستخدام
retroviruses
لانتاج جينات قادرة على معالجة أورام اكثر شيوعا، مثل
سرطان الصدر، الرئة و الكبد. كما إن هنالك محاولات تجري
على كفاءة استخدام علاج الأشعة لإنقاص إنتاج الشخص للخلايا-ت
غير المعدلة قبل استبدالها بخلايا معدلة وراثيا. ورغم إن
الدراسة ستجلب اهتمام الجمهور، إلا إن الحذر مطلوب. فهذا
النوع من العلاج يتطلب ان تتم معالجة كل مريض بدوائه الخاص
الوحيد. ومن الناحية التجارية، يعتمد تسويق هذا العلاج على
الدرجة التي يمكن بها تبسيط تلك العملية وجعلها تلقائية.
|