أصدقاء
أمريكا في الشرق الأوسط
ترجمة
/ نادية فارس
كتابة / ستيفن
كلين
عن / نيوزويك
عن/الديلي تلغراف
الاهتمام الكبير بمواجهة الإدارة الأمريكية مع أعدائها في
الشرق الأوسط، ضاءل الاهتمام بكيفية تعاملها مع حلفائها
العرب في المنطقة. وفي ترتيباتها السريعة لإدراك مدى
التهديدات الموجهة للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط،
أهملت، الولايات المتحدة الأمريكية، علاقاتها مع كل من
الأردن والعربية السعودية، مع مجاملة الحكم المطلق
المتزايد في مصر. ولا داعي لذكر، التعليق الماهر حول الشرق
الأوسط - الذي فشل في التمييز في الاختلافات بين الحكومات
العربية والمجموعات المتباينة - وخطورة المصالح الأمريكية
مع كل واحدة منها.
لقد
ساعدت واشنطن المجموعات الإسلامية، وعلى الأخص مجموعة
الأخوان المسلمين في مصر، والذين يدعمون امتيازاتهم
السياسية والفكرية، ببذر الخوف من حرب أمريكية على الإسلام.
والعلاقة القوية التي تربط الولايات المتحدة الأمريكية
بإسرائيل، جعلت علاقات الحكومات العربية المعتدلة، غير
ممكنة، إضافة إلى فراغ القيادة الذي كان واضحاً بشكل مؤلم
من خلال الصراع الذي دام شهراً بين إسرائيل وحزب الله
اللبناني - وبينما يتجاهل البيت الأبيض، البيت السعودي،
فإنه يطلق العنان للرئيس المصري، حسني مبارك، ويعطيه
اهتماماً زائداً، مبالغاً في تقدير مدى بقائه في الحكم.
والقائد المصري، يحاول تحييد الانتقادات الموجهة إليه عبر
مسيرة سياسية للتطور. وفوز مبارك مجدداً، في عملية
انتخابات حرة - مع انتقادات لتلك الحرية - صعد الآمال في
أن إدارة بوش، قد تضغط على القاهرة للسماح للمجموعات
المعارضة بتشكيل أحزاب سياسية. تلك الخطوة، لم تكن تؤثر
إيجابياً فقط في خطاب بوش الديمقراطي، بل إنها كانت تخلق
لمبارك فرصة للهروب من التوتر.
وعندما نشبت التظاهرات العنيفة في خلال شهر أيار، توقع
الكثيرون أن يتنازل مبارك مع الضغط الأمريكي، لكنه عوضاً
عن ذلك، سجن معارضيه ورفض طلباً بإطلاق سراح المعارض أيمن
نور. الذي حكم عليه بالسجن في كانون الثاني 2005، ولقد
أدهش ذلك القرار الدبلوماسيين الأمريكيين في القاهرة، في
حين كان مسؤولون مصريون كبار قد أكدوا أن نور، سيطلق سراحه
بسبب تراجع حالته الصحية.
وواشنطن لم تفشل فقط في ضبط تطرف مبارك، بل إنها استقبلت،
جمال ابنه الذي ترشحه الإشاعات خلفاً لأبيه - في اجتماع
سري في البيت الأبيض. وفي الحقيقة، فإن المصريين يرون أن
حجة بوش في نشر الديمقراطية، مجرد خداع في الوقت الذي
أعادت فيه الانتخابات، مبارك الذي يبلغ 78 عاماً، إلى
الحكم في دورة أخيرة بالتأكيد.
الولايات المتحدة الأمريكية، لم تفعل شيئاً مقابل وضع حد
لقسوة مبارك. بالتأكيد أن مصر قدمت دعماً تكتيكياً مثلاً،
تقديم المشكوك بكونهم إرهابيين إلى (التحقيق)، أو التفاوض
من أجل إطلاق سراح صحفي اختطف في غزة.
ولكن مبارك رفض أن يلعب دوراً بناءً في قضايا مهمة تخص
المصالح الأمريكية، مثلاً إنهاء الصراع الإسرائيلي -
الفلسطيني، أو تقديم مساعدة في قضية، الطموح النووي
الإيراني. وهو كقائد لأكبر دولة مؤثرة، اختار، عزل نفسه.
فهل هذه النتائج هي التي أرادها بوش، ذو السلطة الأحادية،
من بين جميع رؤساء أمريكا؟ والشرق الأوسط يبدو اليوم أضعف
من ذي قبل!
ولكن ما الذي سيحدث بعد نهاية فترة رئاسة مبارك؟ وعلى
الرغم من أن الأقاويل ترشح ابنه جمال، الذي لا يستند إلى
قاعدة قوية، فمن المتوقع أنه سيغادر مصر إن توفي والده
فجأة، أو أصبح عاجزاً، أو أن يسلم مبارك الحكم لشخصية
عسكرية مقابل سلامة عائلته، متجنباً المصير الذي لحق
الحلقة التي كانت تحيط بجمال عبد الناصر، بعد تولي أنور
السادات الحكم.
والاحتمال الثالث هو أن يتسلم الحكم، عقب انتخابات حرة،
الأخوان المسلمون، المنظمة الأقوى سياسياً في العالم
العربي اليوم، التي لديها 88 مقعداً في البرلمان المصري.
وبالمقابل، فإن ملك الأردن عبد الله الثاني، لا يملك سوى
القليل من أجل علاقته مع الحكومة الأمريكية، التي تثير
علاقاتها التي لا حدود لها مع إسرائيل - سخط الشعب الأردني.
ومن المتوقع أن تحقق جبهة العمل الإسلامي (IAF)،
نجاحاً كبيراً في الانتخابات البلدية والبرلمانية المقبلة
في نهاية العام. و(IAF)،
لها علاقات قوية مع الأخوان المسلمين في مصر. والإدارة
الأمريكية ستواجه بالتالي مجموعات إسلامية تأتي عبر
الانتخابات، فإما أن تعترف بها أو تعارضها لصالح عبد الله.
أما المملكة العربية السعودية، فقد أصبحت بعيدة اليوم، بعد
عقود من تعاون مثمر مع أمريكا، وذلك بسبب سياسة بوش التي
لا شعبية لها في المنطقة. وعبد الله بن عبد العزيز آل سعود،
تحرك قبل أن ينصب ملكاً، بالتعاون مع وزير الخارجية الأمير
سعود الفيصل، لفتح المجال الاقتصادي لبلاده للاستثمارات
الأجنبية. وتتمتع المملكة اليوم، بقفزة اقتصادية، ولها
علاقات قوية مع دول مثل فرنسا والصين، الدولتين اللتين
تقفان في مواجهة السياسة الأمريكية الخارجية.
والسفارة الأمريكية في الرياض، تبدو مهجورة، بعد الضربات
التي وجهها الإرهابيون للأماكن السكنية الأجنبية، قبل
عامين. وقد استدعت الولايات المتحدة الأمريكية الشخصيات
المهمة من الرياض، كما أغلق رجال الأعمال الأمريكان
أبوابهم ورحلوا.
وفي الوقت نفسه تناقص عدد الزوار والسواح والطلاب، من
السعوديين لأمريكا، بسبب العراقيل التي تضعها الإدارة، بعد
أحداث الحادي عشر من أيلول.
وإدارة بوش لا تستطيع دفع سياستها في الشرق الأوسط ما لم
تعط أصدقاءها شيئاً يفيدها. مثلاً إقناع مبارك، ذي الخط
المتشدد، تبني الإصلاح السياسي تدريجياً، وأيضاً تنشيط
وتفعيل دور واشنطن، كوسيط شريف، في الصراع الإسرائيلي
العربي، والذي يمثل بؤرة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط،
على الرغم من إنكار واشنطن للأمر. وهذه الأمور ستحسن من
صورة أمريكا في الشارع العربي، ويقلل من شأن الجماعات
الإسلامية التي تنتعش جراء القلق الشعبي المتزايد من
السياسة الأمريكية تجاه المسلمين.
التحرك مع
المعتدلين
توني بلير ليس
بالشخصية المهمة الوحيدة الذي قام بجولات في عواصم الشرق
الأوسط المنهكة بالحرب، خلال الأيام الأخيرة. إذ قام سفراء
كل من روسيا وألمانيا وأسبانيا وإيطاليا بزيارات لإسرائيل
وفلسطين. وزيارة السيد بلير تؤكد فاعلية اختيار الوقت
المناسب لها.
فقبل زيارته، بيومين، كانت التطلعات لإعادة المحادثات
الإسرائيلية - الفلسطينية، تجد الإهمال. فبينما كانت
القيادة الفلسطينية قد قدمت عرضاً للتفاوض، بدت حماس غير
مؤكدة لمثل تلك المفاوضات. في حين أن (أولمرت) رئيس وزراء
إسرائيل وعباس، أشارا إلى استعدادهما لإجراء محادثات، من
دون شروط مسبقة. كما أن (فتح)، المنظمة التي يقودها، عباس،
أعلنت عن اتفاق (وحدة) مع حماس.
في صحراء دبلوماسية، تبدو الخطوة تقدماً. والأمر الحقيقي،
أن زيارة بلير، لبيروت، أسكتت الأصوات المعارضة لحضوره،
والأمر الحقيقي الآخر، أن العلاقات بين إسرائيل
والفلسطينيين، هي في الدرك الأسفل، ولذلك فإن التحسس فيها
يستند على درجة واطئة. والخطط لانسحاب أحادي الجانب من
أجزاء من الضفة الغربية، التي ورثها أولمرت عن شارون،
ساكنة إن لم تكن قد مزقت. والشلل الاقتصادي العميق بأزمة
إنسانية في قطاع غزة بسبب العزلة التي فرضتها حماس بقوة
على الفلسطينيين (1.5 مليون) هناك، كما أن حماس تجاهلت
الطريق الأسرع، لإنهاء العزلة، برفضها قبول حق إسرائيل في
الحياة.
ولكن الإشارة إلى تقارب في الأيام الماضية - من أولمرت إلى
عباس من جهة عباس إلى حماس من جهة أخرى - تشكل فعلاً نافذة
للفرصة، كما أكد بلير. والأكثر من ذلك، أن الهدف بالنسبة
للمعتدلين من جميع الأطراف، هو أوضح من ذي قبل، وعلى حماس
الاقتناع لمواجهة الواقع وتقبل المسؤولية التي جاءت بها
نتيجة فوزها في الانتخابات. ومن دون البحث عن كلمات تعريف
بإسرائيل، فإن إدارة حماس ستبقى معزولة. وليست هناك حكومة
فلسطينية، سواء منتخبة أو غير ذلك، تستطيع أن تدعي أن لها
دوراً في وضع مستقبل فلسطين، ما دامت تتمسك باستعمال العنف
لتدمير جارتها.
وفلسطين ليست في حاجة إلى قادة لهم أهميتهم، حتى بين أولئك
الذين أمضوا سنوات في سجون إسرائيل والذين يعترفون أن الحل
الوحيد الممكن لسلام في المستقبل هو حل الدولتين، كما هو
مبين في خارطة الطريق، التي تم الاتفاق عليها بين شارون
وعباس والولايات المتحدة الأمريكية، والأمم المتحدة،
وروسيا ومجموعة الدول الأوروبية، هؤلاء المعتدلون سيدعمهم
القرار الدولي للتأكيد بأن المتطرفين الذين يبغون تهميشهم
لن ينتصروا. وذلك يعني أن لا مفاوضات مباشرة مع حماس، ما
لم تنبذ خطاب الكراهية.
وهو يعني أيضاً أن تهيئة قنوات شخصية للاتصال مع أولئك
الذين هم في القيادة الفلسطينية، المنادين بحل واقعي. وكما
يعرف بلير، من أمثولة أيرلندا الشمالية، أن هذه الاتصالات
تكون عادة معقدة وغير براقة، ولكنها الطريق الأفضل للسلام.
آخر أوراق أولمرت
عن / أخبار
الاتصالات الدولية
بعد انتهاء الحرب اللبناينة، أدرك رئيس وزراء إسرائيل أنه
قد راهن على مستقبله السياسي - وخسره. وبخسارته في الرهان،
أصبح أولمرت قريباً من خسارة منصبه، وهو الموضوع الذي ما
زال على المحك. فما زال، أولمرت، يحتفظ بورقة آس أو اثنتين
في كمه - فرصة تفعيل عملية السلام الميتة.
لقد قدم أولمرت، اقتراحات لكل من الفلسطينيين واللبنانيين،
لإجراء محادثات تهدف تحقيق السلام، وقد رفض لبنان تلك
الاقتراحات في حين نالت التأييد من قبل الفلسطينيين.
وإن استطاع أولمرت تقديم سلام دائم للفلسطينيين أو
اللبنانيين، فإن نسبة جيدة من الإسرائيليين على استعداد
لنسيان، التشوش، الذي حصل خلال تلك الحرب التي استمرت 34
يوماً، وتقبل رئيس الوزراء كبطل حالي، كما يمكن تجاهل
الأخطاء التي حصلت والتي أرادت القضاء على حزب الله،
ووضعها على الرف، ويكون بمقدور، أولمرت، أن يركب الموجة
وتحقيق مفاوضات ناجحة. هذا الأمر قد يؤدي إلى خروج عوائل
الجنود، الذين قتلوا في الحرب، إلى الشوارع احتجاجاً، ولكن
غالبية الإسرائيليين، سيرتاحون بالتأكيد، إزاء تحييد عدو
آخر لإسرائيل.
وبعد مصر ثم الأردن، الدولتين الموقعتين على اتفاقية
السلام، فإن سلاماً جديداً قد يتحقق مع الفلسطينيين سيكون
خطوة كبيرة تجاه ضمان أمن إسرائيل، وريشة كبيرة في قبعة
أولمرت السياسية، تكرسه بثبات على مقعد القيادة.
لقد تقبل، محمود عباس وهو من المعتدلين، دعوة أولمرت
لاجتماع قمة. ومن صالح عباس، تحقيق ترتيب ما، في فترة
رئاسة أولمرت، فالسلطة الفلسطينية (p.A)
وغزة والضفة
الغربية، هي تحت سيطرة الحكومة الفلسطينية، وعلى الأخص،
غزة، التي تعاني كساداً اقتصادياً، وبطالة وعدة ألوف من
الموظفين الذين لم يتسلموا مرتباتهم، منذ تسلم حركة (حماس)
الحكم بعد نجاحها في الانتخابات التي جرت، شهر كانون
الثاني الماضي.
والإعداد لمؤتمر يضم فلسطين وإسرائيل، سيكون الفرصة
الأخيرة لأستخلاص السلام من الرماد، الذي أشار إليه، عمرو
موسى، الأمين العام للجامعة العربية، كونه ميتاً. ودافع
أولمرت لتحقيق ذلك، هو إنقاذ مستقبله السياسي وشرعيته
كرئيس وزراء.
ولكن ما الذي يدفع الفلسطينيين إلى اتخاذ القرار؟ إنه
الدافع الذي يكمن خلف احتمال خروج حزب (كاديما) من الحكم،
وبالتأكيد فإن الفرص ستكون أمام (ليكود) للفوز وبذلك سيحل
نتنياهو في رئاسة الوزارة بدلاً عن أولمرت، وهو مفاوض أقوى
بالنسبة للفلسطينيين.
|