لقد مات
بلير ويجب ان
لا تموت
البليرية معه
كتابة/
ول هاتون
ترجمة/ عبد علي سلمان
عن/
صحيفة الاوبزورفر اللندنية
انها
مسألة افكار. ولهذا السبب يرغب الساسة باستخدام السلطة
لبناء عالم أفضل، على الرغم من ان السياسة على ما يبدو
ليست أكثر من استغراق في برامج تسلية تتحدث عن حياة الناس
اليومية كتعبير عن طموحات السياسيين، انها مجموعة حيل
وسباق شخصي، من ذلك رأيناه طوال السنوات السبع الماضية
وامواج العقائد الخفية تجري هناك اسفل السطح.
وقلب مشكلة بلير هو انه
سيفوز في الجدال بعد فترة ليست طويلة وقد اصبحت كل مَواطن
القوة في عقيدته الجوهرية غير متماسكة نظرياً، فالبعض منها
نجح واستمر بالنجاح لكنه لم يؤدِ الى تقدم في وضع الداخل،
اما على الصعيد الخارجي فان الارتباط بالأحادية كقوة
مبادرة يعني انها اصبحت مدافعاً عن المقدرة الأمريكية
والإسرائيلية، وذلك يمثل التقدم الاقل في الوضع على
الاطلاق ان التفكك وعدم الانسجام النظري هو موت سياسي ولقد
مات بلير في الأسبوع الماضي.
ولكن، عليَّ الاعتراف بأن البليرية على الأقل نسخة قابلة
لإعادة التشكيل، وكل الحديث الآن يجري عن الحرب الأهلية
داخل حزب العمال.
وذلك يتطلب اختلافات اصلية وحماسية أكثر من الأخطاء
المزعومة لغوردون وستكون هناك وقفة كبيرة تحمل انتباه
الامس بالبحث عن الوحوش الكبيرة وسيكون هناك قادة نقابات
يلتمسون الحرب الطبقية والحليب الصادق للاشتراكية وعلى
الرغم من الأدلة اليومية على ضمور عضويتهم إذ بالكاد
اصبحوا يجذبون معدلاً من العمال فضلاً عن الناخبين.
وحقيقة، وفي كل الاحوال، فان الأفكار الناجحة وكل ما
يماثلها ستستبعد. فاذا فاز حزب العمال ثانية فانها ستكون
فقط فرصة لاستعادة التماسك النظري والسياسي لحزب العمال
الجديد الذي أضاعه بلير. وذلك بسبب ان الفردية اليسارية قد
كسبت الفلسفة واذا استطاع غوردون القيام بذلك فيُهمش له
ليكون الخليفة، وإذا لا فان القيادة ستفلت من قبضته.
لقد ولد حزب العمال الجديد بعيداً عن التجارب المرة
للخسارات المستمرة، ففي أواسط التسعينيات أصبح جلياً ان
التأتشرية (نسبة الى مارغريت تاتشر زعيمة المحافظين التي
حكمت بريطانيا لعدة دورات انتخابية ولقبت بالسيدة الحديدية)
قد استنفدت طاقاتها، لكن ذلك الموضوع يختلف عن فوز العمال،
لكي تفوز فذلك يعني ايجاد فلسفة من يسار
–
الوسط تكون عملية مع
ناخب يتطلع الى ان تكون ناجحة في اوقاتنا التي تتسم
بالفردية واللاحكومية فبالرغم من كل شيء فقد بقيت هناك
رغبة بالأهداف العامة والعدالة الاجتماعية.
وهذا البحث موجود في كتابي الذي حقق مبيعات قياسية مدهشة "الدولة
التي نحن فيها" وقد اعطى الكتاب الموضوع جزءاً من البحث
وظهر اتفاق في الآراء حيث اوجد اليسار طرقاً لغرز قيم يسار
الوسط بإحكام ومعالجتها ضمن نسيج المجتمع فضلاً عن فرضها
من الاعلى بواسطة التأميم والتخطيط والتوجيه الحكومي.
لقد كانت المهمة بناء مؤسسات وسطية جديدة مؤثرة ومصرف
مستقل لانكلترا، وشبكة
BBC
اعلامية نشطة، ومدارس
موهوبين مستقلة ذاتياً وأطر عمل منتظمة بدلاً من السقوط
ثانية في الغابية الوسطية (جمعية انكليزية أنشئت عام 1884
هدفت الى تحقيق الاشتراكية بالطرق السلمية) أو السقوط في
الفعالية الحكومية (مذهب يؤمن باتخاذ القوة سبيلاً لتحقيق
الاهداف السياسية).
ولقد ضمنت الشراكة والوحدة واصلاح النظام المالي في قائمة
ما يجب فعله، وهي أمور لا يمتلك حزب العمال الجديد الشجاعة
أو الرغبة للقيام بها. لكن بلير وبراون اشتريا المقترح
الرئيسي.
ولذا فإن هناك تعاوناً لتشكيل رؤيا جديدة عن كيفية ارتباط
الحكومة والمجتمع المدني ببعضهما وهذا نقيض ما اعتقده
الاشتراكيون البريطانيون منذ سدني وبياترك ويب. لقد اعطى
براون مصرف انكلترا ولجنة التنافس ومكتب الاحصاءات الوطني
استقلالية (حيث الاعمال تتسم بهوس السيطرة) في حين اسس
بلير حكومات اسكتلندا وويلز ولندن ولكن شيئاً فشيئاً "واصبح
الاكثر راديكالية في هذا الثنائي.
ان تأسيس المستشفيات ورعاية المدارس وكليات المدن والتمويل
المستقل للجامعات كانت كلها جزءاً من البرنامج البليري
لبناء مجتمع جماعي اكبر مع قيم الاشتراكية الديمقراطية
التي تمثل اقتراباً من الشعب. وسيتمكن القطاع العام من
تحقيق اهدافه ليس عن طريق احادية المجهز والمتسلم بل عن
طريق تعدد المجهزين الذين قد يكونون في بعض الاحيان
متطوعين أو خاصين، وسيكون ذلك مستجيباً بصورة افضل ويمكن
اعتماده بصورة اسرع ويوفر أكثر من خيار للمواطنين.
ورغم ذاك فان الشيطان في التفاصيل. إذ يعتقد براون ان
الاستقلال الذاتي سيؤدي الى فقدان سيطرة وزارة المالية.
وهو يعرف تماماً بأن الإمداد الجماعي يمكن ان يعني عدم
المساواة في الإمداد. ومن هنا كانت اعتراضاته ووضعه
العوائق في احيانٍ أخرى. وبينما بدأ بلير بالصراخ كان كل
ذلك الأداة- لتحطيم وضع حكومة أحادية وخلق الاختيارات
وإدخال القطاع الخاص وضرب النقابات العمالية بعنف كما لو
انه كان على خلاف مع القيم العامة والعدالة الاشتراكية.
ومن دون الإفصاح بوضوح عن وضع نظرية مشتركة فان التوتر بين
الاثنين بدأ بالتصاعد والهبه الاتهامات والاتهامات المضادة
بالخيانة وهوس الاستحواذ.
وكل ذلك كان يمكن احتواؤه لكن إرهاب المتشددين الإسلاميين
في 11/ 9، قد وضع جورج دبليو بوش البليرية في موضع
المواجهة مما حطمها. فهناك قضية تتعلق بالمبادرة بالتصرف
العالمي والإجراءات الأمنية الشديدة في الداخل عند
المواجهة مع الإرهاب والتي كان ينبغي القيام بها ضمن حكم
القانون والإطار الديمقراطي. وما عرض البليرية للخراب هو
فقدانها للمبادئ والقيم في الداخل والخارج.
وعلى خلفية بلير انقاذ البليرية من حلفائها العميان وفي
نفس الوقت إنعاش أفكارها الجوهرية، ففي الداخل يجب على حزب
العمال الاستمرار بالاتفاق واجتماع الآراء الذي تم تحقيقه
في أواسط التسعينيات.
مع توضيح اهدافه بصورة اكبر من اجل زيادة القيم العامة
وإضفاء الشرعية على الأعمال العامة وتوفير الفرص والعدالة
الاجتماعية .
وكل بديهيات بلير حول الرفاهية والتقاعد والتربية وحتى
فيما يتعلق بالعوائل العاجزة كانت كلها صحيحة.
لكن المحزن، انه لم يستطع تسويقها الى حزبه أو الى بلده.
وبراون يائس الآن من مصادقة بلير التي بالرغم من كل شيء
فان بلير سيمنحها ولكنه بحاجة الى ان يشاهد براون وهو
يحافظ على الشعلة مهما كانت التعديلات التي سيقوم بها،
والتناقض الآن هو ان كانت سلطة بلير الرسمية قد ضعفت بصورة
محزنة ومفاجئة هذا الاسبوع فان سلطته غير الرسمية اصبحت
قوية حقاً.
ان البليرية هي بشكل ما ابقاء اليسار مجرد وسيلة تبعث على
الاطمئنان حين تكون السلطة. وذلك ما اعطى مؤلفها قدرة
كبيرة على التحريك.
|