الخــوف
من المـدرسة عـاد تكتسب من الكبـار
مكتب
المدى-بابل/محمد هادي
نادراً ما شاهدنا أطفالنا
وهم راغبون بالذهاب إلى المدرسة بل أن رهبة اليوم الأول
تبقى عالقة بأذهان الجميع ولم نلحظ أي جهد يبذل من الأهل
ومن إدارات المدارس لمعالجة الأسباب التي تجعل الطفل يخاف
الذهاب إلى المدرسة في اليوم الاول.
بعض
الأسباب نفسية والأخرى موجودة في المدرسة مثلاً الإهمال
وعدم وجود مكان مريح ولا حتى مرافق صحية مع أجواء الخوف
والرهبة إضافة إلى صعوبة فراق والدته لذلك تراه يرغب في
بقائها بقربه ثم نظرته للمعلم وهو يحمل عصاه ويهدد ويتوعد
وغير ذلك من الأمور التي يراها التلميذ في يومه الأول وقد
حاولنا في هذا الموضوع معرفة استعدادات تربية بابل وآراء
بعض المختصين.
الكتب المدرسية
يقول السيد خضر
عباس مدير إعلام المديرية العامة لتربية بابل إن المديرية
استكملت تسلم الكتب المدرسية الخاصة بالصفوف الأولى وهي
تحاول جاهدة تأمين كل ما من شانه استمرار العملية التربوية
سواء في مركز المحافظة أو الاقضية والنواحي أما القرطاسية
والحقائب فلم تستلم بعد
الملاكات
عالجت تربية بابل
النقص الحاصل في الملاكات واتخذت جميع الإجراءات وأعطت
الفرصة لجميع من يشعر بالغبن لتقديم الاعتراضات وحاولت
تلافي النقص الحاصل وبجهود من المدير العام تم تعيين
محاضرين لسد النقص وقامت بمفاتحة الوزارة لغرض تعيينهم على
الملاك الدائم وننتظر الموافقة النهائية .
مدارس جديدة
وقامت المديرية
بافتتاح مدرستين جديدتين هما ثانوية الرازي والأخرى
ابتدائية في حي المهندسين وأضافت أجنحة بعدة صفوف لمدارس
ابن الأثير وميثم التمار وحيدر الحلي والحبوبي مع ترميم
عشرات المدارس مع تجهيز المدارس والصفوف والأجنحة بالأثاث
المدرسي وجميع المستلزمات ومفاتحة الوزارة لغرض تامين كل
ما تحتاجه .
إذن الكل يعمل على قدم وساق في ان يكونوا جاهزين لاستقبال
اليوم الدراسي الأول
الدكتور حسن علوان بيعي/ اختصاص طب المجتمع وخبير منظمة
الصحة العالمية تحدث عن اليوم الدراسي الأول قائلاً من منا
لايتذكر ذلك اليوم المهم الذي حضرنا فيه أول مرة في حياتنا
إلى المدرسة فذكرياته مفرحة او مؤلمة تظل راسخة في نفوسنا
ماحيينا .
إن الإعداد والاهتمام بالتحضير لاستقبال الأطفال استقبالاً
مدروسا من قبل هذه المؤسسة الاجتماعية بهذا اليوم يساعد
الأطفال كثيرا على تجاوز الاضطرابات النفسية والخوف من
المدارس وبالتالي يؤدي الى قبول الطفل لهذا العالم الجديد
ويشعر بسعادة لا حدود لها تفتح عينه على عالم التعليم
والمعرفة والتطبيع الاجتماعي ليكون مواطن المستقبل الصالح
المتحضر والمتسلح بالعلم ليبني بالتالي مجتمعه السعيد.
ان الخوف من المدرسة عادة يكتسب من الكبار او من خلال
خبرات الطفل المتراكمة من إخوته الذين سبقوه في الدراسة
والذين ينقلون له قسوة المعلم وصرامة الضوابط المتبعة في
هذه المؤسسة الاجتماعية المهمة التي يأتي دورها مكملا لدور
الأسرة .
قد تولد لديه مخاوف الولوج الى هذا العالم الجديد الذي
تسوده أجواء العمل المنضبط المبرمج كما ان الطفل وخاصة
وحيد أسرته يكون أكثر التصاقا بأمه ويرفض الانفصال عن
والديه لذا فهو أكثر عرضة للإصابة بالاضطراب النفسي كما ان
بعض العوائل المنطوية على نفسها تحرم أطفالها من اللعب في
سنين ، قبل المدرسة مما يجعلهم يعانون أكثر من غيرهم إن
السياسة التي يمارسها المعلمون في مدارسنا باستخدام
العقوبات كوسيلة ناجحة للتربية والتعليم تسهم في زيادة
حالات الخوف لدى الأطفال وتؤدي إلى تكوين اتجاهات وميول
سلبية لدى الأطفال تؤثر في مستقبلهم التعليمي وتضعف
تحصيلهم الدراسي ويصاب البعض منهم بصدمات نفسية وما
يرافقها من عواقب الكرب بعد الشدة من هذا نرى أن الاهتمام
من قبل المدرسة والأسرة والمجتمع ككل (مؤسسات الدولة
الحكومية أو المنظمات غير الحكومية ذات العلاقة ) لها دور
مهم في تخفيف الآثار النفسية التي يعانيها الطفل في يومه
وأسابيعه وأشهره الثلاثة الأولى في المدرسة
ومن تجربتي الخاصة مع اليوم الأول في مدرسة الفرات
الابتدائية قبل نصف قرن حيث كان المعلم يتمتع بمكانة عالية
جدا من الناحية الاجتماعية والاقتصادية وكان عدد المدارس
قليلا . أتذكر جيدا عندما اصطحبني والدي للتسجيل في هذه
المدرسة وكان عمري ست سنوات فقابلني المدير وكان رجلاً
طويل القامة يرتدي القميص والبنطلون في حين كنت أنا ارتدي
الدشداشه و يرتدي أبي الزي العربي المعروف وكان في غرفة
المدير أربعة من المعلمين احدهم أكثر نشاطا يبدو انه
المعاون .
رحب بنا المدير وتسلم من أبي أوراق التقديم والصور الخاصة
بتسجيلي في المدرسة .
كنت مندهشا مذهولا وبصري يتفحص بدقة وجه المدير والمعلمين
والأثاث وخاصة المذياع الذي كان صندوقا كبيرا إلى الجانب
الأيمن من منضدة المدير المرصوفة بالكؤوس العديدة التي
كانت تقف شامخة على احد الرفوف فوق رأس المدير ولكني أصبت
بوعكة وألم نفسي شديد عندما رأيت فوق منضدة صغيرة ثلاثاً
من العصي بألوان وأشكال وأطوال مختلفة . وقف نظري على هذا
المشهد المخيف وجالت في ذهني الغض أفكار وأوهام وتصورت بان
الجالسين في هذه الغرفة سوف يضربونني بقسوة لأنني لم اجب
على اسئلتهم بشكل صحيح أو لان احد أصدقائي في الصف وشى بي
أو اتهمني باطلا فاصدر المعلم الحكم عليَّ من دون أن يرى
وجه الحق والإنصاف لقد سألني المدير آنذاك بعض الأسئلة
لقياس قدراتي العقلية أتذكرها جميعا حتى الآن.
نشيدهم
الأستاذ صلاح
السعيد كاتب ومترجم حدثنا عن اليوم الدراسي الأول قائلا ما
زلت اذكر الاصطفاف حيث كان تلاميذ المدرسة الشرقية
الابتدائية يرددون في هدير الصوت الصباحي والمعلم يقف
متحفزا في وسط ساحة المدرسة
لحصاها فضل على
الشهب
وثراها خير من الذهب
تتمنى السماء لو
لبست
حلة من ترابها العجب
ولن أنسى اليوم الأول لتلاميذ الصف الأول الباكين يستطلعون
الوجوه وهم ينتقلون من عالم البيت إلى عالم جديد هو عالم
المدرسة ومن كان لديه أخ سبقه في الدخول إلى المدرسة فهو
ذو حظ عظيم حيث تتطلع عيوننا برهبة إلى ذلك اليوم
وما زلت أتذكر المفارقات الطريفة حيث النسوة تزغرد مشجعة
الأبناء وهم يدخلون عالم المدرسة في يومه الأول.
|