حسين الهلالي: مشكلات رواة
الفولكلور وواقع الأغنية الريفية
حوار/عباس
الشطري
يعد حسين الهلالي من الكتاب العراقيين المتميزين
والمتخصصين في التراث الفولكلوري العراقي فهو من اكثر
الباحثين والفنانين عناية بالموروث الشعبي ولم تتوقف
أنامله عن الكتابة في هذا المجال الذي لم يعد يستهوي
الكتاب الشباب لاسباب عديدة فضلا عن توقف المؤسسات
الحكومية عن متابعة هذا التراث والعناية به وهو الذي يمثل
عبق التاريخ الفولكلوري العراقي.
*بدءاً ما الذي
يعنيه وينتظمه مصطلح الفولكلور؟
-فولكلور هي كلمة أجنبية تعني الموروث الشعبي وهذا يشمل كل
تراث الشعوب من الغناء والعادات والتقاليد المتكررة في
الأعياد والمناسبات، وحتى الصناعات الشعبية التي أصبحت
نابعة من عمل الصناع الجيدين تعتبر صناعة فولكلورية،وهي ما
يقدمه الشعب أيضا من صناعات ترتبط أيضا بالأغاني الشعبية
والشفاهية الفولكلورية.
*ما مدى تشابه
الشعوب في موروثاتها؟
-هناك تطابق او سمات مشتركة بين الشعوب وهذه أوجدتها
الحاجة،فالصناعات الشعبية لدى الشعوب: هي صناعات مشتركة
لكن الفارق ان كل شعب ينحو منحى خاصا به مستمداً من بيئته
وتقاليده. وفي العراق مثلا صناعة السجاد شيء متوارث من
العهد السومري ووجدت سجادة و الأدوات التي يمكن من خلالها
صناعة المفروشات،وكذلك الملابس الصوفية منها ما يلبسه
الفقراء واخرى للملوك وتكون موشاة بالذهب في
أطرافها.وتوارثت هذه السلع على مستوى الشعوب ولا تختص
بموطن معين وهي تمثل البيئة وتعكسها على واقعها المعيش
واقصد بالبيئة الزخارف المأخوذة من الأشجار والنباتات بشكل
تجريدي وهذا الفن الشعبي واضح في العالم وخاصة صناعة
السجاد العربي التي استفاد منها الكثير من الفنانين لان
عملها الأرابسك وقد استفاد منها بيكاسو وبراك في بلاد
المغرب العربي وهنا في الغراف صناعة البسط متمركزة في
منطقة بني رجاب في ناحية النصر وفي الخمسينيات كانت هناك
مائتا امرأة تقوم بحياكة البسط الجيدة ذات التكوينات
الزخرفية عالية التقنية، ألان لم يبق منهن ولاامراة واحدة
ماعدا نساء يعملن بشكل تجاري فج ويسمى ذلك (بساطاً بيعياً)
أي للبيع وهناك منطقة واحدة تزود السوق بالبسط والسجاد هي
قرية ال جهل التابعة للشطرة.
*مامدى تأثير
الموروث الشعبي في العراق على المتلقي العراقي وغير
العراقي ؟
- قبل هذا التاريخ كان رواد الموروث الشعبي من مغنين
وشعراء وحفظة حكايات موجودين في المجتمع وبيتي في الشطرة
هو محورهم وأتذكر ان الباحث الألماني (انجرلخ) زارني في
السبعينيات وضيفته في بيتي خمسة ايام وكان هذا الرجل يكتب
اطروحته عن (الابوذية) وعندما سجل هذا الرجل ما يريد من
الابوذية والاطوار قال كلمته المشهورة (اني زرت العالم ولم
اجد مثل هؤلاء الرجال العصاميين حفظة لتاريخهم وتراثهم
بشكل جيد ومخلصين له، انصح ان تقوموا بتدوين ما يذكرون من
موروث)، وكانت له مقابلة في ميونخ مع الدكتور صبحي انور
رشيد الذي كان يلقي محاضرة عن الموسيقى في العراق التقى به
وقال له(اني كنت عند الفنان حسين الهلالي والتقيت بمجموعة
نادرة من التراثيين وقد حصلت على درجة الدكتوراه عن بحثي
هذا وبامتياز عال.وهذا الكتاب مدون تدوينا موسيقيا عالميا
لهؤلاء الناس فانصح ان تلتفتوا الى هذا التراث والى
رجالاته قبل ان تفقدوهم مثل الدول الاسكندنافيه التي تركت
فلكلورها وذهبت وراء الموضة الاوربية وعندما عادت لتسجل
موروثها لم تجد شيئا). وقال الهلالي: لقد حدث لنا هذا الان،
فبعد عشر سنوات توفي جميع هؤلاء الحفاظ وقبل ثلاث سنوات
توفي احد الرواة في قرية من قرى الشطرة وكان يروي تغريبة
بني هلال بشكلها الكامل وحكايات اخرى وقبله توفي راوية مهم
في الحكايات الشعبية والاساطير (عطية مويش)وهذا ضمن منطقة
واحدة ،فكيف على مستوى العراق،انها خسارة كبيرة،اذ لا
وزارة ثقافة ولا مؤسسة فنية من المجتمع تلتفت الى ذلك.
*تناول الموروث
الشعبي المرأة سواء في الحكايات او القصص،بل هي راوية
للعديد منها ومع ذلك توضع في المرتبة الثانية،ما السر في
ذلك؟
- هناك باع متعثر واحجام كامل عن المرأة بسبب الظروف
الاجتماعية والدينية ومع ذلك هناك تمايز واضح بين المراة
في الريف عنها في المدينة،فالمراة الريفية اكثر تحررا في
فضائها الخاص واقصد به سعة الحركة اذ تتحدث مع (الرحة) بكل
حرية في هداة من الليل وتنسجم مع حركتها ودويها الذي يشبه
الة(الكونترباس) الموسيقية وينسجم مع انينها فهي تقول
ماتريد واكثر كلماتها تبكي عزيزا فارقته او حبيبا او تتمنى،
واروع ماقيل في شعر النساء البيت الدارمي:
ثوب العرس بجفاك ملخته تمليخ
لأهل الهوى يظل دوم خليته تاريخ
وكثير من الرجال يأخذون دور المرأة في الشعر والبطولة
والعيش الذي تتولي شؤونه ويأخذ الرجل له دور البطولة فيه
وهو نوع من الاستلاب لايمكنها البوح فيه.
*كيف يرى حسين
الهلالي واقع الاغنية الريفية اليوم؟
- ان واقعها متخلف ولاتوجد اصوات واضحة على الساحة
الغنائية وهناك اسباب عديدة لتخلفها منها عدم رعاية الفنان
واخص بذلك الموسيقي ولاتوجد أي مؤسسة تقوم باعادة الروح
للاغنية العراقية واحالتها الى واقعها السابق المتقدم
ونكهتها الخاصة التي تميزت بها بين الدول العربية ولانعول
تقدم الاغنية على افراد شقوا طريقهم في الخارج ونقول هؤلاء
يمثلون الاغنية العراقية الاصيلة، نحن ننظر بالاساس الى
التهديم الحاصل في المؤسسات الفنية وعدم رعايتها وتهميشها،
اضف الى ذلك الوضع العام الذي ساهم بشكل مباشر بشل كل
مفاصل الحياة ومنها الفن بصورة عامة، انه الخوف والالم
الذي يسودالوضع العراقي فكيف تريد ان تظهر اغنية بمعناها
الحقيقي والاصيل ؟! اطلاقا لا لانها ترتبط بالحالة التي
تحدثت عنها سابقا، ان الاغاني والسمفونيات تظهر من الالم
والمواقف الثورية او من مجتمعات تعبر عن نفسها بشكل واضح،
ان هذا لم يحصل عندنا الان بل اني اؤمن في الوقت الحاضر
انه لاتوجد مسارات تلوح بالافق بتبني التطور في الاغنية
نحو الأحسن بل هناك دعوات ضد هذا التطور.
|