في
احتفالية التعليم العالي للطلبة المتفوقين ..
أوائل في الجامعة.. أوائل في تحدي الظروف
- عين على التعيين
واخرى على الدراسات العليا
بغداد/ شاكر المياح
هم 67
قمراًًً ونجمة.. تلألأوا في فضاءات قاعة وزارة التعليم
العالي والبحث العلمي في يوم مبارك وفي شهر مبارك.. اجمعوا
كلهم واصروا على التفوق الباهر.
هم فتيات.. وفتيان العراق احتفلت بتخرجهم وتفوقهم ملاكات
وتشكيلات التعليم العالي يتقدمهم الدكتور عبد ذياب العجيلي
وزير التعليم العالي والبحث العلمي وباركت لهم نجاحهم
الثمين هذا هيئات الرئاسات الثلاث: رئاسة الجمهورية، ومجلس
الوزراء ورئيس البرلمان العراقي..
يقول الدكتور "موسى
الموسوي" رئيس جامعة بغداد عن ابرز سمات العام الدراسي
الماضي من الناحيتين الامنية والاكاديمية: العام الدراسي
المنصرم الذي انقضى تميز بالرغم من الاوضاع التي مر ويمر
بها العراق بالاصرار على اتمام المناهج واداء الامتحانات
وحرص الطلبة على المثابرة والاجتهاد، مع ما كنا نعانيه
جميعاً من التوقعات التي املتها علينا الظروف السياسية،
مما دعانا الى تأجيل الامتحان لغرض تعويض مافات الطلبة من
دروس واستكمالاً للمناهج المقررة وجرى تقديم موعد
الامتحانات الى 18/ حزيران من العام الحالي للاسباب التي
ذكرتها، أي بمعنى أن التأجيل كان لشهر واحد فقط وهكذا سارت
الامور بشكل طبيعي ولم تعترضنا أي مشكلة في هذا الجانب.
ما معايير التفوق؟ وهل تعتمد على الدرجة النهائية التي
ينالها الطالب ام هناك معايير اخرى تسهم في تحقيقه؟
فيما مضى، كانت الدرجة النهائية التي يحصل عليها الطالب هي
الاساس، اما الان فهناك فعاليات وقابليات علمية ومهارات،
كترجمة المنهاج وحفظه في جهاز الحاسوب، أي ما نطلق عليه
اصطلاحاً "مكننة المناهج" وهذه عملية مهمة جداً لانها
تختصر العديد من الاجراءات الروتينية التي كانت ترهق
الاستاذ عندما يريد ايصالها الى طلبته، لذا تجد بعض الطلبة
ماهرين في استخدام الحاسوب وافضل من زملائهم الاخرين في
اختصار الزمن وطبع مشروع ما، او بايجاد معادلة معينة، او
حل معضلة علمية محددة هذه كلها، والحديث لا يزال للموسوي:
"تعتبر معايير اساسية لتأشير التفوق"
ما توقعاتكم للعام الدراسي الجديد؟
نحن نشعر حتى هذه اللحظة بان استعداداتنا تفصح عن ان هذا
العام سيكتمل بيسر وانسيابية اذا لم تكن هناك مفاجآت ذات
تأثيرات فاعلة وعلى جميع الصعد، قد تترك آثاراً سلبية في
التعليم العالي في العراق.
ما محددات الدراسات المسائية، ولماذا اقتصر الامر على
الدراسات الانسانية فقط؟
الموسوي: السبب الرئيس يكمن في كون الدراسات الانسانية لا
تحتاج في مناهجها الى المختبرات هذا اولاً، وثانياً
المختبرات الموجودة حالياً في الكليات العلمية قديمة ولا
تلبي متطلبات الدراسة المسائية فضلاً عن ان اجهزتها محدودة.
اما الجانب الاخر فهو ان العمل على الاجهزة المختبرية
يستلزم البقاء الى وقت متأخر من الليل، وبما ان العراق
يعيش ظرفاً استثنائياً في الوقت الراهن، وحظر التجوال لا
يزال قائماً بدءاً من الساعات الاولى لليل وحتى الضياء
الاول، ولهذا فمن الصعب على الجميع سواء كانوا اساتذة او
طلبة البقاء لوقت متأخر من الليل، وعليه فان الزمن المخصص
للدراسات المسائية خضع للتقليص والزحف، ونتيجة لكل هذه
الاسباب فقد تعذر على الكليات العلمية قبول الطلبة
الراغبين في الدراسة المسائية فيها، اما الدراسات
الانسانية فلا يجد الطالب فيها أي مشكلة، لانه سيكمل
دراسته في المكتبة بعد انتهاء ساعات الدراسة المقررة.
- ما مميزات متفوقي جامعة بغداد عن باقي المتفوقين من
الجامعات الاخرى؟
* بما ان جامعة بغداد هي الجامعة الام، فبالتأكيد الطالب
في كلياتها يشعر بالارتياح عندما يحصل على المرتبة الاولى
فيها، ناهيك عن الاثر النفسي والاجتماعي الذي تتركه هذه
النتيجة في شخصية المتفوق، وهذا لا يعني ان الدراسة
والتدريس فيها يختلفان عن الجامعات الاخر، بل اكاد اجزم،
بان مستواهما في كل الجامعات على قدر واحد وعلى قدم
المساواة.
* ما جديد جامعة بغداد؟
-جديد جامعتنا هو "مكننة" عدد من المواضيع الدراسية وبعض
مكتباتنا، ولدينا الان ما نسميه ب"البوابة الالكترونية"
والذي بواسطته سنقوم باعطاء المحاضرات من الجامعة ونبثها
الى الكليات المعنية من دون هدر في الوقت.
وتمت تجربتها في العام الماضي وحققت نجاحاً جيداً ونحن
الان نسعى لتطويرها، وهناك مشروع قائم اطلقنا عليه اصطلاح
"المكتبة الافتراضية" التي تهيئ لجامعتنا الاف المصادر
العلمية وتتيح للباحثين والتدريسيين العراقيين فرص الاطلاع
على آخر المستجدات في العلوم والجوانب المعرفية الاخرى.
وعلى هامش توزيع الجوائز بين اوائل الجامعات العراقية
تنقلنا بينهم والتقينا اولاً الخريج "محمد فاضل حمودي"
الناجح الثاني على جامعة بغداد والاول على كلية العلوم
الاسلامية وسألناه عن قيمة التفوق بالنسبة اليه؟ فاجاب
قائلاً:
يمثل التفوق لي قيمة معنوية كبيرة يمنحني الحافز ويعزز في
اعماقي دوافع التفوق الدائم والاكبر من اجل خدمة وطننا
الغالي، وسألناه: الى ماذا تعزو اسباب تفوقك؟ فاجاب قائلاً:
بسبب المعاناة التي تكتنف الحياة العراقية في الظروف
الراهنة وانطلاقاً من روح التحدي والاصرار اللذين كنت
احسهما يعتملان في عقلي ووجداني، وجدت امام خيار لا رجعة
فيه هو تحقيق التفوق لكي اكون بمستوى التحديات التي تواجه
ابناء الشعب العراقي.
واكد محمد انه رشح لنيل الماجستير وادى الاختبار المقرر
وهو بانتظار اعلان النتيجة رسمياً
اول علوم
وكان لقاؤنا
التالي المتفوق علي عبد الرسول عبد الحسين الثاني على
الجامعة المستنصرية والاول على كلية العلوم قسم الرياضيات
وسألناه: ماذا يمثل لك التفوق؟ فاجاب: هو ثمرة الجهد
والمتابعة والاصرار على تحقيق الهدف الذي يسعى اليه
الانسان، وهو شيء جميل وحافز على مواصلة المسيرة العلمية
للوصول الى مبتغاه الاسمى، وعن الصعوبات التي كان يواجهها
في دراسته للرياضيات قال:
علم الرياضيات ليس من العلوم السهلة، واهم الصعوبات التي
كانت تعترض سبيل دراستنا هي قلة المراجع والمصادر العلمية
في هذا التخصص، لذا كنا مضطرين لاستنساخ فصول الكتب التي
تدخل في تفاصيل المحاضرة واخرى نستعيرها من جامعات اخرى
اضافة الى المحاضرات اليومية، والصعوبات الاخرى تكمن في
طبيعة الامتحانات التي تعتمد الاسئلة والافكار الخارجية.
وعن المتفوقين في اسرته قال: انا اكبر ابناء الاسرة
ووالدتي كانت تشغل منصب مديرة حسابات في شركة الفاروق
للمقاولات ومن ثم احيلت على التقاعد ووالدي عسكري برتبة
نائب ضابط متقاعد، اما عن دور الاسرة فقال المتفوق علي:
الاسرة هي الحاضنة الحقيقية للطالب التي تعده الاعداد
السليم في اكمال مسيرته التعليمية والعلمية من خلال الحث
وغرس بذرة حب العلم وطلب المعرفة وترسيخ الدوافع والحوافز
في اعماق الابناء، واعرب عن شكره لاسرته مهدياً تفوقه الى
والده ووالدته واخوانه والى الشعب العراقي باسره موضحاً ان
له الحق الآن باكمال دراسته العليا ولكن بلا راتب وعليه
فهو مضطر على مضض لتأجيل هذا الموضوع لحين صدور الامر
بتعيينه.
الاقتصاد ايضاً
اما الطالب عبد
الوهاب رياض عبد الوهاب من الكليات الاهلية قسم الاقتصاد
فقد عبر عن شعوره بهذه اللحظة التي تشكل منعطفاً مصيرياً
بالنسبة له بالقول: انا سعيد جداً باقتطاف ثمرة جهدي الذي
استمر لاربع سنوات من الدراسة والبحث والتقصي والتعب وفي
ظروف صعبة ومعقدة واليوم اتوجها بتفوقي الذي نلت عليه
تكريم وزارة التعليم العالي وكبار الشخصيات في الدولة
العراقية.
مضيفاً ان من جملة دواعي التفوق هي خدمة العراق والاصرار
على تحصيل وتحقيق التفوق بين جنباته، واكد عبد الوهاب
اصراره على البقاء في العراق لأن الاوطان لا تشيد ولا
تتقدم او تتطور الا بابداعات وسواعد ابنائها، واضاف ان
أخاه يعمل الان طبيباً وكان متفوقاً هو الاخر وعن والديه
قال: انهما موظفان متقاعدان وانا بانتظار نتيجة قبولي في
دراسة الماجستير واشاد عبد الوهاب بعمادة واساتذة كليته
الذين ما بخلوا عليه وعلى زملائه لا بالزمن ولا بالجهد ولا
بالمعلومة العلمية وبفضلهم كانت هذه اللحظة الرائعة
والتأريخية في حياته، وعن الموقف الذي كان يتطلب منه قراراً
حاسماً اما ان يستمر او يتوقف قال: على مستوى الدراسة
والمنهاج لم اتعرض الى موقف كهذا، ولكن على المستويين
النفسي والمعنوي كان لي اكثر من حالة كنت فيها امام خيارين
اما ان استمر او اتوقف ولكن في النهاية كنت اختار
الاستمرار والتفوق وعن الخطوة القادمة قال: حتماً ساكمل
دراستي العليا بدءاً بالماجستير وصولاً الى الشهادات
الاعلى. لقاؤنا التالي كان مع الطالبة "فاطمة كريم شندوخ"
الاولى على كلية العلوم جامعة واسط والثانية على الجامعة،
وسألناها عن كيفية تحقيقها التفوق فاجابت قائلة: بالتعب
والجهد والمثابرة والقراءة المستمرة، وحتماً فان التفوق
ليس بالامر الهين، بل هو بحاجة الى البذل والمثابرة مشيدة
بدور اسرتها وباساتذتها الذين قدموا لها كل العون
والمساعدة ووفروا لها المناخات الدراسية الملائمة من حيث
تهيئة المستلزمات المطلوبة لنيل هذا الامتياز، وعن
الصعوبات والمعوقات التي واجهتها خلال دراستها قالت:
بالتأكيد واجهتني صعوبات كثيرة، ولكن بمثابرتي واصراري
استطعت تجاوزها ومنها ضيق الوقت المتاح لي: وماذا بعد
التفوق؟ فاجابت ضاحكة: التعيين اولاً والحصول على شهادة
الماجستير ثانياً.
اما الطالبة "هديل سعدون عبد الصاحب الثالثة على جامعة
كركوك كلية التربية- قسم التأريخ فأشارت الى ان التفوق
يمثل لها معاني ودلالات كثيرة، وهو اليوم الذي لا يوصف في
حياتها كلها لانه يوم السعادة الغامرة والانطلاقة نحو
المستقبل وقالت ان تفوقي كان يمثل لي مشروعاً متواضعاً،
اما المشروع الاكبر فهو مواصلة مسيرتي التعليمية وحصولي
على اعلى الشهادات واهدي تفوقي هذا الى عائلتي واساتذتي
وكل من اسهم في نجاحي والى رئاسة الجامعة وعمادة كليتي
والى اهلي العراقيين جميعاً وتضيف هديل: ان تفوق طلبة
العراق هو الشوكة التي تدمي اعين اعداء العراق والانسانية
وخنجر ينغرس بقوة في قلوب الارهابيين والمجرمين لانهم
العقول والسواعد القوية التي ستسهم في بناء العراق وتطوره.
ثم التقينا الطالبة "نغم عباس محمد" من كلية العلوم
–الجامعة
المستنصرية قسم علوم الجو، الاولى على الكلية والثالثة على
الجامعة وسألناها عن شعورها وهي تحظى بتكريم وزارة التعليم
العالي فقالت: هو شعور مترع بالفرح والسعادة والامل لأن
هدفنا لم يكن في نيل الهدايا بل في تتبع مسارات العلم
والمعرفة وخدمة بلدنا العزيز من خلال تسلق قمم التفوق
والامساك بناصية العلم، والتفوق بالنسبة لي وسيلة للارتقاء
وسبر اغوار العلوم والمعارف لذا تجدني دائمة البحث والتقصي
في بطون الكتب المنهجية وغير المنهجية ولم اهدر من وقتي
دقيقة واحدة، كنت استثمر الزمن بشكل سليم وعن التنافس
بينها وبين زملائها قالت نغم: اعترف بوجود منافسة قوية
لكنها تتسم بالبراءة والعفوية وبعيدة عن التشنج والغيرة
الحانقة بدليل ان جميع زملائي قدموا لي التهاني وباركوا لي
تفوقي وماذا بعد التفوق؟ اجابت: التعيين اولاً لتوفير
الارضية المادية والاستعداد لاكمال دراستي العليا.
اما الطالب "عمر شمال فرحان" الاول على كلية الهندسة
والثالث على جامعة النهرين فقد عبر عن شعوره بالزهو والفرح
قائلاً: هذا ابسط ما نستطيع ان نقدمه لوطننا ولعوائلنا لا
سيما نحن واجهنا ظروفاً معقدة وصعبة بعد ان تكللت جهودنا
بالنجاح وبلحظات هذا اليوم البهيج مشيداً بجهود اساتذة
وعمادة الكلية ورئاسة جامعة النهرين التي وفرت لطلبتها كل
مستلزمات النجاح والتفوق مؤكداً ان التنافس يشكل احد
العوامل المهمة لتحقيق التفوق وعن المواد الدراسية التي
كان يجد فيها صعوبة اكبر قال: الصعوبة التي كانت بالنسبة
لي تمثل غولاً مرعباً هي مادة ال"Floud"
وعن علاقته
بزملائه الاخرين ذكر عمر "بانها اكثر من علاقة الاخوة فقد
امضينا اربع سنوات ونحن في الفة ومودة ومحبة لا تشوبها
شائبة واتمنى ان تكون العلاقات الطلابية داخل وخارج اروقة
الكليات والجامعات بهذا المستوى الانساني الرفيع الذي يدل
على سعة في الثقافة والوعي والادراك.
اما الاولى على كلية التربية- جامعة واسط الخريجة رملة
خضير مظلوم فقالت: لقد بذلت قصارى جهدي كي انال النجاح
الذي استحقه والفضل في هذا كله يعود لعائلتي ولاساتذتي،
وانا راضية عن نفسي ولكني احس بغصة والم برغم اني اعيش
اجواء هذه الاحتفالية وفرحي في تحقيق التفوق الذي كنت اسعى
اليه بسبب الاوضاع التي يعيشها زملائي في جامعة واسط ويحز
في نفسي ان اراهم وهم يعانون الفقر والحرمان والعوز.. صحيح
انا هنا يحتفى بي، ولكن قلبي ومشاعري معهم وكنت اتمنى ان
تقيم جامعة واسط حفلاً مناسباً للخريجين الا انها لم تفعل.
وعن الاجواء الجامعية في جامعة واسط قالت "رملة": هناك
تباين في طبيعة ونوع العلاقات، فبعض الطلبة لا يزالون
يتجنبون الحديث مع زميلاتهم وهم قلة.. لكن غالبية الطلبة
منسجمون وبينهم ود ومحبة وعلاقات انسانية واجتماعية ذات
طبيعة حضارية، مع ان المجتمع في محافظة واسط لا يزال ريفياً
وقبلياً.
|