الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

اليوم اذ يذهب عشرات الالاف من التلامذة الجدد الى المدارس للمرة الاولى في حياتهم اتذكر كيف قضيت يومك الاول في المدرسة؟

-البنات اقل توتراً من الاولاد واكثر تكيفاً مع تجربة الدخول في عالم المدرسة.

-لسبعة اطفال تؤكد: ترتيب ذهاب جماعي لاطفال المحلة يشغل الاطفال عن مخاوف الدخول في عالم مجهول.

تبني سياسة المحاولة والخطأ للوصول الى الصواب تمكن التلميذ المبتدئ من اكتشاف العالم المحيط وامتلاك الثقة والجرأة.

-المدرسة وسط جديد يمثل في ذهن الطفل بنية متكاملة يحتاج الدماغ الى زمن لاستيعاب نظام العلاقات فيها.

عامر القيسي

يوم لايشبه غيره من الايام.. تسبقه تحضيرات متنوعة.. ترافقه مشاعر القلق والخوف، يوم سينتقل فيه الطفل هذا الكائن الجميل المدلل، من عالم يعطيه كل شيء دون عناء الى عالم سيطالبه باشياء كثيرة من عالم الفوضى واللامبالاة الى عالم الانضباط والمسؤولية انتقالة صعبة كما لو ان احداً يدخل غابة في ليلة مظلمة لايرى امامه شيئاً ولايعرف مافي اعماقها من اشياء، انه عالم الخوض في المجهول، ذلك هو اليوم الاول في المدرسة بالنسبة للطفل.

من منا لم يخض هذه التجربة المفعمة بالدهشة والاكتشاف؟ ذاكرة متقدة، تلك التي اخفت في صندوقها، تلك اللحظات المشحونة بالتوتر والتردد يوم تنشغل فيه العائلة بكاملها وتبذل ليلتها جهوداً دبلوماسية مضنية، لتهيئة هذا الكائن الغض للصباح القادم، نهوض صباحي مبكر، ملابس جديدة، واحاديث تختلف عن ايامها السابقات، في تلك الليلة يستمع الطفل لاول مرة الى لاءات كثيرة لاتركض، لاتتشاجر، لاتتملعن، واملاءات اكثر منها، وحتى مرحلة الروضة لاتخفف الشيء الكثير من توترات هذه اللحظات، ذلك ان عالم الروضة، هو الاخر، عالم من اللعب والغناء وتبديل الجو من عالم جدران غرف البيت.

ماذا يقول علم نفس الطفل؟

يهتم علماء نفس الطفل كثيراً بهذه المرحلة وايامها الاولى.

ويذهب البعض منهم، الى انها، القاعدة الاساسية لتشكل شخصية الطفل المستقبلية وان أي صدمة اكثر من المقدار، في هذا اليوم تحديداً تترك آثاراً سلبية على سلوكيته الجمعية ونظرته القادمة الى المدرسة والتعلم وارتباطه بهما، خصوصاً اذا ارتبطت هذه الصدمة مع مشاعر خوف عالية التردد.

ولكن مم الخوف؟

حسب علم نفس الطفل، فان أي وسط جديد مجهول يلج اليه الطفل، يثير عنده الريبة والخوف، فالوسط بنية متكاملة يحتاج الدماغ الى زمن لاستيعاب نظام العلاقات فيها، لان الحس الادراكي لاينتقل من ردة الفعل الى الفعل الا بعد التعرف الكامل الى المكان، ومن هنا ينشأ خوف الصغير يقول دكتور علم نفس الطفل (عبد الواحد محمد الطائي) ان لهذا اليوم بالتحديد خصوصية ذات تاثير غير محدود على شخصية الطفل، وهو الذي يصنع اللبنات الاولى لانطلاقته، وان كان الامر لايبدو واضحاً للعيان.. لان العملية برمتها تجري في ذلك الصندوق العجيب (الرأس) المحتوي على تلك الملايين من الخلايا التي قد لاتعطيك ردود افعال سريعة ومباشرة للتأثيرات الخارجية خصوصاً في هذه المرحلة، حيث التراكمات الكمية للافعال (شدتها، نوعيتها، سلبيتها او ايجابيتها) وارتباطها بمجموعة اخرى من الافعال ذات الاتجاه المتوازي او المتقاطع او المتداخل، هي في الحقيقة إذن عملية معقدة جداً ، لذلك ننبة الى ضرورة الحذر الشديد والتصرف المدروس مع الطفل في هذه المرحلة، لانما بعض ردود الافعال السلبية تظهر بعد سنوات، وتخلق للاهل والمجتمع  مشكلة ليس من السهل حلها، واضرب لك مثلاُ واقعياً، احدى الحالات التي تابعتها من خلال ابوين صديقين، انهم في صباح ذلك اليوم اجبروا ابنهم على الذهاب الى المدرسة في مظاهرة صاخبة من البكاء والصراخ والضرب بعد ان فشلت وسائل الاقناع في ثني الطفل عن عناده برفض الذهاب الى المدرسة بسبب عدم رغبته في الانفصال عن ابويه وخوفه من الجو المجهول الذي سيذهب اليه، وتم كل شيء بطريقة قسرية لاتنم عن وعي وزاد الطين بلة، ان المدرسة استقبلت الحالة بنوع من التهديد والوعيد، فأضافت الى العنف عنفاً، وكانت النتيجة ان رضخ الطفل المسكين لهذه الضغوط التي كانت اكبر من طاقته على التحمل، وكان ان اصبح تلميذاً خاملاً، يمزق دفاتره وكتبه، ويتبول داخل الصف، وبعد ان وصل الى الصف الرابع بشق الانفس، وبالكاد مع المساعدات، توقف قطاره هناك، وكانت القشة التي قصمت ظهر أبويه فصله من المدرسة بعد ان كان يتربص لمعلمه خارج المدرسة ويمطره بالحجارة ولتكرار هذه الحالة، فانه نجح في ارغام خصومه على الانصياع لرغبته في رفض المدرسة من خلال سلوكه العدواني العنيف ضد المدرسة التي ارغموه على التعامل معها، وهو مانطلق عليه عندنا بـ(رهاب الوسط) والاثر الاكبر هو ان شخصيته تتسم الان كما قال لي بعض اصدقائه- بالعنف واللامبالاة وعدم مشاركة لوسطة الاجتماعي في افراحهم او احزانهم، وتستطيع ان تقيس على ذلك الكثر من الحالاة المشابهة بل والاكثر سلبية.

ماذا تقول الامهات؟

للامهات هموم من نوع خاص، فليلتها تلك مشحونة بالقلق والتهيؤ لصباح جديد له مستلزمات خاصة تساعد الطفل نفسياً للانتقال (السلمي) لحياة المدرسة، وحتى الطفل لو رصد بعناية وانتباه فان تصرفاته وردود افعالة، لاتخلو من سلوكيات مشاكسة ومطلبية تصاحبها بعض الاحيان كوابيس وفقدان الشهية والتبول اللاارادي في حالة التوتر الشديد.

وتأخذ هذه الليلة الكثير من اهتماماتها التقليدية تجاه البيت والاولاد والزوج، تقول السيدة سناء حميد (23عاماً) وهي موظفة وام لثلاثة اولاد واحدة من الاوقات العصيبة في حياتي العائلية، هي صباح اصطحاب ابني الى المدرسة وبالرغم من ان لدي تجربتين سابقتين ومن التهيئة لهذه المرحلة من خلال السنة السابعة في الروضة، الا ان هذه التهيئة في الحقيقة، غير كافية لكي يكون الوضع طبيعياً، فانا واثقة من ان صباح هذا اليوم سيجلب لي الكثر من الازعاج، فنزف الطفل يتصاعد وجهود اقناعه مضنية، فهو يعرف جيداً-عكس بعض التصورات الخاطئة- انه سيذهب الى محيط مجهول، وبالتالي فان احساسه بالخوف امر طبيعي وينبغي التعامل معه على هذا الاساس.

لماذا يغيب الاباء؟

اما ربة البيت سعاد سالم (40 عاماً) وهي ام لثلاث بنات وثلاثة اولاد، فترى بان تخفيف شدة هذا اليوم تكون من خلال ترتيب ذهاب جماعي للطفل مع اقرانه في المحلة وتؤكد: هذه التجربة نجحت مع خمسة من اطفالي، اذ اتفقنا عدد من الامهات على خوض هذه التجربة وقد لمسنا تجاوباً معقولاً من قبل جميع الاطفال الذين ينشغلون فيما بينهم، بعيداً عن اجواء التفكير في العالم المجهول الجديد، وفي تجربتي فان تجاوب البنت لهذا الصباح اكثر ايجابية من الولد الذي تتسم سلوكيته عادة بالعناد والمشاكسة). من خلال لقائنا مع بعض العوائل لمسنا ان الاب، بعيد الى حد ما عن هذه المشكلة فمساهمته بسيطة، وهو يتدخل في بعض الاحيان من باب الترغيب والترهيب، وهو موقف خاطيء بطبيعة الحال تقول السيدة (أم محمد) ينبغي ان تكون المعالجة مشتركة ليس فقط من الابوين ولكن حتى من اخوان الطفل بالحديث عن حلاوة هذا اليوم.

مثلث الامان

الابوان والمعلم والمدرسة (كجو عام) ركائز هذا الصباح ومثلث امانة التي تجعل منه صباحاً سعيداً لكل الاطراف واذا مانجح اولياء الامور في تسهيل الامور في تسهيل المهمة مع اطفالهم- تلاميذهم) فان مهمة نجاح هذا الصباح تقع على مسؤولية المدرسة والمعلم، بالنسبة للمدرسة فان عليها ان تخلق جواً احتفالياً خاصاً لتلاميذ الصف الاول، بحيث تجعل من لحظات دخولهم الى المدرسة، دخولاً مبهجاً ومشوقاً ومشبعاً بالفرح، لابأس من ان ترافق هذه الاحتفالية- على بساطتها. الموسيقى والغناء، استقبالاً لهم من قبل تلاميذ المدرسة انفسهم خصوصاً تلاميذ الصف الثاني والثالث اما دور الركيزة الثالثة المعلم فيحدثنا المعلم خلف (ابو علاء) (ثلاثون عاما) اختصاص صف اول، أتذكر في اول تعيين لي، ان كان الصف الاول بلامعلم.

وذلك في مدرسة بلواء العمارة (سابقاً) فبادرت الى سد هذا الشاغر، وصدقني منذ ذلك اليوم وحتى الان، فان الصف الاول من حصتي، في كافة المدارس التي تنقلت بينها، وبالرغم من صعوبة التعامل مع تلاميذ هذه المرحلة، الا انني احببت عالمهم الطفولي البريء، ولكي تستطيع ان تنجح معهم عليك ان تتحلى بالصبر  المضني اولاً وبحبهم ثايناً فالايام الاولى من دوامهم، ليس من هم معهم سوى الغناء معاً والاكل ايضاً، وكنت احياناً اسمح لبعض الامهات ان يدخلن الى الصف مع طلاب ذوي اوضاع نفسية خاصة، وقد وصل الحد ان بعض تلاميذ هذا الصف كانوا يتشبثون بيدي لاذهب معهم الى بيوتهم، وفعلاً كنت ارافقهم مع اولياء امورهم الى البيوت القريبة من المدرسة وايضا في احيان كثيرة اوزع بينهم الحلوى.

وكانت النتيجة، ان الكثير منهم-حسب قول اولياء امورهم- كانوا يستيقظون صباحاً ويحثون امهاتهم، ليس للذهاب الى المدرسة بل للذهاب الى استاذ خلف!!

الست سميرة تصاب بالصداع!

وفي تجربة اخرى، التقينا المعلمة سميرة عبد الله (خدمة عشر سنوات) قالت ان تكيفها مهمة الارشاد للصف الاول تسبب لها صداعاً مستديماً، ذلك ان هذه المرحلة تمتاز بالحساسية العالية وخصوصاً الايام الاولى لدخول التلميذ الى عالمه الجديد، وانا ارى ان اعطاء أي معلم او معلمة لهذا الصف يجب ان يكون ضمن امكانات خاصة.

فاجبار المعلم على دخول هذا الصف يشابه تماماً اجبار التلميذ على دخوله من ناحية تاثيراته السلبية، ان اليوم الاول في المدرسة ينبغي ان يتم في اجواء تقبل ومحبة وصبر باختصار هذا اليوم وهذا الصف يحتاج الى معلم من طراز آخر، وليس الى معلم يحمل العصا.

اما الباحثة الاجتماعية وفاء محمد فترى ان المبالغة بفرش الورود لطالب هذه المرحلة امر مضر ايضاً وعليه ان يواجه الكثير من المشاكل، وعلينا ان نساعده على تذليلها لان مشاعر النقص- خارج وضعه المثالي) تدفعه لتبنى سياسة المحاولة والخطأ التي من دونها لايمكنه اكتشاف العالم المحيط به وامتلاك الشجاعة لولوج اوساط غريبة والتعامل معها بثقة وجرأة.

كيف تحصل على نتائج افضل؟

طبعاً لانستيطع ان نقدم لتلاميذ هذه المرحلة ماتقدمه لهم الدول المتقدمة، ابتداءً بالدولة وانتهاء باهالي المدينة، لاسباب عديدة ليس اقلها الفلسفة التربوية الخاطئة من عشرات السنين التي هيمنت على عقلية المؤسسة التربوية والتعليمية، الا اننا نستطيع ان نضع بعض المقترحات لتخفيض وزر هذا اليوم وهي مقترحات من حصيلة تجارب عديدة لمربين واولياء امور، لاقت بعض النجاح على مستوى تجربته.

أولاً:ضرورة التحاق الطفل قبل هذه السنة بمرحلة الروضة لتساعده في تخفيف معاناته من هذا اليوم.

ثانياً:ينظم الاهالي بالتعاون مع سلطة محلية (منظمة مجتمع مدني مثلاً) ذهاباً جماعياً الى المدرسة بشكل احتفالي.

ثالثا: يجب ان تكون دروس الصف الاول قصيرة زمنيا في الايام الاولى وواسعة لاستقبال التلاميذ من دون تزاحم.

رابعاً: تهيئة وتدريب مشرفين مختصين للصف الاول، ذوي كفاءات تربوية مشهود لها.

بالرغم من ان هذه المقترحات ليست طموحة بدرجة كاملة لتحقيق افكار اكبر، لكن الاكيد ان نتائجها ستكون ملموسة، ومفيدة لمن يخوضون هذه التجربة بلاسلاح!!

عمو بابا:

شاكست وتعاقبت بالفلقة

لا اذكر اليوم الاول تحديداً لكن  الاكيد انني كنت تلميذا مشاكساً، وفي كل مرة كان عقابي (الفلقة) ولهذا السبب كان المدير انطوان.. يحملني كل مشاكسات التلاميذ ويعاقبني نيابة عنهم، وحدث ان احدهم رمى حمامة ميتة داخل الصف، فكان نصيبي ان تلقيت المزيد من العصي (بالفلقة) والفاعل الحقيقي يبتسم ويتفرج على عقوبتي!!

د.قيس العزاوي: منظر لن انساه!

دخلت الصف الاول ولم اكن قد بلغت السادسة بعد، في مدرسة الامير عبد الاله في مدينة الخالص، وكنت فرحاً وخائفاً في الوقت نفسه، فالمدرسة كانت بالنسبة لي عالماًً جديداً، ووسيلة للعب بعيداً عن البيت ولكنها كما كنت ارى وسيلة للضرب، والمثال على ذلك اخي الكبير، الذي كان يتعرض للضرب باستمرار بسبب المدرسة، واخشى ان تكون نظرية العصا لمن عصا قائمة حتى الان، والمشهد الذي لن انساه في هذه المرحلة، عندما ذهبنا ذات صباح الى المدرسة، وجدنا جثة مدير المدرسة (حسين علي افندي) متدلية من لوحة عمود كرة السلة، وقيل حينها انه انتحر!

احمد راضي:

عوقب صديقي في اليوم الاول

في اول يوم ذهابي الى المدرسة، رأيت المعلم يعاقب صديقي- المشاغب حتى الان- بالضرب فشكل عندي هذه المشهد رهبة من المعلم والمدرسة، وظل صديقي مشاكساً حتى اليوم، وبقيت تاثيرات ذلك المشهد على نفسيتي حتى اليوم ايضا، كانت المدرسة بالنسبة لنا شيئاً مقدساً، ولااعتقد بانها بقيت على هذه الدرجة من القدسية حتى هذا اليوم.


 

هل تهيأنا له بما يكفي؟ اليوم الدراسي الاول

 * احمد السعداوي

هناك دائماً يوم اول، له بالنسبة لنا اهمية تفوق الايام اللاحقة، ومن ذلك نحن نتساءل دائماً مع انفسنا عن اليوم الاول الذي جئنا به الى هذه الحياة، بسبب من الفضول المعرفي، او للتحسر والتألم على ايامنا التي ضاعت في غفلة منا.

وحين تجمع حياة الانسان، او خلاصتها، فأنك ستراها على شكل ايام، هي اوائل بالنسبة الى قضايا مصيرية او مفصلية في حياة هذا الانسان.

وجرياً على العادة التي تفضل رقم 3 او 7 في تعداد الاشياء، نقرأ او نسمع مثلاً من يقول ان هناك ثلاثة ايام محورية في حياة الانسان ، اليوم الاول هو يوم ولادته، والثاني يوم زواجه، والثالث يوم مماته، إن لم يسبقه يوم طلاقه!

لكن، من منا يستطيع درج اليوم الاول له في المدرسة كيوم مهم في حياته؟

يرى اوكتافيو باث ( الشاعر المكسيكي الشهير) مثلاً ان اعظم يوم في حياته هو يوم لقائه بالمرأة التي غدت فيما بعد زوجته. لكنه لم يذكر يوم دخوله المدرسة كيوم عظيم او مهم، ولم اقرأ عن شخص ذكر هذا اليوم من ضمن ايامه المهمة، ربما لأنه يحمل ذكرى غائمة عن تجربة يوم محيت بتشابه الايام اللاحقة عليه، او لأن المشاهير لا يحبذون الدراسة ولم ( يفلحوا) فيها الا بمعاناة يرغبون بنسيانها.

لكن الاكثرية( من غير المشاهير) لا تنظر ربما الى الموضوع من هذه الزاوية. اعرف صبياً اصر على الذهاب الى المدرسة مع اخته التي استعدت ليوم دراستها الاول، ولم يستطع احد منعه من الذهاب الى المدرسة ، مثل اخته، بل انه لبس ملابس المدرسة ووضع الحقيبة على كتفه، ودخل فيما بعد الى المدرسة مثل اي طالب متلهف لهذه التجربة الجديدة. و ربما هذه الصورة تتكرر دائماً في كل بيت، فيه طفل يراقب بحسد وغيرة اخاه الكبير وهو يستعد للذهاب الى يومه الدراسي الاول.

كان صديق يروي لي دائما وبزهو ان تجربته في هذا الموضوع متفردة وغير نمطية ، فيومه الدراسي الاول كان في مدرسة لمحو الامية!

يقول هذا الصديق ان امه الكبيرة بالسن شملها قانون محو الامية، واضطرت الى اقتطاع جزء من وقت عملها المنزلي للذهاب الى مدرسة في وسط المدينة. في هذه المدرسة استطاع هذا الصديق تعلم القراءة والكتابة، بدلاً عن امه التي كانت مشغولة الذهن باعمال البيت!

اما يومي الدراسي الاول فقد استمر لخمس دقائق فقط، بسبب صداع فضيع دفعني الى تسلق سياج المدرسة والرجوع الى البيت.

الدرس الاول، الحرف الاول ، الكلمة الاولى ( دار) انها اشهر واكثرغوراً في ذاكرتنا من اية كلمة اخرى.

من هذا الدار ينطلق الطفل، ليغدو تلميذاُ، لم يعد مجرد طفل، انه تلميذ الان، انه يدخل المجتمع بهذه الطريقة، يتعمد بماء المعرفة، ليغدو مواطناً فيما بعد.

ايام التلاميذ الاولى متمايزة ومختلفة، كما ان تلميذاً يدخل الى مدرسة تتوفر فيها كل الخدمات التربوية والصحية، وفي بناية نظيفة وانيقة، سيكون يومه مميزاً بالتأكيد، يختلف عن يوم ذلك التلميذ الذي باشر يوم دراسته الاول في مدرسة كانت فيما مضى بناية لسجن قديم ( مازالت هذه المدرسة في مكانها في منطقة على اطراف بغداد الشمالية).

كذلك اليوم الذي مر قبل عشرين سنة من الان يختلف بالضرورة عن اليوم الدراسي الاول الذي يصادف في هذه الايام من سنتنا هذه.

النشيد الوطني الذي سيصدح به في ساحات المدارس مختلف الان، الشوارع المؤدية الى المدارس مختلفة، المدارس نفسها، صبغت بعد سقوط النظام لكن حالها من الداخل لم يتغير كثيراً.

لا اعرف ما الذي عملته وزارة التربية للأستعداد لهذا اليوم، هل جهزت جميع المدارس بالمقاعد الدراسية الكافية؟ السبورات، المناهج الدراسية ، والدفاتر والقرطاسية؟

هل يمكننا الافتراض ان السنة الدراسية الجديدة ستشهد تحسناً في الاداء التعليمي، قياساً بالسنوات السابقة، حيث التسرب من المدارس، والتسيب والتهاون في اداء الواجب التربوي، واستشراء الرشوة وابتزاز الطلبة، وغض العين عن الغش الدراسي، الذي يصل في بعض الاحيان الى حد ان يملي الاستاذ من الكتاب الدراسي للتلاميذ في قاعة الامتحان حلول الاسئلة الامتحانية.

واذا كان اليوم الدراسي الاول للتلميذ ينجز داخل المدرسة، فهل ينتهي هذا اليوم بمجرد خروجه من بوابة المدرسة، ام ان اليوم يستمر داخل المنزل، لتكون صورة الطفل مختلفة تماماً لدى العائلة بعد دخوله الى جو الدراسة؟

ومن علامات هذا الاختلاف ان برنامج حركة الطفل العفوية والاعتباطية، سيتغير بعد دخوله الى المدرسة، بسبب دخول التزامات وواجبات جديدة تفرض على العائلة متابعة التلميذ الجديد اولاً بأول، حتى لا يكون دخول المدرسة مثل الخروج منها.

 

 

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة