الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

العملة العراقية.. أحوال وتصاريف

مها عادل العزي

يرى أهل الاقتصاد انه عبارة عن ورقة دين على خزينة الدولة قابلة للصرف والتداول، ذلك هو الدينار، مما يثير انتباهنا ان نعرف ان هناك مدناً خاصة في أوروبا في انكلترا تحديداً.. مقفلة.. محصنة في داخل ذلك الانعزال الكبير، بيوتات تطبع العملة في أدوار بالغة السرية، حتى انه لا يجوز لاحد ان يتكلم مع غيره من السياج المحيط بها ومن يدخل إليها سيجد في ارجاء تلك العزلة حياة كاملة.. الزواج.. الزرع.. السوق.. المستشفيات والمدارس.

من ذلك المكان البعيد يصدر الدينار العراقي المتداول في الأسواق..

مرت العملة بتحولات كثيرة، وحتى اليوم غلبت عملات كثيرة على السوق، وللتعرف على العملات النقدية الغالبة على سوق بغداد منذ عام 1900 التقينا الباحث التراثي الدكتور صالح مهدي هاشم.. فقال:

ـ كانت العملة العثمانية هي السائد والمتداولة، فعدت (البقجة) اصغر عملة عثمانية وقيمتها دون الفلس، تليها (البارة) وقيمتها الرسمية اثنان ونصف بقجة، تليها (الوركة) وتساوي عشر بارات، أي خمسا وعشرين بقجة، ووجدت النصف وركة وتساوي خمس بارات، ثم (القمري) ويعادل وركتين ثم (القرش الصاغ) ويساوي أربع وركات وأربعين بارة، اما (القرش الجرك) فهو اقل قيمة من القرش الصاغ ويضيف د. صالح:

ـ من معدن الفضة وجد (المجيدي) وقيمته الرسمية تسعة عشر قرشاً صاغاً، ومن اجزائه نصف مجيدي و(البشك) هو ربع مجيدي، وهو نوعان بشك صاغ ويساوي عشرين وركة، وجرك ويساوي ثلاث عشرة وركة.

أما الليرة فهي من الذهب وتساوي خمسة ونصف مجيدي، أي ما يعادل خمسة مجيديات وثمانية قروش ووزنها (3.7.22328) غرام من الوزن الخالص، ومن العملات الذهبية النصف ليرة، والربع ليرة، وخمس ليرات والأخيرة اتخذتها النساء، في ما بعد، حلياً وقلائد.

وقد أصدرت الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى اوراقاً نقدية قيمتها ليرة واحدة، ونصف ليرة وربع ليرة، وخمس وعشر ليرات.

بعد العملة العثمانية كانت العملة الهندية، وبعد الهندية صدر أول مرة الدينار العراقي.. للحديث عن ذلك التقينا أحد المهتمين بشؤون التراث الباحث محمد جواد الغرابي.. فقال:

ـ في اثناء الاحتلال 1917 استبدلت العملة العثمانية بالهندية وهي الربية والنصف ربية والقران والعانة والبيزة، وجميع هذه العملات سبائك من الصفر باستثناء الربية المسكوكة من الفضة.

في عام 1921، وفي اثناء الحكم الملكي صدر الدينار العراقي بقانون من وزارة المالية وقد حدد فئاته والوانه وعرضه وطوله وصورته التي تحمل فيصل الأول مع صورة لآثار بابل مع تحدد الصورة الشفافة، وتبدأ فئاته من ربع دينار، ونصف دينار، وعشرة، ومائة دينار.

كما وحدت العملة المعدنية وهي الفلس، والفلسان، والأربعة، والعشرة، والخمسون، والمائة، أما الريال فكان مئتي فلس.

عن سير الملوك والرؤساء ووضع صرهم على العملات، علق قائلاً:

ـ لدي نموذج لدينار ملكي صورهم عن المصرف الوطني العراقي بقانون رقم 41 سنة 1947 وفي هذا النموذج تظهر على الوجه صورة فيصل الثاني  وتظهر صورة فيصل الأول مع اسد بابل.. هذا وقد وضع الملك غازي صورته أيضاً على الدينار العراقي.

في فترة حكم عبد الكريم قاسم، أصدر الزعيم عملة لا تحمل صورته، ورسم الشعار بيده وهو عبارة عن صورة تاريخية.. ما حدث في ذلك الوقت ان الأربعة فلوس تحولت إلى خمسة والغي الفلسان، وكان ذلك بداية لانتهاء قيمة الفلس وعدم تداوله في الأسواق، ومن طريف ما يذكر ان الجناح الروسي في معرض بغداد آنذاك عرض للحاضرين سيارة (فولكا) حديثة وان كل من يملك فلساً في جيوبه سيكون بامكانه ان يحصل على مفاتيح (الفولكا) مقابلاً لذلك.

ومما يذكر ان الرئيس احمد حسن البكر في زمن البعثيين لم يضع صورته على النقود واكتفى بالصورة الآثارية، على عكس ما حدث في زمن صدام.

* وماذا عن المراحل التي مرت بها العملة خلال الأنظمة السابقة؟

ـ كلنا يعرف ان النظام السابق بدأ بطبع النقود في سويسرا، وفي اثناء الحصار كان الطبع العادي.. وهو بدون غطاء.. الجدير بالذكر ان العملة العراقية في البداية عند استقلال العراق.. كان غطاؤها إسترلينيا، فالعراق لا يستطيع ان يتاجر إلا عن اطريق بنوك بريطانيا، بعد 14 تموز، خرج العراق من المنطقة الإسترلينية فقام بتغطية عملته بالسندات والأسهم الدولية والذهب.

ارتبط تغيير العملة في العراق دائماً بالوضع السياسي وما يتعلق به من تغيرات كبرى.. كما حدث مؤخراً.. للحديث عن ذلك التقينا الدكتور قحطان سليمان، أستاذ العلوم السياسة جامعة بغداد، فقال:

ـ تغيير النقود يكون موافقاً لاحداث سياسية كبيرة، كتغيير الحكم في الدول أو الاحتلال أو سقوط الإمبراطوريات، كما حدث في اثناء سقوط الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، فقد أدى ذلك إلى سقوط العملة العثمانية والاستعاضة عنها بالربية الهندية في العراق، وفي سوريا ولبنان استعيض عنها بالفرنك الفرنسي.

وعندما تشكلت الدولة العراقية عام 1921 تم سك عملة جديدة للمملكة العراقية واستمرت إلى 14 تموز 1958 عندما أعلن النظام الجمهوري وتم استبدال العملة الملكية بالعملة الجمهورية، وعندما سقط النظام السابق 2003 وبوجود الاحتلال الأمريكي تم تغيير العملة التي تحمل صورة الرئيس السابق وإصدار عملة جديدة وهي المتداولة حالياً في الأسواق.

 


وردة من قرية الاعاجيب

علاوي كاظم كشيش

ما الذي خلفته حلقة برنامج بطاقة تموينية من مشاعر في نفس المشاهد، تلك الحقة التي بثتها قناة الشرقية في نهاية آب الماضي بعد ان فازت بطاقة تموينية تعود للمواطنة وردة من قرية الاعاجيب في محافظة السماوة. الجائزة النقدية، مقدارها ألف دولار، عن طريق القرعة.. أول مرة، يظفر المواطن العراقي بمن يسأل عنه بدون سابق تعريف وعلى حين غرة ليدعمه مادياً وينقذه انسانياً ويشعره ان هناك من يترجمون مشاعرهم إلى فعل واقعي، الجائزة كانت تخص المواطنة وردة حصراً ولكنها معنوياً خصت جمعا من العراقيين المهملين الذين تحدث الكثيرون باسمهم ولم يؤازروهم ولم يساندوهم وهم يعلمون ان المواطن العراقي ما زال يقف في كل شهر أمام وكيل المواد الغذائية وبنفس المشاعر التي كان يتكبدها في ما مضى من زمان عندما كان وكيل المواد الغذائية عميلاً للنظام يتلصص على الناس إلا ما ندر منهم وهم قلة ما زال المواطن العراقي والعائلة العراقية تعاني طغيان بائعي الظلام وهم أصحاب المولدات الذين يستوفون أجورهم حتى في حالة عطل مولداتهم. ما زال المواطن العراقي يواجه

الطبيب المقطب الوجه والذي لا يعرف التعامل إلا بطريقة أنت مريض فالويل لك. وما زال المواطن العراقي يواجه تقطيبة الموظف الذي يشعر أنه لم يوظف لخدمة الناس بل لجعلهم يدفعون ثمن وصوله إلى منصب وصله بطرق يعلمها الله وهو يشعر بأن كل داخل عليه عبارة عن فضولي دخل إلى مملكته ومملكة أبيه.

هذا بعض مما ظل يعانيه المواطن العراقي وفجأة تبث الشرقية برنامجاً وتقع القرعة على بطاقة المواطنة وردة في قرية الأعاجيب وهي امرأة ثلاثينية تعيل ايتاماً فيا للمصادفة! وكان بودي ان تسأل المذيعة المواطنة وردة عن عدد الذين واسوها وسألوا عن أيتامها من فرسان العصر والزمان ذوي النظريات التي تتحدث عن معاناة الشارع العراقي ولا تتطرق إلى معاناة الإنسان الذي خلقه الله في هذا البلد. المشاعر التي تركتها حلقة برنامج بطاقة تموينية على قناة الشرقية فتحت باباً للشجن العراقي ولم تغلقه وكانت درساً للكثيرين لو انتبهوا له بوجدانهم فقط. تحية للشرقية و(الكادر) البرنامج وللمواطنة وردة من قرية الأعاجيب ولأيتامها العراقيين.

 

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة