الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

لحظة رجاءً بريطانيا مخمورة

مارك جولي

ترجمة: عمران السعيدي

عن: هيرالد تربيون

عدت قبل بضعة اشهر الى انكلترا بعد غيبة دامت احدى عشرة سنه امضيتها في اسبانيا والمكسيك والارجنتين ونيويورك، تزوجت حديثاً واقنعت زوجتي (سلفانا) بان الاقامة في اوروبا هي البداية القويه التي نحتاجها وهذا موقف مني معارضاً لوجودنا في بوينس ايرس مسقط راس زوجتي حيث الجريمة تتصاعد والبيو تنهار، وقد اطلعتها على المواقع الخصر والمسرح والتلفزيون العظيم الذي يقدم الفن الراقي واطلعتها على الملابس الداخلية التي يعرضها سوق (ماركس اندسبنسر) وغيرها من الامور الجميلة.

مع العودة الى وطني الام بعينين صافيتين رايت ان الحياة الانكليزية اليومية قد غيرت مكانها عن معبد الانبات الباقي في الذاكرة، وفي سياقة خلال لندن الشمالية وفي امسية مشمسه من اماس حزيران وجدت وسلفانا نفسينا في حالة اختناق شديد، لاتقاطعات ولا اشارات مرور وشوارع مغلقة وحين اعدنا السرعه احسست بالسبب لذلك، الا وهو ان احدهم راح يضرب راس رجل اخر بعد اسقاطه على الارض وفي الوقت نفسه كان هنالك ثالث مطروحاً جثة على الرصيف محاطاً بما يقرب من ستة اشخاص غاضبين.

وما اثارني فعلاً هو الوجه الواضح للعنف المخمور وكيفية تصرف الاخرين نحوه، وقد تقدمت العديد من السيارات نحو الموقع واحدى المسافرات فتحت شباك سيارتها لتلقي نظرة اوضح نحو الموقف، وقد وقعت الظلال فوق راسها وهي تستعمل هاتفها الخلوي وكانت في حالة غضب شديد من هذه الفوضى.

بقى ذلك النهار حادثاً منفرداً وكان من الاسهل على توصيحه لزوجتي وحتى وزير الداخلية يعترف الان ان مشكلة المشروبات في بريطانيا تتزايد هذه الايام، وفي موقف الباص قرب (كري إن) حيث تزدحم اكبر المواقع في لندن شاهدنا امرايتن مخمورتين تعانقان بعضهما البعض وهما في حالة فقدان للوعي وقبل اسبوع مضى زرت صديقاً في (باث) والذي اذكره كان شاباً مهذباً وهو يعمل سائقاً لسيارة نقل اطفال المدارس والسواح الاميركان، وحين قرعت جرس الباب لشقة هذا الصديق والواقعة قرب محال التحفيات القديمة شاهدت بعض الدماء على جرس الباب.

ان التزاوج الطويل بين العنف والكحول في بلادي ليس جديداً علي ومنذ قدومي الى الدار راودني نفس الشعور حين كان عمري اثني عشرة سنة وكنت واقفاً مع والدي عند حادثة مشابهة حدثت نتيجة حالة سكر في المنطقة التي كنا نسكن فيها.

فالذي يضايقني الان هو موضوع حالة الكحول وتفشيه في الحياة المدنية الانكليزية وذلك لم يكن فقط ليحدث بين صفوف قطاع الطرق او المتعبين من ابناء الطبقة العاملة، ولم يكن الامر مختصاً بمدينة محدده او الضواحي الداخلية.

ولم تكن هذه مشكلة الذكور فقط فالنساء الشابات تتزايد نسبة المدمنات بنسبة 60% خلال السنوات العشر الاخيرة، هذه هي انكلتره وهي امة السكيرين المسرحين.

ولم اكن اتوقع المجيء الى البيت حيث مكان الكحول المسؤول عن نصف مايحدث من جريمة في بريطانيا كلها، وكيف يمكن توضيح هذا الامر لزوجتي وهي تشاهد هؤلاء المخمورين والجرائم التي تحدث بسبب الكحول؟ حقيقة لايمكنني ذلك ولا اعرف الاسباب وراء ذلك.

وان حكومتي يبدو انها تفكر بان الجواب يكمن وراء قوانين منح الاجازات الخاصة بمحال الكحول والنوادي والحانات على الطرق الخارجية، واوقات فتحها خلال الليل والنهار، فبعض المحال تفتح لغاية الساعة الحادية عشر ليلاً والبعض الاخر يفتح 24 ساعة في اليوم، والتفكير يتجه الان لاتباع ثقافة المقهى حسب ماهو متبع في الدول الاوربية المجاورة.

انا اخشى ان نغرق اكثر في مستنقع الخمر مالكحول وحين تفتح الابواب عند الفجر ويدخل نور الفجر الى البيوت نريد ان تزاح هذه الفوضى عن شوارع المدن الهادئة وفي ليالي نهايات الاسبوع وان تصبح هذه الفوضى شيئاً من الماضي وان تنتهي لحظات كسر القناني والصراخ في ليالي بلادي العزيزة.


اطفالنا بين الحاجة والحلم

كتابة وتصوير

امنة عبد العزيز

اطفال عمال سبقتهم اعمارهم تطاولت عليهم قسوه السنين باجسادهم النحيله وايديهم التي عجزت عن حمل عدة عملهم، يقاومون اعباء الحياة الاقتصادية ويعيلون اسرهم اغلبهم ترك مقاعد الدراسة قسراً تاركين خلفهم احلامهم في ان يكونوا اطباء او مهندسين، تقرأ في عيونهم تلك البراءة التي غادرتهم مبكراً فغدوا رجالا قبل الاوان.

عندما رأيته يرفع مقدمة السيارة بتلك (العتلة) الحديديه اشفقت عليه كيف لهذا الطفل ان تكون له هذه الطاقة في عمل كهذا؟

سألت عمار ثائر وهذا هو اسمه..

*الا تجد صعوبة في عملك تحت السيارات وتفكيك اجزائها؟

-اجابني بزهو انا رجل والرجل يستطيع ان يعمل كل شيء لذلك (الاسطى) وهو رب العمل يعتمد في العمل علي ويثق بقدرتي على تصليح السيارات وخاصة الياباني.

* ومنذ متى ياعمار وانت تعمل؟

-عندما جاء بي والدي الى هنا كنت في وقتها لم ادخل المدرسة والان عمري اربعة عشر عاماً.

*وماهي اخبار الدراسة؟

-المدرسة (يراد له فلوس) وابي لايستطيع ان يتحمل مصاريفها وخاصة الدروس الخصوصية لذلك تركت المدرسة لا اساعد والدي في اعباء الحياة واذا تحسن الوضع عندها ارجع الى المدرسة.

 

كان لعلي خميسن وهو عامل بناء رأي اخر اذ قال:

-مستلزمات الدراسة من قرطاسية ولوازم اخرى كالملابس مثلا كلها بحاجة الى مبالغ كبيرة لذلك انا اعمل في (العماله) في بناء الدور ولساعات تمتد من الثامنة صباحاً حتى الساعة الرابعة عصراً وبرغم ان هذا العمل مرهق بالنسبة لي ولكن اجده نافعاً لكي اوفر المال واعين عائلتي ولكي لااجعلهم يضغطون علي واترك الدراسه (والحمد لله على كل شيء).

اما الطفل سعد وليد والذي لايتجاوز عمره الثامنة وجدته يحمل صندوق صباغة الاحذية بصعوبه، وعندما حدثته عن عمله اجابني (اني على باب الله)

* ماذا تريد قوله ياسعد؟

- العمل في صباغة الاحذية ليس سهلاً ففي اليوم الواحد اتعامل مع اشكال مختلفة من البشر وطريقة بعضهم تكون قاسية فهناك من يوبخني لمجرد عدم ضبط عمليه الصبغ وقد تركت الدراسة بعد ان توفي والدي وانا اخذت مكانه في العمل.

أما الطفل يحيى مجيد والذي يعمل حداداً

كيف تستطيع يايحيى ان تتحمل هذه الاصوات والطرق المستمر على الحديد؟

-لقد تعودت عليها، ومنذ صغيري كنت اتي الى هنا مع والدي وهو صاحب العمل واصبح الطرق على الحديد مثل (الموسيقى الصافية) وانا احب هذه الاصوات!!

*وهل انت مستمر في المدرسة يايحيى؟

-والدي يقول العمل (وتعلم صنعه) احسن وفيه مستقبل اما الدراسة فما فائدتها المهم انني اقرأ واكتب مثل والدي وعندما اكبر ساخذ مكانه في العمل.

هؤلاء بعض من اطفالنا العمال اجبرتهم الظروف ان يكونوا خارج مقاعد العلم والتعليم ترى متى سيكون اطفال العراق كباقي اطفال الدول المتحضرة ليمارسوا ابسط حقوقهم و يعيشون مراحل اعمارهم يلهون بهواياتهم المحببه بدلاً من التورط في اعمال تسرق براءتهم الجميله.

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة