حين يسرق الحلفاء الاسرار
بقلم: ج.بيتر
سكوبليك
ترجمة: كاطع
الحلفي
عن: صحيفة
لوس انجلوس تايمز
أصيب أصدقاء
وزملاء (دونالد كيزر) البالغ من العمر 61 عاماً والموظف
السابق في وزارة الخارجية الامريكية والمتهم بتمرير وثائق
حكومية الى المخابرات التايوانية بالصدمة بسبب توقيفه هذا
الاسبوع.
,, ويقول (تشاز
فريمان) في تصريح لصحيفة (واشنطن بوست) إن اصعب مايستعصي على
الفهم هو ان تقفز كلمة (استقامة) الى الذهن عند التفكير
بـ(دونالد كيزر)،، ويقول (ديفيد شامباو) مدير برنامج السياسة
الصينية في جامعة جورج واشنطن (اننا جميعاً مصعوقون ونسأل
بعضنا بعضاً ماذا عسى ان يكون قد حصل؟) وبصيغة مختلفة قليلاً
فان ذلك التساؤل ينطبق علينا جميعاً حيث نسأل: ماذا يجب
علينا ان نفترض لحقيقة ان دولة صديقة تقوم على مايبدو
بالتجسس على الولايات المتحدة؟ يبدو ان هذا التساؤل ذو صلة،
حين الاخذ بنظر الاعتبار ماذكر اواخر الشهر الماضي عن
التحقيق مع محلل معلومات في (البنتاغون) وهو (لاري فرانكلين)
بتهمة تمريره مسودة لسياسة الرئيس بشأن ايران الى اسرائيل،
عن طريق منظمة موالية للوبي الاسرائيلي في واشنطن، فماذا عسى
ان تحتاج مثل هذه الدول؟
والجواب طبعاً
كالاتي: اننا لن نعطيهم مايفكرون به، واصبح التجسس مألوفاً
بين الاصدقاء، وحسب ما اعلنه المركز الوطني لمكافحة التجسس
فان اكثر من 90 بلداً يتمتعون بحضور استخباراتي في الولايات
المتحدة، واننا نحتفظ بعلاقات جيدة نسبياً مع كل المتورطين
الرئيسين مثل الصين واليابان واسرائيل وفرنسا وكوريا
الجنوبية وتايوان والهند وهم يتجسسون على الولايات المتحدة
لذات السبب الذي ينشده الاعداء، الا وهو عدم تداخل المصالح
الوطنية بصورة تامة، وعلى الرغم من ان بعض قضايا تجسس
الاصدقاء يتضمن تجسساً صناعياً، الا ان المصالح بين الحلفاء
تفترق بشأن القضايا الامنية الحساسة أيضاً.
وعندما يحدث هذا
الامر فان وظيفة المخابرات تصبح انعكاساً للانحراف السياسي
في أقصى لا أخلاقيته، والمصلحة الخاصة في أقصى حريتها وتكتسب
كلمة (صديق) معنى نسبياً وتسود في هذه اللعبة قاعدة (تجنب ان
يمسك بك)، وهكذا تكون (تايوان) و(اسرائيل) حالتي اختبار في
طور التشكيل.
ففي عام 1979 الزم
قانون الولايات المتحدة بتزويد (تايوان) بوسائل الدفاع عن
نفسها وعلى مدى العقدين الماضيين زودنا الجزيرة ببلايين
الدولارات في هيئة معدات ومواد، وفي نيسان 2001 قال الرئيس
(بوش) ان الولايات المتحدة (ستفعل كل ماتستطيع) للدفاع عن
(تايوان) ضد الصين ودعم تعهده هذا باجازة بيع اربع مدمرات من
طراز (كيد) وغواصات ثماني تعمل بالديزل الى (تايبي).
ولكل ذلك لم تثق
(تايوان) بنا على وجه التخصيص، والمشكلة تكمن في انه في
الوقت الذي تلتزم فيه الولايات المتحدة بصورة مزعومة بالدفاع
عن الجزيرة، فإنها ملتزمة بصورة جلية ايضاً بتحسين العلاقات
مع الصين، وعندما تقترب الولايات المتحدة بصورة زائدة عن
اللزوم من الصين، كما حصل حين ابلغ (بوش) رئيس الوزراء
الصيني (وين جياباو) في كانون الاول الماضي بانه يعارض اية
خطوات من جانب (تايوان) باتجاه الاستقلال الرسمي، تصبح
(تايوان) قلقة متلهفة، وهكذا يمكن ان تندفع (تايوان) من واقع
ذلك بالتجسس علينا لمعرفة المدى الذي يمكن ان تتجه فيه نحو
الاستقلال من دون التفريط بدعم الولايات المتحدة وفي أي موضع
يمكن لها ان تتوقع دعماً من واشنطن ان اصبحت (بيجين)
عدوانية.
واذا ماتجسست
(اسرائيل) على الولايات المتحدة للاحاطة علماً بسياستنا تجاه
ايران فان ذلك على الاغلب محاولة لحل هذا النوع من اللبس.
فاسرائيل التي
تعتبر برنامج ايران النووي همها الامني الكبير تريد من
واشنطن ان تتخذ موقفاً متشدداً تجاه طهران، فاذا ماجنح الجدل
الداخلي داخل الادارة لصالح الحمائم فان (اسرائيل) قد تفكر
في مهاجمة المنشآت النووية الايرانية كما فعلت مع العراق عام
1981.
واسرائيل بالطبع
وراء اشهر مسلسلات التجسس للدولة الصديقة في التاريخ الماثل
في الذاكرة، ففي عام 1986 وجه الاتهام الى (جوناثان بولارد)
المحلل المدني في البحرية بتمرير وثائق سرية حكومية الى
الاسرائيليين، ووضعت القضية (اسرائيل) في موقف حرج و
(بولارد) في السنة الثامنة عشرة من -حكم عليه بالسجن مدى
الحياة غير ان رئيس وزراء اسرائيل ارييل شارون) الذي كان
آنذاك وزير الصناعة والتجارة شرح ذلك بصورة لااعتذار فيها في
ذلك الوقت بقوله (ان اسرائيل لاتحصل من الولايات المتحدة على
كل المعلومات التي تحتاج اليها).
اما الموقف
الامريكي فهو كذلك خال عن الهوى وقد ابلغني مسؤول كبير سابق
في المخابرات الامريكية معبراً عن ذلك بقوله (اذا احتاج واضع
السياسة بالقطع معلومات جوهرية لاداء مهمته وليس هناك من
منقذ لاستحصالها فليس امامه من بد الا استخدام الذكاء
الانساني ) بغض النظر عن المستهدف، واضاف المسؤول قائلاً:
انه في الثمانينيات كنا نعلم ان الشركات الالمانية تزود
دولاً مارقة مثل ليبيا بتكنولوجيا صنع اسلحة الدمار الشامل
من دون ان تكون الحكومة الالمانية مقتنعة -على اية حال-
بالدليل افلا تشرك جميع استخباراتها مع الولايات المتحدة؟
وهل تصرفنا بصورة منفردة للوصول الى ذلك؟ أجل بكل تأكيد.
وعلى الرغم من ان
التجسس الودي متفش، الا ان شدته لاتتمثل في تكراره كمشكلة
بقدر نتيجته، فإنه لشأن قليل مثلاًُ ان تكتشف فرنسا سراً
تجارياً بالمقارنة لوصول القاعدة الى خططنا العسكرية في
افغانستان، غير انه احتساباً للضرر الناشئ فان المرء
لايستطيع ان يغض الطرف عن فقدان الاسرار لا لشيء الا لانها
اخذت من قبل صديق ويقول (سيمور هيرش) من صحيفة (نيويوركر)
عام 1999 ان الاسرائيليين مرروا كثيراً من المعلومات التي
حصلوا عليها من (بولارد) وقد تكون من بينها خطط امريكية لحرب
نووية الى السوفيات، انها قضية في غاية الخطورة غير انه في
التجسس يكون من الحكمة التذكر ان قاعدة (عدو عدوي قد يكون
صديقي هي كقاعدة صديق صديقي قد يكون عدوي كذلك).
|