الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

لدقتهن في العمل ورخص اجورهن ولأنهن لا يتذمرن.. يفضلهن اصحاب المزارع الواقعة بين النجف وكربلاء

انتصار السعداوي

نجم عبد خضير

وانت تسافر من كربلاء الى مدينة النجف الاشرف لا بد ان تلفت نظرك المزارع المتفرقة على طول الطريق، مغطاة ومكشوفة تؤطرها اسيجة من السعف احاطت بخضرتها. ومع صفار الرمال وخضار المشاعيب (الالواح) وثوب الفلاحة الزاهي تشكل الطبيعة الصحراوية لوحة فنية رائعة تمازج فيها سحر الربيع مع تناسق الشجيرات..

استوقفنا منظر فلاحة تعمل تحت ضوء الشمس تداوي الرمال بأناملها عرفت ان اسمها حكيمة سلمان بدت متعبة وقطرات العرق تغطي جبينها .. قالت ان عمرها ثلاثون عاماً ولها ستة اطفال ومع هذا تعمل مدة اربع ساعات في الصباح واخرى مساءً بعد انجاز اعمال البيت واصبح هذا طقساً يومياًُ لها واوضحت انها تقوم بفتح الطريق لمياه التنقيط من الانابيب المنقطة الشعرية لإنسدادها في اكثر الاحيان لتسقي الشتلات، فهذا النوع من الزراعة يحتاج الى رعاية خاصة لأن الارض رملية من خلال شربها للماء وهذا يتطلب جهداً كبيراً لكي تثمر المشاعيب، والمشعاب هو الخط الذي تمتد عليه الشتلات امتداداً مع انبوب المقطرات.

ثوب في الشتاء وثوب في الصيف

نجوى موازي شابة تحت سن العشرين سألناها عن اجرها فأجابت:هذه مزرعتنا فهي تعود لوالد زوجي. وبما اني كنة هذه العائلة فأنا اعمل هكذا بدون اجر، باي شيء تصفوه صفوه (قالت هذا ضاحكة) وقد يصيبني من عملي هذا ثوب في الشتاء وثوب في الصيف ولقمة خبز، ولكن ما يفرحني جداً الهروب من وحشة الصحراء الى منظر الخضرة وان مردود جهدي سوف يعود يوماً لأولادي، ولأن سلوتنا الوحيدة العمل منذ الصباح الباكر بين التنظيف من الادغال والاملاح التي تتكلس على محيط النبتة بسبب ملوحة المياه حتى لا يموت النبات، وهذه العملية متواصلة طيلة ايام الزراعة وتزداد صعوبتها مع فصل الشتاء مع الموسم المغطى (بالنايلون) فهذا له خدمة خاصة.

نساء بالاجرة

وفي مزرعة اخرى التقينا ام شهاب تبين لنا انها عاملة زراعية وحين سألناها عن طبيعة عملها ترددت بعض الشيء لأنها حسبت جهاز التسجيل آلة تصوير تلفزيونية ولكنها حسمت الامر بقولها: في المزارع الكبيرة يحتاج المزارعون الى اعداد اضافية من العاملات فيجلبوننا من (مسطر الطواشات) في كربلاء وبأجرة قدرها اربعة آلاف دينار يومياً مع وجبة طعام، وغالباً ما، تكون الحاجة الى (الطواشات) اي العاملات في فترة جني المحصول. وعلى كل حال فإن الاجرة قليلة مع كل هذا التعب لكن ماذا نفعل فالمعيشة تتطلب منا كل هذا؟ ومع هذا يكون عملنا اكثر اجهاداً في بداية زراعة الموسم وخصوصاً في الصيف تحت لهيب حرارة الشمس ورمال الصحراء التي تضرب بها الرياح وجوهنا، فصاحب المزرعة يريد خدمة تجاه الاجر الذي يقدمه لنا ليحصل على زراعة ترضيه.

اسعار الاسمدة

استوقفنا المزارع مجد كاظم وبدل ان نوجه له اسئلتنا كانت اسلئته قد سبقت الينا. ماذا تفعلون هنا في وسط الصحراء؟ بعد معرفة وجهتنا تناول الحديث هذه المزارع فقال: اغلب الاراضي هنا هي ملك للدولة، ونحن مستصلحون لها وتنتظر رحمة الله بعد بذل الجهد في اعدادها وزراعتها. ولو توفرت الاسمدة بأسعار مناسبة لقدمت الارض انتاجاً افضل لكننا نشتري الاسمدة بأسعار تجارية وبشق الانفس لأن سعرها ارتفع اضعافاً، وهذه هي احد اسباب ارتفاع اسعار المنتجات الزراعية بالنسبة للمستهلك يضاف الى ذلك المبيدات والمواصلات والعمولات في (العلوة)..

ثم سألناه من عمل النساء فأجاب: معظم هذه المزارع يكون فيها العمل معتمداً على النساء في الزراعة او في وقت جني المحاصيل وفي بعض الاحيان تكون الاستعانة بنساء المزارع المجاورة اي من اهل المزارع، وهذه تسمى (عونة) وتكون بدون اجر اذ تساعد النساء بعضهن البعض. اما اذا كان العمل كثيراً ولا يمكن سده (بالعونة) فنقوم بجلب العلامات الزراعيات من المساطر الموجودة في كربلاء، واغلب اصحاب المزارع يفضلون المرأة في العمل الزراعي لأنها مطيعة ولا تتذمر من المشقة ولدقتها واخلاصها، علاوة على ان اجرتها تكون ارخص اواقل من اجرة الرجل.

اخبار الطواشات

يعد الجهد الذي قضيناه وسط الصحراء قررنا الحصول على صورة واضحة عن حال الطواشات وطرق التعامل مع العاملات، اخذنا الفضول مع الخيوط الاولى للشمس الى مسطر الطواشات وكانت الالتفافة الاولى علينا. كلام هنا وكلام هناك، وسط ضجيج الكلام اخذتنا النظرات وتساؤلات من قبل بعضهن هل تريدون عاملات؟ التفاتاتنا كانت ترصد تحلّق النساء على من جاء ليستأجرهن واخريات ركبت ظهر (البيكب) انطلاقاً للعمل، وكانت بغيتنا معرفة التعامل معهن في الخروج للعمل، وما بين الخجل والخوف من ظهور صورهن ابعدنا ما لدينا حتى حصلنا على اجابة من احدى العاملات التي ظهر انها لم يحالفها الحظ ذلك  اليوم في الحصول على عمل يقنعها (ام كاظم) تقول: معظم التعامل هنا لا يقنع وسط المبلغ البسيط الذي يعطى للعاملة برغم الجهد وحرارة الصحراء ولهيب الشمس حتى ان اكثر العاملات هنا يفضلن العمل في البساتين على مزارع الصحراء، لكن ان شح  العمل في البساتين نضطر للعمل في الصحراء بين تسميد ومد انابيب وتثقيب وجني المحصول واختتمت قولها بمرارة: هذه حياة تعودت عليها امرأة مثلي عمرها تجاوز الستين وهي عاملة هذا واقع حالنا.


بسبب تلوث المياه والاطعمة المعلبة .. وضعف دوائر الرقابة الصحية :ارتفاع ملحوظ في عدد الاصابات بمرض التايفوئيد في الموصل

رعد الجماس

ازدحمت العيادات الطبية الاهلية وعدد من المستشفيات والمراكز الصحية، الحكومية منها والخاصة في مدينة الموصل منذ بضعة اسابيع بالعديد من المراجعين والمرضى من كلا الجنسين وبمختلف الاعمار ممن يعانون اعراضاً مرضية متشابهة، تتميز بارتفاع درجات الحرارة ونحول عام مصحوب بتعب وارهاق يشمل جميع مفاصل الجسم، الى جانب صداع شبه دائم و اعراض اخرى مختلفة، وقد رجحت اغلب التشخيصات الطبية والتحليلات الاولية للمختبرات التحليلية التخصصية احتمالية انتشار التايفوئيد وحمى مالطا وغيرها من الامراض الاخرى.. وللمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع زارت (المدى) بعض العيادات الطبية في المدينة والتقت عدداًُ من الاطباء والمرضى فكانت هذه الحصيلة.

اعراض مختلفة

في احدى العيادات الطبية الخاصة قال احد المراجعين (ريان محمد سليم) موظف لأول مرة في حياتي تنتابني اعراض غريبة لم اعهدها سابقاً كما انني لم اعرها اي اهتمام في بادئ الامر لأنها غير مستقرة تظهر تارة وتختفي اخرى ثم بدأت بعد ذلك بالازدياد بشكل واضح مما اثار مخاوفي وقلقي ودفعني الى استشارة طبيب اختصاصي.

- وما هذه الاعراض؟

- نحول عام يجتاح كل اجزاء الجسم ولا سيما الاطراف السفلى بحيث لا استطيع الوقوف على قدمي لأكثر  من خمس دقائق دون شعور بالتعب والارهاق مع ارتفاع درجة الحرارة وصداع حاد يقترب من اعراض داء الشقيقة، الى جانب فقدان الشهية للاكل وتذبذب في ارتفاع وانخفاض الضغط.

وشاركت بالحديث مريضة اخرى (اسماء راكان احمد) التي راجعت العيادة بضع مرات، وقالت: هناك اعراض اخرى اضافية الى جانب الاعراض السابقة، فأنا ربة بيت وامضي كل اوقاتي داخل المنزل ولا اتعرض الى حرارة الجو المرتفعة ولا اقوم باعمال شاقة تهدر طاقتي، ومع كل هذه الراحة النفسية والجسدية اصبت بمرض التايفوئيد حسب تشخيص الدكتور المعالج كانت اعراضه مزعجة، ذلك انني اشعر بالآلام الشديدة في المعدة والقولون والقدمين.. اما ابن جيراننا البالغ من العمر خمس سنوات فقد وقع هو الآخر ضحية هذا المرض مما الزمه الفراش طيلة ايام عديدة ارتفعت خلالها حرارته الى مستويات مخيفة صاحبها فقدانه للسوائل ورشح من الانف.

اسباب متعددة

(الدكتور خالد الدباغ) اختصاص الباطنية والمتوطنة قال لنا: بعد ان سمح بإقتطاع جزء يسير من وقت مرضاه:

- موسم الصيف لهذا العام شهد انتشار بعض الامراض التي تنشط الفايروسات المسببة لها مع ارتفاع معدلات الحرارة ومنها بشكل خاص مرض التايفوئيد والحمى  بأنواعها، فقد سجلت العيادات حالات عديدة لمثل هذه الامراض، ففي كل يوم يراجعنا مرضى مصابون بهذا النوع من الامراض.

* وما هي اسباب انتشار المرض؟

- هناك جملة اسباب منها ما يشكل قاعدة صلبة لإنتشار المرض كإرتفاع درجات الحرارة وتلوث المياه والاطعمة والمأكولات المعلبة والمشروبات الغازية والصناعات الغذائية الخالية من الشروط الصحية وغيرها.. بسبب انعدام التعقيم والفحص الناتج عن ضعف مراقبة اجهزة ودوائر الرقابة الصحية على المؤسسات الخدمية، فمثلاً قلة نسبة المواد المعقمة كالكلور في مياه الشرب بمحطات اسالة الماء يعد عاملاً مهماً في ضعف صلاحية هذه المياه للشرب، مما سيتسبب في انتشار الجراثيم المسببة والناقلة للامراض السارية بأنواعها، هذا اذا اضفنا الى ذلك عدم توفر الادوية واللقاحات الضرورية لعلاج الامراض مع ندرة البعض الآخر منها وانتهاء معفولها حسب سقفها الزمني.

* وبماذا تنصح المراجعين والمرضى؟

- الالتزام التام بإرشادات الطبيب ونصائحه من اجل اكتساب الشفاء التام في حالة المرض، كما انصح جميع المواطنين بالتزام جانب الوقاية من الامراض لأنها خير من العلاج عن طريق اشاعة النظافة في كل مفاصل الحياة اليومية وتعقيم المياه قبل الاستعمال وخاصة التي تستخدم لأغراض الشرب، كذلك حال المأكولات والخضراوات تحديداً والابتعاد قدر الامكان عن الاطعمة المعلبة والجاهزة لأن قسماً منها، وفي غياب دور الرقابة واجهزتها، يأتي من مناشئ محظورة صحياً الى جانب اتخاذ التدابير الصحية اللازمة من خلال التلقيحات الدورية والفحص الطبي المستمر ومراجعة العيادات والمستوصفات الصحية عند حدوث اي طارئ او عارض مرضي مهماً كان بسيطاً.

* وماذا تقول للمسؤولين؟

- نرجو من جميع الجهات ذات العلاقة والمسؤولين المعنيين العمل على تفعيل وتدقيق ادوار وواجبات دوائر الماء والاسالة وجميع  المؤسسات الخدمية الاخرى والتي على تماس مباشر بصحة وحياة المواطنين من خلال اجراءات اكثر جدية في مجال تعقيم مياه الاسالة والشرب تجنباً لإنتشار الامراض والاوبئة، اضافة الى دور اكبر لدوائر الرقابة الصحية والتجارية من خلال مراقبة الاسواق والمطاعم والمحلات والحوانيت، وكذلك تدقيق عملها عند نقاط الحدود الكمركية من اجل مراقبة دخول جميع السلع والبضائع الى العراق بعد اجراء الفحص المختبري اللازم عليها لبيان صلاحيتها.

ارشادات ضرورية

في صيدلية سلامتك الكائنة في حي الموصل الجديدة قال الصيدلاني  (بسام يونس انور):

- ان التزام المريض بتناول العلاج والدواء حسب الوصفة الطبية وارشادات الطبيب المعالج ضروري جداً لتخطي الامراض ولا سيما المستعصية منها كالتيفوئيد مثلاً والذي يستلزم فترة علاج ونقاهة طويلة نوعاً ما، يتناول المريض خلالها مضادات وحبوباً وزرق ابر لمدة تتراوح ما بين اسبوع الى عشرة ايام وبشكل منتظم واي خلل او انقطاع عن تلقي العلاج ولو ليوم واحد سيؤدي الى تعثر مفعول العلاج وبالتالي الى عدم شفاء المريض الذي قد تتطور حالته وتدخل طور الامراض المزمنة.

* وما مدى توفر الادوية اللازمة؟

- في الواقع ان اغلب مناشئ الادوية المتوفرة حالياً في الصيدليات والمستشفيات والمراكز الصحية بل وحتى على ارصفة الشوارع من خارج العراق واكثرها ذات نوعية تجارية وبمواصفات دوائية رديئة غير صالحة ومفعولها منته بسبب ضعف الرقابة واجهزة الدولة التنفيذية الاخرى مع بروز ظاهرة الانفلات الحدودي التي سمحت بدخول كل شيء الى البلاد دون قيود ومنها الادوية، اضافة الى قلة انتاج المعامل وشركات الادوية المحلية.. وهنا انتهز هذه الفرصة لأناشد ومن خلالكم جميع ذوي العلاقة الاهتمام بصورة اكبر بهذا الجانب لأهميته وخطورته على حياة الانسان من خلال التصدي والضرب بقوة على ايدي المتاجرين بالادوية وباعة الارصفة ومذاخر وصيدليات الاسواق السوداء الذين يهدفون الى تحقيق الربح المادي حتى ولو كان على حساب صحة وحياة الآخرين.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة