الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

 

 

الصين- ما ثمن الاصلاحات؟

ترجمة/ فاروق السعد

عن الايكونومست

بعد خمسة عشر عاما من وجوده في السلطة، قام قائد الصين المتحمس، جيانك زيمن، باستكمال تسليم السلطة الى جيل اصغر. يبدو ان الحزب الشيوعي قد نفذ اول عملية انتقال منظمة للسلطة، بعد حكم دام 55 عاما. ولكن هل سيضع "هو" جنتاو، الذي يشغل الان منصب قائد الحزب، والرئيس منذ 19 سبتمبر، والقائد العام للقوات المسلحة، نصب عينيه اهدافا اعلى ويحاول تغيير الجمود الحزبي الى شيء اكثر ديمقراطية؟

بعد اسابيع من التكتلات السرية  التي سلم  فيها اخيرا السيد جيانغ، 78 عاما، اخر مناصبه كرئيس لجنة الحزب العسكرية، تدور اشاعات في بكين عن صراع على السلطة بينه وبين السيد هو. صور بعض المراقبين السياسيين السيد جيانغ كرجل محافظ يحد من الرجل الاكثر ميلا للاصلاح السيد "هو"، المفعم حيوية البالغ 61 عاما. ان كان هنالك فعلا صراع جدي-والادلة على ذلك واهية- فان السيد  "هو"  يبدو قد خرج منتصرا. وقد فشل نائب الرئيس زنغ كنغ هونغ، حليف السيد جيانغ الرئيسي في المكتب السياسي، في الحصول على مقعد في اللجنة العسكرية، التي يراسها السيد "هو". قد يشير هذا الى انه لايمثل تهديدا جديا الى السيد هو كما اعتقد الكثير.

بالرغم من كل الشكوك حول الميول الاصلاحية للسيد "هو"، الا ان هنالك ما يشير الى ان استراتيجيته لاصلاح الحزب تختلف كثيرا عن  استراتيجية السيد جيانغ. من المحتمل ان كلا الرجلين يدركان الحاجة الى تعديل طبيعة الحزب الدكتاتورية والسرية الى شيء ما يتناغم بشكل اكثر مع التغيرات التي طرات على الاقتصاد والمجتمع الصيني. وكلاهما يقبلان بان الاصلاح ينبغي ان يستمر بحذر، كي لا تطيح القوى التي يحررها بالحزب. اوضح السيد "هو" افكاره في كلمة له في 15 سبتمبر: "لقد برهن التاريخ على ان استنساخ النماذج السياسية الغربية في الصين هو طريق مغلق".

في السنوات القليلة المنصرمة، شجع الحزب(تحت زعامة السيد "هو" ، ولكن تاسيسا على افكار متبناة من السيد جيانغ)  تجارب على نطاق ضيق في مناطق مبعثرة من الصين تهدف الى تعزيز " الديمقراطية الداخلية للحزب" ، وهو الهدف الذي يعتبره الكثير من المثقفين الصينيين شرطا ضروريا لجعل النظام ككل اكثر قبولا. تكمن الفكرة في اعطاء اعضاء الحزب الاعتاديين سلطة حقيقية للاشراف على صنع القرار واختيار ممثليهم. كانت  قوانين الحزب قد منحت 70 مليون من الاعضاء مثل هذه الحقوق، ولكنها مهملة من الناحية العملية.

تعتبر تجارب الحزب الاكثر شهرة هي تلك التي اجريت في يآن وهي مركز بلدي من مقاطعة زيجوان المحاذية لهضبةالتبت. حيث سمح لاعضاء الحزب هناك بانتخاب مندوبيهم الى المؤتمرات عن طريق الاقتراع السري. عادة ما كان يتم اختيار المرشحين  من قبل المستويات العليا من قيادة الحزب وبموافقة روتينية من قبل الاعضاء العاديين. و يتوجب على موظفي الحزب في "يآن" الذين يحصلون عادة على مقاعد في البرلمان  ان يفوزوا في الانتخابات. في ما لايقل عن مدينتين، فقد رؤساء الحزب مناصبهم خلال السنتين الاخيرتين بفضل طريقة الاقتراع الجديدة هذه. كما حاولت يآن ان تحيل مؤتمرات الحزب المحلية الى هيئآت رقابية مناسبة. تعقد مؤتمرات الحزب عادة كل خمس سنوات لتجيير القرارات المتخذة من قبل قادة الحزب. وفي يآن، تعقد هذه المؤتمرات الآن مرة واحدة في السنة في الاقل وقامت بانتخاب لجان دائمة لوضع اعضاء الحزب المحليين تحت الرقابة. ويتوجب على القادة الآن التصويت بشكل سري على القرارات الكبيرة بدلا من مجرد الاستجابة لرئيس الحزب. رحب مسؤولو الاعلام بتجارب يآن باعتبارها "انجازا كبيرا".

في مقاطعة جيانكسو الساحلية، مئات الاميال الى الشرق، سمح لاعضاء الحزب الاعتياديين في مدينة سوكيان الريفية في نيسان بانتخاب رئيس حكومتهم. فقد الاشخاص المعينون مراكزهم. تقول المصادر الصينية بان السيد "هو" قد امتدح التجربة خلال زيارته للمنطقة.

ولكن توجد هنالك حدود معينة. يقول احد العلماء الكبار في لجنة استشارية في بكين بانه يعتقد بان تجارب مشابهة قد تحدث خلال السنوات القامة في العديد من المقاطعات الصينية. ، ولكن ضمن التشكيلات الادنى من الحزب. ولايتوقع ان يتم الترويج لمثل هذه الطرق على مستوى الجهاز الحزبي للمقاطعة او اعلى الى نهاية العقد القادم في اقل تقدير. ينظر البعض الى السيد "هو" باعتباره غورباتشوف. وفي جميع الاحتمالات، فان "اعادة انتخابه" كرئيس للحزب في عام 2007 ستتم في وقت مدروس، بحيث يكون هو المرشح الوحيد.

بذل كل من "هو" وجيانك قصارى جهديهما في الايام القليلة الماضية  للتاكيد على ان جيش التحرير الشعبي يجب ان يبقى تابعا للحزب. وفي خلال الثمانينيات، ظهرت اقتراحات لوضع القوات المسلحة تحت سيطرة الدولة، بدلا من الحزب. ولكن منذ سحق احتجاجات ساحة تيانامين في 1989 تم كبح مثل هذا النقاش. لاتوجد اللجنة المركزية العسكرية الحكومية الا على الورق(سيبقى السيد جيانغ رئيسها الاسمي لغاية آذار القادم ، تاريخ انعقاد المجلس التشريعي). وهذا يبين حدود الاصلاح السياسي. ان الدور الحاسم للقوات المسلحة، كما بينه السيد جيانغ في خطابه القيم، هو للمحافظة على الحزب في السلطة. يستطيع ان يتقاعد ويلجأ الى شقته في شانغهاي مع العلم بان هذا المبدأ ليس بوسع اي قائد صيني حالي ان يعترض عليه.

 


الإحساس والتعقل بوش وكيري يوازنان بعضهما

بقلم ديفيد بروكس

أفكر أحياناً في لحظات الضعف أن أفضل بطاقة لهذا الوطن سوف تكون بطاقة (بوش - كيري). إن كلا الرجلين يوازنان بعضهما إلى درجة كبيرة. إن كيري لا يستطيع أن يتخذ قراراً، بينما بوش يتخذ قراراته في عجلة كبيرة، كيري يغير أفكاره خلال حديثه، بوش لا يغير من أفكاره غالباً، إن كيري يفكر بشغف حول مسائل الأحداث، ولكن لا يبدو عليه أنه يصل إلى اعتقاد راسخ، بينما بوش كان متميزاً في الوصول إلى أهداف واضحة، ولكنه غير متميز في الوصول إلى مجرى الأحداث.

كانت هذه الحالة مدهشة في حوار ليلة الخميس. لم يكن صراع أيدلوجيات إلى حد بعيد، أو حتى صراع ثقافات، بل كان جدالاً بين عقلين مختلفين. يمكن أن نقول، كأنه حوار بين قنفذ (يمثله بوش) وثعلب (يمثله كيري) إذا رغبت في أن تستعمل التعبير المتعب هذا ولكنه تعبير مفيد. اعتقد أنك يمكن أن تصل إلى الحقيقة أكثر بهذا التشبيه وهو أن محيط تفكير كيري كان منطقياً، فهو يعمل فكره على كيفية تحقيق الأشياء، أنه يتحدث كأنه مدير أو مهندس بينما المحيط الذي يدور فيه فكر بوش هو أكثر إيماناً وأخلاقية، فهو يواصل الحديث عن متغيرات أخلاقية، يتحدث عن نوع الشخصية الوطنية التي نحتاج إلى أن نكون عليها لكي ننتصر على أعدائنا، أن تفكيره ذو طبيعة أقل علمانية من كيري ولكنه أكثر تجريداً من واقعية اليوم.

حينما سئل جون كيري كيف يمكن أن يمنع هجوماً آخر مثل هجوم 11 ايلول، أخذ يقرأ على عجل قائمة تضم تسعة مجالات سياسية ملموسة، تمتد من الإصلاح السياسي حتى تصل إلى تدريب الجنود العراقيين، ولكن جوابه لم يكن يملك تلخيصاً موضوعياً، إذا تمعنت في نسخة الحوار ونظرت إلى مجموعة الأجوبة التي تتحدث عن "المحتوى المنطقي"، أو خطة موضوعة ذات أربع نقاط، أو "قائمة طويلة" من الاقتراحات، أو "سلسلة صارمة من الأشياء" التي يجب أن يتم إنجازها، سوف تعلم أنه كيري.

وبالمقابل، إذا وجدت إجابة تذكر، "عندما نعطي وعداً سوف نلتزم به"، سوف تعلم أن ذلك كان بوش.

إن هذين الاتجاهين المتناقضين في التفكير يطرحان الصورة التي يرى كل منهما العالم فيها، فعلى سبيل المثال كيف يعرفان كلمة العدو، في يوم الخميس عرف بوش الحرب على الإرهاب كصراع فكري وأخلاقي. قال أن لدينا واجباً مقدساً حتى نهزم منطق الكراهية هذه، يؤمن بوش بأن العراق هو ساحة حرب مهمة لأن عراقاً حراً سيكون مانعاً لسيطرة الأصولية الإسلامية في قلب العالم العربي.

كيري على العكس أنه يعرف العدو بمصطلحات ملموسة ومحددة، إنه يؤكد أن اسامة بن لادن هو الذي هاجمنا ويؤكد الحاجة إلى هزيمة شبكة القاعدة، وينظر إلى العراق بأنه انحراف أو ميلان عن التوجه إلى إلحاق الهزيمة لشبكة الإرهاب.

إن كلا الفكرين حاضر بقوته وضعفه، إن ميكانيكية التفكير عند كيري هي أفضل عند الحديث عن الأمور العملية مثل ضمان أمن الحدود العراقية من جهة أخرى هو غير قادر على مزج مقترحاته الخاصة أو تحويلها إلى مبادئ موجهة، ولهذا كان ضبابياً في جميع الأشياء التي حوت سيرة عمله، ولهذا كان يغير آراءه بهذه السرعة العجيبة ولهذا انكسر كما تنكسر قطع البسكويت عندما صوت لصالح الاستمرار بالحرب في العراق والتي قال عنها أول الأمر، بأنها كانت خطأ.

وعلى عكسه كان بوش مصمماً وثابتاً أما ضعفه فهو من أصول الحكم، إنها مهمة الوسائل المترابطة حتى النهايات، بتنظيمات المؤسسات الحكومية لإنجاز الأهداف المتوخاة، أن بوش يتصرف أحياناً كما لو أن الأمر سيكفي إذا اعترف الرئيس بإيمانه، ولكن مدرب الفريق لا يمكنه أن يحلم فقط بخطة لعبه، إن عليه أن يفهم ما يمكن أن يقوم به أعضاء فريقه وما ليس بإمكانهم أن يقوموا به وأن يتبني تلك الوقائع، لقد بدأ بوش حرباً وقائية برغم أن دائرة مخابراته كانت عاجزة، لقد احتل بلداً برغم أنه لم يؤمن بذلك أو يعمل مع هيئات حكومية يحتاجها لأداء تلك المهمة.

وبرغم كل شيء أتوقع أن معدلات التصويت لمصلحة بوش ستتراوح حول نسبة الخمسين بالمئة برغم عام من القتل في العراق، لأنه السبب الذي يلازم الكثير في التعليقات التي لا نريد أن نتحدث عنها، في أمة مخلصة وأخلاقية هي لأن لغة بوش لها صدى مع الناس الذين يعرفون أنه لم يكن يتمتع بالكفاءة

على طول الخط، والذين يعرفون أنه لم يكن دائماً مسيطراً في كل جدال ولكنه قادر على تحسس قالب مشترك من العقل.

ترجمة: مفيد وحيد الصافي

نيويورك تايمز

 


واشنطن وباريس على الخط السوري اللبناني

ترجمة: زينب محمد

بقلم: جيلس باري

عن لوموند

عدت أوساط سياسية عربية انسحاب ثلاثة آلاف سوري إضافي من لبنان مشجعاً لكنه غير كاف، ففي الحادي والعشرين من أيلول بدأت القوات السورية التي تعسكر في جنوب بيروت بإعادة انتشارها نحو سوريا. وإذا ما أضفنا هذا الانسحاب إلى عمليات الانسحاب التي جرت خلال الأعوام الثلاثة الماضية والتي خفضت عدد الجنود السوريين في لبنان والذين يقدر عددهم بخمسة وثلاثين الف رجل مع نهاية الحرب الأهلية إلى (17) ألف، فإن هذا التحرك الأخير للقوات السورية والذي يشمل ثلاثة آلاف جندي سوري يأتي في سياق حرج بالنسبة لسورية.

إن على دمشق التي تتصدى لعداء الولايات المتحدة الأمريكية على كل الملفات الإقليمية من العراق إلى الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني أن تأخذ بنظر الاعتبار وتحسب حساباً للريبة التي تعبر عنها فرنسا بشكل متزايد وصريح حول الملف اللبناني، ففي الثاني من أيلول سعت كل من باريس وواشنطن في أروقة مجلس أمن الأمم المتحدة إلى تبني قرار دولي من الأمم المتحدة يدعو إلى احترام سيادة ووحدة الأراضي واستقلال لبنان السياسي وكان سعي هاتين الدولتين / فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية / في مجلس الأمن يتعلق بإعاقة مشروع يقوم على فرض تعديل دستوري تمدد من خلاله فترة الولاية الرئاسية الحالية للرئيس اللبناني الحالي / أميل لحود / لمدة ثلاثة أعوام أخرى، ولم يكن بوسع أميل لحود ترشيح نفسه إلى الانتخابات الرئاسية اللبنانية القادمة المتوقعة في شهر تشرين الثاني، وكان أميل لحود قد اختير لولاية واحدة لمدة ستة أعوام في عام 1998 على وفق تعديل دستوري سمح لقائد الجيش السابق هذا بالاضطلاع بمهامه السياسية.

وكان تبني قرار الأمم المتحدة رقم / 1559 / يدعو إلى تنظيم اقتراع / حر / و/ عادل / و / بدون تأثير أجنبي /، لم يحقق هدفه لأن البرلمان اللبناني - تبنى التعديل - الذي تعرض لسوء الظن - بعد بضع ساعات فقط على تصويت مجلس أمن الأمم المتحدة على القرار. ولكن مع ذلك لم تهدأ باريس وواشنطن كما أشير إلى ذلك بعد زيارة مساعد وزير الخارجية / وليام بيرنس / في الحادي عشر من أيلول الماضي إلى دمشق، وبعد المعلومات

التي نشرتها صحيفة الحياة العربية اليومية وذكرت فيها عزم فرنسا وحرصها على تطبيق الأحكام التي نص عليها قرار الأمم المتحدة رقم (1559)، ويتوجب على الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان صياغة تقرير حول هذا الموضوع في مطلع تشرين الأول الحالي وبرأي المحللين السياسيين اللبنانيين. فإن الموقف الذي تبنته فرنسا في خلال الأسابيع الأخيرة الماضية يشير إلى خيبة أملها من الرئيس السوري بشار الأسد، الذي كانت قد راهنت عليه عند وصوله إلى السلطة بعد وفاة والده في حزيران عام ألفين. وضمن هذا السياق تساءلت الصحافة الفرنسية هل سيكون الانسحاب الجزئي من جنوب بيروت - تحت الضغط - كافياً؟... لقد أعلنت الصحافة الرسمية السورية، بعد الإعلان عن تأثير اللوبي الصهيوني في تبني قرار الأمم المتحدة رقم (1559)، أعلنت في الثالث والعشرين من أيلول الماضي عن تحسن العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية الذي أكده المناخ الإيجابي الذي ساد - على حد قولها، أجواء اللقاء الذي جمع وزير الخارجية كولن باول ووزير الخارجية السوري الثابت فاروق الشرع في اليوم نفسه في نيويورك، وهو الأول منذ أكثر من عام.

واعتبر باول الإعلان عن الانسحاب الجزئي في لبنان مشجعاً مع تأكيد على ترقبه لتحركات كاملة وليس مجرد تصريحات ووعود بالتحرك. وفي بيروت لا يبدو أن المعارضة تنوي التخلي عن الموضوع، فالنائب وزعيم الدروز وليد جمبلاط أكد في الثاني والعشرين من أيلول على أن المشكلة الأساسية تكمن في التدخل السوري في السياسة الداخلية اللبنانية، ويعلن جمبلاط صراحة عن معارضته للتعديل الدستوري ودعا أميل لحود إلى الاستقالة، ومن جانبه أكد بطريرك الكنيسة المارونية المونسنيير (نصر الله سفير) في لقاء إلى وكال الصحافة الفرنسية وراديو فرنسا الدولي أن الوقت قد حان ليتمكن لبنان من التصرف كدولة ذات سيادة، يدير شؤونه وقضاياه الخاصة به، سيما أن لبنان عانى من العداء المفتوح بين لحود الذي يحظى بدعم المسؤولين الشيعة ورئيس الوزراء رفيق الحريري الذي يحظى بمساندة باريس.. وبعد التصويت على التعديل الدستوري الذي أدى إلى استقالة أربعة وزراء في حكومة الحريري أعلن رئيس الوزراء عن قرب انتهاء حكومته.


الإرهاب ينجح في استثمار تقنيات الإعلام المتقدمة

قال اسامة بن لادن بعد تدمير مركز التجارة العالمي انه من الطبيعي عندما  يرى  الناس حصاناً قويا وآخر ضعيفاً فأنهم سيتعاطفون تلقائيا  مع الضعيف. بهذه الحقيقه يحاول اسامة بن لادن اخفاء الفلسفة المتطرفة لتنظيم القاعده.  

استطاع الأرهابي ابو مصعب الزرقاوي وهو اردني الجنسية من اختطاف المهندس بيغلي واثنين آخرين يحملان الجنسية الأمريكية قبل أكثر من أسبوعين. ان الأختطاف هو الأسلوب الرئيسي الذي يتبعه الزرقاوي ومساعدوه المتطرفون.

اذا كان هدف الزرقاوي هو اظهار الغرب بمظهر الضعيف و الذليل فأنه قد حدث  الكثير من الأمور التي اسعدت الزرقاوي، وذلك  عندما قام التلفزيون البريطاني وصحيفة تاب لويدس وصحيفة كوالتي بتغطية اعلامية لقضية السيد بيغلي المروعة بحيث اتحدت وسائل الاعلام هذه  بشكل غير متفق عليه  لتغطية مواضيع الأرهابيين بطريقة  سيطرت على جدول اعمالهم  اسهمت في تغذية الشعور بالعجز  عند الغربيين.كما ساهمت في  اساءة فهم معاناة السيد بيغلي بحيث اصبح التصور بأن السيد بوش والسيد بلير هما المسؤولان عن هذه المعاناة.

ان محاولات السيد بلير الأعتماد على العواطف وسرد القصص الشخصية للأستهلاك السياسي تبدو ضعيفة امام الغضب الجماهيري الذي ساد بعدما طلبت عائلة السيد بيغلي المساعدة لأطلاق سراحه بشكل مؤلم. وهنالك حقيقة مفادها ان مكتب الخارجية البريطانية قد حذر بوضوح المقاولين  ومن ضمنهم السيد بيغلي الذين يتقاضون اجورا عالية من مخاطر العمل في العراق.

ان عالم الزرقاوي عبارة عن جهنم ينزف فيها الضحايا امام الكاميرات في الأنترنت.

والذي سعى اليه الزرقاوي واستطاع تحقيقه هو الحضور الدائم لمعاناة السيد بيغلي في الإعلام البريطاني. عندما تم اختطاف المراسل الصحفي جيمس براندون في البصرة اثناء قيامه باحدى مهماته لحساب الصحيفة التي يعمل بها قام مكتب الخارجية في الحكومة بتقديم النصيحة الى صحيفة

الصندي تليغراف بعدم نشر تفاصيل عملية الأختطاف  الى ان يتم اطلاق سراحه.

من الطبيعي جدا ان تتعامل وسائل الاعلام بطريقة مثيرة مع قضية مهمة ومؤلمة كقضية اختطاف السيد بيغلي وأن تقوم بتغطيتها بشكل واسع ومتواصل.

ان عمليات الأختطاف في العراق لم تقتصر على الأجانب فقط وانما عانت منها المئات من العوائل العراقية، ومن الملاحظ ايضا ان وسائل الأعلام الأمريكية قد تعاملت مع قضية اختطاف الأمريكيين المرافقين للسيد بيغلي وقتلهما بطريقة متحفظة.

ان من الأمور التي تنطوي على الكثير من المخاطر هو اسلوب التغطية الأعلامية لقضية السيد بيغلي بحيث اوهمت الرأي العام بأمكانية التفاوض مع الأرهابيين في الوقت الذي يكون فيه التفاوض مع الارهابيين اشبه بالخيال .

انه من الخطأ الستراتيجي والأخلاقي الأستسلام لمطالب الزرقاوي في اطلاق سراح السجينات العراقيات، كما ان الأستسلام لشروطهم لن يزيد من فرص انقاذ حياة السيد بيغلي.

في موقع إسلامي على صفحات الإنترنت ذكر أن الزرقاوي سخر من وزراء "دول الكفر" لأنهم يرفضون التفاوض معه. ان التفاوض مع الزرقاوي يعني  الأستجابة لمطالب الأرهابيين واذا رفضوا فستتم عملية الذ بح.

في الماضي كانت هناك منظمات ارهابية لديها مطالب محددة يتم التفاوض عليها مثل الأستقلال السياسي او الحريات الدينية، بينما لايوجد في تنظيم القاعده الان  من يحمل تلك الاهداف. أن اهداف الارهابيين هي الاستفاده من حالة الضعف لدى الغربيين   ويأمل الإرهابيون في استثمار حالة الضعف هذه  من اجل تاسيس حكومة خاضعة لحكم رجال الدين، وإن فكرة اطلاق سراح عدد من العراقيين سيؤدي الى تهدئة مثل هؤلاء القتلة هي فكره تثير السخرية. ولهذا السبب كانت التغطية الأعلامية لقضية السيد بيغلي معقدة لأنها تساهم في تشجيع المختطفين وتدفعهم الى الأعتقاد بأن افعالهم قد نجحت في إظهارهم على صفحات الجرائد وفي المقابلات التلفزيونية و سوف يعطي الأنطباع بأن رعايا بريطانيا في العراق معرضون اكثر من غيرهم الى الأختطاف.

أن الخبرة الجيدة في استخدام التقنيات الحديثة في وسائل الاعلام لدى الزرقاوي وأتباعه الذين يستخفون بأرواح الناس سهلت النجاح بالقيام باعمالهم، كما اظهرت بريطانيا حسبما يعتقدون بمظهر الحصان الضعيف.

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة