الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

الرعب رأسمال الإرهاب

 

ترجمة: فاروق السعد

عندما يكون أسامة بن لادن زعيما للقاعدة، فإن أبو مصعب الزرقاوي الاسلامي الارهابي يمكن له أن يلقب وبجدارة بابن الشارع. ينتج ابن الـ (37) عاما حاليا في العراق أفلام قطع الرؤوس واحدا تلو الآخر. وهو يمثل ذروة مسيرة الإرهاب المثيرة للفزع، تلك التي يصعب تخيلها.

وليس هنالك من شخص قابل الزرقاوي ووصفه بالذكاء. لا أبناء أعمامه الذين تشاجر معهم في الشارع عندما كان طفلا في الروضة، ولا محاميه الذي ترافع عنه لاحقا بسبب أعمال شغب إسلامية، ولا زميله في السجن الذي أراد الزرقاوي منعه من قراءة الروايات، ولا أيضا المخابرات التي ترقب مكائده في بلاد ما بين النهرين. وطبقا للتقييم الصادر من المخابرات الألمانية فانه "لا يتمتع بالذكاء الذي يمتلكه أسامة بن لادن". من جهة أخرى لم تظهر ملفات أجهزة المخابرات الزرقاوي كـ "قائد عسكري" أو "زعيم"، ولكنه مجرد "شخص تنفيذي". إنه إذن مجرد جلاد وليس مفكرا. ويبقى أسامة بن لادن، دائما، العقل الملهم للمجموعة الإسلامية "التوحيد والجهاد"، وهو المطلوب الأول بين الإرهابيين في العالم، وقدمت الولايات المتحدة 25 مليون دولار لمن يساعد في القبض عليه.

ويعتقد الرئيس بوش بان الزرقاوي هو "العقل المدبر" الذي يحرك خيوط الإرهاب الإسلامي في منطقة الخليج. وهذا التقييم المشكوك فيه يمثل تقليدا في الدوائر المخابراتية الأمريكية: يشكل الزرقاوي بالنسبة للهجوم على العراق برهانا حيا على العلاقة الوهمية بين أسامة بن لادن وصدام حسين. وأخيرا، كما أعلن وزير الخارجية كولن باول، تلقى الزرقاوي تدريبا في معسكر بن لادن كمجاهد، وفي فترة لاحقة تلقى علاجا من جرح في الساق في بغداد.

لقد تم اعتقال ما لا يقل عن 116 إرهابيا مشكوكا فيه او مؤكدا، في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا وتركيا والأردن والعربية السعودية. وهم يرتبطون بالزرقاوي كما ذكرت الصحيفة المختصة "جين انتلجنس ريفيو". هذا هو الحال مع ابو دهيس، قائد خلية التوحيد الذي يحاكم أعضاؤها أمام  المحكمة العليا في ديسلدورف، حيث اتهموا بالتخطيط لشن هجمات على المنشات اليهودية في ألمانيا.

"اقسم لك يا شيخ، لو أمرتني بالموت فسأنفذه"، هذا ما وعد به أبو دهيس محرك الخيوط الزرقاوي في الهاتف. في هذه الأثناء تبحث القوات الأمريكية عن الزرقاوي بنفس الهمة التي كانت تبحث فيها عن صدام حسين قبل فترة قصيرة. وشنت القوات الأمريكية العديد من الهجمات الجوية على مدينة الفلوجة ذات الأغلبية السنية، حيث يعتقد وجود مقر للتوحيد والجهاد. من الواضح تماما أن الزرقاوي يقدم خدمة للحكومة الأمريكية بأن يمنحوه دور الشرير الكبير. لأنه بالرغم من انه ليس مسؤولا عن جميع حالات الاختطاف والقتل التي تطول الأجانب في العراق (اختطف ما يقارب 170 منذ بداية هذا العام، وقتل منهم ما لا يقل عن 29)، إلا إنه عادة ما يكون أول من تطوله الشبهات. وهذا يناسبه تماما، لان الرعب هو رأسمال الإرهابيين، إذ كلما سبب المزيد منه، كلما بدا اكثر جبروتا.

إن القلق الذي ينتاب القسم الأعظم من العراقيين بسبب حالات الاختطاف اليومية التي يقوم بها أبناء البلد هو، في الحقيقة، اكبر من القلق الناتج عن محاولات الزرقاوي الهادفة إلى الابتزاز السياسي. لقد أصبح الاختطاف، بعد حالة الفوضى التي أعقبت الحرب، مهنة تدر مالا وفيرا. وقلما يتم التطرق الى هذه الحالة المستشرية في الخارج. لقد وجد الزرقاوي هنا في وسائل الاعلام مساعدا طوعيا. فمحطة الجزيرة الفضائية تعرض لمشاهديها أفلاما عن قطع الرؤوس، يظهر فيها الزرقاوي بطول هامته. أما في الغرب فلا يكون هذا ضروريا، لأن مثل هذه المشاهد هناك تثير الفزع،  فضلا عن أن النسخ الكاملة متوافرة في الانترنيت.

لقد كان تطرف الزرقاوي في زاكسن ذائع الصيت. "فمع المشروبات الكحولية، كان مسرفا. وعندما يقسو، كان متطرفا في قسوته"، كما ذكر مراسل النيويورك تايمز جفري كيتلمان في بحثه المفصل عن حياة الزرقاوي.

ترعرع احمد فاضل نزال الخلايلة، وهذا هو اسمه الحقيقي، في مدينة الزرقاء الصناعية، وهي مثل مقاطعة الرور بالنسبة إلى الأردن. وهو ابن لعائلة بدوية فقيرة ذات عشرة أطفال. ترك احمد المدرسة في السابعة عشرة من عمره، وبدأ بمعاقرة الشراب وارتكاب الجرائم الصغيرة. ومن ثم تحول إلى ما هو اكبر، حين قرر الالتحاق برفاق العقيدة في أفغانستان، لطرد القوات السوفيتية التي كانت تحتل البلاد. ومع هذا عندما وصل إلى هندوكوش، كان الروس قد رحلوا. في عام 1989 انتصر المجاهدون. وهنا بدأ الشاب يحلم بالإطاحة بالمملكة الأردنية الهاشمية، وإقامة دولة الخلافة، تماما مثل ملهمه الأكبر أسامة بن لادن الذي رغب بالإطاحة بالحكم الملكي في بلاده. وبعودته إلى الأردن أسس الزرقاوي حركة جند الشام والدعوة الإسلامية. وحين اعتقل عام 1992 مكث في السجن حتى عام 1999. هنالك أجهد نفسه كثيرا. مرن عضلاته بواسطة المقابض الحديدية التي صممها بنفسه، ومارس سلطته بشكل فض. وبسرعة أصبحت الزنزانة في قبضته. "واستطاع أن يصدر الأوامر بمجرد حركة من عيونه"، كما صرح طبيب السجن أبو صباح إلى صحيفة نيويورك تايمز. وبعد إطلاق سراحه، كما ذكر أصدقاؤه، قرر بعد تفكير قصير، شراء سيارة بريطانية، وان يفتح محل عصائر وان يرعى طفليه.

ومع ذلك لم يتحقق اي من الاحلام الصغيرة النزيهة الوطنية تلك. ففي عام 2000 استبدل الاسم الاسلامي الفروسي احمد فاضل نزال الخلايلة بالاسم الارهابي ابو مصعب الزرقاوي. انتقل بعدها الى المدينة الدينية المتشددة بيشاور على الحدود الباكستانية-الافغانية في افغانستان، وأنشأ هناك، في اراضي طالبان، نهاية عام 2000 معسكرا للتدريب على الارهاب: هذا ما قالته وكالة المخابرات الامريكية.

بعد احداث 11 سبتمبر 2001 اجتاحت قوات الناتو هندوكوش. وتوجب على الزرقاوي، مثل الكثير من اتباع القاعدة، الهروب من معقل طالبان، ليظهر بعد ذلك في اقليم كردستان شمال العراق. وهنالك لعب دور القائد العسكري لانصار الاسلام، وهو جيش سري، أنشأ على قمم الجبال نوعا من الدولة الدينية المصغرة. الا ان الطائرات الامريكية قصفت ذلك المخيم في مارس 2003.

 اشيع بانه اختار هذه المرة هو والمليشيا الكردية المرتبطة به الهرب الى ايران المجاورة. وتتوقع المصادر الاستخباراتية الغربية، بانهم تسللوا الى وسط العراق. ومنذ ذلك الحين اعلن الزرقاوي واتباعه مسؤوليهم عن اسوأ الهجمات التي شهدتها البلاد: الهجوم على مقر الامم المتحدة و تفجير مرقد الامام علي في صيف عام 2003 فضلا عن تفجيرات احتفالات عاشوراء في مارس 2004. وفي الوقت نفسه كانت مجموعة الزرقاوي مسؤولة عن موت اكثر من 700 شخص، طبقا لاحصائيات الحكومة الامريكية.

ومنذ بداية عام 2004 استقر الزرقاوي في المنطقة الغربية العراقية، بوصفه قائدا للمقاومة الاسلامية، معلنا أن اعضاء الحكومة العراقية هم اهداف لمجموعته. ومن الواضح أن الزرقاوي يقود معركة مستقلة في العراق. وقد أطلق تلميذ بن لادن الطموح على نفسه لقب القائد.

عن: دي تسايت الألمانية

 


سيناريو التقسم، وسيناريو الصفقة مع البعثيين السابقين

سوزان ويب

لقد أدرك المرشح الديمقراطي للرئاسة، جون كيري، صُلب ما يقول الأمريكيون ـ بما في ذلك عدد غير مسبوق من القادة العسكريين والجمهوريين البارزين ـ بشأن العراق، عندما اتهم الرئيس جورج بوش بأنه (خلق) فوضى تركت أمريكا اقل أمناً.

فعلى بعد آلاف الأميال من البيت الأبيض، تتلخص كارثة حرب بوش في الخوف والغضب المنتشرين الآن وسط الشعب العراقي، فمن ناحية، تتناثر السيارات المتفجرة وقذائف المورتر والقنابل اليدوية في شوارع التسوق المزدحمة، لتقتل وتشوه المدنيين المارين في تجولاتهم اليومية، أو لتنفجر وسط صفوف من العاطلين المصطفين من اجل الحصول على عمل كرجال شرطة أو الالتحاق بالحرس الوطني العراقي. ومن ناحية أخرى، تدمر الهجمات الجوية الأمريكية البيوت وتقتل النساء والاطفال باسم ملاحقة الإرهابيين.

 

العدوان الأمريكي يغذي الفوضى

لقد حدث التدهور الملحوظ في الوضع في نيسان عندما امر البيت الأبيض والبنتاغون بالتحركات العدوانية لتشديد السيطرة الامريكة وتضمنت هذه هجوماً رئيساً على مدينة الفلوجة، وانقضاضاً قاسياً على رجل الدين مقتدى الصدر، وقد قال الجنرال الذي قاد هجوم المارينز انه عارض العملية وكذلك أمر بوش المتقلقل بعد ثلاثة أيام بالانسحاب.

وفي مسعى منها لاحكام السيطرة، ربما لمساعدة بوش في امكانات اعادة انتخابه، قصفت القوات الأمريكية الفلوجة يومياً تقريبا خلال الاسبوعين الماضيين، وفقاً لصحيفة واشنطن بوست. ويورد المتحدثون الرسميون العسكريون الآن (احصاءات لجثث) أولئك المشتبه في انهم ارهابيون الذين قتلوا في تلك الهجمات، لكنهم ينحون جانباً اعداد القتلى من الناس العاديين. فالضربات الجوية لا تميز ـ إذ يختلط الكبار في السن، والاطفال، والبيوت، والدكاكين، ويتم تدميرهم، لتخلف بعدها تلك الضربات المرارة المتقيحة واليأس.

ورداً على تأكيد بوش بان سياساته تجعل الأمور أفضل في العراق، فإن الباحثة في شؤون الشرق الأوسط جوان كول تتساءل قائلة: (ترى، ما الذي كانت امريكا ستكون عليه لو أنها كانت في وضع العراق الحالي.. لقد قتل العنف 300 عراقي في الأسبوع الماضي، وهو المرادف تناسبياً لـ 3.300 أمريكي. فماذا لو ان هؤلاء الـ 3.300 أمريكي قد قتلوا في انفجارات سيارات، وقنابل يدوية وهجمات بالصواريخ، ورشاش البنادق الآلية والقصف الجوي في الأسبوع الماضي؟).

 

اعادة اعمار مخجلة

لقد مر عام ونصف على الغزو الأمريكي، والبطالة اليوم في العراق أكثر من 50%، ومياه البالوعات تملأ الكثير من الشوارع، والخدمات الأساسية كالكهرباء والماء الصافي شحيحة، ومن 18.4 بليون دولار التي صادق عليها الكونجرس في الخريف الماضي لاعمار العراق، لم يصرف سوى بليون واحد تقريباً. واغلب هذه المبلغ ذهب لحشو جيوب شركات أمريكية مثل هوليبورتن، من دون ان يكون هناك على الأرض إلا القليل من النتائج الهامة.

لقد اضطر ثابت عبد الله، استاذ التاريخ في جامعة يورك في تورونتو بكندا، إلى مغادرة العراق قبل 25 عاماً، هرباً من قمع صدام حسين. وقد عاد في زيارة لبلده في اوائل هذا العام. وهو يتحدث بغضب عن (الخطوات المتثاقلة المخجلة التي لا تصدق) لبرنامج اعادة الاعمار الأمريكي، و(النهب غير المسبوق) للبلد الذي تمارسه الشركات الأمريكية.

وهو يتحدث للصحيفة عن الرأسمالية التي اصابتها الوحشية، واصفاً العملية بقوله: لقد حصلت الشركات الأمريكية على عقود من البنتاغون تتميز بالاسراف وانعدم العطاءات، ثم اعطتها كعقود فرعية مقابل جزء من قيمة العقد، واضعة في جيوبها العمل الفعلي الكبير.. وفي حالات كثيرة، لا يتم انجاز العمل أيضاً.

وقد زار عبد الله خمس مدارس أدعت الولايات المتحدة أنها اصلحتها، وقال في يوميات له: (كانت عبارة عن فوضى، كان الشيء الوحيد الذي تم عمله في كل مدرسة من هذه المدارس أنها كُسيت بطلاء جديد، فقد كانت الرحلات محطمة، وبعض الصفوف من دون سبورات، وفي جميع الحالات تقريباً بدت ساحة المدرسة اشبه بمقلب للنفاية).

 

ما وراء الجماعات المسلحة

لقد كانت هناك، وفقاً لكل التقارير، زيادة ملحوظة في اعمال العنف التي تقوم بها جماعات ذات اجندات متنوعة. وقد قال المتحدث باسم الحزب الشيوعي العراقي، سلام علي، ان هذه الجماعات حصلت على قوة دافعة كنتيجة للاحتلال الأمريكي.

وهناك تجدد لدى البعثيين السابقين يسبب قلقاً واسعاً في العراق، فقد تركت المؤسسة الأمنية شبه الفاشية لصدام حسين من دون ان تمس، وتشير المهارة العسكرية التي تتسم بها بعض العمليات المسلحة الراهنة إلى ان هذا الجهاز يلعب دوراً بارزاً، كما يقول عراقيون. وفي مناطق كالفلوجة، يشعر البعض بالتهديد، على الرغم من انهم انفسهم ليسوا بعثيين، فإنهم سريعوا التأثر بالمناشدات القومية للقوى البعثية، كما يقول ثابت عبد الله.

ويعتقد سلام علي، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، بأن البعثيين السابقين يهدفون إلى (عقد صفقة في آخر الأمر مع الأمريكيين لتقاسم السلطة)، من خلال مواقع أمنية لهم في قوات الأمن أو غيرها من المؤسسات الحكومية. وأن تأجيل وتعطيل الانتخابات المقررة يساعد على تقدم اجندتهم، كما يقول.

وذكر علي ان حركة المقاومة المسلحة تتحول وتتخالف تدريجياً، بتراجع مقتدى الصدر مؤخراً عن الأعمال المسلحة لصالح نوع ما من الدور السياسي، بينما تناصر جماعات إسلامية متطرفة متنوعة بصراحة الآن حكومة إسلامية وتدعو إلى حركة مناصرة للاسلام من اجل اسقاط الأنظمة العربية وتحرير القدس.

وكمثال على نوع من الجماعات المسلحة الناشئة الآن في العراق، تتحدث الصحيفة الكوردية، الاتحاد، في تقرير لها، عن جماعة ارهابية تدعى (الجهاد الإسلامي) هددت بالهجوم على الجامعات العراقية ان سمحت الحكومة بالتعليم المختلط في الكليات والجامعات.

 

الطريق إلى الإمام

يعود سلام علي، من الحزب الشيوعي العراقي، بالعنف إلى أيام الغزو الأمريكي ورفضه تسليم السلطة السياسية للعراق. تحت رعاية الأمم المتحدة، تماماً عند بداية الحرب.

والآن، فان الوضع اسوأ كثيراً، والشعب العراقي يدفع الثمن، كما قال.

لقد صادق مجلس الأمن الدولي في الخريف الماضي على عملية تؤدي إلى قيام حكومة عراقية منتخبة دستورياً. والآن، يتحدث البعض في الولايات المتحدة عن تأجيل أول جولة من الانتخابات المخطط لها في كانون الثاني.

ويعتبر علي ذلك مواصلة لعملية تعيين الأشخاص، (طبخ الأمور) خلف ابوابٍ مغلقة، ويحذر من ان اعمال التخريب تحت راية (المقاومة) قد تتصاعد مع اقتراب الانتخابات. ودهورة الأمن تجعل من الصعب جداً تنظيم عمل سياسي اساسي فالناس يخشون الخروج، وحضور الاجتماعات، كما قال.

وتقوم شخصيات أمريكية حسنة الاتصالات بالترويج  لبديل (ستراتيجية خروج) ـ وهي (حل الدول الثلاث) للعراق، أي تقسيم البلد وفقاً لصفوفه الدينية ـ العرقية  إلى دولة كردية في الشمال، ودولة إسلامية شيعية في الجنوب، ودولة سنية الأساس بينهما.

ويسمى علي هذا (نموذجاً لتقطيع اوصال البلد في الواقع... حتى من دون ازعاج النفس بترك الشعب العراقي يقرر مصيره بإرادته الحرة).

وفي الوقت الذي يدعي فيه البعض ان العراق دولة مخلوقة على نحو مصطنع، فأن مؤيدي هذه الفكرة يناصرون فعلياً فرض حلٍ كولنيالي آخر في القرن الحادي والعشرين، كما قال.

ويقول علي وغيره من العارفين بالشأن العراقي ان المدافعين عن تقسيم العراق إلى ثلاث دول يطرحون السنة والشيعة على نحو خاطيء باعتبارهما كيانين يشكل كل منهما كتلة متراصة لوحده، وأولئك الذين يفعلون هذا (يغفلون ويتجاهلون عمداً الواقع الأكثر تعقيداً) وذكر ان الاحزاب القومية الكوردية قد اختارت ان تدعم عراقاً فدرالياً وديمقراطياً موحدا كحلٍ واقعي وعملي لما يساورها من قلق.

ان استقطاب البلد وفقاً لاصطفافات عرقية أو دينية هو وصفة لاحداث كارثة، كما قال علي: (ونحن بحاجة إلى مستوىً عالٍ من الوحدة للتخلص من الاحتلال، تلك هي اولويتنا رقم واحد).

 

استفتاء 2 تشرين الثاني بشأن الحرب

وكما وجه كيري تعنيفاً لاذعاً لسياسات بوش بشأن الحرب، اختلف العديد من الشيوخ الجمهوريين البارزين مع بوش فيما يتعلق بالعراق، فقد دعا السيناتور تشوك هيغل في برنامج (واجه الأمة) التلفزيوني إلى (اعادة تقويم السياسة) قائلاً (إننا في مشكلة عميقة في العراق، وقال جون ماكين: (لقد ارتكبنا اخطاءً خطيرة)، بينما تحدث ريتشارد لوغار عن (عدم كفاءة الإدارة).

ولكن لم تكن هناك مجرد اخطاء بسيطة أو سوء حسابات، كما جاء في اتهامات كيري، فقد (كانت اخطاء بوش اخفاقات هائلة في الحكم على أمور ذات عواقب رهيبة). ويعتقد مراقبون عراقيون ومعلقون أمريكيون بأنه إذا ما اعيد انتخاب بوش، فانه سيأمر بتنفيذ عمليات عسكرية مصعدة في العراق تدفع به أكثر داخل الفوضى وتنشر الإرهاب على صعيد العالم.

وقال الناشط في مجال السلم الدائم والسناتور الكاليفورني توم هايدن مؤخراً ان انتخابات تشرين الثاني الرئاسية ستكون استفتاءً على حرب بوش في العراق، ويبقى على القاعدة الأمريكية ان تجعل من ذلك الاستفتاء صوتاً قوياً من اجل احداث تغيير في الاتجاه.

ترجمة: عادل العامل

 

 


 

مشروع تشاوري لإقامة سوق أوروبية للمعدات العسكرية

ترجمة: زينب محمد

عن: فرانس سوار

في القسم الأعظم من اجتماعاتها ومؤتمراتها تعبر المفوضية الأوروبية اليوم عن تمنيها تشجيع فتح اسواق عامة للمعدات العسكرية ومعدات الدفاع للمنافسة ولهذا القطاع أهمية اقتصادية كبيرة كما يقول مفوضون في الاتحاد الأوروبي، فالدول الأعضاء في داخل الاتحاد الأوروبي تخصص كل عام ثلاثين مليار يورو للمعدات العسكرية والدفاعية، وهذا القطاع حالياً فائق الحماية، والقانون الأوروبي المشترك لا يفرض المنافسة على الأسواق العسكرية بشكل خاص، انما يولي أهمية شديدة للأمن الوطني، غير ان  الأسلحة تتبادلها أيضاً اسواق اقل ستراتيجية، وهي مفتوحة للمنافسة من الناحية النظرية، ولكنها ليست كذلك من الناحية العملية.. ونادراً ما تفرز اسواق السلع والمنتجات الغذائية واسواق الأحذية مشاكلها علاقة بالامن الوطني، كما كتب احد المفوضين المسؤولين عن السوق الداخلية  (فرتيز بولكشتاين) وهذا ينطبق على القسم الأعظم من المعدات العسكرية، باستثناء القطاعات المحسوسة بشكل ظاهر، هذه الأسواق تستفيد من المزيد من الانفتاح.

ولهذا السبب طرحت المفوضية الأوروبية في الثالث والعشرين من أيلول، مشروع تشاوري، ظهر على شكل كتاب أخضر حول الاصلاح في هذا المجال، ويقترح الكتاب الأخضر تحديد العقود التي تستفيد من الاستثناءات من قواعد المنافسة وتمييزها عن العقود الأخرى، وتأتي هذه المبادرة في سياق سلسلة من التحركات الهادفة إلى اقامة سوق أوروبية حقيقية للمعدات العسكرية ومعدات الدفاع.

ان التنسيق بين قواعد نقل الأسواق العامة هو احد ورش العمل السبعة التي حددتها المفوضية الأوروبية في عام 2003 من اجل خلق سياسة الاتحاد الأوروبي الخاصة بمعدات الدفاع، إلى جانب تطبيع المعدات، والبحث المشترك والسيطرة على الصادرات، هذا التنسيق يساهم كما قالت المفوضية الأوروبية في كتابها الأخضر ببناء سوق اوروبية أكثر شفافية وانفتاحاً بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ومن خلال احترامها لخصوصية القطاع ستجعله أكثر فاعلية من الناحية الاقتصادية، ويتسم سوق المعدات اليوم بانفصال وطني شديد.

والانفصال هنا يعني الاقتطاع، وهذا الاقتطاع يضر كثيراً بقدرة صناعة الدفاع الأوروبية على التنافس، فحجم الأسواق الوطنية لا يفكي ـ على حد قول المحللين الاقتصاديين ـ ليسمح بتخفيض كلف البحث وكلف تطوير الأنظمة العسكرية، المرتفعة جداً وتتسم السوق بعد ذلك بدور الدول الواضح وبالمتطلبات الضرورية لمضاعفة أمن السوق وسريته. ولهذه الأسباب تخضع لنظام تنافسي قانوني استثنائي على المستوى الأوروبي، وفي الوقت نفسه على المستويات الوطنية، وينجم عن ذلك بقاء اسواق الدفاع والمعدات العسكرية بشكل كبير تحت ظل تشريعات وقوانين وطنية صرف، وهذه القوانين ليست متجانسة.

ان هذه العقبات المختلفة، إلى جانب مشاكل أخرى تعانيها الأسواق الأوروبية العسكرية تحد من امكانية الوصول إلى اسواق الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حسب الاستنتاجات التي توصلت إليها المفوضية الأوروبية في كتابها الأخضر وفي دراسات أخرى تناولت هذا الموضوع وعدا عن التمييز بين النظام الاستثنائي وغير الاستثنائي، إزاء قواعد المنافسة يذكر كتاب المفوضية الأخضر ويشير إلى افتراض وجود توجيهات تضع قواعد خاصة للأسواق لا تبرر اللجوء إلى الاستثناءات مثل قطاع الأحذية الذي اشار إليه بولكشكاين.

 

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة