الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

وصفها ياقوت الحموي بانها قرية كبيرة تشتهر بالليمون.. ومازال وصفه صحيحاً.-بعقوبة يخنقها الغبار ونصف طرقاتها غير مبلطة!

-وزارة البلديات تنشر بيانات وملصقات تدعو للكف عن التجاوز والمتجاوزون (يقضمون) مزيداً من الاراضي.

-مدير بلدية بعقوبة:الموظفون يتلقون تهديدات فمن يحميهم؟

-200 دونم من الغابات تحولت الى ثكنات عسكرية ثم الى مقابر وساحات للسكراب ومجمعات سكنية!

بعقوبة: المدى

بعقوبة مدينة قديمة ذكرها ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان، وعدها قرية كبيرة تشتهر بالليمون، ولانها تقع على طريق القوافل التجارية فانها كانت عبر القرون الخوالي محطة مهمة للقادمين من بلدان الشرق عبر الحدود الى العراق، والذاهبين الى تلك البلدان، بيد انها لم تزدهر الا في النصف الاول من القرن العشرين، ولم تعرف التطور النسبي الا في العقدين الاولين في النصف الثاني منه، وعلى الرغم من ذلك بقيت بعقوبة مهملة لربع قرن كامل لم تشهد خلاله اقامة مشاريع كبيرة تنقل واقعها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي نقلة نوعية، ومابني، في هذه المدة.بناه المواطنون، لا الدولة.

 

اشجار وغبار

اتسعت احياؤها افقياً، وكذلك اسواقها، وتضاعف عدد سكانها ومن يجوب مناطقها سيعرف، حتى من غير تدقيق عميق انها لم تخضع لتخطيط عمراني سليم، فهي اذن بحاجة الى اعادة اعمار شامل بدءاً من توفير الخدمات الاساسية واكساء وتبليط الشوارع وانتهاء بتشييد المجمعات السكنية والفنادق والمؤسسات الثقافية وغيرها.. وهي ايضاً بحاجة الى لمسة جماليه في العمران كي تتناغم مع فتنة وسحر بساتينها وانهارها، ومواطنو بعقوبة اذ يشكون توتر الوضع الامني في مدينتهم فانهم يحكون ايضاً معاناتهم بسبب ضعف الخدمات، فبعقوبة التي هي أم اشجار النخيل والحمضيات والفاكهة يخنقها الغبار لان اكثر من نصف طرقاتها المزحومة بالسيارات غير مبلطة ولان غابتها التي كانت تمتد على مساحة مئات الدونمات على طريق بغداد القديم تعرضت للسرقة والسطو المنظم وقطعت اشجارها من دون رحمة من قبل شذاذ الافاق.

لقطة أولى:

حين انتهوا من كنس الشوارع جمعوا التراب في اكوام صغيرة استراحوا قليلاً قبل ان يأتوا الى تلك الاكوام وينثروها على الرصيف.

هؤلاء لم يكونوا من الاطفال العابثين، بل هم شباب تدفع لهم البلدية اجورهم مقابل عملهم في تنظيف المدينة، هم كثر.. مئات ومئات.. تراهم منتشرين في الشوارع والساحات.. يحملون مكانسهم ومجارفهم ويثرثرون فتتذكر بحسرة ذلك الزمان الذي كان فيه بضعة اشخاص، معظمهم كبار السن، ينظفون المدينة، في كل يوم، بدأب وعلى أحسن مايرام.

لقطة ثانية:

اوقفني الحاج محسن، وهو جار لي، وسألني ان كنت صحفياً حقاً؟..قلت له؟انا كذلك.قال:ولماذا لاتكتب عن الحي الذي تعيش فيه؟ اخبرته انني كتبت عنه مرات عديدة وسألت مسؤولين، قابلتهم، عن مشاكلها، وكيفية وضع الحلول لها، ولكن من دون جدوى.

أخذني من يدي واشار الى الشارع الرئيس، وقال: انظر انه لم يبلط منذ اكثر من عشر سنين.. انظر الى هذه الفر..انظر!

ثم ادخلني الزقاق الذي فيه بيتي وبيته وقال: انه لم يبلط قط.. كيف تتصور سيكون حالنا والشتاء على الابواب؟! ثم مضى بي الى مستنقع واسع يقع في نهاية الزقاق وقال: هذا في الصيف، فكيف سيكون الامرحين يسقط المطر؟ الاترى؟

قلت:ياحاج، ارى.. الست عائشاً هنا؟.الست جاراً لك؟.. قال: اذن اكتب..قال بحدة.. ياابني اكتب مرة ومرتين وعشر مرات حتى يتنبهوا.

لقطة ثالثة:

سائق (التاكسي) الذي جلست الى جانبه سالني ان كنت محامياً.. قلت له، ولماذا تظنني كذلك؟. قال:بسبب حقيبتك!.قلت انا صحفي..قال: ولماذا لا تكتب عن حال المدينة.. عن الشوارع المدمرة.. عن المستنقعات.. عن المجاري.. عن الماء الذي لايصل.. عن شحة الغاز والنفط.. عن الكهرباء التي لاتستقر.. عن (كلاوات) المقاولات؟. قلت: كتبت مراراً وكتب غيري، والمسؤولون يقرأون ولايردون.

قال: اذهب الى مدير البلدية وأساله!

لم يكن من ضمن مخططي لذلك اليوم الذهاب الى البلدية، ومع ذلك قلت له، خذني الى هناك.. ضحك وقال، هكذا يكون الشغل، ورجاني ان اساله (المدير) عن كذا وكذا وكذا.

وانا اهبط من سيارته مغادراً صاح، لاتنس.

البلدية متهمة:

غالباً ماتكون حصة مديريات البلدية من اتهامات المواطنين حول المشاكل المستعصية التي تعانيها المدن اكبر من غيرها، وفي بعقوبة يتحدث الاهالي عن مشاكل حقيقية لم تجد لها الجهات المعنية حلاً منذ عقود. ويتساءلون عما يمكن لمديرية بلدية بعقوبة ان تفعله بشأن ايجاد حلول لتلك المشاكل، وقد حملنا هذه التساؤلات الى مدير البلدية السيد احمد سلمان ليجيبنا عليها.

كان سؤالنا الاول حول المنخفضات (المستنقعات) التي تنتشر في مناطق عديدة من مدينة بعقوبة منها (التحرير، الكاطون، حي المصطفى) وغيرها من الاحياء.

وكان المدير لدائرة مجاري ديالى اخبرنا في لقاء سابق بان معاجلة هذه المنخفضات وردمها ليست من مهام دائرته وانما هي من مهام دائرة البلدية حصراً.

دفن المستنقعات

قال السيد مدير المديرية: نعم، ردم المنخفضات من مهام مديريتنا، واذا مانظرت الى المنخفضات الموجودة في بعقوبة وجدت ان اغلبها في الاساس هي اراضٍ مخصصة لتشييد مبان عامة مثل المدارس والحدائق وغيرها، او لبيوت لم تشيد، ولو كانت هذه المباني مشيدة كلها لما كانت هناك شكوى.. هذه مشكلة كبيرة، فبعض المنخفضات بحاجة الى كميات كبيرة من التراب تكلف مبالغ كبيرة، وهي بحاجة الى عمل كشوفات ونحن من جانبنا جادون في معالجتها مع توفير الامكانات والمبالغ المالية اللازمة.

وضمن برنامجنا (نحو عراق انظف واكثر اشراقاً) قمنا بدفن مستنقع خلف كلية المعلمين، واخر في منطقة العزة، وثالث في منطقة التحرير، فبجهودنا الذاتية دفنا ماحجمه 9500م3 ومع توفر التخصيصات المالية سنقوم بردم البقية تباعاً.

لقد قسمنا المدينة الى قطاعات، ونعرف اماكن المستنقعات وندرس الى أي مدى نستطيع دفنها، فالتي بحاجة الى كميات قليلة من التراب نقوم بدفنها في الحال.

التجاوزات على الاراضي:

كان سؤالنا الثاني حول تجاوزات بعض المواطنين على اراضي البلدية وقيامهم بتشييد مبان عليها.

قال مدير البلدية: بعد سقوط النظام في 9/4/2003 حصل انفلات وعدم احترام للقانون واستغل ذلك بعض المواطنين وتجاوزوا على الاراضي التابعة لنا. وقد عملنا جرودات كاملة وشكلنا لجاناً في القطاعات من مهندسين ومساحين لتحديد تلك التجاوزات، وكتبنا الى القائممقامية لمعالجة الامر لان ذلك من صلاحية القائمقام، والمسـالة بحاجة الى تدخل الشرطة.

والمشكلة اننا حين نوجه انذاراً لايتوقف المواطن عن العمل، وحتى الموظفون يتعرضون للتهديد، وقد عملت وزارة البلديات والاشغال العامة (بوسترات) تضمنت بياناً بهذا الخصوص وقد وزعنا 1200 (بوستر) في المدينة لتوعية المواطنين، اكد البيان على وجوب ازالة التجاوزات، لكن الاستجابة معدومة او شبه معدومة، وعلى سبيل المثال، في منطقة الرازي هناك اراض مخصصة لبناء مجمعات سكنية بمساحة 65 دونماً تجاوز عليها المواطنون ولما طلبنا من المتجاوزين مغادرتها ذهبوا وتجاوز واخارج المساحة التي حددناها.

هناك من المواطنين من يتذرع بانه مهجر، غير ان هناك من اجر بيته وبنى -تجاوزاً- كوخاً ليسكنه على اراضي البلدية والمشكلة ان الموظف غير مؤمن ويتلقى تهديدات، فمن يحميه؟نحن غير راضين، ولكن ماذا نعمل؟ الحقيقة نحن نعمل بالتدريج، وتوعية المواطن للحفاظ على المال العام اهم شيء.

التنظيف غير المجدي:

وسألنا مدير بلدية بعقوبة عن حملة تنظيف المدينة اذ يشكو المواطنون من عدم جدوى الطريقة المتبعة على الرغم من تشغيل عدد كبير من العمال في الحملة، فقال:

-قسمنا المدينة الى خمسة قطاعات حسب برنامج (من اجل عراق أنظف..) وحددنا لكل قطاع عدداً من العمال والاليات المؤجرة.. أعطينا قطاعات التحرير وشفته وحي المصطفى وبعقوبة المركز وحي المعلمين والمفرق لمقاولين، فيما بقيت عمليات تنظيف مناطق بعقوبة الجديدة وحي الضباط ومنطقة نهر الحجية من حصة البلدية مباشرة.

ونحن نقيم اداء المقاولين يومياً ونعاقب الذين يكون اداؤهم سيئاً، وبصراحة هناك عمال يهددون المقاولين اذا ماقاموا بطردهم، وبعضهم يحمل الاسلحة.

وعي المواطن يكمل عملنا

مناطق بعقوبة، كما تعلم، شاسعة، وهناك مناطق كثيرة غير مبلطة، ولاتستطيع الاليات الوصول اليها، ونحن لدينا لجان مشرفة من المهندسين الذي يقومون بتقييم العمل، وهناك زيارات تفتيشية من قبل مديرية بلديات ديالى ومديرية تفتيش ديالى، وزيارات ميدانية من قبل مهندسي الوزارة، واقوم انا شخصياً باستمرار بمتابعة الاداء، واقول لك انا لست راضياً الا بنسبة 75% الى 80%.

وفي المناطق المخدومة من ناحية المجاري التي تكون شوارعها مبلطة يكون التنظيف واضحاً، وثقافة المواطنين لها دورها ايضاً.

هناك من يرمي انقاض البنايات التي يرممها ويطلب من البلدية ازالتها وهذا لايجوز.. على المواطن ان يشارك في انجاح حملة التنظيف لان مردودها لصالحه اولاً واخيراً. وعموماً فان مجلس المحافظة والسيد نائب المحافظ والسيد القائممقام والمجلس البلدي قيموا الحملة بدرجة بين جيد وجيد جداً، وبرنامج الحملة سينتهي موعده في 15/12 من السنة الحالية وستعتمد حملة السنة المقبلة على مقدار التخصيصات المالية المتاحة لنا.

وكان الهدف من الحملة توفير فرص عمل للعاطلين عن العمل، وتنظيف المدينة وتجميلها وتعزيز اللامركزية في العمل، واشراك اعضاء المجلس البلدي في الاشراف على الحملة، فقد وفرت، من خلال هذه الحملة، وزارة الاشغال والبلديات العامة فرص عمل لـ1283 عاملاً وكانت نسبة تشغيل العمال 97%، ووفرت تخصيصات بمبلغ 2 مليار و 474 مليون دينار عراقي خصصت 25% منها لمديرية المجاري وبقية المبلغ لنا.

الاليات التي نراها في الشارع غير كافية على الرغم من اننا راينا قبل اشهر عدداً كبيرا منها امام مبنى البلدية وحولها؟.

-جاءتنا تلك الاليات بعقد مع منظمة RTI الانسانية التي جهزتنا بها، ولم تكن كلها لمديريتنا بل هي توزعت على جميع دوائر البلدية في المحافظة، وحسب علمنا فان الوزارة تعاقدت على استيراد اليات حديثة من اليابان للسنة المقبلة، ونحن نامل خيراً.

مجزرة الغابات:

*وماذا بشأن الغابات على طريق بغداد القديم التي ابيدت من قبل مواطنين بعد 9/4/2003، وهل لدى البلدية خطة لاعادة الحياة لتلك الغابات وتشجير المدينة؟

-لدينا خطة لتشجير الجزرات الوسطية، لكن موسم التشجير لم يبدأ بعد وسنقوم في الفترة القادمة بعملية التشجير ونتحمل الجزء الاكبر منها، والشوارع الخارجية بحاجة ايضاً لعملية تشجير لكن المشكلة في من يديمها وكيف؟ فالاشجار بحاجة الى رعاية وسقي دائمين، وما لدينامن (تناكر) المياه قليلة، فضلاً عن ان هناك من يعبث ويقتلع الاشجار، كما ان قطعان الدواب (المواشي) التي تجوب في الاحياء واحياناً على الشوارع الرئيسة تأكل الاشجار.. هناك قانون مصادرة المواشي في المدن، لكن من يصادرها؟ هذه مشكلة عويصة.

الغابات بعد 9/4/2003 نهبت وسلبت، وقبل ذلك اصبحت مقرات للجيش قبل الحرب وفي اثنائها واصبحت مقبرة للسيارات (السكراب)، ومن ثم اتجه بعض المواطنين لقطعها بشكل رهيب ولم نستطع الحد من ذلك.. هناك 100 دونم منها مخصصة الان كمجمعات سكنية والبقية عليها ابنية جامعية، و100 دونم اصبحت مقبرة للشهداء واتمنى ان تتحول منطقة الغابات الى منطقة سكنية مع توسع وتطور المدينة بذلك الاتجاه فهي بمحاذاة الشارع العام ويمكن توفير الخدمات الاساسية لها بسهولة.

المقاولات.. المقاولات:

*هناك لغط دائم حول المقاولات، ومايجري من صفقات خفية عبرها، وبعض المواطنين يتهمون رؤوساء الدوائر والموظفين باستغلال الامر، فما رايكم؟.

-دائماً هناك كلام غير دقيق بهذا الشأن، فالمقاولات تجري على وفق اسس وخطوات، فأولاً يعد كشف تخميني من قبل الجهة المستفيدة من العمل المراد تنفيذه، وتتم المصادقة عليه-في حدود عملنا من قبل مديرية بلديات المحافظة، او وزارة البلديات والاشغال العامة وبحسب الصلاحيات، وتعلن عن المقاولة (المناقصة) من قبل مديرية بلديات المحافظة، وفي المحافظة هناك لجنتان.. الاولى برئاسة نائب المحافظ لفتح العطاءات، والثانية برئاسة معاون المحافظ لتحليل العطاءات، ويجري اختيار العطاء المستوفي للشروط كافة، بعد دراسة المشروع والعطاء المقدم بشأنه من النواحي الفنية، واللجنة غير ملزمة باختيار من يقدم أوطأ العطاءات. والمناقصات تكون سرية، وعندما يحال المشروع الى مقاول معين يتم التعاقد معه، ونقوم نحن بالاشراف عليه.. هناك تنافس بين المقاولين وهناك منهم من يروج الشائعات حين لايظفر بالمقاولة.

*في بعض الاحيان، وبعد انجاز العمل يبقي المقاول مخلفات العمل في المكان ولايقوم باعادة الوضع في الشوارع والامكنة الاخرى الى ماكان عليه- كيف تتعاملون مع مثل هذه المشكلة؟.

-الان هناك تنسيق بين الدوائر، فالمقاول لايمنح براءة الذمة او السلفة كاملة الا بعد اخذ براءة الذمة من جميع الدوائر والجهات المعنية، فاذا قام بانجاز مشروع مد خطوط مياه مثلاً فعليه ان يحصل بعد الانجاز على براءة ذمة من جميع الدوائر الاخرى ومنها البلدية، فالبلدية تتحمل النتائج واللوم دائما، وليس كل مايجري هو من مهام البلدية.. هناك دوائر الماء والمجاري وغيرها لكن الناس يتهمون البلدية في الغالب.

*وماذا بشأن الشوارع التي لم تبلط؟

-أنجزنا اخيراً تبليط شوارع في حي المعلمين لمسافة 6 كم استفادت منها 700 دار حيث قمنا بالمباشرة بالعمل في 1/6 وانتهينا منه في 13/9، ونسبة الانجاز في الكاطون 80% وللجهة الاخرى من الكاطون عملنا كشوفات ونحن بانتظار التخصيصات المالية سواء للكاطون او لغيرها من احياء المدينة، واعتقد اننا سنحصل على مبالغ كافية للسنة القادمة يكون عملنا من خلالها واضحاً وجيداً.

 


 

الماء .. ثروة تهدر

حسين التميمي

الماء بوصفه عاملاً رئيسياً لديمومة الحياة على هذا الكوكب يستحق منا أن نقف عنده وأن نتعامل معه بمزيد من الاهتمام، وأن نقوم بترشيد استهلاكنا منه بحيث يغطي حاجة الجميع خصوصاً في بلادنا التي يستهدف فيها الارهابيون محطات المياه.

ثمة مفارقة قد يلتقطها المرء حين يتجول من زقاق الى زقاق أو من محلة الى أخرى ، ففي المحلة (س) مثلا نشاهد نسوة يقمن بغسل مساحات من الأرض أمام بيوتهن ورجال يغسلون سياراتهم بـ (الماء المخصص للشرب) أو ما يسمى بماء الإسالة ، بينما المحلة (ج) مثلا.. يمارس أهلها رياضة الانبطاح (صباح- مساء) قرب فوهة (الحنفية) بحثا عن قطرات من  الماء ، ولعلنا إذا ما توغلنا أكثر في المدينة فسنكتشف عجائب أخرى ، ففي المنطقة (ق) مثلا يوجد معمل كبير للثلج ، يقوم صاحبه بـ(رشوة) عمال المياه كي يضيقوا فتحات المفاتيح التي ترفد المناطق الاخرى بالماء ويوسعوا من فتحة المفتاح الذي يرفد منطقته ، كي لا يتعطل انتاجه من الثلج .

 من جانب آخر ، غالبا ما تتصدع أنابيب المياه المدفونة تحت الاسفلت ، ولعل أبسط شعور بالمواطنة والمسؤولية قد يدفع مواطنا ما للتبليغ عن هذا الخلل ، لكن بعض مسؤولي الصيانة يسألونك أولا عن قيمة (الرشوة) التي ستقدمها لهم بغير خجل أو حياء وحين تغلظ لهم بالأيمان أنك لست سوى عابر سبيل ، وأن الأنبوب المكسور لا يقع أمام بيتك أو بيت أي شخص من أقاربك ، وإن شعورك بالمسؤولية هو ما دفعك الى التبليغ ، ينظرون اليك من تحت نظاراتهم باستخفاف، ويعدونك بأنهم سيصلحون الخلل ، لكنك اذا مررت قرب المكان المتضرر بعد أسبوع أو أكثر فستشهد الخلل ذاته من دون أي تغيير .

هناك اختراع يدعى (مقياس الماء) قد تم الاستغناء عنه منذ أكثر من عقد من الزمان ، وصار محصل أجور الماء يستحصل أجوره وفقا لقراءة الوجوه بدلا من قراءة المقاييس، فالذي يقوم برش الفائض من الماء على الرصيف ويستخدم نافورات المياه لتلطيف أجواء حدائقه الغناء قد يدفع مبلغا أقل بكثير مما يدفعه أي منبطح في حي فقير بحثا عن قطرة ماء ، لذا نلفت عناية الجهات المسؤولة الى أهمية العودة إلى المقياس، وتوفيره في كل بيت لأنه سيسهم في الحدّ من الإسراف في استخدام مياه الشرب.

أيضا هناك الكثير من التحاليل المختبرية التي تثبت بما لا يقبل الشك احتواء مياه الشرب على الكثير من الشوائب فضلا عن الجراثيم الناجمة – عن خلل في نسبة مواد التعقيم التي تضاف الى الماء وعدم تنظيف المرشحات (الفلاتر) بصورة دورية ، فضلا عن تخسف بعض الأنابيب بحيث تقوم مضخات المياه بسحب المياه الجوفية مع المياه النقية، مما يؤدي الى انتشار الأمراض ، وهذا يستدعي بالطبع متابعة العاملين في هذا المجال من جانب ، ومن جانب آخر القيام بكشف موقعي لكل شبكات المياه ، كي تتم معالجة الأضرار الناجمة عن قدم هذه الشبكات وتلفها.

 

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة