الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

 

أستاذة جامعية تدعو إلى إقامة دورات (لأولياء) أمور الطلبة تهدف إلى زيادة اهتمامهم باللغة العربية

ثلاثة أطراف رئيسة متهمة بجنحة تدهور اللغة العربية في المؤسسات التعليمية

عامر القيسي

من يقف في قفص الاتهام في جنحة، عنوانها (تدهور اللغة العربية). أصابع الاتهام تشير إلى متهمين رئيسيين: (المنهج، المعلم، الطالب). لائحة الاتهام قاسية وصحيحة في معظم مفرداتها، ومتداخلة في مفردات أخرى، لكن الأكيد، بعد إطلاعنا على ملف القضية، إن أحداً من المتهمين لن يأخذ حكماً بالبراءة. وربما تكون أبسط الأحكام، إعادة النظر بهذا المثلث من قاعدته.

القاعدة منشأ المشكلة

في جولة تناولت معظم مفاصل هذه القضية المهمة والشائكة، لمسنا إجماعاً، على إن سبب تردي مستويات الطلبة في مادة لغة الضاد، هو المدرسة الابتدائية، وابتداءً من الصف الأول.

يقول السيد علي (معلم لغة عربية منذ عشرين عاماً: البداية هي المشكلة، فالتلميذ ينتقل من صف إلى آخر يرافقه ضعف واضح في الصوت والقراءة والإملاء، ويترسخ لديه هذا الضعف مع تراكم الأخطاء، ليتحول الخطأ الأول إلى مشكلة كبيرة. والسبب في ذلك هو المنهج من حيث جمود مادته واختلاطها خصوصاً في مادة النحو.

الطلبة يشكون

معظم الطلبة الذي التقيناهم، ومن مختلف المراحل أيدوا ضمنياً هذا الرأي وشكوا حجم المادة وصعوبتها أولاً، ومن طرائق تدريسها ثانياً. طرائق تجعلهم يعدون درس اللغة العربية، درساً ثقيلاً على نفوسهم - على حد تعبيرهم - وبالتالي يصبح استيعابهم ضعيفاً.

ولمزيد من إلقاء الضوء على هذا الموضوع ذهبنا إلى معهد إعداد المعلمات والتقينا السيد موسى حسين المطير، رئيس اللجنة التخصصية لمادة اللغة العربية، الذي وضع إصبعه على جرح الصف الأول، واختلاط التعليم فيه بين الطريقة الصوتية والطريقة التوليفية قائلاً: نحن نريد أن يكون هناك تلميذ واع للمادة وقارئ سريع حتى يستطيع أن يطور ملكته في المواد الأخرى ويقومها. ونريد أيضاً معلماً يستطيع أن يمازج بين الطريقتين، بإسلوب مبدع وخلاق، والخلل الآخر، بعد الصف الأول، هو إن معلم المادة - للأسف - لا يلقي محاضرته بالفصحى، ولا يهتم أيضاً بتفصيح لغة التلاميذ، والذي يساعد على استمرار هذه الحالة انعدام المحاسبة من قبل المشرفين الاختصاصيين، ونقولها بصراحة إن معظم المعلمين والمدرسين بحاجة إلى دورات تأهيلية، تمكنهم من أساليب اللغة والتطورات الجارية عليها وعلى تدريسها.

دراسات وبحوث

وعن دور معهد إعداد المعلمات قال:

فضلاً عن تخريج ملاك متمكن من مادته قدمنا دراسات متكاملة تتعلق بهذا الموضوع، تشمل تطويراً للمادة وتدريسها.

-وما طبيعة هذه الدراسات؟

-بحوث عن إصلاح المناهج وإقامة مؤتمرات خاصة بها، إصدار مجلة تخصصية، ترعى البحوث والباحثين، تعميم تدريس اللغة العربية في الكليات، إعداد برامج إعلامية، بحوث عن تشريع قوانين لسلامة اللغة العربية، تحديث مناهج المرحلة الابتدائية، إضافة إلى بحوث أخرى لإغناء المناهج.

اللغة كائن حي

إن اللغة جزء من عناصر الحياة، وجمودها موت لها مع سبق الإصرار، واستجابة اللغة للتطورات الحياتية بجميع مفاصلها تعتمد بالدرجة الأولى على حاضنتها، وهي المعاهد والمؤسسات التي إن ضمت ملاكاً قادراً على فهم هذا التطور فإن لغتنا ستواكب تطورات الحياة بالتأكيد.

سألت السيد رئيس اللجنة التخصصية لمادة اللغة العربية عن رؤيته لدور هذه المعاهد والمؤسسات فقال:

هذا المنطق سليم مئة في المئة، فبدون معاهد ومؤسسات تواكب عملية التطور الجارية - حتى في المجتمعات العالمية، فإن اللغة ستترهل وتعجز عن استيعاب حركة المجتمع وتطوره، وهذا برأينا يبدأ من المنهج، ونحن ندعو إلى العمل بشكل علمي وضمن لجان تخصصية عالية الكفاءة، والشروع ببرنامج كبير وطموح لوضع مناهج جديدة للغة العربية تعتمد الأساليب العلمية، على أن تكون متوافقة مع مستوى تطور المجتمع وعلاقته بالمجتمعات المتطورة الأخرى. وهذه مهمة تأخذ زمناً وتحتاج جهداً غير عادي للوصول إلى نتائج مرضية.

-وماذا سنفعل حتى ذلك الحين؟

على الجهات المسؤولة أن تأخذ خطوات آنية وسريعة النتائج، وبشكل تدريجي لمعالجة ما يمكن معالجته، وبرأيي، فإن الخطوات التالية، يمكن أن تسهم في حلول آنية لهذا الموضوع الجدي.

أولاً: المباشرة بدروس نموذجية في دورات تخصصية قصيرة الأمد، للمعلمين والمدرسين، تشمل الرؤية في المنهج وطرائق التعليم.

ثانياً: أن تكون هناك فترة تدريب صيفي لطلبة معاهد إعداد المعلمين والكليات المختصة باللغة العربية، لقاء مبالغ مشجعة.

ثالثاً: احتضان الباحثين ورعايتهم، ونشر بحوثهم وتوزيعها مجاناً بين الملاكات التدريسية في جميع المستويات بما في ذلك المرحلة الجامعية.

رابعاً: دعم معهد تدريس اللغة العربية وتطويره، لما في ذلك من إسهام في رفع كفاءة الملاك التدريسي لقاء منحهم شهادات تخصصية كعامل تشجيع.

معهد التطوير بلا ملاك تدريسي!

حملنا أوراقنا وتوجهنا إلى معهد تطوير تدريس اللغة العربية، وكان كما شبه لنا، معهداً في غرفة وغرفة في معهد، وهي غرفة تضم أربع مناضد، للعميد والإدارة، وفي الوقت نفسه هي غرفة لتحرير جريدة المسيرة التربوية. التي تصدر عن وزارة التربية، ورأينا هناك، اختلاطاً بين مهمات المعهد وتحرير الجريدة والمراجعات اليومية، عميد المعهد الدكتور عباس كاظم مراد بدا غارقاً في مجموعة مهمات إدارية وصحفية ومعهدية.. إذا صح التعبير وبالإمكان طبعاً تكليف موظف آخر بها، وكثافة هذه الأعمال تعرقل عمله الأساسي كعميد لمعهد ناشئ يحتاج إلى الكثير من الجهود والتركيز والمتابعة.

حدثنا الدكتور عباس بداية عن ظروف تأسيس المعهد بقوله: تأسس المعهد سنة 2001، لكن التأسيس حدث في نهاية 2002، وإذ هو في طور التأسيس سرقت جميع محتوياته بعد سقوط النظام، وكنت الموظف الوحيد الذي يعمل فيه، وقد بدأ المعهد عمله فعلياً في 5/ 6/ 2003.

-ما هي أهداف المعهد؟

أهدافه العناية باللغة العربية وتطوير مناهجها وكذلك تطوير إمكانية معلمي اللغة العربية ومدرسيها ومشرفيها من خلال دورات تنظم لهذا الغرض، فضلاً عن تأليف البحوث والدراسات الخاصة بموضوع اللغة.

-وما نوع الدورات في معهدكم؟

لدينا أنواع من الدورات، للمؤهلين أولاً تتراوح مددها بين شهر إلى سنة أو دورات لمن ليس له مؤهل وزمنها حسب نوعية الدارسين، وأخرى إثرائية، وهي تخص المشرفين فضلاً عن دورات أخرى للصحفيين وموظفي الدولة، ودورة خاصة تتعلق بسلامة اللغة العربية.

-وماذا حققتم حتى الآن؟

العديد من الدورات الإملائية، مثلاً اشترك فيها طلبة المدارس الإعدادية، ودورة عن الأخطاء اللغوية في الصحافة، ومشروع قاعدة معلومات لمعلمي اللغة ومدرسيها ومشرفيها ولحملة شهادات الدراسات العليا.

-ونوع الملاك لديكم؟

ابتسم الرجل، وأجاب بأسى، تصور إنني أستعير المحاضرين من الكليات ولفترة الدورة فقط! وفي ذلك معاناة كبيرة تعرقل إنجاز مهامنا.

بين الثورة والترقيع

-ما هو برأيكم، سبب ضعف الطلبة في مادة اللغة العربية وعلى جميع المستويات؟

القائم على التدريس أولاً، فضعف الملاك لا ينعكس سلباً على استيعاب الطلبة فقط، بل على ارتباطهم بالمادة نفسها. فالطالب الذي لا يتشوق إلى درسه، ويجد من الصعوبة أن يستوعب مفرداته شعر بالنفور منه بكل تأكيد. النقطة الثانية تكمن في المنهج، فهو بحاجة إلى تجديد جذري، إلى ثورة لا إلى ترقيع، لأن المنهج المترهل والقديم، يعيق حتى الإسلوب الصحيح في التدريس، ويبعد الطالب عن منهجه، نقطة أخرى قد تبدو بسيطة لكنها لا تقل أهمية عن الملاك والمنهج، وهي دوافع الطالب للدراسة، لقد خلقت لدينا الفترة السابقة، عزوفاً عن العلم والثقافة، أدت إلى جعل الدراسة في قعر اهتمامات الطلاب وأولياء الأمور، ولهذا العامل أسباب عديدة ومتنوعة، ويجب أن نكون أكثر وضوحاً فإن ما نعانيه ليس ضعفاً في مستويات الطلبة فقط، إنما هو ضعف فاضح في كل مفاصل هذه القضية المهمة التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً في تأثيراتها على بقية المواد وعلى التطور الفكري أيضاً، ذلك إن اللغة حاملة للفكر ومنتجة له في آن واحد.

كليات التخصص.. الأزمة واحدة

طالبة ماجستير تقدم لمشرفها، اطروحتها الخاصة بموضوع اختصاص اللغة العربية، يضطر أستاذها المشرف إلى أن يصحح لها العشرات من الأخطاء اللغوية والإملائية، هذا الأمر يثير أكثر من علامة استفهام، فإذا كانت طالبة ماجستير بهذا المستوى، فما هي الحال التي سيكون عليها طلبتها المستقبليون؟ حين تتولى مسؤولية تدريسهم المادة وربما ستكون هذه الطالبة معيدة في كليتها، وتلك هي الطامة الكبرى!.

بشأن هذا المستوى لطلبة الكليات في اللغة العربية، كان لنا حوار مع أستاذة اللغة العربية في كلية التربية بجامعة بغداد السيدة عهود عبد الواحد وهي شاعرة وصحفية أيضاً.

قالت: جاء على لسان فيلسوف ياباني، عندما أجاب عن سؤال عن سبب تقدم المجتمع الياباني بقوله: (المعلم، أعطيناه راتب المدير، وسلطة القاضي، وسطوة العسكري).

-ولكن لا مشكلة في الرواتب الآن.

-صحيح. الحقيقة التي أريد أن أقولها دائماً هي أن البداية، في المدرسة الابتدائية، إذا استطعنا أن نؤسس هناك قاعدة جيدة فإن الأمور ستكون بخير. ما الذي يستطيع أن يفعله للمادة موظف إداري، تخرج في دورة تربوية لمدة ستة أشهر، ليتسلم هذه الأمانة الخطيرة؟ طرق التدريس متخلفة إلى درجة مريعة، التدريس ليس تلقيناً، ليس حشواً، ينبغي على الطالب أن لا ينسى ما أخذه داخل الصف بمجرد خروجه منه، أو أن لا يعود لمادته إلا في أيام الامتحانات، التلقين مدعوم بالمنهج الغارق في الحشو واللافائدة في الحياة العملية للطالب يخلق لنا مشكلات كثيرة. على اللغة أن تواكب الحياة، وهذا من اختصاص المنهج، في مفردات المنهج للمرحلة المتوسطة مادة ندرسها في الكلية. فهل يعقل هذا؟!

تخلف المنهج

-لاحظنا أن هناك إجماعاً على تخلف المنهج؟

-نعم، يمكنك أن تؤهل الملاك من خلال دورات، أو غيرها. لكن المنهج يحتاج إلى إعادة تقييم، إلى دراسة علمية لإنقاذ اللغة والطلبة معاً. وهناك عوامل أخرى، اختفاء المكتبة المدرسية، فالطالب منقطع العلاقة مع الكتاب، وهي مسؤولية كبيرة على الأهل والمدرسة، الكتاب يساعد الطالب في تطوره بدرس اللغة العربية، الصياغة، الإنشاء، جمالية اللغة، حبه للمادة، تطوير مخيلته، يجب أن تكون لدينا أيضاً مختبرات صوتية ليتعلم الطالب كيف يقرأ نصاً، كيف ينطق.

عمل مؤسساتي

-ماذا يتوجب برأيك عمله لإنقاذ اللغة والطالب؟

يجب أن تكون هناك دراسة علمية وبعناصر كفوءة، تشمل كل مناحي موضوع اللغة العربية.

-وما دوركم في هذا الموضوع؟

ربما تكون الإمكانات الفردية متوفرة، لكن مثل هذا الموضوع، ينبغي ألا ينظر إليه ببساطة.. هذا عمل يحتاج إلى مؤسسة ذات إمكانيات وبمشاركة فعالة من مختلف مؤسسات الاختصاص. وزارة التربية والتعليم العالي والجامعات ومعاهد إعداد المعلمين والفلسفة التربوية والتعليمية ينبغي إعادة النظر فيها. الإعلام، الصحف والمجلات برامج التلفزيون.. الخ.

-كيف تنظرين إلى مستوى طلاب كليتك في المادة؟

بصراحة... الأكثرية ضعيفة، وهذه معاناة كبيرة. بل إنها تدعو إلى الحزن الشديد. طالب كلية لا يستطيع أن يكتب إنشاء ولو بدرجة متوسطة. وعليك أن تقيس!!

وذهبت د. عهود في مطاليبها إلى حد إقامة دورات لأولياء أمور الطلبة تهدف إلى زيادة اهتمامهم باللغة وتعريفهم بمجمل العملية التربوية والتعليمية.

المحصلة النهائية

من خلال الحوارات هذه، نستطيع أن نستنتج وبكل بساطة، أن القضية ليست ضد مجهول، وأصحاب الاختصاص، وضعوا إصبعهم على جراح اللغة العربية، وهي منتشرة فوق مساحة واسعة من مفاصلها ليشمل مفاصل أخرى منها الإعلام وغيرها. وليس أمامنا سوى أن نقول، هذا الواقع، وعلى من يهمه الأمر أن يقرأه جيداً.

 

 


 

 

 

من أجل انتخابات شاملة في موعدها المقرر

بابل/ مكتب المدى

أحمد الناجي

هناك صعوبات عديدة تواجه إجراء الانتخابات العامة، وتهيئة مستلزماتها، ولا أحد بمقدوره التغاضي عن التحديات الجسيمة التي تفرضها الأوضاع الأمنية المتردية، في مختلف مناطق العراق، ولا التغاضي عن المحاولات الإجرامية التي يقوم بها الناقمون على عملية التغيير في العراق، ومن يناصرهم من الظلاميين، أصحاب الرؤى العدمية، والعيون المعصوبة، التي لا ترى أبعد من أرنبة الأنف، وتصر على امتلاك كل الحقيقة وحدها، وإقصاء الرأي الآخر، لإعاقة بناء العراق الجديد، لشتى الأسباب، وتعطيل الانتخابات هذه الممارسة الديمقراطية الحضارية، التي تستفزهم، وربما عند اقترابها سيستشيط، رعاة فكر الكهوف، فيسعون لنشر الموت والخوف والفزع، بطرق باب جنة الله بالمفخخات والبارود، وقطع الرؤوس، ويعاضدهم حاضنوهم من وراء اللثام في العتمة، بنشر غدر العنف والإرهاب في ربوع الأرض الطيبة، وإشاعة سنن الخراب والافتراس والاحتراب والاغتيالات والقتل والاختطاف، تلك الأعمال الإرهابية الدنيئة التي تطال أرواح الناس الأبرياء دائماً.

وما دام العراقيون في كل الأحوال، برغم عناء الاضطهاد والاستبداد، هدفاً دائماً للإرهاب وربما إلى أمد غير معلوم، وما دام لا أحد بمقدوره أن يضمن متى ستكون الظروف ملائمة، أو متى سيكون البلد في جاهزيته المثلى لإجراء الانتخابات، يتوجب عدم التفكير مطلقاً بتأجيل الانتخابات واتمامها كما هو مقرر، بموعدها الذي لا يتعدى 31 كانون الثاني 2005، وعند ذلك سيكون العراقيون في تحد مصيري، يكون العراق أو لا يكون، بمواجهة الرهط العابث بقدرات البلد والناس، غير العابئ لا بالأديان ولا بالأعراف.

نأمل أن يكون النجاح السديد حليف المفوضية العليا للانتخابات، كجهة مستقلة، في التهيئة والتحضير والإشراف، وإدارة العملية الانتخابية بالكفاءة والحيادية والنزاهة والشفافية، بعيداً عن العثرات والهنات، وأن تكون هذه المحطة، نقطة انطلاق للعراق الجديد في إرساء أسس البناء الديمقراطي لغد مشرق يضمن الحياة الكريمة لأبنائه.

إن في إنجاز هذه الخطوة المفصلية، تعميقاً لبسط القانون وسيادة الدولة، وتفتيت لبعض من المعضلات التي استشرت في الظرف الاستثنائي، وفي ذلك لا ريب، إشهار شهادة إفلاس أخرى لتهالك رهان من لا يريد الخير للعراق، وسحب البساط من تحت أقدام كل من يسعى للوقوف حائلاً أمام عملية مناهضة الاحتلال وإنهائه، وكل من يسعى لتقويض التطور وإعادة إعمار البلد.

بلا شك إن إجراء انتخابات حرة وعادلة تؤمن تمثيلاً صحيحاً لجميع مكونات الشعب العراقي، هي خطوة كفيلة بالمضي قدماً لترسيخ ركائز النهج الديمقراطي، والنهوض ببناء دولة المؤسسات، بسلطتها التشريعية والتنفيذية والقضائية التي تضمن الآفاق الديمقراطية، وترعى مفاهيمها، وتؤسس لمرتكزات الحريات الأساسية وحماية حقوق الإنسان، والتعددية السياسية، وتداول السلطة بدون عنف، والمساهمة الفعلية لجميع أفراد الشعب بإدارة شؤون البلد.

تحتم الثوابت الوطنية على العراقيين المشاركة الواسعة في الانتخابات القادمة، بكل أطيافهم ومكوناتهم السياسية والقومية والدينية، لأنها ستؤمن مناخاً مناسباً لدعم المشروع الوطني العراقي، لأن يكون بأيدي ساسة أمناء، ويهيء انسيابية لعملية سياسية، كانت وما زالت مسؤولية العراقيين أنفسهم، كي يتم سحب البساط من تحت أقدام الكثير من المشككين والمزايدين والمحرضين على العنف والإرهاب، والحالمين بعودة عقارب الزمن إلى الوراء.

إن عزوف الأحزاب والقوى والحركات والهيئات والنخب والشخصيات السياسية العراقية عن المشاركة في الانتخابات العامة القادمة ترشيحاً أو انتخاباً، ومقاطعتها لسبب أو لآخر، ومهما كانت الذريعة، يعني الابتعاد عن التطلعات والطموحات الوطنية للقاعدة الشعبية العريضة، وعن الحوار الوطني القادر على تهيئة السبل والوسائل الكفيلة بإنهاء الاحتلال، وهذا الابتعاد شئنا أم أبينا سيؤدي إلى الانحسار في أطر المصالح الضيقة، التي تمنح الفرصة لأعداء العراق بجره إلى متاهات الصراع العقيم، الذي لا يؤدي سوى إلى تقتيل أبنائه، وتدمير بناه التحتية.

قطعاً ليست هنالك مصلحة عراقية في التلويح بمحدودية الانتخابات، ولا في استبعاد هذه المنطقة، أو تلك بسبب الوضع الأمني، لذا فإن الوقت ما زال مبكراً على مثل هذه التصريحات، ولا يزال هنالك متسع من الوقت لتدارك كل الإشكالات والمعوقات، وإن المفوضية العليا صاحبة الشأن في البت بهذا الأمر، و هي لم تدل بعد برأيها بخصوص هذا الموضوع، فلنعمل إذن على أن ننجح إجراء الانتخابات في موعدها على أن تشمل العراق كاملاً لكي يقول الشعب كلمته.

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة