بغداد/عبد
اللطيف الراشد
مع بدء
العام الدراسي الجديد وتطلعات اولياء الأمور والمعلمين
والأساتذة التربويين إلى ان يتجاوز الإنسان العراقي محنة هذه
المرحلة وتكون بداية لعام يبشر بنسمات مرحلة من البهجة تدخل
قلوب التلامذة الصغار وطلبة الثانويات والمعاهد. سيما وان
الدولة رسمت خطة أمنية للقضاء على مرتزقة الإرهاب الوافدين،
قبل ان يطرق شهر رمضان الكريم الابواب، لنصلي لأجل الوطن
وملائكته الرحمة اطفالنا لكي يحملوا حقائبهم ويتوجهوا إلى
مدارسهم بامان.
تصريحات وزارة التربية
السبت
الماضي سمعنا كثيراً من التصريحات منها ما اشار لها وزير
التربية الأستاذ سامي المظفر في مؤتمره بان ثمة خطة لتوزيع
80 مليون كتاب تحتوي على 600 عنوان فضلاً عن حاجة الوزارة
إلى 65 مليون قلم و 30 مليون ممحاة وقال ان القرطاسية سيتم
توزيعها في أول يوم دراسي إضافة إلى مستلزمات مدرسية أخرى
وحصص غذائية من الدول المانحة لتوزع على الطلبة لمعالجة حصة
الأطفال من العوائل الفقيرة وربما تعود معونات الشتاء كتلك
التي كانت بعض مدارس الريف تتعامل بها في خمسينيات القرن
الماضي وربما يتذكرها اساتذتنا الكبار!
فيما صرح
محمد زكي وهو مسؤول في وزارة التربية ان عدد الأبنية
المدرسية التي تحتاج إلى ترميم بنسبة 30% بلغ 1875.
لنقف على حقيقة ما يجري
جريدة
(المدى) زارت بعض المدارس الابتدائية والثانوية وتجولت في
عدد من النواحي والقصبات والقرى والتقت مدراء المدارس
الثانوية والابتدائية واولياء الطلبة والمعلمين وتجلت في
الأسواق المحلية لتقف على حقيقة ما يجري هناك وتعرف إلى أية
مدى وصل ما وزع على الطلبة من مستلزمات وكتب ومواد غذائية
ومعونة الشتاء من ملابس تليق بمظهر اطفالنا وكيف ينظر
التربيون إلى تطوير المنهج التربوي.
تقاليد تربوية جديدة
كانت محطتنا
الاولى مديرية معهد اعداد المعلمين (الرصافة الأولى) ولقاءنا
بالاستاذ والاديب سعد مطر (مدير المعهد الذي تحدث لنا عن
واقع التربية وما تسعى إليه الوزارة من تطوير الخبرات التي
كان النظام السابق قد حول هذا المنبر إلى وسيلة دعائية
لسلطته القمعية فيما اجاب حول تساؤلاتنا في اطار التوجه
الجديد الذي يرمي لسد حاجات المجتمع وحاجات الطالب والارتقاء
بالمستوى التعليمي وبناء شخصية الطالب وقال:
اولاً: ان
توزيع الكتب التي تهتم بالجانب العلمي ولا تمت لأي محور
سياسي بصلة. ولكن اهتمامنا بشخصية الطالب وصحته وتقويم سلوكه
وتوزيع المستلزمات المدرسية له بشكل عادل يتطلب هذا البرنامج
إلى زمنا طويلا.
نتمنى ان تكون تصريحات وزارة التربية عملية
هنا وفي
جولة قمنا بها مع الأستاذ باسم مهدي صالح السامرائي مدير
مدرسة البارودية وهي من أقدم مدارس بغداد تاسست عام 1917
وسميت بالبارودية. لأنها كانت مستودعاً لمخازن الاتراك
لاحظنا وسمعنا الكثير من الأساتذة ان توزيع هذه المستلزمات
من كتب وقرطاسية وحصة غذائية وترميم البناية لا أساس جدي
وعملي له.
قال لي مدير
المدرسة الأستاذ باسم:
ـ نتمنى ان
تكون هذه التصريحات للسيد وزير التربية عملية وفاعلة سيما
واننا اعددنا قوائم لاستلام الكتب من مخزن منطقة الشعب
فوجئنا بالتوزيع بنسبة 5% وهو النظام المعمول به في النظام
السابق وان الكتب الجديدة غير متوفرة البتة وكما ترى ان
مدرستنا تقع في زقاق مليء بالمياه الآسنة والبرك وقد طلبنا
وحاولنا ان نغير الباب الرئيس من الزقاق إلى شارع الرشيد ومن
خلال جريدتكم اناشد وزارة التربية ترميم المدرسة وتوفير
الماء والكهرباء وليعرف السيد وزير التربية ان اغلب طلبتنا
من شرائح اجتماعية فقيرة وكما تلاحظ انهم يرتدون الملابس
الرثة. ولم نستلم ملابس أو حقائب حتى نوزعها عليهم. ومعلمونا
تحولوا إلى عمال بمبادرة منهم لمعالجة وترميم ما يمكن
ترميمه.
بهجة وفرح بتوزيع الحقائب
في منطقة
هبهب في قضاء الخالص ـ محافظة ديالى الأمر يختلف ويبدو أكثر
تفاؤلاً. من خلال حديث ابو عمر وهو اب لثلاثة اولاد عمر
وايهاب وسالي في الخامس الابتدائي يقول ابو عمر: يا أخي
الحمد لله شعرنا أنا وعائلتي واطفالي بفرح وسرور عندما وزعت
اغلب مدارس الخالص حقائب حديثة وكتباً جديدة ودفاتر لم يكن
بمقدوري شراؤها من الأسواق السوداء.
مجرد وعود
ومن مدينة
الصدر تحدث لنا ابو علي عن معاناة اولاده الأمر الذي جعلني
استغرب من تباين التصريحات وتضارب الآراء وقال ان اطفالي في
مدرسة غرناطة الابتدائية وجميع تلامذة هذه المدرسة لم
يستلموا أي مادة من هذه المستلزمات أو بالاحرى المزعوم
توزيعها. ولكن مصطفى وفخري وهما ولداي الأول في السادس
الابتدائي ينتظران وعود المدرسة بان مثل هذه المستلزمات
ستوزع حتماً.
وليد خالد
اب لثلاثة أطفال رفل تلميذة في الصف الثالث وحنين في الصف
الأول واخرى في الروضة يقول ثق قبل لحظات اشتريت 12 دفتراً
فضلاً عن دفاتر رسم وحقائب وقرطاسية ولكن أطفالي يقولون لي
بابا انتظر المدرسة توزع علينا الحقائب. ويبدو انهم يفرحون
بهدايا وهبات المدارس أكثر منه هبات الآباء ولكن!!
جولة حرة في سوق حواسم التربية!
في العديد
من الأسواق والارصفة وجدنا دفاتر وقرطاسية وحقائب واقبال
الناس عليها ملفت للنظر لم نسأل ولم نستفسر. ولكن سمعنا بعض
تعليقات ساخرة يطلقها المارة وذوو اولياء الطلبة تقول ان
مستلزمات وزارة التربية تتسرب إلى السوق. وهي تشبه إلى حد
كبير ارزاق الجنود في وزارة الدفاع المنحلة ابان العهد
البائد من العينة إلى الموزع ومن المطابخ إلى الأسواق.
والمستفيد الوحيد هو الحواسم الثانية! والباعة والتجار الذين
يروجون لبضائعهم قبل ان تقدم أي وزارة على سعيها لمعالجة
الامور في عهد جديد يتطلع به الناس إلى حياة خالية من
التلاعب بمقدراتها ومن جانبنا نتمنى ان يكون هذا العام هو
عام مبارك لطلبتنا في دراستهم وفي مدارسهم ومعاهدهم وهم
يرفلون ويتمتعون بالفرح والتوجه الذي يليق بمجتمع مدني
ديمقراطي حر وقسمة عادلة في الحقوق الإنسانية.
|