د. عبد الأمير رحيمة
كانت نتيجة السياسات الهوجاء، والحروب الخاسرة، التي مارسها
صدام حسين طيلة العقود الثلاثة الماضية، هي الدمار الشامل
الذي تعرضت له القطاعات الاقتصادية، والتخلف والضعف وانخفاض
الانتاجية الذي اتسمت به المرافق الإنتاجية والخدمية
العراقية كافة، وقد ازدادت هذه الآثار من جراء أعمال النهب
والإرهاب والتقاتل الذي حصلت بعد انبثاق النظام الجديد،
وكانت نتيجة ذلك كله ازدياد البطالة وانتشار الفقر والمرض
بين غالبية أفراد الشعب العراقي وتدهور أحوالهم المعاشية.
لذلك فإن السعي لحل مشاكل الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية
الاقتصادية السريعة والقضاء على البطالة وتحسين المستويات
المعيشية للمواطنين هي الأهداف المركزية للسياسة الاقتصادية
الجديدة.
أولاً: أهداف السياسة الاقتصادية الجديدة
على إن الإطار العام لهذه السياسة ينبغي أن ينطلق من اقتصاد
السوق وفق الصيغ التي تتلاءم مع واقعنا الاقتصادي
والاجتماعي. ذلك لأن دول العالم كافة أصبحت تأخذ بنظام
اقتصاد السوق بصيغه المختلفة.
بمعنى إذا كان الاعتماد على نشاطات القطاع الخاص، وتحقيق
المنافسة الكاملة بين المؤسسات الاقتصادية، والابتعاد عن
أساليب الحماية وتدخل الدولة في تنظيم الحياة الاقتصادية،
والابتعاد عن أساليب الحماية والدعم للنشاطات الاقتصادية
الداخلية، هي الأسس لتطبيق نظام اقتصاد السوق في الدول
المتطورة، فإن ظروف العراق الاجتماعية والاقتصادية الراهنة
وما تعانيه مؤسساتنا الاقتصادية من ضعف وتخلف وانتشار
البطالة بين مواطنينا، إنما يقتضي الاحتفاظ ببعض مؤسسات
القطاع العام جيدة الأداء ومتوسطة الأداء ودعمها وتحديثها
وتطويرها، كما تقضي استمرارنا في تطبيق بعض إجراءات الحماية
بصورة خاصة إجراءات منع التصدير والاستيراد لبعض المنتجات
حينما تكون الفوارق بين أسعار المنتجات الوطنية والسلع
المستوردة منها عالية جداً، إضافة إلى حاجتنا الماسة إلى
الاستمرار في دعم الإنتاج الزراعي والاستمرار في تطبيق
البطاقة التموينية إلى حين تحسن أوضاعنا الاقتصادية
والاجتماعية، لأننا لو طبقنا نظام اقتصاد السوق وفق الصيغ
التي تأخذ بها الدول المتطورة والمشار إليها آنفاً، فإننا
سوف نعرض مواطنينا إلى المزيد من البطالة وسوف يكون الانعكاس
خطيراً على المستويات المعيشية للجزء الأكبر من مواطنينا في
المراحل الأولى، وفي كل الأحوال فإن أهداف السياسة
الاقتصادية ينبغي أن تأخذ الجوانب التالية بنظر الاعتبار:
1.تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي للعراقيين عن طريق توفير
العمل لهم، ورفع القوة الشرائية لدخولهم، وتوفير الخدمات
المختلفة وبخاصة خدمات الأمن والصحة والتعليم والكهرباء
والماء والمجاري والنقل العام.
2.إشراف الدولة على مواردها الاقتصادية، وبخاصة النفط
واستغلال هذه الموارد وفق الصيغ التي تحقق المنافع للاقتصاد
العراقي.
3.التقييد بالصيغ الديمقراطية عند رسم السياسة الاقتصادية
وتنفيذها وبخاصة إعداد الخطط الاقتصادية والميزانيات.
4.تحقيق الانفتاح الاقتصادي على القطاعين الخاص والمختلط
والسعي لتحقيق اقتصاد السوق الحر بشكل تدريجي وفتح الأبواب
أمام الاستثمارات الأجنبية وفق صيغ تضمن استخدام التكنولوجيا
الحديثة وتحقيق المنافع للاقتصاد الوطني وتحقيق مزايا التخصص
وتقسيم العمل والإنتاج الكبير.
5.استيعاب منجزات العلم والتكنولوجيا الحديثة عند اختيار
المشاريع الجديدة ومعالجة مشاكل المشاريع القائمة.
6.تحقيق أفضل صيغ التعاون والنفع المشترك من العلاقات
الاقتصادية مع بقية دول العالم.
ثانياً: التخطيط الاقتصادي
في سبيل اختزال عنصر الزمن، وتخفيض التكاليف في مجال إنجاز
المشاريع الاقتصادية وتحقيق التنمية الاقتصادية المتوازنة لا
بد من الاعتماد على أسلوب التخطيط الاقتصادي، على إن أسلوب
التخطيط الاقتصادي هذا ينبغي أن لا يتصدى لتفصيلات الأنشطة
الاقتصادية للمؤسسات لكي لا يتحول التخطيط الاقتصادي إلى
أسلوب معرقل لعملية التنمية الاقتصادية، كما حصل في الدول
الاشتراكية الأوروبية السابقة، إنما ينبغي أن يتصدى للأهداف
الرئيسة للأنشطة الاقتصادية التي تعطي تصوراً لما تطمح
الدولة إلى تحقيقه لبلدها من أهداف في الأمد القصير والمتوسط
والطويل بمعنى إن التخطيط ينبغي أن يستهدف التقليل من
الضوابط الإدارية والمركزية وأن يراعي متطلبات قوى السوق في
تحديد الأسعار وتخصيص الموارد.
ثالثاً: السياسة المالية وميزانية الدولة
1.إعداد ميزانية للدولة، تتناول تنظيم أوجه الأفراد
والانفاق، وإعلان هذه الميزانية على الجمهور لمناقشتها من
قبل الأحزاب والفئات السياسية.
2.السعي لإلغاء الديون والتعويضات العراقية للدول الأخرى أو
تقليصها أو تأجيلها، لأن تلك الديون قد تسببت من قبل السلطة
الدكتاتورية السابقة بشروط مجحفة وأغلبها لأغراض عسكرية
وسياسية ليس للشعب العراقي فائدة منها.
3.توسيع إيرادات الميزانية بحيث تتضمن الإعانة والقروض من
الدول الأخرى لكي يتسنى للدولة الإنفاق على الجوانب ذات
الأهمية للشعب العراقي في الوقت الحاضر.
4.تنظيم أوجه الانفاق بحيث تجسد الأولويات الآتية:
أ.تحسين الرواتب والأجور للموظفين والمتقاعدين لغرض الارتقاء
بمستوياتهم المعاشية.
ب.ضمان الانفاق على الخدمات الضرورية للسكان مثل الكهرباء
والماء والمجاري والصحة والتعليم والأمن والنقل العام.
جـ..ضمان تعمير وإصلاح البنايات الحكومية.
د.ضمان توفير الموارد لتشغيل القوى العاملة والقضاء على
البطالة.
رابعاً: السياسة النقدية
1.العمل على تحقيق الاستقرار في أسعار صرف الدينار العراقي
بالعملات الأجنبية الأخرى.
2.تطوير عمل البنك المركزي على الوجه الذي يتلاءم مع متطلبات
الانفتاح الاقتصادي واقتصاد السوق الحر.
3.إصدار قانون جديد للبنك المركزي بدلاً من القانون رقم 64
لسنة 1976 وتعديلاته يراعي التحولات الجديدة في السياسة
التجارية.
4.إعادة النظر في سياسة البنك المركزي إزاء البنوك التجارية
الحكومية والخاصة والبنوك الاختصاصية باتجاه الحد من القيود
التي يفرضها البنك المركزي على نشاطات هذه البنوك ودعمها
بالوسائل التي تساعد في توسيع أعمالها وإصلاح أساليب عملها.
5.فتح المجال أمام تأسيس البنوك التجارية الأجنبية أو فتح
الفروع لهذه البنوك في سبيل تسهيل شؤون التجارة الخارجية
والتعامل مع الخارج.
خامساً: معالجة مشاكل البطالة
1.الإسراع بأعمال الإعمار وإتاحة أوسع الفرص للمقاولين
العراقيين للمساهمة في هذه الحملة.
2.توسيع نشاطات المصارف المتخصصة: الصناعي والزراعي والعقاري
عن طريق زيادة رؤوس أموالها لكي تقوم بتوسيع نشاطاتها.
3.القيام بحملات العمل التي تتضمن تشغيل عدد كبير من
المواطنين.
4.تشجيع الوكالات التجارية وفروع الشركات الأجنبية وغيرها من
القوانين والتعليمات.
5.تشجيع القطاع الخاص والمختلط على إنشاء المشاريع
الاقتصادية عن طريق تقديم القروض الميسرة لها.
|