بقلم: جفري فليشمان
ترجمة:مفيد وحيد الصافي
عن: لوس انجلس تايمز
لا يزال كوخ الحراسة ذو اللون الابيض موجودا هناك، ولكن الجنود الاميركان
قد غادروه منذ زمن بعيد، ومخلفات الحنين والذاكرة من بطاقات
المعايدات الى اقنعة الغاز والخوذ وعلب قهوة ماكس ويل هاوس
الصدئة، ونقاط تفتيش رخيصة،وقطع الكونكريت الخرافية والاسلاك
الشائكة خير دليل على الحرب الباردة، كل ذلك بدا حقيقة بريئة
في عالم ترشقه موجة جديدة من الاخطار.
قال جورجون ثايل وهو يقف وسط قطع الخردة المتروكة من جدار برلين والتي تباع
بسعر اقل من عشرين دولارا" كان هنالك وقت،كان يمكن ان تبدأا
الحرب العالمية الثالثة فيه هنا تماما "، " ولكن ذلك كله"
ولّد الارهاب العالمي نصباً جديدة من الكراوند زون، اوربا والعالم يشعرون
بعدم الامان، ماعاد كثير من الامم ينظرون الى اميركا على
انها القيادة والملجأ.وحسب استطلاعات للرأي ومقابلات اجريت
في اكثر من ثلاثين بلداً، فان السياسات الاميركية غير
المتوازنة في العراق اضافة الى عجرفتها الواضحة كل ذلك قد
تركها غير موثوق بها في زمن اتساع الهيجان العالمي.
لا يزال اسامة بن لادن طليقا، وصور قطع رؤوس الرهائن في العراق تمرق عبر
الانترنت، وطموح كوريا الشمالية وايران لامتلاك الاسلحة
النووية يثير الازعاج.ان العديد من الدول تشعر بعجزها عن
ايقاف القتل وتعتبر ان الولايات المتحدة هي الوحيدة القادرة
عسكريا على ان تكون حاجزا ضد الاخطار المتزايدة، ولكنهم في
الوقت ذاته يشعرون بالعجز عن مواصلة تبني سياستها المزدوجة
المتلونة.
ان واحدا من اشد الخلافات بين واميركا وحلفائها القديمين هو قضية وقت
استعمال القوة، لقد وجد استطلاع شاركت في اجرائه في شهر
حزيران، هيئة التنظيم الالمانية في اميركا، ان 54% بالمقارنة
مع 28% يعتقدون ان القوة العسكرية سوف تؤدي الى حلول السلام،
بينما في اوربا فان نسبة 73% قالوا ان الحرب في العراق قد
زادت من حدة الارهاب.
ان التفاوت هذا يمثل حالتين ديناميكيتين، ان العالم لا يزال عليه ان يفهم
كيف هزت احداث 11 من ايلول احساس الامن الاميركي،وان اميركا
تقلل من اهمية المصداقية العالمية التي تضحي بها في الحرب
على العراق.
ان مواطني ثلاثين دولة من اصل خمسة وثلاثين، من بقع مختلفة في العالم
وبضمنها المانيا والمكسيك وايطاليا والارجنتين كلها تؤيد
كيري بنسبة اعلى من اثنين الى واحد ضد بوش، حسب تصويت اجرته
مجموعة بحث كندية تدعى كلوبسكان بمشاركة جامعة ماريلاند. ان
هذا المسح وجد ان نسبة 58% من الذين أجابوا في تلك البلدان
يقولون ان ادارة بوش جعلتهم يشعرون بالامتعاض اكثر نحو
الولايات المتحدة، عكس 19% الذين قالوا ان سياسات الرئيس قد
جعلتهم اكثر راحة.
كتب الروائي توماس الوي مارتنز مؤخرا في صحيفة (لااوبنين) اليومية المحافظة
بعد ان تذمر من امكانية حصول بوش على فترة رئاسية اخرى " ان
العالم معاد لبوش الى درجة بعيدة-سوف يكون خاضعا الى فترة
اخرى من الجشع والظلام وتهديد الحرب".
ذكرت صحيفة رومانية الشهر الفائت قولا للسفير البريطاني في ايطاليا ايفور
روبرتس واصفا فيها الرئيس بوش بانه" افضل مأمور تجنيد "
للارهابيين في شبكة القاعدة.
ان حالة اميركا كقوة عظمى ومخاوف الامن العالمية اشعلت الحبكات التآمرية،
وجعلت واشنطن موشوراً يعكس خيبة الامل في كل شيء من الحرب
حتى ثقوب طبقة الاوزون.
ان المادة التي تشكل اغلب هذا تكمن في الحاجة الى موازنة أيديولوجية واضحة
في قوة الولايات المتحدة.فمع تحطم الشيوعية السوفيتية، ارتفع
القلق العالمي، ليس بسبب موسكو بل بسبب رجال ملثمين يثيرون
"الجهاد"، ومن دول متقوقعة على نفسها.
في مقالة للكاتب جودي كولب روبين عنوانها"المراحل الخمس لمعاداة اميركا"
يقول فيها لقد اتسع الشك في واشنطن الى درجة كبيرة حتى
ان"العديد من الصينيين يقولون ان عدوى السارس قد تعمدت
الولايات المتحدة خلقها. وان ثلاثة زعماء مسلمين في ولايات
نيجيرية قد منعوا إدخال تلقيحات مهمة لمرض شلل الاطفال،
مستنكرين هذه المؤامرة الاميركية لنشر الايدز او منع الاخصاب
عند المسلمين".
لقد شهدت الولايات المتحدة مراحل تتسم بمعاداة الامركة عبر تاريخها،ان
انظمة اميركا اللاتينية على سبيل المثال اعتبرت واشنطن دائما
دولة امبيريالية مثيرة للمتاعب، في كتابه " سبل
الامبراطورية" الذي حقق افضل مبيعات في بوينس ايرس، كان
الكاتب الاسباني سانتياكو كماجيو يطلق على الولايات
المتحدة،ديمقراطية مزيفة تديرها مجتمعات سرية وشركات متعددة
الجنسية و"وزارة اكاذيب" تعمل في البيت الابيض.
وعلى الرغم من التحامل الشديد فان العديد من العواصم يعترف بانه لاتوجد امة
اخرى لها امكانيات مواجهة القاعدة، او نزع اسلحة الدمار
الشامل او لحم حكومات متهورة.
ان جنود الولايات المتحدة قد دافعوا عن اوربا وكوريا الجنوبية من الانظمة
الشيوعية لعقود خلت.
وعلى الرغم من ان المجتمع الدولي قد استنكر غزو الكويت الا ان الحرب قد
سلطت الضوء على قدرة الولايات المتحدة على تحطيم الانظمة "
المارقة".
يتساءل بعضهم عن مقصد القوة العسكرية الاميركية ويذكرون ان المصطلح الذي
اطلقه بوش، عالم تحت الحصار، هو امر مبالغ فيه عند مقارنته
بالتاريخ، يقول الاوربيون ان كوريا الشماليا هي خطر واضح،
ولكن اسامة بن لادن وصدام حسين على الرغم من شرورهما لايمكن
مقارنتهما بمدى مساحة الدمار الذي خلفه اودلف هتلر بعد
اندلاع الحرب العالمية الثانية والتي قتل فيها خمسون مليون
شخص.
قال طارق رفعت، وهو مهندس كمبيوتر من القاهرة " اعتقد ان اميركا تشكل خطرا
كبيرا على مصر والعالم الاسلامي اكثر من الارهاب "،" اذا كان
علينا ان نمتلك شرطة دولية،فيجب ان تكون من الامم المتحدة،
وليس من الولايات المتحدة، أي نفع يكون لي اذا كانت اميركا
هي الشرطي العالمي ؟ربما احتاج الى ذلك الشرطي ليحميني، في
حالة هاجمت اسرائيل مصر، هل تعتقد ان اميركا سوف تسرع لتحمي
مصر من الاسرائيليين،وهم اقوى حلفائها.
من اماكن المقاهي وحتى البرلمانات،فأن الولايات المتحدة تثير الحيرة وبوش
يثير الغضب.ان العديد من الناس يعتبرونها بلدا يعلن ايمانا
عميقا بالدين ولكنها تستعجل إشهار سيفها.
ارض تدعي السلطة الأخلاقية ولكنها تخرق المواثيق العالمية، امة مثقلة بصور
الخروقات في سجن (ابو غريب)، وعدم قدرتها على اعادة الهدوء
الى عراق مشتعل،ولكنهم ايضا معجبون بها لانها ارض الامكانيات
والفرص الاقتصادية والحرية الشخصية المتميزة.
قالت اريكا ثايل التي كانت تقف مع ابنها،متذكرة وقع احذية الجنود في
الشوارع " ان الولايات المتحدة غير قادرة على ان تكون شرطي
العالم بعد هذا"، " ان المسلمين لن يرغبوا في أن يكونوا تحت
المراقبة وان الشعوب المستقلة ترغب في ان تكون مستقلة عن
خيال الولايات المتحدة.
|