الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

العظماء.. البؤساء يموتون كالأشجار: العفيف الأخضر نموذجاً

       عبدالرحمن عثمان *

 "العفيف الأخضر يموت حيا".. هذا هو عنوان لمقالة للكاتب الدكتور شاكر النابلسي التي نشرت في "المدى" وفي عدة صحف عربية في المشرق والمغرب وفي عدة مواقع على الانترنت، وحملت هذه المقالة في جوهرها قضية مؤلمة وواقع محزن لأحد عظماء ومفكري الوطن العربي، وهو المفكر التونسي العفيف الأخضر.

ولعل واقع هذا المفكر في حد ذاته يعطي تجسيدا حيويا للوضع المؤسف لعظمائنا ومفكرينا العرب الذي سيظل يمثل وصمة عار على جبين الأنظمة العربية.. من هذا المنطلق نستطيع القول: إن من المفارقات المؤلمة أن يجد الشعب العربي مناضليه وعظماءه ومفكريه وعباقرته يعانون الإهمال والتهميش، ويرزحون تحت وطأة الملاحقات وويلات السجون والمعتقلا والمنافي، ويغالبون سياط الغربة والاغتراب والتغريب، ويشكون ظروفا موضوعية بالغة الصعوبة والقسوة، ويواجهون أوضاعا سياسية متردية مشحونة بالخوف والقهر والتنكيل، في مصادرة حرية الرأي وحرية الكلمة وكسر القلم في ظل أنظمة عربية استبدادية مأزومة تزداد مناخاتها السياسية سوءا وقمعا.. أنظمة اعتمد خطابها السياسي مبدأ المكافآت على حساب الكفاءات، واتخذ مظاهر المحسوبية والمنسوبية والقبلية على حساب مبدأ الكفاءة والمهارة والشفافية والنزاهة.. وتبنى هذا الخطاب القشور دون اللب، والشكل دون الجوهر، والصورة دون المضمون، واعتمد المظاهر الشكلية للفن الهابط والثقافة الاستهلاكية، والمفاهيم التربوية المغلوطة والمناهج التعليمية الصماء الجامدة اللاديمقراطية، والأنساق السياسية الاستبدادية والأوتوقراطية، ووسائل الإعلام المضللة والديماغوجية وسعيها الى طمس الحقائق وتهميش المواطن وتغييبه بأساليب الترهيب والترغيب والتنفيس والتضليل وإبعاده عن اتخاذ القرارات السياسية والمشاركة الشعبية في ظل غياب الدستور أحيانا وتعليق الدستور أحيانا أخرى، وتهميش (العقد الاجتماعي) ما بين (السلطة والمجتمع) في كثير من الأحيان وبالتالي استشراء مختلف الفساد السياسي والإداري والمالي والأخلاقي وشراء الضمائر والذمم. مظاهر وظواهر تأتي تداعياتها وحقائقها ضمن مقاييس مألوفة ومعايير متبعة في تسيير المجتمعات العربية بمزيد من تأزم العلاقة ما بين السلطة والشعب، وما بين البنى التحتية والبنى الفوقية التي على ضوئها تمخضت عن نتائج وخيمة وعواقب كارثية انعكست على مختلف فئات الشعب والمجتمع وفي مقدمتها كفاءاته من القوى والرموز الوطنية والمفكرين الأحرار، والعظماء المبدعين، وأصحاب الرأي والضمير والقلم. وهكذا نجد أحد كبار المفكرين العرب (العفيف الأخضر) نتيجة الوضع العربي السيىء يئن بكبرياء الأحرار تحت وطأة المرض الذي أقعده والشلل الذي شل يده وتفكيره لكنه ظل متجليا بالشموخ طبقا وتماثلا لجوهر عبارة الكاتب الدكتور شاكر النابلسي خلال مقالته بقوله: «العفيف الأخضر ليس (وردة العرب) البيضاء الفواحة ولكنه مبضع جراح ماهر وحاد وملم بأبي حامد الغزالي وماركس وبابن تيمية وهيجل ويعرف كيف يفتح الدمامل العربية المتقيحة وكيف يعالجها بالعقل وبطب القرن الحادي والعشرين«. وهكذا يظل المفكر العفيف الأخضر مبعث فخر قرائه ورفاقه وشعبه ونخبه لصموده أمام الموت فهو «يموت موتا بطيئا وهو حي وواقف كأي نخلة من نخيل تونس« حسب تعبير كاتب المقالة شاكر النابلسي ... من هنا يؤسفنا القول أن تصل هذه الحال السيئة بالعظماء العرب، والحكومات العربية على كراسي المتفرجين صامتة شامتة تشفيا من عظمائها وعباقرتها المميزين، انطلاقا من مواقفها السياسية العدائية لمبادئهم الإنسانية ومواقفهم الحرة الجريئة.

وبهذا الشأن أجاد الكاتب شاكر النابلسي  عبر مقالته فيكشف سلبيات وأمراض وثغرات الكثير من الأنظمة العربية، حينما استرسل بالقول: «العفيف الأخضر مشلول اليوم ولا يستطيع الكتابة أو القراءة أو التفكير أو الحركة وهو بحاجة إلى العلاج الطويل الأمد.. ليس هناك من يعينه غير من يهمهم أمر الأخضر كإنسان فقير معدم وليس كمفكر معارض وليبرالي وحداثي«. لعل هذه العبارات حملت من الدلالات الكبيرة والمغازي العظيمة أن العظماء لا قيمة لهم في العالم العربي، طالما الرياضة والفنون الهابطة هي التوجهات والأهداف الطاغية للخطاب السياسي العربي الرسمي، ولكون وسائل الإعلام العربية ووزارات الرياضة والشباب ربطت الأبعاد الفنية والرياضية بالأبعاد الاجتماعية ارتباطا استراتيجيا، وإعطاء تلك العلاقة هالة من التعظيم والتقديس، ورصدت ميزانيات طائلة للفن والرياضة تقدر بملايين الدولارات عبر استضافة البطولات الرياضية، وإقامة الحفلات الفنية، فضلا عن احتضان أصحابها من الرياضيين والفنانين بمظاهر التكريم والتشريف والإغداق عليهم بالهدايا والحوافز والمكافآت المالية الطائلة وتحرير الشيكات بآلاف الدولارات بأسمائهم، في الوقت الذي يظل فيه بعض عظماء هذا الوطن مهمشين ومطاردين في الداخل، وبعضهم يعيش خارج الوطن تعصرهم الغربة وتلاحقهم المخاطر، وبعضهم يعيش على الفتات لا يملك في الحياة شروى نقير. وهكذا نجد المفكر العفيف الأخضر يحيا حياة بائسة في غربته، تدمي قلوب الشرفاء.. وليس أدل على ذلك سوى ما نقله لنا الكاتب شاكر النابلسي خلال مقالته حول زيارة المفكر السوري جورج طرابيشي للعفيف الأخضر في كهفه في إحدى ضواحي باريس الذي وصفه بأنه «كهف لا يليق إلا بكلب أجرب متشرد«... وهكذا وصلت الحالة المتردية بالعفيف الأخضر المفكر الذي يعيش في باريس منذ عام 1979م ضمن وضع مزر بالغ القهر والقسوة، لكنه في الوقت ذاته لم تنقطع صلته بالوطن فعاش بقطعة من قلبه وقطعة من كبده وقطعة من عقله مع وطنه (تونس) مسقط رأسه، ومرتع صباه، ومنشأ طفولته، الذي هو مسكون بهواجسه وقلقه وسيادته، بقدر ما خدم وطنه العربي الكبير، ولكن بدلا من ذلك كله فإنه ترك وأُهمل ليكابد خضم الغربة وبراثن المرض دون أن يكلف الوطن العربي المتمثل في أنظمته الرسمية ومعظم مثقفيه ونخبه عناء السؤال عن حال هذا الإنسان العظيم، بالرغم من أن العفيف الأخضر يظل الرمز المشرف للوطن العربي بنهجه وأفكاره فهو صاحب الفكر الماركسي والعلماني، وصاحب الأفكار الحديثة والمعاصرة ومبدأ التعددية والديمقراطية، وقطب من أقطاب الحداثة والعلمانية.. العفيف الأخضر واجه ويواجه الدكتاتوريات العربية والزعامات العربية المستبدة، وشتى الأنظمة الأوتوقراطية، التي حاربته بأساليب الترهيب والتغريب كافة والمنع والحظر على كتاباته ومؤلفاته مثلما واجه مختلف التيارات الدينية بالعقل المعرفي والنقد المعرفي، التي بدور هذه الجماعات الإسلامية رمته بالتكفير واتهمته بالزندقة والكفر والإلحاد.. لكن هذا الإنسان الشجاع لم يردعه رادع المهزومين، ولم ترهبه التهديدات بإنزال الحد أو السيف على رقبته، ولم يخف لومة لائم في قول كلمة الحق وإعلان رأيه صريحا بلا تردد ودون محاباة، والتعبير عن أفكاره ومبادئه بجرأة نادرة قل ما يتمتع بها معظم المفكرين العرب. العفيف الأخضر رائد من رواد الفكر التنويري والحداثي والعقلاني، أغنى المكتبة العربية بأروع المؤلفات الماركسية والعلمانية، وأثرى المجتمع العربي بمفاهيم الثقافة المتحررة المعاصرة (للثقافة السياسية، والثقافة الليبرالية، والثقافة الاشتراكية) وفي مقدمتها (الثقافة التحديثية التربوية والتعليمية) فهو أول من كتب عن إصلاح المناهج التعليمية والتربوية تواكبا للروح الحداثية ولمفاهيم العصر الحديثة والحضارية.. لكن ما يؤسف له القول حقا أن نجد هذا الانسان العظيم مقابل (إنجازاته العلمية والإنسانية والحضارية) يعاني المزيد من الوجع والألم، بعد أن حمل حقيبته في الغربة وفي المهجر والتنقل وعدم الاستقرار المعيشي والنفسي في ظل ظروف موضوعية وذاتية قاسية بالأمس «ولولا أن صادق جلال العظم آواه في منزله مدة عام لكان مشردا حقيقيا« حسب تعبير العفيف الأخضر... أما اليوم فإن العفيف الأخضر يصارع الشلل والمرض، لا يمتلك أدنى الوسائل والحلول الناجعة لمحنته الإنسانية، التي يقول عنها العفيف : «أنا الذي كنت أكتب بمعدل سبعة آلاف كلمة في الأسبوع، أصبحت عاجزا عن التوقيع على شيك«.

محنة مفكرنا العملاق العفيف الأخضر تذكرنا بمأساة شاعر العراق العظيم بدر شاكرالسياب الذي ابتسم للمرض الذي كان يعانيه، بقدر ما عانى ضنك الحياة المليئة بالبؤس والشقاء في منفاه جلدته سياط الغربة، وعصرته أوجاع المرض ومرارة الفقر والفاقة تحت أسقف أكواخ الصفيح و«العشيش« بين أوساط العمالة الآسيوية الوافدة للكويت آنذاك.. كما أن محنة العفيف الأخضر تذكرنا بمأساة العالم والمفكر المصري الدكتور الراحل جمال حمدان الذي أبدع بموسوعته الخالدة (شخصية مصر) بعد أن انطوى على نفسه في شقته وصومعته مدة عشرين عاما، احتجاجا على الظلم الذي لحق به وإنزال الحيف على كواهله في إهدار حقوقه المدنية ومصادرة حقوقه العلمية والأكاديمية.. مأساة العفيف الأخضر تذكرنا بمآسي ومحن الكثير من عظماء الوطن العربي (علمائه ومفكريه وباحثيه ومناضليه وعباقرته) الشرفاء والأحرار. في نهاية المطاف يؤسفنا القول: إن مناشدة الحكومات العربية من أجل تخفيف وطأة المعاناة والاغتراب عن كواهل عظماء الوطن العربي، ومحاولة تلاشي طائلة مظاهر الفقر والحاجة عن أكتافهم وأغوارهم والأخذ بأيديهم، قد لا تجدي نفعا طالما دأب معظم الأنظمة العربية على تهميش هؤلاء العظماء وعلى استعدائهم وملاحقتهم وتضييق الخناق حولهم... ولكن العالم العربي مازال جميلا مليئا بالطيبين الشرفاء، يفخر ويزخر بأصحاب الأفكار الحرة الذين قلوبهم على أوطانهم وعقولهم مع عظمائهم ومفكريهم ومناضليهم. ولعل ما تفضل به الكاتب الدكتور شاكر النابلسي  في مقالته بقوله: «لا أظن أن العالم العربي خلا تماما من أصدقاء الفكر ومحبي المفكرين الأحرار أيا كانوا وكيفما كانت توجهاتهم« هو خير شاهد على ذلك.. والشعوب بدورها تفخر بمواقف المفكرين الأحرار، بقدر ما تفخر بمواقف أولئك المفكرين والمثقفين الذين وقفوا مع العفيف الأخضر في محنته وفي مقدمتهم جورج طرابيشي وصادق العظم وشاكر النابلسي ومحمد عبدالمطلب الهوني وعثمان العمير وعبدالقادر الجنابي وعبدالفتاح عبدالقادر... فتحية إكبار إلى هؤلاء الأحرار لأنهم أكدوا حقا أن العالم العربي لا يخلو من الأحرار الشرفاء بمواقفهم المبدئية والأخلاقية وقت المحن والنكبات وفي فترة تمتحن فيها نفوس الرجال حسب وصف المواطن توم بين العظيم.

ــــــــــــــــــــــ

* كاتب من البحري


رغد، الرئاسة، مصير القرارات المتخذة والآفاق

د. مهند البراك

ترى تلك البيوتات بأن للابنة اتباعا من أبناء نواطير البساتين الذين البسهم صدام النعال وربطة العنق ليكونوا رهن إشارته في النهب والقتل، من العوجة وحواليها خاصة، إضافة إلى ضباع ومجرمي ابيها (الحنون) وقسم من وجبات المجرمين العاديين من (أصدقاء القائد) الذين تم العفو عنهم بحنان أيام الحرب العراقية ـ الإيرانية واشتغلوا حينها بمهن رسمية مسجل بعضها في الأقل في مزرعة الصويرة إضافة إلى من اعفي عنهم في محلات تنظيف السجون السيئة الصيت حين اعدم بلا رحمة مئات الألوف من خيرة بنات وابناء العراق، عرباً وكورداً وفيليين وتركماناً، ايزديين وصابئة وكلدان، مسلمين ومسيحيين، سنة وشيعة.. إضافة إلى المجرمين الذين أطلق سراحهم عشية الحرب الأخيرة.. بكل (علومهم وعقائدهم) الإجرامية ولياقاتهم الجسمية.

إضافة لكونها غير محكومة بتهمة ما تخص النظام السابق لعدم تلسمها مسؤولية معلنة أو مسجلة رسمياً فيه، حسنة السمعة والسلوك ـ والله اعلم ـ على الرغم من أنها من عائلة مغطاة ببحور دماء مئات الآلاف من بنات وابناء العراق، واضافة إلى (نضالها) المذكور أعلاه في الحروب، فأنها أيضاً من ضحايا، صدام لأنها فقدت زوجها الذي لم يطق أوامر المجرم عدي وطمع كحالها هي اليوم بالزعامة خرج عن طاعة الدكتاتور آنذاك، وهرب دون موافقته باستصحابها كرهينة مخلية! إلا ان قدرات تفكيره المحدودة وضيق افقه جعله يحاول تزعم حركة معارضة لصدام التي لم تعترف به من جانبها، بل طالبت بالتحقيق معه كأحد أركان الحكم الدكتاتوري الرهيب، والقصة معروفة.. ومع ذلك تسعى بعض الجهات لتسويق سمعة له كمعارض سابق قتل بسبب معارضته، على الرغم من انه لم يكن إلا نزاعاً بين الذئاب والضباع على السلطة وعلى مليارات العراق وعرشه، لا غير.

يضاف إلى (تضحياتها، خسارتها اخويها.. رغم بشاعة دورهما الرهيب السادي وخوضهما إلى قمة رأسيهما بالدم والرذيلة والسفالة بحق نساء العراق وكل العراقيين، إلا أنها قد ترى أنها فقدتهما في معارك التحرير، ناسية في غمار طمعها بالرئاسة ادوارهما المشينة في اشعال الحروب وسوق مئات آلاف شباب العراق إلى جبهات الحروب والى فرق الاعدام وطواحين الموت، التي ادت هي وغيرها، إلى النتائج التي دفع ويدفع ثمنها أبناء وبنات العراق واجياله.

واخيراً فانها امرأة في زمان تدعو فيه قوى التقدم والتحضر والديمقراطية إلى انصاف المرأة والى تفعيل دورها في الحياة الاجتماعية الاقتصادية السياسية، وقد تصور من نصحها بالاعداد لترشيح نفسها للرئاسة في العام القادم، أنها ستكسب أصوات النساء اللواتي يشكلن أكثر من نصف المجتمع العراقي اليوم (بسبب ارهاب وقمع وسجون واعدامات وحروب الدكتاتورية) في الوقت الذي لا تمثل لا هي ومن على شاكلتها حقوق وآلام، رغبات وطموح نساء العراق في العمل والتحرر والتمسك بالخلق القويم.. التي لم يسئ إليها في أي زمان في العراق، كما اساء إليها طاغية العراق ومن تربين على يديه ومنظماته وسط إجراءات مغرقة بالسفالة والقتل والذبح في رابعة النهار، وبشعارت منافقة كاذبة بـ (الدفاع عن شرف العراقيات وعن حرائر العراق).. على حد وصف وتعبير المنظمات والجمعيات والمشاريع النسائية العراقية اليوم.

ويرى كثير من المراقبين ان رغبة الأبنة بالتحرك، يأتي ضمن تحرك فلول ومجرمي صدام وارهابيي الزرقاوي وآخرين، لأعاقة استتباب الأمن والنظام واعاقة عملية تسليم السلطة وتحديد القوات الدولية ومهمتها، ولاعاقة عمل الحكومة المؤقتة في اداء مهمتها بالانتقال والتهيئة لتوفير مستلزمات اجراء الانتخابات من جهة، ولمحاولة الحفاظ على الثروات المسروقة ومحاولة فرض دور للدكتاتور المنهار بصيغ ومسميات تختلف عن السابق من جهة أخرى.

ويرى آخرون فيها، كونها محاولة لتثبيت سلطة ودور عائلة الدكتاتور في قيادة فلوله التي تشظت، بعد انهيار حلقته الحاكمة العائلة الصغيرة التي ضمت الدكتاتور الموقوف حالياً، ابنيه اللذين قتلا وابن عمه علي كيمياوي الموقوف أيضاً. وبسبب كبر زوجة الدكتاتور وانشغالها بالحفاظ على (ثرواتها) تصبح رغد الآن كبيرة العائلية (التي قد تصلح لوراثة ابيها قانونياً، بمعايير قوانين المؤسسات الدولية وغيرها)، يؤهلها مكانها وفق اعراف العوجة لتلعب دوراً في الأقل في حمل اسم عائلة صدام الكريه، لتجميع فلوله واصحاب المصالح حوله.

فيما يرى آخرون ان تلك التصريحات ليست أكثر من غطاء، لتغطية تحرك يستهدف اعادة ترتيب ارصدة وصلات ومع كبار مجرمي النظام السابق واعوانه الدوليين، تحت قيادة بيت صدام، وجزء من جهود ترمي لتمهيد الطريق للدكتاتور ليلعب دوره. الأمر الذي يصطدم بالموقف الحازم لرئيس الوزراء الانتقالي، الذي عبر في تصريحاته الأخيرة عن أقصى الحزم في مواجهة صدام ومحاكمته، الأمر الذي تؤيده فيه أوسع الاوساط، وتنتظر مواصلته فيه.

وتتصور تلك البيوتات ان بامكان ابنة الدكتاتور ـ ان تمكنت من الترشيح ان تفوز اعتماداً على مالديها من اموال (مضافاً إليها ما تناله بالوراثة قانونياً من ابيها)، في وقت يعاني فيه العراقيون من ازمات متنوعة، في مقدمتها اضافة إلى الأمن، والبطالة والفقر،.

وفي الوقت الذي فرح فيه العراقيون حينه، لقرارات تجميد الأموال المنقولة وغير المنقولة لمجموعة بارزة من كبار رجال الدكتاتورية المنهارة لأنها اموال مسروقة من كد بنات وابناء العراق، ومن ثروات البلاد العائدة لأبنائها والامكانية استغلالها في الاجرام، إلا انهم يقلقون بسبب التباطؤ من جهة، وبسبب الارتباكات التي تحصل نتيجة الأوضاع الأمنية ولكونها صدرت عن مجلس الحكم الانتقالي الذي تم الإعلان عن حله أصولياً، في وقت يجري التساؤل فيه عن مدى استمرار قراراته بالنفاذ والفاعلية، بعد ان تشكلت الحكومة الانتقالية ويجري العمل على تسليم السلطة وإنها حالة الاحتلال وانتهاء عمل سلطة التحالف تبعاً لذلك.

وفي الوقت الذي يصرح فيه عدد من كبار المسؤولين الأمريكان، وآخرهم السفير الأمريكي السابق في كرواتيا، الذي أرسل ككبير اخصائيي الإدارة الأمريكية إلى العراق لغرض الاشراف على عملية اقرار قانون العمل الانتقالي. بأن كل ما صدر من قوانين خلال فترة الاحتلال المزمع انتهاؤها في 30 حزيران الماضي، لا تعتبر نافذة ما لم تكن قد أقرت في مجلس الأمن باعتبار ان البلد محتل، وتجري تساؤلات عريضة عن معاني ذلك، في وقت تختلط وتخلط المفاهيم فيه بين القرارات والقوانين، وبين القوانين النافذة محلياً والنافذة دولياً، في الظرف العراقي الشائك، الذي حكمته بعد الدكتاتورية المقيتة وقوانينها الخرافية، وبعد الحصار، والحرب ثم الإدارة الأمريكية، وزارة الدفاع وسلطة التحالف ومجلس الحكم المعين، ويجري العمل على تسليم السلطة إلى الحكومة الانتقالية المؤقتة في نهاية شهر حزيران، في تتابع زمني سريع غاية بالتعرج، منذ سقوط الدكتاتور.

ان الناس تنتظر وضوحاً أكثر، سواء من الحكومة المؤقتة أو من الإدارة الأمريكية والأمم المتحدة، أو من المجلس الوطني، بذلك الشأن الهام.. الذي أن لم يكن واضحاً قانوناً، يشكل منفذاً لفلول مجرمي صدام وسعيهم للعودة بكل السبل التي تعرفها ملايين شعب العراق، والتي صوتت ضدهم سواءً في انتفاضة آذار 1991 المجيدة التي أغرقت بالدم، أو عندما صوتت مرة أخرى ضدهم بعدم دفاعاهم عن صدام وقت إعلان الحرب، والتي لا تطيق عودته وفلول عصاباته من جديد، على الرغم من المحن التي تعيشها اليوم.

ان عراقية لا يرحب العراقيون بانتمائها لهم كرغد، وفق اوسع آراء العراقيين والعراقيات ـ ان لم تعبر على الأقل عند ادانها لجرائم ابيها ونظامه الدموي الذي اوصل العراق والمنطقة إلى هذا الحال، وعن استعدادها لدعم اعادة بناء البلاد لتنتظر الموقف منها ـ لم تكن لتجرؤ على مثل تلك التصريحات، لو لم يسمح لها بالمغادرة، ولو لم تمر البلاد بالمحن التي تسببت بها عصابات ابيها والقوى الإرهابية الوافدة، إضافة إلى اخطاء قوات الاحتلال، أنها لا تحترم حتى البدل الذي سمح لها بالاقامة الإنسانية فيه بشرط عدم النشاط، حيث عبرت الحكومة الاردنية عن تحذيراتها وقلقها من تلك التصريحات، كما تناقلت وكالات الانباء.

وعلى طريقة ابيها الدكتاتور وكان شيئاً لم يكن، أنها (توافق) الآن على المشاركة في انتخابات باشراف الأمم المتحدة ـ على حد تصريحاتها ـ الأمر الذي طرحته أغلب القوى الوطنية وكل من أراد تجنيب العراق كوارث الحرب حينها على الدكتاتور، ورفضه بكل تعال وغرور. أنها لا تدرك لحد الآن مدى كره العراقيين للدكتاتورية، ومدى تعطشهم للحياة كبشر، لا أكثر.

وهي من أواخر من يحق لهم المزايدة باشتراط مغادةر الأمريكان، وكأن العراقيين لا يعرفون إلى الآن من كان الوالد (الحنون)، ومن البسه النعال وكيف صار (القائد الضرورة)، وكأنهم لا يعرفون إلى أي مدى كانوا يحكمون في زمانه، على الرغم من المماحكات التي قد يخطئ من يعتقد أنها لم تكن متوقعة، إلا ان الدكتاتور سف بغيه واحتقر شبعه وافره واذله وأهان حقوقه وقومياته واعرافه ومقدساته.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة