أطفال اليوم أناشيد لزمن آخر
فؤاد العبودي
ثمة من يقول ان
للطفولة عالماً خاصاً.. وهي كذلك فعلاً.. فالوطن وبناؤه يبدأ
من الطفولة واستشراق المستقبل حتماً يبدأ من هذه البراعم
الطرية.. وحين ادرك رئيس النظام السابق (صدام) بنرجسيته
المعهودة اهمية الاطفال، فأن حصتهم بالتأكيد لم تكن اعتيادية
بمعايير علم النفس والاجتماع.. لهذا خصمهم بتوجيهاته التي من
بينها ترديد اسمه في صباحات الايام عند الدوام الرسمي وان
يشاع هذا التقليد الاستبدادي على جميع مدارس العراق..
ففي القيام (عاش
صدام) وفي الجلوس (يحيا البعث) وليس هناك أي ذكر لتمجيد
العراق وطناً..
لقد غيب العراق
والتهريج الذي كان قائماً على مدى اربع وعشرين ساعة جعل
الاطفال يعيشون حالة من الازدواجية القاتلة.. الا انه وبعد
سقوط التمثال وزوال الدكتاتورية كان لا بد ان تتغير مفردات
الحياة بما ينسجم وعظمة الوطن... وهكذا تحولت تلك الشعارات
الصباحية من تمجيد (الطاغية) إلى حالة جديدة.. هي الوقوف
مجداً للعراق.. والجلوس بذكر الله في النفوس..
هل كان من السهل
تغيير المفردات.. هو السؤال المطروح سأترك الاطفال اولا
يتحدثون دون تدخل او عملية مونتاج.
الطفل (أحمد أمين
تركي) نجح إلى الصف الثاني يقول:
-علمتنا المعلمة
عندما تقول قيام نرد: نحن طلاب الايمان وعندما نجلس نقول:
(الله في النفوس).
اما الطفل كرار
احمد خالد وهو طالب في الصف الرابع الابتدائي في مدرسة شهيد
المحراب الابتدائية: كنا نردد عندما يدخل المعلم او المعلمة
(عاش القائد صدام) ولا نعرف معناها.. واليوم نردد في القيام
(عاش العراق او عاش الاسلام وهذا ما جعلنا نحس بانتمائنا
لعراقنا.
هذا على مستوى
التلاميذ وتلقيهم المفردات الجديدة.. ترى كيف استقبلت
المعلمات او المعلمون اناشيد مرحلة الحرية وهل شعروا بنوع من
رد الفعل.. تجيب المعلمة غنية حسين العاني بالقول:
-هي ليست برهبة
بقدر ما هي نوع من الصعوبة خاصة في الاسبوع الاول من بدء
العام الدراسي.
*الصعوبة في أي
شيء مثلاً؟
كانت الصعوبة
تتمثل في هذا التغيير المفاجئ لقراءة الاناشيد بعد ان اعتاد
التلاميذ على مفردات خاصة منذ عشرات السنين حيث مع تبليغنا
لهم بصورة مستمرة بأن النظام السابق قد انتهى يا أولاد وانه
لا يجوز قراءة هذه الاناشيد مرة اخرى وبعيداً عن الهتاف بأسم
(صدام).. مع كل هذا كانوا ينسون ذلك ويرددون تلك الشعارات
مرة واخرى.
الا انه (تقول
المعلمة غنية العاني) وبمرور الوقت بدأ التلاميذ الصغار
يعتادون على الاناشيد الجديدة وهذا لم يكن بالشيء السهل
اطلاقاً.
من جانبة قال
السيد احمد خالد حسون (مدير مدرسة) الحمد لله الذي انعم
علينا بإزالة نظام الطاغية ويجب على الجميع ان يتذكروا قول
امير المؤمنين علي (ع) بالشكر تدوم النعم. فقد كانت السياسة
المتبعة من قبل نظام البعث المقبور بأن يجعلوا كل شيء لصالح
تمجيد صدام فقط. وقد غرست هذه السياسة في نفوذ فلذات ا
كبادنا، لذلك عندما كانوا يدخلون الصف ويأتي المعلم ويقول
المراقب: قيام يردد الاطفال: (عاش القائد صدام) والغريب في
الامر ان مبتكر هذا الشعار هو صدام نفسه واراد من ذلك غسل
ادمغة الاطفال وجعلهم لا يعرفون سواه.
ويقول السيد (حميد
عمران) معلم مدرسة القدوة سابقاً.. والشهيد الصدر حالياً: كل
شيء يمكن انجازه وتنفيذه بالعمل مع الكبار، اما التلاميذ
الصغار فقد كان صعباً.. لانهم كانوا يعيشون ازدواجية بين رفض
الاهل (بصورة غير مباشرة) للنظام وبين تلقيهم لتلك
الشعارات.. مع هذا فقد استطعنا تجاوز عملية غسل ادمغة الصغار
من قبل.. والمهم الان هو بناء العراق الجديد وعلى الاسرة
والمدرسة معاً استنباط الاساليب التربوية الجديدة من خلال
تعليم الاطفال مفردات حب الوطن.. والايمان بالله.. والصداقة
على مستوى تمتين العلاقات الاجتماعية.. |