الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

حول قانون الانتخاب التمثيل النسبي الكامل ومواضيع اخرى

هادي عزيز علي

تعتمد بعض النظم الاغلبية في الانتخابات للوصول الى المقاعد التمثيلية او البرلمانية، ويعتمد هذا النظام على حصول المرشح على اصوات تفوق اي اصوات حصل عليها اي من منافسيه، مما جعل هذا النظام محط انتقادات عديدة من خصومه كونه لا يعكس الصورة الحقيقية لحجم الجسم الانتخابي اولاً، كما انه يؤدي الى محاصرة او اضمحلال الاحزاب الصغيرة ثانياً، اضافة الى عدم اتاحته الفرصة للاقليات والاثنيات لايجاد موطئ قدم لها في البرلمان ثالثاً، كما انه يؤصل هيمنة الاحزاب الكبيرة على الحياة السياسية رابعاً، وميله الى اعتماد - في احيان كثيرة- نظام التصويت الفردي الذي يعتمد مبدأ الوجاهة المحلية على حساب الجانب الفكري والسياسي خامساً، ويلقي بالمعارضة خارج البرلمان سادساً. ولتوضيح  هذا الامر نضرب المثال التالي: هناك ثلاثة احزاب تتنافس في الحصول على مقاعد البرلمان: الاول اسلامي فاز 40 % من اصوات الناخبين، والثاني حزب اشتراكي فاز بـ 35 % من الاصوات والثالث حزب ليبرالي فاز بـ 25 % من الاصوات، وعليه، وحسب نظام الاغلبية فإن الحزب الاسلامي سوف يفوز بكافة المقاعد البرلمانية لأنه حصل على اصوات تفوق الاصوات التي حصل عليها الحزب الاشتراكي، كما ان الاصوات التي حصل عليها الحزب الاسلامي تفوق الاصوات التي حصل عليها الحزب الليبرالي، وهذا يعني ان 40 % من الاصوات قد حصلت على كافة المقاعد البرلمانية في حين لم يحصل 60 % من الاصوات على اي مقعد برلماني.

ان الانتقادات العديدة الموجهة لنظام الاغلبية الانتخابي و السلبيات الكثيرة التي رافقت مسيرته، اوجدت نظاماً انتخابياً آخر مغايراً للنظام المذكور الا وهو (نظام التمثيل النسبي) المتمثل بتوزيع المقاعد النيابية على قدر الاصوات التي حصل المرشح عليها في الانتخابات، فعلى  سبيل المثال اذا وجد نص قانوني في قانون الانتخابات يقول بأن كل خمسين الف صوت تقابل مقعداً انتخابياً واحداً فهذا الامر يعني ان هناك الكثير من التشكيلات السياسية  والاحزاب الصغيرة والاقليات والاثنيات سوف تجد لها واحداً او اكثر من المقاعد البرلمانية وسيتم تمثيلها بقدر عدد الاصوات التي اعطيت لها في تلك الانتخابات هذا اضافة بالطبع الى الاحزاب الجماهيرية التي يكون لها حصة الاسد دون شك وهو ما يساوي ثقلها العددي في هيئة الناخبين، وهذا النظام يواجه او يلغي كثير من الانتقادات الموجهة لنظام الاغلبية، ومن المعروف بالطبع ان نظام التمثيل النسبي يتلاءم عادة مع التصويت بالقائمة لكونه يستوجب وجود مجموعة من المرشحين في المنطقة الانتخابية الواحدة والتي توزع على المرشحين بنسبة الاصوات الحاصلين عليها في نظام التمثيل النسبي، الذي وجدنا له  في الامر المرقم (96) الصادر بتاريخ 15 / حزيران / 2004 المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد المرقم 3984 / حزيران/ 2004 حيث نصت الفقرة (3) من القسم (3) من الامر  المذكور على ما يلي: (.. العراق دائرة انتخابية واحدة وسيتم توزيع جميع المقاعد في المجلس الوطني على الكيانات من خلال نظام التمثيل النسبي).

وربما كانت هذه المادة اهم ما موجود في الامر المذكور، فقد جاء بموضوعين لا ثالث لهما وهي الدائرة الانتخابية الواحدة، والتمثيل النسبي، وتلك نصوص قانونية مبتسرة، وتفتقد الى الكثير من الوضوح بشأن الآليات واساليب ومفردات النظام الانتخابي، ونحاول هنا وباختصار تلمس المواضيع المهمة التي لم يرد ذكرها في الامر المذكور، كما نضعها امام القائمين من وضع تشريع جديد لقانون الانتخاب او الانظمة.

المسألة الاولى: يتلاءم نظام التمثيل النسبي الكامل مع موضوع كون العراق دائرة انتخابية  واحدة؟ للاجابة على هذا السؤال لا بد من معرفة مصطلح (التمثيل النسبي الكامل) والذي يصفه شراح القانون الدستوري بأنه عبارة عن عدد الناخبين في بلد ما موزعاً على المرشحين من الناخبين اي ان هناك عدداً معيناً من الاصوات تقابل مقعداً انتخابياً واحداً، ولتوضيح هذا الامر نضرب المثال التالي: اذا حدد النظام الانتخابي الـ (30000) ثلاثين الف صوت مقابل مقعد انتخابي واحد، وان احد الاحزاب حصل في المنطقة (س) على (مائة الف صوت) فهذا يعني ان ذلك الحزب قد حصل على ثلاثة مقاعد انتخابية مع زيادة عشرة آلاف صوت. فما العمل بالنسبة للاصوات الزائدة البالغة عشرة آلاف صوت لذا فقد اجتهد ذوو الشأن وقرروا جمع جميع الكسور الزائدة في المناطق الانتخابية الموزعة على الموطن لذلك الحزب ولتكن تلك الكسور قد جمعت (ستين الف صوت) فيضاف لهم مقعدان عن تلك الكسور، هذا الموضوع الذي اجتهد البعض لوضعه حلاً لهذا الاشكال لا يمكن تطبيقه في العراق كون العراق دائرة انتخابية واحدة ولا توجد هناك مناطق انتخابية اخرى حتى يمكن جمع كسورها، وامام هذه الحالة لا بد من اللجوء الى طريقين لحل هذا الاشكال الاول هو اللجوء الى طريقة الباقي الاقوى، وهذه الطريقة تعني ان الاحزاب التي تجمع باق اكثر  هي التي تحصل على المقعد الانتخابي المطلوب، ومثال ذلك ان هناك ثلاثة احزاب وكان للحزب (أ) باق مقدارة خمسة وعشرون الف صوت والحزب (ب) له باق خمسة عشر الف صوت والحزب (ج) له باق عشرة آلاف صوت فإن الحزب (أ) يحصل على المقعد البرلماني لأنه الباقي الاقوى، وهذا الامر لا يتم من خلال آليات العمل بل يجب النص عليه قانوناً حتى يصبح واجب التطبيق اما لطريقة الثانية فهي طريقة المعدل الاقوى، وهذه الطريقة يغطي الكسر المذكور في المثال السابق الى الحزب الذي حصل على اقوى معدل في الاصوات وتعطيه المقعد البرلماني للمتبقي من الاصوات التي حصل عليها، في هذه  الطريقة غبن كبير للاحزاب الصغيرة ذات المعدلات المتدنية.

المسألة الثانية: هناك مسألة جديرة بالاهتمام ويجب التعامل معها بعناية وهي مسألة (سن الرشد السياسي) او ما يسمى سن الرشد الانتخابي، فوضع سن معينة تعني ابعاد الشباب او تقريبهم من المسألة الانتخابية، فإذا تم اعتبار سن البلوغ القانوني هو سن البلوغ الانتخابي اي (18) سنة فهذا يعني اننا نوسع من قاعدة الجسم الانتخابي وتكبر هيئة الناخبين ويذهب البعض الى خلاف ذلك، ويقف ضد السن الشرعي على اعتبار ان الشباب المبكر يشكل خطراً على السياسة لما يتصف به الشباب من افكار راديكالية او تأخذه فورة الحماس الثوري بعيداً عن التردي  والتأني وبذلك تأتي صناديق الاقتراع بما لا تشتهي السفن، اضافة الى ان البعض يرى في مساواة السن الشرعي بالسن الانتخابي مجاراة للافكار السلفية والاصولية التي تشكل خطراً على الوضع الانتخابي وتهدد المسألة الديمقراطي برمتها، لذا يعمد البعض الى رفع السن الانتخابي الى (25) سنة مثلاً او حتى (20) سنة. اما في العراق فقد اختلفت الدساتير السابقة فالبعض منها حدد العمر الانتخابي بـ (20) سنة كما في القانون الاساسي الصادر سنة 1925 (دستور المملكة العراقية) وقد تم تخصيص ذلك في بعض الدساتير الصادرة في العهد الجمهوري الى (18) سنة.

المسألة الثالثة: ان ما ورد في المسألة الثانية آنفاً هو شكل من اشكال  تقييد حرية الاقتراع، وهناك شكل آخر من ذلك التقييد تورده نظم الانتخاب وهو ما يتعلق بحق الفرد بممارسة حقه في الانتخاب فيما اذا كان قد ارتكب جريمة على اعتبار ان شخصية هؤلاء اصيبت بعيب يجعلها غير قادرة على المساهمة في الشأن العام، ولا بد لنا هنا ان نفرق بين الجرائم العمدية وجرائم الخطأ والجريمة السياسية، فالجريمة العمدية هي التي ينهض فيها الركن المعنوي المتثمل بالنية الاثمة والقصد الجرمي المسبق والارادة المنصرفة الى مخالفة النصوص القانونية الآمرة والخروج عن ارادة الهيئة العامة، فالجريمة التي ينطبق عليها هذا الوصف هي الجريمة المقصورة بمنع صاحبها من التمتع بحق الانتخاب اما جرائم الخطأ والتي لا تحتوي على النية الآثمة وعدم وجود عنصر العمد فيها فهي غير مشمولة بالتقييد، وكمثال على ذلك حالة قيام حالة شخص يقود سيارة بدهس شخص عبر امامه بشكل مفاجئ وادى الى وفاته او اصابته فصاحب السيارة هنا لم يكن يقصد القيام بالفعل المنسوب اليه ولا راغباً بالوصول الى اثاره ولا ساعياً لنتائجه. كما ان الجرائم السياسية يجب ان لا تكون سبباً لمنع الفرد من التمتع بحق الانتخاب فمعروف لدينا ان الكثير من العراقيين قد تم الحكم عليهم سابقاً بأحكام مختلفة بالسجن والغرامة ومصادرة الاموال وغيرها فهؤلاء الناس يجب ان يتمتعوا بكامل الحرية في ممارسة العملية الانتخابية.

وللحديث صلة

 

 

 


  

بعد عودة السيادة العراقية .. كيف تسترجع الذاكرة العراقية؟

مصطفى الكاظمي(*)

لم تعد الذاكرة مجرّد استعراض لماضِ حزين او فرح، بل هي عملية خلق لزمان جديد، زمان يتجاوز التجربة المرّة، ويعمق التجربة المفرحة...

ان خلق ممكنات الحياة الخلاّقة تأتي من تضاعيف الذاكرة يجب ان يكون جوهر عمل الامة العراقية الجديدة، وليس من شك ان مثل هذه العملية الخلاقة تتخطى التنضيد التقليدي للصور والمشاهد والمناظر والروايات للتتحول الى عمل فني يتجسد بالحوار الصامت بين العقل والتجربة، انه عمل مشاريعي حضاري، ومن هنا نعتقد ان العمل ينبغي ان يظهر من خلال (تناص) فني يجمع بين خبرات العبقرية العراقية وعبقرية الشعوب الاخرى من غرب وشرق، أي من خلال تلاقح فني بين التجارب البشرية.

يهدف مشروع (موسسة الذاكرة العراقية) الى صناعة ثقافة اجتماعية تتبنى السلام والتسامح وقيم الديمقراطية بشكل يدخل في تركيبة الفرد العقلية، وتصبح مفاهيم التعايش ونبذ العنف وسياسة الانتقام، جزءاً من ثقافته العامة، ومرتكزاً ثابتاً في مكونه الفكري.

وعلى هذا يعتبر مثل هذا المشروع، عملاً تأسيسياً لنهضة ثقافية نريد ان ننشرها في الارض العراقية خاصة والشرق الاوسط عموماً، بحيث تعطي نتائجها بصورة جذرية متأصلة في الوجدان العراقي.

ان تركيبة الانسان العراقي قد اختلطت بالعنف الى حد كبير، من خلال عقود طويلة من السياسات الدكتاتورية، وما نجم عنها من توجيه ثقافي وممارسات ميدانية، صارت جزءاً من عقلية هذا الشعب، مما جعل اللجوء الى القوة والعنف ظاهرة سائدة في المجتمع، وصار المواطن اميل الى حسم اموره والتعبير عن رأيه من خلال القوة واستخدام السلاح وتحدي القانون والرغبة في التمرد على سلطة الدولة، لأنها ارتبطت بالدكتاتورية التي تبطش به، وتسعى لقتله وسجنه وامتهانه.

ان من المسلم به تاريخياً وحسب قواعد واصول علم الاجتماع، ان المجتمعات التي تخوض حرباً مع دولة اخرى، فإنها تعيش آثار الحرب لفترات طويلة، وتبقى تفاعلها في الضمير الاجتماعي لعدة اجيال، فكيف بالعراق الذي دخل عدة حروب طاحنة متتالية، الى جانب هيمنة الدكتاتورية الغاشمة التي مارست سلطة مفرطة في الوحشية والانتقام والظلم؟ لا شك بأن الانسان العراقي في كل مستوياته الثقافية وانتماءاته الدينية ودوائره الاجتماعية يعيش وفي داخله عقد الحرب والنظام الدكتاتوري، وانه الآن يعاني صراعاً داخلياً بين التخلص منها، وبين السقوط في شراكها.

ان ما طفح على الساحة العراقية من عنف وفوضى بعد سقوط نظام الدكتاتور، لم يكن حالة طارئة كما يصفها الكثير من الباحثين ورجال السياسة، بل هي نتاج طبيعي لعقود القهر والظلم وثقافة القوة والانتقام التي انتشرت في المجتمع.

وربما نجد نموذجأً مشابهاً لما حدث في بعض جمهوريات الاتحاد السوفيتي، بعد انهياره فرغم ان هذه الدول تحررت من السلطة المركزية المنهارة، مما يعني انها تمتعت بسيادة كاملة، الا انها شهدت ارتفاعاً مخيفاً في الجريمة، حيث فقد الامن في عدد من الجمهوريات، واصبح الجميع عرضة للسرقة واعمال العنف.

ان حالة الفوضى ستستمر حتى بعد تسليم السلطة الى العراقيين، بل ان اي حكومة قادمة، حتى وان جاءت وفق افضل الطرق الديمقراطية، وفي ظل انتخابات نزيهة، فإنها ستواجه الفوضى وانتشار الجريمة، والنزعة نحو العنف والقوة.

اميل الى الرأي، بأن تحول العراق الى موطن للارهاب، اصبح شبه مؤكد، والمسألة هي مسألة وقت،. فمع تقادم الايام سيتحول العراق الى ارض تفرخ الارهاب، ولن تجد اي حكومة القدرة على ضبط الامن، ما لم يتم معالجة اس المشكلة ودوافعها الحقيقية.

الحل هو صناعة ثقافة سلام

بهذا العنوان المباشر نختصر الحل، فالشعب العراقي بحاجة الى عملية استئصال ثقافي لجذور العنف من واقعه الاجتماعي، وهذه الجذور قد نمت على طول عقود من الدكتاتورية المفرطة، وتسببت في تكون عقد نفسية خطرة، تنزع نحو التمرد والعنف ورفض الاجراءات النظمية. والاخطر من ذلك هو التسرب الارهابي الذي يأتيه من الخارج ، والذي يجد في الفوضى الامنية مناخاً مثالياً للتحرك والتأثير والتوسع في الاوساط الاجتماعية.

وعلى هذا جاء مشروع الذاكرة العراقية، ليسهم في اجتثاث رواسب الدكتاتورية من المخزون الثقافي العراقي، واستبداله بثقافة الرفض ونبذ كل ما هو ارهابي ودكتاتوري ودموي.

ان الاسس النظرية لمشروع الذاكرة يقوم على اساس ان نقدم للانسان العراقي، تسجيلاً وثائقياً حياً لتجربة مريرة عاشها طوال عقود من الزمن الصعب، بحيث يتفاعل معها ويكتشف آثار الانهيار والدمار والتصدع الذي لحق بالمجتمع العراقي، من جراء الممارسة الدكتاتورية، وسيعيش الانسان العراقي ردة فعل عقلانية ومسؤولة ضد كل اتجاه ارهابي وعنفي، لأنه لا يريد ان يكرر ما حدث له بالامس، ولا يريد ان يعيد تشكيل الصور المرعبة مرة ثانية في واقعه ومستقبله.

مشروع الذاكرة العراقية ليس محكمة قضائية تدين الجناة وتصدر عليهم الاحكام، ولا سلطة بوليسية تلاحق المتهمين والمتورطين، بل هو محاولة لتنشيط المأساة في الذاكرة، وخلق وعي التجربة في الذهنية العامة، وهذا ما يساهم بشكل تدريجي لكنه فاعل ومؤثر في صناعة ثقافة التسامح، والبحث عن حياة هادئة ترفض العنف والارهاب.

ولكي يكون هذا المشروع ناجحاً لا بد ان يبتعد عن الصفة الرسمية الحكومية، حتى لا تنسحب عليه النظرة المتحسسة من الصفة الحكومية، وحتى يمكن ان يتداخل مع الضمير الشعبي بشكل هادئ.

ومرة اخرى اقول نحن لا نلاحق الاشخاص ولا ندين الجناة، انما نعرض المأساة ونرسم التجربة بألوانها الطبيعية، ليراها كل عراقي فيتمنى ان لا تعود ثانية الى حياته ويأمل ان يعيشها ابنه في المستقبل.

 

 


الإرهاب الإليكتروني

يوسف أبو الفوز

في العدد 16 من أسبوعية ( فيهريا لانكا ـ الخيط الأخضر ) ، الصادر في  19 نيسان 2002 ،   التي تصدر في العاصمة الفنلندية هلسنكي ، عن حزب الخضر الفنلندي ، نشرتُ مقالا  ترجم في  مجلة "رسالة العراق " ، العدد 90 الصادر في حزيران 2002 ، وأيضا ظهر على عدة مواقع عراقية في شبكة الانترنيت ، وكان المقال تحت عنوان (ماذا يفعل رجال صدام حسين في فنلندا) ، وفيه حاولت ان أبين حقيقة سفارات النظام الديكتاتوري المقبور، التي لم تكن إلا أوكاراً لرجال المخابرات التي كان من مهامها الأساسية مراقبة وإرهاب أبناء شعبنا من المعارضين للنظام الديكتاتوري المقبور ، ومن كل الطيف السياسي العراقي ، وطالبت السلطات الفنلندية المختصة باتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية أبناء الجالية العراقية والاقتداء بالعديد من دول الشمال الأوروبي التي طردت العديد من رجالات سفارات النظام الديكتاتوري بعد ثبوت تورطهم في أعمال مخابراتية لا علاقة لها بالعمل الدبلوماسي . أيامها وعلى اثر معلومات وصلتني من جهات فنلندية صديقة ، فأن رجال سفارة النظام الديكتاتوري المقبور استفزهم المقال ، وتحركوا بطرق مختلفة مما جعل رفاقي وأصدقائي المقربين وأفراد عائلتي ولفترة يخشون ان أتعرض لاعتداء  ما ، من تلك الأعمال التي يجيد فيها رجال  سفارات صدام إرهاب المناضلين والكتاب لمواقفهم المعارضة لنظامهم الإرهابي الديكتاتوري . ولم يخف هذا القلق إلا بعد ان طردت الحكومة الفنلندية بعد نشر المقال  وبعدة شهور ثلاثة من العاملين في السفارة العراقية في فنلندا، لاسباب قال بيان الخارجية الفنلندية تتعلق بكونهم لا يمارسون مهاما دبلوماسية ، مما جعل الأصدقاء يربطون بين الأحداث .

 الان وبعد السقوط المريع للنظام الديكتاتوري لم يعد هناك قلق من كاتم صوت ينتظرنا عند زاوية شارع ، ولا من سيارة مسرعة عابرة يمكن ان تدهسك ، ولا من سعي سفارة النظام الديكتاتوري إقناع السلطات المضيفة لك بأنك إرهابي ويجب اعتقالك وتسليمك لها ! ولكن السؤال الذي يرد في البال  : هل توقف إرهاب البعث ؟

في أرجاء وطننا الجريح ، نلمس كل يوم، ومن جثث وأشلاء الأبرياء من أبناء وطننا، نوعية الإرهاب الذي يسهم فيه وبنشاط بقايا فلول النظام السابق مع حلفائهم من المتطرفين المتأسلمين سواء كانوا عراقيين أو قادمين من خارج الحدود . إرهاب وحشي بالسيارات المفخخة والاغتيالات والاختطاف . اما خارج الوطن ، وإذ لم تعد يدهم "طويلة " كما كان يردد " القائد الضرورة " المجرم الديكتاتور ، فكان عليهم ابتكار أساليب إرهاب جديدة ، وبما انهم أناس عمليون ، يتابعون تطورات العصر ، فان الثورة المعلوماتية ، تتيح لهم ممارسة شيئٍ من أمجاد ثورات أفكارهم الشوفينية . وهكذا راح الكثير من الكتاب والمثقفين والمناضلين العراقيين ، من أصحاب المواقف الواضحة والثابتة ، المعارضة لنهج النظام السابق الشوفيني الإرهابي ، والعاملين بجد من اجل عراق جديد ، ديمقراطي فيدرالي ، يتعرضون الى إرهاب من نوع خاص : إرهاب الرسائل الإليكترونية .

المرسلون للرسائل الإرهابية الإليكترونية لا يملكون الشجاعة للإفصاح عن أسمائهم الحقيقية ، ويتسترون بأسماء وهمية ، فشبكة الانترنيت تمنحهم فرصة التستر على أسمائهم الحقيقية ، لكن رائحة أفكارهم الإرهابية تفوح عفونتها من بين سطورهم وتفضح هويتهم الفاشية. ومثلما عقد على ارض الوطن تحالف مشبوه بين عدة تيارات إرهابية لإرهاب أبناء شعبنا بأدوات الموت المباشر ، عقد على شبكة الانترنيت تحالف مشبوه بين أنصار كل تلك التيارات الإرهابية ، وفي سطور الرسائل الإرهابية الإليكترونية تجد ما هو مشترك بينهم ، فهناك العفالقة من رجال النظام المقبور المتباكون عل أمجاد نظامهم الديكتاتوري المقبور ، وهناك المتأسلمون الذين يشحذون سكاكين تكفيرهم تحت ستار مقاومة الاحتلال . الرسائل الإليكترونية الإرهابية متنوعة فهناك الرسائل المفخخة بالفيروسات  من اجل تخريب جهاز الكاتب المقصود ، ورسائل تحمل شتائم حافلة بالعبارات السوقية التي تعكس وضاعة ورخص شخصية المرسل ، ورسائل تهديد وتكفير بأساليب رخيصة تنتمي الى ذات المدرسة الإرهابية .

لكم يشعر أبناء العراق بالرثاء والاسى لكل إرهابي الانترنيت ، فأبناء العراق المخلصون لوطنهم ومبادئهم ، والعاملون بجد من اجل كنس الفكر الشوفيني الإرهابي من ارض العراق ، لم يرهبهم ويثنيهم عن نضالهم عمل وإرهاب أجهزة النظام الديكتاتوري المقبور ، وهو الذي امتلك احدث وابشع الوسائل للابتزاز والاغتيال والاختطاف ، فهل يمكن ان يخشوا أفعالاً صبيانية من إرهابيين صار نظامهم جثة تتفسخ ، فما عملهم سوى العفونة التي تتصاعد من هذه الجثة.

 

 

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة