الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

 

رمضان أيام زمان

مها عادل العزي

تصوير: سمير هادي

رمضان هذا الشهر.. الفضيل.. الزائر الخفيف الذي يزور منازلنا مدة كل عام.. ترى كيف كان في بداية القرن الذي مضى؟ كيف يستقبله الناس وكيف يعيشونه، فالبيت البغدادي له طقوس خاصة جداً في هذا الشهر، وهذه الطقوس تبدأ منذ أول أيام انتظار هلال رمضان وتنتهي بعد رؤية هلال العيد، وعلى اختلاف مستويات المعيشة.

اليوم سنكون مع الباحث التاريخي الدكتور صالح مهدي، حيث سيطل إطلالة خفيفة على رمضان أيام زمان وعن عادات الاحتفال بهذا الشهر الفضيل يقول:

- يبدأ الاحتفال بشهر رمضان المبارك قبل رؤية هلاله بأسبوع أو أكثر، وفي العادة يتم الاحتفال بهذا الشهر الفضيل على الصعيدين الشعبي والرسمي، ويظهر أول ما يظهر في العناية بالمساجد والمعابد وإدامتها وترميمها وصبغها إذا لزم الأمر وكذلك إضاءتها بالمصابيح ليلاً بشكل يجلب الانتباه، أما عامة الناس فإن بعضهم يذهب إلى المساجد لصلاة التراويح، ومن ثم عقد جلسات المذاكرة، ويحيي القسم الآخر من الناس ولاسيما الشباب منهم لياليهم بالأنس وسماع الجالغي البغدادي وتاليف فرق المحيبس، حيث تتحزب كل محلة من محلات المدينة لفريقها في اللعبة التي تمتد إلى وقت السحر، توزع عندها الحلوى والأكلات الرمضانية، ويعلو خلالها التشيجع والكلام على وفق نصوص وألفاظ يعرفها الجميع في هذه اللعبة.

*وماذا عن عادات النساء في رمضان؟

- إضافة إلى أمور المطبخ، والتفنن بها، كانت النساء في رمضان تحب الذهاب إلى الحمام ليلاً بعد صلاة العشاء، وبعد أن تهدأ المعدة من فطورها. واعتادت نساء العائلة الواحدة الذهاب إلى الحمامات جماعات، يتقدمها شاب مفتول الذراعين حاملاً فانوساً كبيراً يضيء الطريق حتى يصل موكب النساء، وعادة ما يكون آخر هذا الركب من النساء الفتيات الصغيرات وهن يحملن الفوانيس ومستلزمات الحمام في وعاء كروي الشكل يضم الصابون والليف والكيس والحجر والأمشاط، وفي رمضان يتجمع الصبيان في الشارع الواحد بفرق صغيرة ليطوفوا على البيوت منشدين الأناشيد وأغاني رمضان الجميلة (ماجينة - يا ماجينة) وعادة ما تصرف المبالغ التي تجمع على الاحتفال في أول أيام عيد الفطر حيث المراجيح ودولاب الهواء.

*وماذا عن استقبال هلال العيد، وكيف كانوا يشاهدونه؟

- إن ليلة 29 من رمضان، هي ليلة التحري عن هلال العيد، فيتجمهر أقوياء البصر في المدينة عند غروب الشمس على كتف نهر قديم أو رابية وقليل منهم على مآذن المساجد، بعيد ان تلفظ الشمس آخر أنفاسها في ذلك اليوم، وما أن يستدل أحد الرجال على الهلال حتى يصيح بأعلى صوته بالصلاة على النبي، ويردد الجميع هذا النداء وبعد أن يطمئن الجميع تبدأ أول إطلاقة من فوهة مسدس، بعدها تتابع الإطلاقات من سطوح المنازل، حتى تمتلئ السماء بالدخان وتختفي الطيور في أعماق أعشاشها خوفاً.

*وكيف إذا حل رمضان في الصيف؟

- كان رمضان يحل في الصيف القائظ، وكانت سطوح المنازل خير مهرب للصائمين من حره، وتناول إفطارهم في الهواء الطلق، وفي رمضان يطعم كل منهم جيرانه من فطوره الساخن أو حلواه الرمضانية عن طريق سطوح المنازل المتلاصقة.

وكانت للصبايا ممارسات معروفة في صيف رمضان، فتنشغل الواحدة منهن في إعداد جرتها الملونة المملوءة بالماء وتضع قطعة من العملة، فلس، قرش أو عانة، أو قران، وعند سماع أول إطلاقة ترمي الصبايا بجرارهن إلى الشارع من أعلى (التيغة) ليزامن دويها إطلاق المسدسات أو البرنو، فينسكب ماء الجرار في أنحاء الشارع وتتدحرج العملة قرب باب ذلك الدار فتلتقط للتبرك.

رمضان اليوم

العائلة تترقب قدوم هذا الشهر الفضيل، وتستعد له بشراء لوازمه المميزة، حتى تعطيه نكهته المميزة..

في أحد أسواق بغداد الجديدة وقفت امرأة منهمكة في معاملة أحد باعة المكسرات سمعناها وهي تتحدث معه عن صناعة الكنافة الرمضانية فتقول:

- الكنافة التي نعملها في البيت أنظف وأرخص، خاصة أنها محشوة بالكامل بالفستق واللوز، أي غير مغشوشة، وقبل أن تشرح لنا صناعة الكنافة، عرفنا أن ما تنادى به هو أم سنان... وعن رمضان اليوم تقول.

رمضان اليوم اختلف كثيراً، ولا أدري إن كان نحو الأحسن، أم نحو الأسوأ، اليوم تقضي العائلة العراقية وقتها بعد الفطور خاصة أمام جهاز الستلايت وتتابع الحلقات العربية وتحفظ مواعيد بثها.. وهي مضطرة لذلك، فليس لها مكان آخر تذهب إليه..

بائع المكسرات يشاركها بالقول:

- اذكر أنا كنا نقضي فترة بعد الفطور بالتزاور مع الآخرين، أما الآن فلا نستطيع المغامرة بذلك.. خاصة أن العائلة لا تخلو من النساء والأطفال.. بقي لنا من عادات رمضان، الدمام الذي يجول في أحيائنا، واجتماع العائلة قبل موعد الفطور.

 

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة