اراء وافكار

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

تقرير مركز موارد العراقي فشل سلطة التحالف في إدارة أموال العراق

- القسم الأول -

ماذا فعلت شركة نورث ستار لكي تقبض 1.4 مليون دولار؟

شركة هاليبورتون حصلت على 60% من قيمة العقود الممولة بأموال عراقية!

الشركات الأمريكية البريطانية مجتمعة حصلت على 85% من قيمة العقود بينما حصلت الشركات العراقية على 2% فقط!

تسجيل رديء للأصول غير النقدية العراقية مع غياب الحراسة!

رسمت المراجعة الأخيرة للأموال العراقية والأمريكية المستخدمة في العراق من قبل سلطة التحالف المؤقتة الأمريكية لإعادة إعمار العراق صورة تعكس الفوضى والإهمال. وتشير المراجعة إلى أن سوء إدارة سلطة التحالف المؤقتة للأموال العراقية ترجع إلى السجلات غير الدقيقة وعدم الفعالية في المراقبة  الضعيفة للعقود.

وتشير المراجعات التي أجراها المحقق العام التابع لسلطة التحالف المؤقتة والمجلس الدولي للمشورة والمراقبة والبنتاغون إلى أن المتعاقدين لم يولوا أهمية كافية للسيطرة على التكاليف وفشلوا في تطبيق ممارسات التعاقد الأمريكية المعتمدة عندما تعلَّق الأمر بتوزيع أموال عراقية.

كما أشارت إلى أن الحصة الكبرى من قيمة العقود الممولة بأموال عراقية ذهبت، من دون منافسة، إلى شركات أمريكية ولاسيما شركة هاليبورتون التابعة لشركة كيلوغ، براون أند روت. وكانت تلك الشركة قد اشتهرت من جرّاء علاقاتها مع نائب الرئيس الأمريكي ديك شيني وحصولها سرياً على أكبر عقد خاص بإعادة إعمار العراق في الأسابيع التي تلت الغزو.

وإجمالياً، أكدت المراجعة استنتاجات المراجعات التي سبقتها: لقد أدارت سلطة التحالف المؤقتة الأموال والعقود بشكل غير مناسب لا يحمي الأموال العراقية والأمريكية من الهدر وفي العديد من الحالات تخطت سلطة التحالف المؤقتة الإجراءات المفوضة بها لمنح العقود والإشراف عليها ولاسيما في ما يتعلق بالتعامل مع الأموال العراقية.

كما يؤدي توقيت هذه التقارير إلى طرح بعض التساؤلات عمّا إذا كان من الممكن تحقيق تقدم في هذا المجال. لقد أدارت سلطة التحالف المؤقتة التي كانت بمثابة حكومة مؤقتة في العراق الإيرادات العراقية أثناء الاحتلال وكانت مسؤولة عن التعامل مع عقود إعادة الإعمار. وعندما حُلت سلطة التحالف المؤقتة في 28 حزيران نُقلت سلطةَ التحكم في صندوق تنمية العراق إلى الحكومة الانتقالية العراقية.  ويجمع صندوق تنمية العراق كل ما يجنيه العراق من مبيعات النفط والغاز؛ المصدر الأساس لإيرادات الحكومة. ولم تتوفر أية معلومات عن ميزانية صندوق تنمية العراق منذ انتقال السلطة إلى الحكومة الانتقالية العراقية.

وتستمر الوكالات الأمريكية في إدارة العقود الممولة بالمخصصات الأمريكية والعقود الممولة بأموال عراقية التي وُقِّعَت عندما كانت سلطة التحالف المؤقتة تحكم العراق. وسوف يكون الإشراف على العقود وإدارة البرامج الآن في يد مكتب المشاريع والتعاقد الذي يرفع تقاريره إلى وزارة الجيش الأمريكية / وزارة الدفاع الأمريكية. وسوف يتحكم كل من وزارة الدفاع الأمريكية ومكتب إدارة إعادة إعمار العراق في السفارة الأمريكية الجديدة في بغداد بوضع الأولويات والمتطلبات المتعلقة بتخصيصات الكونغرس للعراق والبالغ قيمتها 18.4 بليون دولار.

ورفع مكتب المحقق العام التابع لسلطة التحالف المؤقتة الذي أسسه الكونغرس في تشرين الأول 2003 للتدقيق في التخصيصات لإعادة أعمار العراق تقريره الفصلي للكونغرس في 30 حزيران ملخصاً فيه نتائج أحد عشر تقريراً صادراً عن مراقبين و69 تحقيقاً جنائياً ومبادرات أخرى.  وتكمن مهمة المحقق العام التابع لـسلطة التحالف المؤقتة في "العمل كمقيّم مستقل وموضوعي لعمليات ونشاطات سلطة التحالف المؤقتة ". وسوف يستمر في العمل حتى 28 كانون الأول 2004 إلا إذا قرر الكونغرس تمديد ولايته.

مكافآت الاحتلال

لقد فشلت سلطة التحالف المؤقتة باستمرار في أن تتبنى الشفافية وذلك بعدم الإفصاح عن أسماء الشركات التي مُنحت عقوداً ممولة بأموال عراقية. برغم توفر المعلومات عن الحاصلين على عقود إعادة أعمار ممولة بأموال أمريكية، حتى مؤخراً لم توفر أية معلومات للعموم عن الشركات التي كانت تتقاضى أجرها من إيرادات النفط العراقي. ونشرت أخيراً هذه المعلومات في ملحق صادر عن المحقق العام التابع لـسلطة التحالف المؤقتة في أب 2004 والذي يزود معلومات عن استعمال الأموال العراقية لتغطية عقود تبلغ قيمتها 5 ملايين دولار.  يمكن الاطلاع على هذه القائمة في الملحق رقم واحد من هذا التقرير.

ويوحي تحليل البيانات بأن سلطة التحالف المؤقتة منحت الشركات الأمريكية 74 % من إجمالي العقود الممولة بأموال عراقية والبالغة قيمتها 1.5 بليون دولار. وعندما نأخذ الشركات البريطانية بعين الاعتبار أيضاً، نجد أن الشركات الأمريكية والبريطانية قد حصلت في نهاية المطاف على 85% من قيمة تلك العقود. أما الشركات العراقية فلم تحصل إلا على 2% من قيمة العقود الممولة بأموال عراقية.

ومن بين الشركات الأمريكية والبريطانية، حصلت شركة هاليبورتون وهي فرع من شركة كيلوغ، براون أند روت على 60% من القيمة الإجمالية للعقود الممولة بأموال عراقية. وكانت هذه العقود خاصة باستيراد الوقود إلى العراق وإعادة توزيعه للمستهلكين. وفي تحقيق أجري العام الماضي، وجد محققو البنتاغون أن شركة كيلوغ، براون أند روت غالت الحكومة الأمريكية بما قدره 61 مليون دولار مقابل استيراد الوقود إلى العراق، وقد فتحت وزارة الدفاع تحقيقاً جنائياً في شباط 2004. ونتيجة لذلك، أصرّ الكونغرس الأمريكي في تخصيصات العام 2004 للعراق على أن تُمنح العقود الخاصة إعادة أعمار العراق من خلال مناقصة تنافسية خلافاً لما كان الحال عليه بالنسبة إلى عقد كيلوغ، براون أند روت. ويبدو أن البنتاغون وحرصاً منه على الامتثال بهذه  المتطلبات قد نقل عقد كيلوغ، براون أند روت وبات الآن ممولاً بأموال عراقية ونتيجة لذلك حصلت الشركة على عقود غير تنافسية ممولة بأموال عراقية بلغت قيمتها 921 مليون دولار. وفي الواقع، 73 % من العقود الإجمالية الممولة بأموال عراقية عقود أحادية المصدر مُنحت من دون مناقصة منافسة.

معايير مختلفة للأموال الأمريكية والعراقية

ووجد المحقق العام التابع لسلطة التحالف المؤقتة أن "سلطة التحالف المؤقتة وضعت سياسات وتنظيمات، برغم أنها كانت بنية طيبة، لم تضمن سيطرة فعّالة ومساءلة على أموال صندوق تنمية العراق المتوفرة لإعادة التوزيع والبالغة 600 مليون دولار".

ويكمن السبب الجزئي لذلك في سوء الإدارة على الرغم من تكليف سلطة التحالف المؤقتة بإدارة صندوق تنمية العراق بشفافية إلا أنها قررت عدم تطبيق المعايير نفسها التي تطبقها على الأموال الأمريكية. ويتعين على إنفاق بلايين الدولارات التي خصصها الكونغرس لنشاطات إعادة الإعمار أن تحترم تنظيمات الإدارة المالية التي وضعتها وزارة الدفاع التي حددت قواعد توزيع الأموال والإشراف على المتعاقدين ورفع التقارير المالية وغيرها من الإجراءات لحماية الأموال الحكومية من أي استغلال. ويشير المحقق العام التابع لـسلطة التحالف المؤقتة إلى أنه " كان يمكن لتنظيمات الإدارة المالية أن تتأقلم بسهولة مع السياسات والإجراءات لرفع التقارير عن الأموال في صندوق تنمية العراق". وفي إطار شرح وجود المعايير المزدوجة، يؤكد الكولونيل دون د. دافيس من مكتب المشاريع والتعاقد أن "الاستعمالات واسعة النطاق" لصندوق تنمية العراق إضافة إلى العوامل البيئية الفريدة في العراق "تطلبت مرونة لا يمكن اعتمادها ضمن التفسير الضيق لتنظيمات الإدارة المالية الصادرة عن وزارة الدفاع".

ونتيجة لذلك، وجد المحقق العام التابع لـسلطة التحالف المؤقتة أنه في ما يتعلق بالأموال النقدية في الأصول العراقية لم تتم المحافظة على مساءلة ملائمة وأن الوضع الأمني لم يكن مناسباً وإن السجلات الخاصة بالأموال لم تكن كاملة ومسؤوليات مديري الصندوق لم توزع بشكل جيد. وعلى سبيل المثال، وجد المحققون أن الوضع الأمني للسيولة في العراق لم يكن مشدداً وكانت مفاتيح الخزانة موضوعة في حقيبة ظهر ومتروكة دون مراقبة.

كما أنه تعذر على المراقبين مطابقة كشوفات مالية عديدة لصندوق تنمية العراق. وكانت الصعوبة تكمن جزئياً في قرار سلطة التحالف المؤقتة باستعمال المحاسبة المرتكزة على السيولة وإدارة هذه الطريقة أصعب من إدارة المحاسبة التراكمية. وشرح مديري صندوق تنمية العراق أنه عند إنشاء الصندوق في الأصل "لم يكن هناك إرشاد محدد المعالم ولم تؤمن أية سياسات أو إجراءات واضحة".

كما وجد المحققون أن الإشراف على عملاء الصندوق أي الموظفين المسؤولين عن نقل مدفوعات من صندوق تنمية العراق كان رديئاً. وحقق المراقبون في 15 مكانَ توزيع ووجدوا أن الموظفين اعتادوا على التأخر في تأمين توثيق ملائم أو الحفاظ على حسابات دقيقة بخصوص الدفعات الأولى للعملاء أو في الحصول على إيصالات. وعلى سبيل المثال، لم يحافظ الموظفون على سجلات خاصة بالإيصالات المدققة في 14 موقعاً للتوزيع. وكان 25 وصلاً من أصل 26 وصلاً مدفوعاً نظر فيها المحققون قد دُفع من دون فواتير وكلها كانت تفتقد إلى احد التوقيعات المطلوبة أو أكثر. وأشار المراقبون إلى أن 50 مليون دولار من أصل مبلغ الـ400 مليون المتوفر للتوزيع صرف من دون الإيصالات الملائمة لتبرير الدفع. "أثناء التدقيق، لم نجد أي إيصالات داعمة لبعض الفواتير. وكانت الإيصالات تعطى بشرح محدود عن الخدمات أو المواد التي تم الحصول عليها، وكانت الأموال توزَّع لخدمات تتناقض مع المصروفات المسموح بها". إجمالاً، توصل المحققون إلى أنه "في حين لم يحدد المحقق العام التابع لـسلطة التحالف المؤقتة أية خسائر فعلية في الأموال النقدية إلا أن هذه الأموال كانت معرَّضة للاختلاس والهدر والاستغلال".

إشراف تعوزه الحماسة

لم تفشل سلطة التحالف المؤقتة في تطبيق قواعد رفع التقارير المالية التي وضعتها وزارة الدفاع فحسب، بل فشلت أيضا في اتّباع قواعدها الخاصة. فالتنظيم رقم 2 الصادر عن سلطة التحالف المؤقتة يفرض عليها استخدام شركة محاسبة عامة موثقة مستقلة لضمان شفافية صندوق تنمية العراق لضمان أنه يعمل لصالح الشعب العراقي. وعوضاً عن ذلك، منحت سلطة التحالف المؤقتة عقداً بقيمة 1.4 مليون دولار لشركة الخدمات المالية نورث ستار كونسالتاتنس، لمراجعة آليات التحكم الداخلي للسلطة على صندوق تنمية العراق. لم تقم تلك الشركة ولا أية شركة أخرى استخدمتها سلطة التحالف المؤقتة بهذا العمل. وبدلاً من ذلك، باشر مراجع الحسابات "إلى تعديل العقد شفوياً واستخدم المتعاقد لإتمام مهام المحاسبة الأولية في مكتب المراجع".

ورداً على تقرير المحقق العام، أعلنت إدارة سلطة التحالف المؤقتة أن نورث ستار لم تقم بمراجعة آليات التحكم الداخلي بحسب ما ينص عليه العقد المبرم معها لأن العقد وقع قبل فترة وجيزة من تاريخ حل سلطة التحالف المؤقتة. واعترفت إدارة السلطة المؤقتة أن العقد مع نورث ستار "كان يجب أن يُعدل بشكل يعكس هذا التغيير" ولكنها لم تقدم الأسباب التي دفعتها إلى منح عقد لمراجعة آليات التحكم بصندوق تنمية العراق عندما كانت على وشك أن تُحل.

لم يجب الناطق باسم وزارة الدفاع على طلب مشروع مراقبة إيرادات العراق بالتعليق على التعديل ورفض توضيح طبيعة العمل الذي قامت به نورث ستار.

لقد وجد تحقيق صدر عن مكتب المحقق العام بوزارة الدفاع في آذار 2004 أن سلطة التحالف المؤقتة وسلفها أي مكتب إعادة الإعمار والمساعدة الإنسانية تغاضيا عن إجراءات التعاقد الفدرالية منذ الأيام الأولى للاحتلال. كما وجد التقرير أن قواعد الشراء الفدرالية لم تحترم في 22 عقداً من أصل 24 عقداً منحته قيادة التعاقد في الدفاع. وحدد المحقق العام أن موظفي وزارة الدفاع العاملين على عقود إعادة إعمار العراق لم يضعوا متطلبات صارمة للعقود وقاموا "بإشراف غير مناسب" على أكثر من نصف العقود التي منحت ولم "يحترموا أو يدعموا قواعد تحديد أسعار معقولة" وسمحوا بنشاطات "خارج نطاق" العقود الأصلية. وتوصل المحقق إلى أن وزارة الدفاع لا يمكنها التأكيد أنها "أمنت أفضل حلول التعاقد أو أنها دفعت أسعار عادلة ومعقولة للسلع والخدمات التي اشترتها" أثناء عملية إعادة الأعمار.

محاسبة ضعيفة في ما يخص إيرادات نفط العراق

أنشأ القرار 1483 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المجلس الدولي للمشورة والمراقبة للإشراف على إنفاق سلطة التحالف المؤقتة لإيرادات العراق (الموضوعة في صندوق تنمية العراق) أثناء الاحتلال. ولقد تعاقد المجلس الدولي للمشورة والمراقبة مع شركة KMPG الاستشارية لتدقيق الحسابات وللمساعدة في تحضير سلسلة من المراجعات ذات مفعول رجوعي على إدارة سلطة التحالف المؤقتة لصندوق تنمية العراق والممارسات التعاقدية. وقد صدر التقرير الأول من هذه المجموعة في تموز 2004.

وغطى التدقيق مراجعة حسابات مبيعات صادرات النفط وعمليات صندوق تنمية العراق من حزيران إلى كانون الأول 2003. وأفصح تقرير انتقالي التحديات التي واجهتها KMPG في الحصول على التعاون خلال تدقيقها. وأشار المراقبون إلى أن " KMPG لاقت مقاومة من موظفي سلطة التحالف المؤقتة في ما يخص تقديم المعلومات لاستكمال إجراءاتنا". كما أشارت KMPG إلى صعوبات في عقد لقاءات مع موظفي الوزارة العراقية وإلى رفض سلطة التحالف المؤقتة الإفصاح عن معلومات تتعلق بالمراجعات التي قامت بها للعقود الأحادية الممولة بأموال عراقية. وأكد موظفو سلطة التحالف المؤقتة إلى KMPG أن كمية العمل لديهم "كانت هائلة" وأن مساعي KMPG لا تحظى بأولوية لدى الوكالة.

ووجد المجلس الدولي للمشورة والمراقبة في تقرير أصدره في تموز 2004 مشاكل عدة في سيطرة سلطة التحالف المؤقتة على أصول النفط العراقي واستعمالها لها أثناء النصف الأول من مدة الاحتلال. ومن بين هذه المشاكل غياب أي قياس للنفط للسيطرة على السرقة وعدم العناية بسجلات مبيعات النفط والفشل في تسجيل إيرادات عمليات تبادل النفط وغياب الإشراف على الإنفاق من قبل الوزارات العراقية واستعمال إجراءات غير تنافسية لتقديم المناقصات لبعض العقود ورفض سلطة التحالف المؤقتة الإفصاح عن نتائج مراجعة داخلية لوسائل التحكم في منظمة تسويق نفط الدولة (SOMO).

وفي حين يعترف بالصعوبات في فترة ما بعد الحرب، يلحظ تقرير KMPG ضعف التحكم باستخراج النفط مما سمح بالتهريب في الأشهر التي تلت معارك آذار– نيسان 2003. وتعتقد سلطة التحالف المؤقتة أن كميات غير محددة من البترول ومنتجات البترول هُرّبت من العراق أثناء الاحتلال متفادية الآليات القانونية لتسويق هذه الصادرات.

كما حدد تقرير KMPG مواطن ضعف في الإدارة والتحكم في سلطة التحالف المؤقتة منها عدم تحديد الأدوار والمهام بشكل واضح ومردود عال لموظفي سلطة التحالف المؤقتة وعدم وجود أنظمة محاسبية ملائمة وتطبيق متفاوت لإجراءات التعاقد المتفق عليها وفي بعض الحالات عدم احترام سيطرة مجلس مراجعة البرامج على التخصيصات للإنفاق.

وإجمالاً استنتجت KMPG أن نقاط النقص في إدارة سلطة التحالف المؤقتة والاحتفاظ بسجلات صندوق تنمية العراق "خفف إلى حدّ بعيد شفافية الإنفاق الذي جرى" وعرّض الصندوق "لأعمال اختلاس مفتوحة".

وينهي المجلس الدولي للمشورة والمراقبة المرحلة الثانية من مراجعته بالنظر في مبيعات صادرات البترول العراقي وعمليات صندوق تنمية العراق للفترة ما بين 1 كانون الثاني و 28 حزيران 2004. ويتوقع أن تعلن النتائج في تشرين الأول 2004. ولم تبدأ بعد مراجعة ثانية للعقود أحادية المصدر الممولة من قبل صندوق تنمية العراق وربما السبب في ذلك هو الفشل المستمر للولايات المتحدة في الإفصاح عن معلومات حول هذه العقود. وفي 8 أيلول ، أعلن المجلس الدولي للمشورة والمراقبة أنه "لم تُكلّف أي جهة بعد بالتحقيق الخاص الذي طلبه المجلس الدولي للمشورة والمراقبة لتحديد حجم العقود أحادية المصدر الممولة من قبل صندوق تنمية العراق. كما أن المجلس لم يحصل بعد على تقارير حول التدقيقات التي أجرتها وكالات أمريكية مختلفة عن العقود أحادية المصدر برغم مطالباته المتكررة. وأعرب المجلس عن قلقه الكبير إزاء هذا التأخير الذي يعيق قيامه بالمهام المفوض بها".

التساهل في التعامل مع الأصول العراقية المصادرة

ألقى المحقق العام التابع لسلطة التحالف المؤقتة اللوم على السلطة لإدارتها الأموال والممتلكات الأخرى المصادرة من النظام السابق أثناء المعارك وبعدها. وتضمنت هذه الأصول مجوهرات وأحجار ثمينة وأعمال فنية وسيارات وأثاث وسجاد وغيرها من الأغراض الثمينة. ووفقاً للمحققين، " لم يدر موظفو مكتب إدارة التسهيلات الأصول غير النقدية بشكل مناسب وأمين وسليم طبقاً للسياسات والإجراءات التي وضعتها سلطة التحالف المؤقتة لإدارة الأصول غير النقدية. أضف إلى ذلك أنه لم يتم جرد لتحديد الأصول غير النقدية في حوزة سلطة التحالف المؤقتة. وحدث ذلك لأن مكتب إدارة التسهيلات لم يتّبع الإرشادات التي وضعها رئيس سلطة التحالف المؤقتة. ونتيجة لذلك، كانت الأصول غير النقدية معرّضة للضياع أو السرقة وبالتالي لم تكن سلطة التحالف المؤقتة قادرة على ضمان أن الأصول غير النقدية متاحة للشعب العراقي لاستعمالها وللاستفادة منها".

وكانت سلطة التحالف المؤقتة قد أصدرت الأمرين رقم 4 و9 اللذين يدعوان مكتب إدارة التسهيلات لجمع وحفظ سجلات عن أصول حزب البعث وتسجيل استعمال تلك الأصول وتقليص خطر سرقة الأصول المصادرة واستغلالها. برغم ذلك لم يتم مثل هذا الجرد. وعلى الرغم من وضع بيانٍ يوقعه موظفو سلطة التحالف المؤقتة إذا ما رغبوا في استعمال الأصول غير النقدية إلا أن العديد من هذه البيانات لم تملَ بشكل كامل. وتعذر على المراقبين تحديد موقع الأغراض بسبب إجراءات التوقيع غير الملائمة. أضف إلى ذلك أنه لم يتم تعيين أي موظف لمراقبة الأصول غير النقدية. "من دون سلسلة من البيانات الموقعة ليس هناك إمكانية لمعرفة الشخص المسؤول عن مراقبة الأصول".

لم يكن هناك تسجيل رديء لهذه الأغراض القيمة فحسب، بل أيضاً غياب لأي وجود أمني. فقد سمح مكتب إدارة التسهيلات لمجموعات من الأشخاص بالتجول في الموقع حيث يُحتفظ بالأغراض الثمينة، وشجعهم حتى على اخذ الصور. وتوجد تقارير تدعي إن أصولاً عراقية سُرقت من قبل قوات التحالف في الأيام الأولى التي تلت الغزو. فعلى سبيل المثال، في نيسان 2004 تم وقف أربعة جنود أمريكيين بتهمة سرقة مئات آلاف الدولارات من مبالغ وجدت داخل منازل مسؤولين رفيعي المستوى في حزب البعث. إلا أن الناطق باسم المحقق العام التابع لـسلطة التحالف المؤقتة جيمز ميتشل قال لمشروع مراقبة إيرادات العراق إن الوكالة لم تحصل على أي شكاوى عن سرقة ممتلكات من قبل قوات التحالف منذ أن باشرت عملها في كانون الثاني 2004.

ووجد المراقبون أن الوضع مماثل بالنسبة إلى السجلات الخاصة بالأصول العراقية النقدية المصادرة والمجمّدة في الخارج. وكان مجلس مراقبة المشاريع وهو هيئة تقع تحت سيطرة سلطة التحالف المؤقتة مسؤولاً، في ظل حكم سلطة التحالف المؤقتة، عن رفع التوصيات (للرئيس) بريمر حول الإنفاق من صندوق تنمية العراق ومن الأصول النقدية المصادرة والمكتسبة. ونظر المراقبون في 20 طلباً خاصاً بإنفاق الأموال المصادرة والمكتسبة بقيمة 120.1 مليون دولار. لم يجدوا في الملفات أي توثيق لمبلغ 99.1 مليون دولار من أصل المبلغ الإجمالي المنفق وكان هناك توثيق غير مناسب بخصوص مبلغ آخر بقيمة 17.2 مليون دولار. عموماً، "تعذر تحديد شرعية أوهدف لإنفاق مبلغ 116.3 مليون دولار". على الرغم من أنه مع نهاية المراجعة قدم موظفو مكتب تدقيق الحسابات التابع لسلطة التحالف المؤقتة الوثائق المفقودة إلا أن هذا القصور يعكس نموذجاً يتكرر في كل المراجعات التي أجراها المحقق العام التابع لـسلطة التحالف المؤقتة.

إشراف رديء على العقود الممولة بأموال عراقية

لقد منح مكتب المشاريع والتعاقد في العراق التابع لـسلطة التحالف المؤقتة 1988 عقداً وأصدر أوامر منح أخرى تُقدّر قيمتها بـ1.04 بليون دولار لغاية 4 نيسان 2004. وقد تم تمويل  97% من هذه العقود والمقدرة قيمتها بـ847 مليون دولار من صندوق تنمية العراق. على الرغم من أن سلطة التحالف المؤقتة قررت عدم تطبيق تنظيمات التعاقد التي وضعتها وزارة الدفاع على العقود الممولة من صندوق تنمية العراق، إلا أنه كان يتوقع منها أن تستعمل هذه الأموال بشفافية لمصلحة الشعب العراقي كما دعاها إلى ذلك قرار مجلس الأمن رقم 1483. كما أن المذكرة رقم 4 الصادرة عن سلطة التحالف المؤقتة تطالبها باعتماد إجراءات  لمصلحة الشعب العراقي عند استعمال الأموال العراقية.

وقد لخص المراقبون إدارة سلطة التحالف المؤقتة لعقود صندوق تنمية العراق على النحو التالي:

لم يضع النشاط التعاقدي لـسلطة التحالف المؤقتة أي إجراءات عملية معيارية أو يطور نظام مراجعة ومعالجة ومراقبة فعّالة للعقود. أضف إلى ذلك أن عدداً من الملفات الخاصة بالعقود كانت مفقودة أو غير كاملة. كما أن الموظفين المسؤولين عن التعاقد لم يضمنوا دائماً أسعاراً عادلة ومعقولة للعقود أو قدرة المتعاقدين على احترام الإطار الزمني للتسليم أو إتمام الدفعات وفقاً لمتطلبات بنود العقد. ونتيجة لذلك لم يكن النشاط التعاقدي لـسلطة التحالف المؤقتة يعكس عدد العقود التي أسندها النشاط التعاقدي لسلطة التحالف المؤقتة بالفعل. وقد عطّل ذلك قدرة النشاط التعاقدي للسلطة على التعبير عن الشفافية المطلوبة من سلطة التحالف المؤقتة عند منح العقود الممولة بأموال صندوق تنمية العراق".

ولم يُحافظ على البيانات لمتابعة ملفات التعاقد التابعة لـسلطة التحالف المؤقتة بشكل جيد. وتعذر على المراقبون تحديد 13 ملفاً من أصل 62 ملفاً مذكوراً في البيان. كما وجد المراقبون مخالفات أخرى للمذكرة رقم 4. وكان التوثيق ناقصاً أو غير مكتمل في 67% من العقود التي نظر فيها المدققون. وتوصلوا إلى أنه "يستحيل عليهم تحديد إذا ما تم تسلم السلع المحددة في العقد أو تحديد المبلغ الإجمالي للمدفوعات التي تقاضاها المتعاقد أو إذا ما كان المتعاقد قد احترم متطلبات العقد المبرم معه".

وبعد الإشارة إلى هذه المشاكل، استنتج المراقبون "إننا لا نعتقد أنه يمكن ضمان الشفافية عندما تكون البيانات ذات الصلة غير متوفرة أو غير دقيقة".

كما وجد المراقبون حالات كانت فيها تكاليف العقد غير مبررة، لاسيما في حالة عقد "لصرف العملة الوطنية" اعتُمد بقيمة 31.7 مليون دولار. وأظهرت مراجعة قامت بها وكالة تدقيق عقود الدفاع أن تكاليف العمل المشار إليها تتعدى إلى حد بعيد عملاً مماثلاً أنجزه في السباق المتعاقد نفسه وأن هذا الأخير كان عاجزاً عن تقديم شرح يمكن التحقق منه يبرر هذه الزيادة. وبرغم أن الوكالة أوصت بخفض التكاليف بقيمة 5 ملايين دولار، إلا أن العقد مُنح بالسعر الذي طلبه المتعاقد ومن دون وجود أي وثائق قد تشير إلى مساع للتفاوض على خفض السعر. وقد أعطى المراقبون مثلاً آخر عن دفع مسبق للمتعاقد لقاء تسليم آليات على الرغم من أن العقد ينص على أن المبلغ يُدفع عند تسلم السلع.

وفي مثال آخر، حصلت كاستر باتلز وهي شركة عمرها تسعة أشهر أسسها ضابطان سابقان من الجيش على عقد فرعي من مجموعة واشنطن الدولية التي كانت بدورها حصلت على العقد من وزارة الدفاع. ولقد طلبت كاستر باتلز والتي كانت أوكلت إليها مهمة تأمين 700 حارس أمن مبلغ 20 مليون دولار لعمل امتد لستة أشهر في حين أن الحرّاس العاملين معها والمستخدمين من قبل متعاقد فرعي كردي حصلوا على أقل من 200 دولار شهرياً وبالتالي فإن المبلغ المستحق لستة أشهر هو 840000 دولار. مما يعني أنه بعد إضافة النفقات العامة نجد أن ربح الشركة وصل إلى 19 مليون دولار أي 95 % من قيمة العقد.

وعلى غرار الحالات المذكورة أنفاً، اتخذ رئيس قسم النشاط التعاقدي الإجراءات الإصلاحية فقط بعد انتهاء المراجعة التي جرت بين نيسان وتموز 2004. مؤخراً، استأجر موظف خاص بالسياسات واحترامها وأُوكلت إليه مهمة تطوير إجراءات التعاقد المعتمدة من قبل الموظفين المسؤولين عن الشراء في مكتب المشاريع والتعاقد في العراق وبوضع معايير مناسبة له. ويعكس وضع إجراءات تعاقدية معيارية بعد حلّ سلطة التحالف المؤقتة وبعد صرف ملايين الدولارات من الأموال العراقية تساهلاً في استعمال الأموال العراقية بشكل مسؤول.

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة