مواقف

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

أوقفوا اللصوص من اجل استعادة كنوز العراق المنهوض

بقلم: روجر أتوود

ترجمة: كاطع الحلفي

عن صحيفة: واشنطن بوست

اصبح احد المؤلفين ويدعى (جوزيف براود) من (جزيرة رود) في آب الماضي أول من يدان بتهمة نهب آثار المتحف الوطني العراقي. ومن سخرية القدر فان (براود) هو مؤلف كتاب "العراق الجديد" قبل ان يقبض عليه متلبساً بمحاولة إدخال اختام حجرية يعود عمرها إلى 4000 عام الولايات المتحدة الامريكية. وقد عثر احد مفتشي الكمارك النبهين في مطار (كيندي) في نيويورك على البضاعة المهربة في امتعة (براود) وكمهرب فقد كان (براود) نوعاً ما قليل الخبرة حيث جاء بالقطع من بائع في شوارع بغداد ولم يبال في مسح حرفي (م.ع) مختصري "المتحف العراقي" باللغة الانجليزية ثم انكر على المفتش بغباء أنه كان في العراق. ويتوقع أن يصدر الحكم بحقه اواخر هذا الشهر.

كان ذلك نصراً متواضعاً غير انه اثبت أن الاجراء الدولي لوقف تدفق الآثار العراقية المسروقة قد اعطى نتائج حقيقية وليس فقط في محاكم الولايات المتحدة. وفي ندوة فكرية عقدت في تركيا في حزيران كشف المدير العام الجديد للمتاحف في العراق (دوني جورج) بعض الارقام المحيرة تتعلق بالجهود المنسقة بين الحكومات ووكالات بسط القانون في الستة عشر شهراً الماضية التي تلت نهب متحف بغداد واثمرت في استعادة 5.200 قطعة من مجموع ما يقرب من 13.000 قطعة مسروقة. وهذه بداية جيدة وتعطي اشارة تحذيرية إلى تجار الآثار العراقية فاقدي الضمير بان النفائس العراقية المسروقة عرضة لوضع اليد عليها وانها بالتالي لن تسوق - أكان ذلك اليوم أم غدا وإلى ما بعد ذلك.

إن ثلاثة عشر ألف قطعة نفيسة هي اقل بكثير بالطبع من رقم 170.000 التي أفادت الأخبار خطاً بسرقتها في الأيام الاولى التي تلت سقوط صدام حسين. ويأتي هذا الاضطراب بعد وصول الصحفيين الغربيين إلى المتحف الذي صار حطاماً حيث صدموا لرؤيتهم الرفوف خاوية غير انه اتضح بعد ذلك أن موظفي المتحف قاموا بذكاء بنقل معظم مقتنيات المتحف إلى مواقع خزن آمنة قبل بدء القتال وهي خطوة عجز القيمون على المتحف المذهولون عن شرحها. وعلى الرغم من ان هذه الـ 13.000 قطعة اثرية لا تقارن باحراق مكتبة الاسكندرية القديمة كما افادت التقارير الاولية إلا انها تمثل خسارة فادحة لأي متحف وخصوصاً ذلك المتحف الذي يحتضن اغنى مجموعة نفسية للنتاج الفني لبلاد وادي الرافدين في العالم كله. انها نتاجات أهم الاعمال التي انجزت في علم الآثار. وتمخض عن هذه الكارثة تغيير جذري في طريقة تعامل الحكومات والشرطة في تعقب التجارة غير المشروعة في الملكية الحضارية. فالحكومات التي نظرت إلى المسألة بلا أبالية أو انها استجابت بصورة بيروقراطية وعبر انصاف الإجراءات قدتم تعريتها كي تتخذ إجراءات اسرع واكثر فاعلية. وفي خلال اسابيع اتخذوا الاجراءات التي كانت تتطلب سنين مثل تضييق الحدود وتوزيع صور لقطع معينة وتدريب الشرطة على اكتشاف القطع المشكوك فيها عند العثور عليها.

وباستثناء الكويت وايران اللتين ابديتا لا أبالية عجيبة في مساعدة العراقيين على استعادة كنوزهم الوطنية فان الحكومات الاخرى تبنت ذلك اللون من الاجراءات المنادية بالمحافظة على الارث الحضاري الذي تحث عليه منذ سنين وقد اثمرت الجهود بالفعل. فها هي ايطاليا تصادر على اراضيها اكثر من 300 قطعة منهوبة من متحف بغداد. كما صادرت سوريا 200 قطعة. وفي العراق نفسه وضعت اليد على اكثر من 3.000 قطعة أو أن بعضها اعيد طوعاً إلى المتحف. أما السلطات الاردنية التي بذلت قصارى جهدها بين جيران العراق كي لا تصبح نفسها نقطة عبور لشحن الآثار فتمكنت من حجز 1.054 قطعة في حزيران بشكل استثنائي وفي الولايات المتحدة تمت مصادرة حوالي (600) قطعة اثرية معروفة أو مشكوك جداً بسرقتها من متحف بغداد أو ان بعضها تم التنازل عنها وغالباً تقريباً في المطارات كما يقول (جورج). إن هذه الدفقة من البضاعة المسروقة ومن ضمنها ألواح طينية منقوشة باقدم شكل للكتابة وهي المسمارية ما كان يمكن أن تتحقق إطلاقاً لو لم تقم السلطات الاتحادية بتوزيع صور وأوصاف للكنوز العراقية على جميع منافذ الدخول إلى الولايات المتحدة. إن واحدة من تلك النشرات وهي عبارة عن منشور من صفحة واحدة هي التي قادت المفتش إلى اكتشاف الفقمات الصغيرة لـ (براود). وفيما يتعلق باشهر كنوز المتحف المسروقة فقد ظهرت صورها على الانترنت خلال ايام من نهبها واصبح من المستحيل بيعها وأن القليل فقط لم يسمع بذلك من خارج العراق.

وهناك المنحوتة المشهورة من القرن الثالث قبل الميلاد والمعروفة بـ "سيدة الوركاء" وهي احدى اقدم صورة واقعية لامرأة حيث تمت إعادتها إلى المتحف بعد أن تم تداولها بين خمسة بائعين عراقيين مفترضين على الأقل. وكان آخر هؤلاء البائعين قد دفنها في بستان بعد ان اصيب بالإحباط في العثور على شار لها حيث تمت استعادتها حينما وصلت المحققين الامريكان اخبارية بذلك.

أما التغييرات الاهم برغم كل ذلك فهي طويلة الامد. فسويسرا على سبيل المثال التي تعتبر مكاناً شهيراً لبيع الآثار المسروقة فقامت اخيراً بالتصديق على اتفاقية (اليونسكو) حول الملكية الحضارية لعام 1970 وذلك في شهر تشرين الاول الماضي. وهي الاتفاقية التي ظلت العمود الفقري للجهود الدولية لمكافحة التجارة في البضائع المسروقة. أما الولايات المتحدة فقد صادقت على الاتفاقية عام 1983. وبعد مرور شهرين شرعت بريطانيا قانوناً يجعل المتاجرة بالآثار المسروقة أو المكتشفة أو المأخوذة بصورة لا شرعية مهما كان مصدرها جريمة يعاقب عليها القانون وهو ما يحدث لاول مرة في تاريخ التشريعات. وقد تحدث المسؤولون في كلا البلدين من قبل عن هذه التغييرات لسنين غير ان "كارثة بغداد قدمت الزخم لجعل ذلك حقيقة واقعة" كما يقول "باتي غير ستنليث) الخبير في قانون الملكية الحضارية في جامعة (ديبول) في (شيكاغو).

وليست المسألة تتعلق بعدد القطع المسروقة المستردة إلى المتحف العراقي بل أن الواجب الاكثر الحاحاً هو ايقاف النهب المستمر بلا هوادة للمواقع الاثرية داخل العراق فكل موقع قديم شاهدته السنة الماضية في العراق هو تحت الهجوم.

وفي مدينة (نمرود) شاهدت سراقاً محترفين يقطعون بفؤوس حادة منحوتات تزين الجدران الحجرية الشامخة لقصر الملك (آشور ناصر بال الثاني). لقد اختفت هذه القطع وبيعت في سوق آثار غير قانوني ويفترض أن تكون الآن قابعة في غرف جلوس احد الهواة.

وتذكر التقارير أن النهب والسلب قد ازداد سوءاً منذ ذلك الحين فالبقايا المدفونة لمدينة (أسين) السومرية الممتد عمرها إلى اربعة آلاف عام قد قلب كل حجر فيها من قبل مئات الحفارين غير الشرعيين. وكون الوضع الامني فوضوياً في العراق فليس من الواقعي أن يكون بمقدور قوات الائتلاف حراسة جميع المواقع الاثرية البعيدة ضد الناهبين وإن جل ما نأمله هو أن وضع اليد المستمر على الآثار المسروقة سيؤدي إلى تخفيف النهب. فهناك في الأقل (60) قطعة أثرية عراقية لم تكن ضمن تشكيلة المتحف العراقي تمت مصادرتها بالفعل من مسافرين في الموانئ الامريكية كما يقول (جورج).

كما يستطيع مجلس الشيوخ مد يد العون. فقد أدخل السناتور (تشارلس غراسلي) ممثل ولاية (أيوا) تشريعاً يجعل من سلطات الرئيس فرض حظر لمدة خمس سنوات على استيراد أية قطعة اثرية مرفوعة من العراق اعتباراً من عام 1990. والقانون المصمم أصلاً لمنع الكنوز المسروقة من التداول عبر الولايات المتحدة يهدف إلى تحذير كل احد من المتاجرين والهواة ودور المزاد والباعة العرضيين إلى أن القطع الفنية العراقية خطرة وتحرق يد من يقترب منها وستظل كذلك في المستقبل المنظور.

وإذا كان النهب الجماعي لا يمكن منعه فان الكارثة العراقية سترينا في الاقل كيف نمسك بالطير بمجرد طيرانه من القفص.


يقول: تعلمت التودد والترحاب من ريغان: غورباتشوف يرفع صوتاً للتغيير في جبهة جديدة

وارن هوج

الامم المتحدة / نيويورك

ترجمة: عمران السعيدي

عن: هيرالد تربيون

يستقر الرجل قصير القامة وصاحب الوجه الدائري الوصمة على جبهته في كرسيه داخل غرفته في فندق مانهاتن ماداً ذراعه بترحاب نابع من القلب ويقول: "نادين ميخائيل" وبدون إضافة، يذكر ميخائيل غورباتشوف كيف تعلم الترحاب الودي من غريمه الايديولوجي (رونالد ريغان) في لحظة إذابة الشد المألوف قبل عقدين من الزمان.. تلك اللحظة التي ساعدت تماماً في تغيير العالم.

يقول غورباتشوف عن تلك اللحظة: "اتذكر ذلك الحدث في حين كنا جالسين معاً انا والرئيس ريغان حين قال لي: اعتقد ان الوقت قد حان لنتحدث باسمائنا الاولى. نادني رون".

تعيد تلك النقطة إلى الذاكرة ذلك الوقت الذي أمر فيه غورباتشوف السكرتير العام للحزب الشيوعي ورئيس الاتحاد السوفيتي باقامة حركة البيروسترويكا في الاتحاد السوفيتي التي جلبت أنتباه العالم لها بشكل عام. المورخين يصفون ريغان بالرجل الذي قام بهزيمة الاتحاد السوفيتي اللا دموية وإنهاء الحرب البارده ويلاحظون المشاركة الاساسية التي جاءت في المرحلة الحرجة من قبل الاصلاحي غورباتشوف.

إن حضور غورباتشوف هو من النوع الذي يحث على الذكريات الحميمة في الغرب، وحين يتجول في شوارع نيويورك وممرات فندق (بلازا اثينا) هذه الايام فهو يثير مفاتن النموذج الهوليودي. فالرجال المغرورون يمشطون الممر امامه في الوقت الذي تشاهد فيه المتفرجين يتصرفون بابتهاج ودهشة ويتدافعون بالمناكب لمشاهدته بوضوح.

مع الابتسامة الدائمة على شفتيه نجد غورباتشوف يطلق النكات وبشكل سريع جداً يعلق على هذه الحالة قائلاً: "تلك هي الضربة الوقائية" يقولها بروح مرحة حين حاول احد الاميركان ازعاجه.

وبالرغم من حصول غورباتشوف على جائزة نوبل للسلام فانه لا يزال غير مرغوب فيه شعبياً.. ويلام بصورة واسعة لإرشاده نحو الاصلاحات التي ادت إلى عقود من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي. وفي إدارته المشؤومة لرئاسة عام 1996 لم يجلب انتباه سوى 1% من الاصوات في الاتحاد السوفيتي.

من جهة أخرى فان مساعديه في اللغة الانكليزية وحراسه يشيرون اليه للسهولة وعدم ذكر الاسم بالقول: "السيد الاخضر" بسبب أن غورباتشوف كان قد كرس عمله لما سماه سنوات ما بعد الرئاسة لحماية البيئة وإقامة الحملات لذلك.

وبعد حضوره دفن (ريغان) في حزيران الماضي عاد غورباتشوف إلى الولايات المتحدة مؤخراً لتطوير منظمة الصليب الاخضر الدولية المقيمة في جنيف التي انشأها بعد عام 1992 الذي عقد فيه مؤتمر قمة الارض في (ريود جانيرو) وإنضمام منظمة امريكا الخضراء الدولية (Global Green USA) لها.

لقد ركزت هذه المجاميع على الازالة السليمة لاسلحة الدمار الشامل والتغيرات الجوية والإقلال من استخدام المصادر غير المتجددة ومنع الازمات حول المياه النقية.

وحين سئل غورباتشوف عن سبب اختياره للبيئة كمهمة اخيرة في حياته اشار إلى خلفية مزرعته وتجربته مع استخدام الارض من قبل صناعة المناجم خلال سنوات مسؤوليته كمحافظ اقليمي في مدينة (ستافر بول) ويقول في هذا: "وحين اصبحت احد اعضاء القياد السوفيتية فقد العديد من انجازاتنا بريقه بالنسبة لي لأني تعلمت الثمن البيئي الذي قدمناه لتلك الانجازات. وقد بنينا محطات قوة هيدروليكية وكانت تنتج الكثير من الطاقة ولكنها كانت ضربة قوية لأراضينا وخلقت المستودعات التي غطت الاراضي الواسعة والصالحة للزراعة وأثرت على العديد من القرى المجاورة. وشاهدنا ابراج الكنائس القديمة وهي ممتدة فوق المياه وبدت وكأنها صلبان مقابر."

والآن وقد تحركت روسيا للتوقيع على معاهدة (كيوتو) حول تغيير الطقس يخطيء غورباتشوف إدارة بوش بعدم القيام بنفس الخطوة حيث يقول: "لمن السيء والمحزن جداً أن لا تتخذ الولايات المتحدة الموقف الحيوي نفسه".

وانتقد بنفس الوقت الرئيس بوش حول العراق قائلاً:

"لقد اصبحت الازمة العراقية درساً وانا اعتقد بان هذا الدرس قد تم فهمه من قبل الطرفين الامريكي والروسي.

وحين يكون هذا الدرس أحادي الجانب فانه يأخذ الجانب الخطأ وهو ليس بالحدث المطلوب للسير إلى الامام".

يقف غورباتشوف إلى جانب الرئيس الروسي الحالي (فلاديمير بوتين) قائلاً ان العالم سوف يدعم حملته ضد الارهاب ولكنه يقترح حلاً وسطاً في مسألة الشيشان ويقول في هذا: "إن استمرار عدم الاستقرار في القوقاز سيؤثر على الجميع".

إن غورباشتوف الذي كان قائداً للسوفييت وانهى حرباً دامت عشر سنوات في افغانستان بسحب القوات السوفيتية لديه رؤية في حل المسألة الشيشانية إذ يقول: "إن صيغة الحل لهذه المسألة هي: ان الشيشان جزء من روسيا وعلى روسيا أن تساعد في إعادة بنا، هذا البلد ويكون للشيشان حالة شرعية خاصة داخل روسيا."

لا يزال غورباتشوف وهو في عامة الثالث والسبعين يتحدث بابتهاج فظ اكسبه ثقة القادة الغربيين سابقاً مثل الرئيس رونالد ريغان ومارغريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا التي قالت عنه بعد لقائها به في لندن للرئيس الامريكية بان القائد السوفيتي هو: "رجل بامكاننا العمل معه."

وفي حديثه عن بوريس يلتسين يقول غورباتشوف: "لقد امضى بوريس يلتسن عشر سنوات محاولاً إنهاء ما انجزه غورباتشوف. وما يقوله أو يكتبه البعض حول غورباتشوف فاعتقد باني ادفع ثمن أخطاء الآخرين. وإن ما يقوم به هؤلاء إعتداء وهجوم ضد كل شيء. يشير بذلك إلى يلتسن ويضيف ايضاً: "لقد تم تدمير كل شيء وكل الذي حصلوا عليه في النهاية هو أثاث محطم والعديد من الناس الذين يضعون اللوم على (البروسترويكا)."


لماذا تنتمي تركيا الى اوربا؟

بقلم المستشار الالماني كيرهارد شرويدر

ترجمة فاروق السعد عن دي فيلت الالمانية

كانت مجلة دي فيلت قبل فترة قصيرة قد كتبت على صفحتها الاولى"عشرة اسباب تحول دون دخول تركيا الى الاتحاد الاوربي" لغرض المناقشة.

قبل اسبوع من هذا التاريخ قدمت المفوضية الاوربية توصية الى رؤساء دول وحكومات الاتحاد الاوربي بالشروع بمفاوضات الانضمام مع تركيا. كان سبب هذا القرار هو التقييم الذي توصلت اليه مفوضية الاتحاد الاوربي، من ان تركيا قد لبت المعايير السياسية المطلوبة للشروع في مثل هذه المفاوضات- الالتزام بحقوق الانسان، حماية واحترام الأقليات كما هو الحال في اي نظام ديمقراطي دستوري. تشارك حكومة المانيا بهذا الرأي. لذلك فسوف ابذل قصارى جهدي في المجلس الاستشاري الاوربي في 17 كانون الأول للوصول الى قرار مماثل من قبل رؤساء الدول والحكومات.

ان هدف المفاوضات الوحيد هو دخول تركيا الى الاتحاد الاوربي فقط. الا انه ليس هناك من دخول تلقائي: بل في حالة قيام تركيا بالتلبية المستمرة والتامة لجميع المطالب، يمكن عندها قبولها في الاتحاد الاوربي. لذلك اشارت المفوضية عن حق، إلى ان المخرج من المفاوضات الطويلة امر ليس مضمونا.

و من جهة اخرى: دخلت تركيا طوعا في طريق التحولات العميقة. وكما في الحالات السابقة، فان امل تركيا للانضمام الى الاتحاد الاوربي يشكل حافزا كبيرا الى بذل جهود كبيرة لاجراء تغييرات عميقة. ان لدى المانيا واوربا مصلحة كبيرة في نجاح عمليات الاصلاح التركية هذه. لذلك: عندما تلبي تركيا واجباتها، عندها يمكن وينبغي ان تصبح عضوا في الاتحاد الاوربي. بالنسبة لي هنالك ثلاثة اعتبارات حاسمة:

1.منذ عام 1963 وعدت تركيا من قبل ما كان يدعى بالسوق الاوربية المشتركة بامكانية الحصول على العضوية. وبعد 1997-في زمن حكومتنا السابقة- عزز الاتحاد الاوربي هذا الاتجاه. وبعد سنتين اعلن ان تركيا مرشحة للتفاوض. عام 2002 وعدت ببداية سريعة لمفاوضات الانضمام اذا ما ايد المجلس الاستشاري الاوربي في كانون الأول 2004 بأنها قد لبت الشروط اللازمة.

2.ومنذ ان تسلم اردوكان منصب رئيس الوزراء انجزت تركيا ومن خلال برنامج اصلاح جذري مؤهلات بداية مفاوضات الانضمام:

1.الغاء عقوبة الاعدام.

2.منع التعذيب والتهديد استخدام العقوبات في حالات المخالفات.

3.اصلاح واسع لنظام العقوبات.

4.ضمان الحقوق الثقافية للاكراد و الاقليات الاخرى.

5.رفع القيود عن حرية الرأي والتجمع.

اذا ما واصلت تركيا هذا الاتجاه خلال السنوات القادمة واذا ما قادت عمليات الاصلاح الى تغيرات عميقة ملحوظة، عندها يجب على الاتحاد الاوربي ان يفي بالتزاماته، في قبول تركيا. انها مسالة ثقة وامانة من الاوربيين والسياسة الالمانية.

2.ان الاتحاد الاوربي هو مجتمع قيم. من القيم التي بني عليها الاتحاد هي الديمقراطية، الحرية، التعددية والتسامح. ان تركيا ديمقراطية، كما يريدها الاوربيون، ستكون دليلا على عدم وجود تعارض بين ديانة اسلامية وبين مجتمع متنور حديث. وبهذا ستكون تركيا نموذجا لبلدان اسلامية اخرى مجاورة لاوربا. من الواضح ماذا سيعني هذا بالنسبة الى تعزيز الامن في اوربا والمانيا.

1. ان تركيا وبسبب حجمها و ديناميكيتها هي شريك جذاب جدا من الناحية الاقتصادية لبلادنا. كانت نسبة نمو الاقتصاد التركي خلال السنوات الماضية 6% تقريبا، ويتوقع ان يكون النمو هذا العام 7%. يعود سبب هذه الديناميكية بشكل اساسي الى توقع انضمام تركيا الى الاتحاد الاوربي. ان قبول الدخول في مفاوضات حول الانضمام سوف يعزز من هذا التطور. وهذا بالنسبة الى المانيا فرصة كبيرة: نحن الان شريك تجاري كبير مع تركيا. ارتفعت صادرات المانيا الى تركيا خلال السنوات الماضية الى نسبة 20%. وهذا مفيد لكلا الطرفين، لانه يوفر فرص عمل في المانيا ايضا.

ان تركيا بالمقارنة مع توسعات الاتحاد الحاصلة لحد الان وبسبب حجمها السكاني وحالة تطورها الاقتصادي، ومجتمعها الاسلامي تشكل بالتأكيد حالة خاصة. وعليه لا يستوجب على تركيا ان تكون قادرة على دخول الاتحاد الاوربي فحسب، بل يجب ان يكون الاتحاد الاوربي ايضا قادرا على قبول تركيا.

سيتوجب على جميع الدول الاعضاء ان تبدي تضامنا، تماما كما هو الحال الان عندما ابدى الاتحاد الاوربي تضامنه عند انضمام عشرة اعضاء جدد. ستدور مفاوضات الانضمام ايضا حول جعل هذه الضرورات حقا. وهذا يشمل ايضا مجال موضوع حرية العمل. وضعت المفوضية الاوربية بنودا للمناقشة. ان كانت هذه البنود ضرورية، يجب ان يتم توضيحها في مفاوضات الانضمام. وعلى اية حال ستكون هنالك فترات انتقالية طويلة، قبل ان يتم رفع القيود على انتقال القوى العاملة التركية.

ومع هذا اريد في هذه النقطة ان اشير الى التحذيرات المبالغ فيها وحول تجارب جولات التوسع السابقة: تنشا الرغبة في الهجرة عندما لا يرى البشر أي امل في تحسن المستوى المعاشي في بلادهم. ان تسريع عملية الاصلاح في تركيا كفيل بالتغلب على هذه المشاكل وغيرها. توجد في عملية انضمام تركيا الى الاتحاد الاوربي تحديات كبيرة و فرص كبيرة-لكلا الجانبين. ومن مصلحة المانيا والاوربيين، ان يتم التغلب على هذه التحديات والاستفادة من هذه الفرص.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة