مدن: البتراء
بابل/مكتب
المدى
ناصر حسين
ناصر
استقر الانباط في
البتراء ويعتقد بانهم من الاقوام النازحة من الجزيرة
العربية. ومايدعم هذا الراي، هو معرفتهم مصادر الماء، خصوصاً
الابار وتلك خاصية بدوية حصلوا عليها عبر حياتهم في الصحراء
لفترات طويلة، وصارت هذه الخبرة جزءاً من ثقافتهم التي
تبادلوها، وهم قوم عشق الحرية وهذه خاصية اخرى تؤكد بدويتهم
ونزوعهم نحو الحياة الحرة بعيداً عن النظام المفروض او
السلطة.
واشارت المصادر
التاريخية الى اماكن تواجد الانباط وهي منطقة النقب وجنوبي
سورية وشرق نهر الاردن.
واسسوا حضارتهم
الشهيرة جداً شرق نهر الاردن، وهي من الحضارات المدهشة جداً،
والغريبة وخصوصاً في مجال العمارة والمعابد حيث اضفوا وظائف
جديدة على الرغم من تاثرهم الواضح بالحضارة الهلنيستية.
وتداخلت الثقافة
الصحراوية التي جاء بها البدو مع ثقافة هجينة اخرى وتحاورت
الثقافات لتقترح ثقافة لم تتنكر لمؤثرات سابقة او لاحقة،
ولذا كان بالامكان التوصل الى المراكز الدينية المساهمة
بصياغة نظام عام وخاص بالانباط، وحصراً معرفة الالهة
الاساسية في ديانتهم، ويمكن تأشير التداخل الثقافي في
الديانة النبطية والصاعد لهم من بابل وسوريا مثلاً، وهذا
مايتبدى من خلال العناصر المكونة بعض الالهة وكذلك وظائفها
مثل الاله بل وبعل وهبل، وهذا لايلغي تماماً الطابع النبطي
المميز حيث ظهرت اشكال في صورة نبطية لعدد من الالهة
المعروفة خصوصاً الاله حدد، والاله ذا الشري، لذا اطلق عدد
من الباحثين صفة المركبة على الثقافة النبطية واساطيرها.
وليس صعباً التوصل
الى الانظمة الثقافية في الحضارة النبطية، وهي نظام الالوهة
الانثى، او مايسمى بالام الكبرى ونظام الالوهة الذكرية/
الابوية، ونظام المشترك الذي استوعب اشكالية الصراع بين
النظامين الثقافيين وصاغ منظومة هجينة.
وتعاملت الدراسات
التاريخية والحضارية مع البتراء بوصفها المعطى لعبقرية
الانباط وانفتاحهم على الحضارات المجاورة والاخذ منها بروح
عالية، خالية من العقد او الاحساس بالنقص، لذا مثلت تجربتهم
في مجال التاريخ، واستطاعت البتراء من صناعة تاريخها الحضاري
والحفاظ عليه. وقال د.سالم المعوش: الملفت في ابداع هؤلاء
سرعة الملاءمة والتكيف والانطلاق الى الجديد، و الملاءمة هنا
تعني الكثير في عرف الحضارة وقانونها، وعرف الانباط بحسن
افادتهم من يابسة مجالهم الحيوي، واذا كان تواجدهم في شبة
الجزيرة العربية اولا قد اعطاهم السمة العامة للعرب الذين
تعاطوا الرعي، فان امكنة اقامتهم في الاردن والمناطق
المجاورة قد اظهرتهم شعباً نشيطاً استفاد الى ابعد الحدود من
الارض.
زاروا
البتراء وقالوا عنها
-صحيح ان الانباط
كانوا من اصول عربية، لكن في عهد الازدهار كان الاسلام في
رحم التاريخ، وكانت الوثنية الموغلة بالقدم تحت حماية
الحضارة اليونانية والرومانية، والبتراء، اللامدنية، عاصمة
سكان الكهف.
(الروائي
البرتو مورافيا)
في قيعان اليم
نامت الاقوام التي سارت يوماً عن الشطأن ورقدت اثار الاولين
الذين ابدعوا انبل ايات العمران وشيدوا اجمل البنيان وشقوا
بين الديار الدروب.
(الروائي
ابراهيم الكوني)
نشعر بالانبهار
امام اشهر صروح الموقع، لم يهدأ ذهولي الا لاحقاً بعد زيارات
عدة اثر مشاهدتي صور المعبد الضريح/الواجهة العالية المنحوتة
في الجبل، توقظ احساساً بالقرب، يجعل الانتماء اليها غير
مقرر، ان اصطدام الامكنة والازمنة يشوش العالم، فلا اعود
اعرف ما اذا كنت بالاسكندرية او في اسيا الصغرى، هل انا امام
رسم خداع ام مبنى حقيقي.
(عبد الوهاب
المؤدب)
-اضيفوا الى
العلوم علماً اخر، كيف يلبس الحجر الغواية، كيف يشتهي ويشتهى
فاتحاً صدره باسطاً ذراعيه، وكيف يهيء سريره ويخيل اليك انك
تسمع اهل البتراء يتحدثون معك من الابواب والنوافذ في
الاودية وعلى الذروات.
(ادونيس)
ذهبت الى البتراء،
مدينة الصخر التي لم تعرف البشرية مثيلاً لها شكلاً ولوناً
وطريقة في الحياة
|