التفاح.. غذاء.. ودواء

مديحة جليل البياتي

التفاح هو الثمرة الوحيدة ذات الأسطورة النبيلة والماضي المقدس، وإنها كانت في نظر الإنسان دائماً الثمرة الممتازة فهي للإنسان مذاق شهي وغذاء ودواء، ومهما يكن من أمر هذه الفاكهة وأصلها فإن هناك إجماعاً كاملاً لدى الأطباء وغير الأطباء بأنها تأتي في مقدمة الفواكه المغذية والشافية في آن واحد. وحتى قيل في الأمثال (إن تفاحة واحدة يتناولها المرء على الريق لا تدع للطبيب طريقاً إليه).

ومن خصائص التفاح التي تجعله جديراً بالاعتماد عليه دوماً، إن أشجاره وهي من الفصيلة الوردية تزرع في أغلب المناطق المعتدلة والباردة، والتفاح أنواع كثيرة مختلفة الألوان والأحجام والأشكال، وتقدم ثلاث لذات للإنسان هي لذة النظر، ولذة اللمس، ولذة الذوق، والتفاحة مغلفة دائماً بقشر ملون تلويناً بديعاً، منوعاً، وبراقاً كالشمس نفسها. هي صلبة دون قسوة وعصيرها سكري تخالطه حموضة خفيفة، عطرها ناعم ومنوع فلا يمل الإنسان استنشاقه وعصيرها فريد حقاً ولذيذ للغاية. وفيه أنواع لم يتوصل العلم إلى اكتشافها بعد بدقة كاملة وتشير الدراسات التحليلية للتفاحة أنها تحتوي أكثر من 30 عنصراً كيمياوياً مختلفاً وهي العناصر التي تعطي التفاحة عطرها وطعمها الخاص الذي لا مثيل له. التفاحة ليست مجرد لذة للإنسان.. فسكرها وفيتاميناتها وأملاحها التي تحتويها، كل ذلك يجعل منها غذاءاً ممتازاً، ولكنه يفتقر مع ذلك إلى البروتين والدهن. إن عصير التفاح يحتوي على 10% سكر منها 9% سكر بسيط وحيد يوجد بشكل كلكوز وسكر الفاكهة وهذان السكران أبسط أنواع السكريات لذا فإن الجسم لا يحتاج إلى جهد لهضمها وامتصاصها وتمثيلها. لذلك السبب كانت التفاحة غذاء يبعث النشاط ويساعد على العمل العضلي أثناء الهضم. إضافة إلى ذلك فإن التفاحة تحتوي على فيتامين C، كما تحتوي على كمية عالية من فيتامين (ب) المركب المفيد لعمل الجهاز الهضمي. ولتلك الأسباب نجد إن عصير التفاح وعصير بعض الفواكه الأخرى قد احتل مكانة مرموقة كشراب وهذه البادرة لها دلائل اجتماعية مهمة فهي محاولة للتخلص من المشروبات الروحية كالخمور والبيرة والاستعاضة عنها بشراب خال من الكحول كعصير الفاكهة والتفاح ومن هنا نفهم الأهمية الطبية والصحية والاجتماعية لعصير الفاكهة وبشكل خاص التفاح.

ومن الفوائد الطبية والعلاجية للتفاح أنه يساعد الهضم بكثرة اللعاب، فإذا مضغت جيداً فهي تقاوم الغازات والإمساك بفضل الكميات الكبيرة من البكتين التي تحتوي عليها، وللقشرة فوائد كثيرة لأنها مدرر للبول، ونقيع التفاح شراب لذيذ الطعم جداً، ودسم ومفيد للغاية في الأمراض الحادة والالتهابية.

فهو يخفف من ألام الحمى وينفع العطش ويقلل من التألم وله مفعول مفيد في الكبد والكلى والمثانة بحيث يسهل عمل هذه الأعضاء جميعاً، وهو يستعمل كثيراً ضد التهابات الأمعاء بغليه لمدة عشر دقائق، وللتفاح فوائد للصدر فهو يهدئ السعال ويسهل إفراز البلغم. إن القيمة العلاجية لعصير التفاح تكون كبيرة جداً في أمراض الحميات وفي الحالات التي تستدعي تدخلاً جراحياً وهو مفيد قبل التدخل الجراحي أو بعده، وكذلك في حالة التهاب الأعصاب الحاد أو المزمن، والوهن القلبي وأمراض الكبد، وعصير التفاح له فوائد كثيرة في صيانة الأوعية الدموية فهو يقلل من سرعة عطبها بينما يزيد من نشاط القلب، والتفاح يستخدم اليوم ضد نخر الأسنان وهو مرض أكثر الشعوب حضارة والذي يبدو أنه يتسبب عن السكر الذي يتخمر تحت تأثير بعض الجراثيم التي تعشش عادة في تجويف الفم، ويحتل التفاح بفضائله الشفائية مرتبة الصدارة في أمراض الأطفال ولاسيما تلك التي تصيب الجهاز الهضمي، ويلعب السليلوز دوراً مهماً وحامض التفاح ومفعوله المضاد للالتهابات إذ يعدل النسبة الجرثومية في الأمعاء وهكذا نجد أن الفعاليات الشفائية في التفاح هي السليلوز والبكتين وحامض التفاح. وللتفاح دور مهم في معالجة أمراض الكبد والأمعاء والطرق والقصبات، كما يعد من أفضل الفواكه في معالجة الحميات ومعالجة الإسهالات والزحار وفي شفاء الجروح والحروق وعلاج آلام العيون على شكل كمادات معدة في مسحوق التفاح مع حليب الأم تطبق على العين المصابة بالرمد واستعمال عصارة التفاح المطبوخ في معالجة النقوس والروماتزم وكما استعملت عصارته المسحوقة غير المطبوخة في معالجة الصرع ومعالجة الجروح النتنة ونظراً لاحتوائه على الألياف فإنه يساعد الأمعاء في حركتها الاستدارية ويمنع حدوث الإمساك ويقضي على القبض المزمن ولا حاجة لما يدعيه البعض من أن التفاح ثقيل الهضم عسير على المعدة أو إنه يثير حرقتها إذا كانت أغشيتها ملتهبة، فإن المضغ الجيد كفيل باتقاء جميع المحاذير وبإتاحة الفرصة للجسم لكي يفيد من هذه الفاكهة الثمينة أحسن فائدة. وتفيد الدراسات أن المناطق التي تكثر فيها زراعة التفاح قد نجا أهلها من الإصابة بالحصيات الكلوية أو البولية نظراً لخاصية التفاح كمذيب للحصى ومانع لتكوين الرمل المسكوب.

ويكون التفاح مصدراً للطاقة ومدرراً للبول وملينا وينشط الدورة الدموية، وإنعاش القلب وواقياً من الذبحة الصدرية ويفيد في شفاء أصابع القدمين المحتقنة والموجعة من البرد في الشتاء كما يفيد في معالجة بعض الأمراض والوقاية من بعضها الآخر حتى يكاد يكون صيدلية كاملة قائمة بذاتها.

ديمقراطية الستلايت

سألت المعلمة الطلاب:

- من يُعرِّف لي الديمقراطية؟

فرفع طالب واحد يده... تبشرت المعلمة خيراً:

- نعم... تفضل يا بني..

- هي "الستلايت"!

ثارت ثائرة المعلمة وصرخت:

- ماذا تقول؟ هل تسخر من موضوع جاد ومهم؟! لقد شرحت لكم في الدرس الماضي معنى الديمقراطية ويجدر بكم أن تكونوا قد استوعبتم الموضوع.. أليس كذلك؟

أجاب الطالب:

- نعم.. ولقد استوعبت فعلاً... ولكن عذراً لأنني لا أستطيع أن أعيد لك ما شرحته بالصيغة نفسها لأنني ما ما زلت صغيراً على "فلسفة" درستها أنت في الجامعة!

وسأوضح لك ما عنيت...

لم أكن أعرف سابقاً ما "الستلايت"، ولكن حين جلبه والدي لنا قبل أيام.. اكتشفت أن "الستلايت" هو عالم كبير، وبدأت النزاعات بيننا جميعاً.. والدي يبحث عن محطات الأخبار.. أمي تريد أن تتابع حلقات المسلسل العربي.. أختي الكبرى ترغب في مشاهدة الأغاني العربية والأجنبية.. اختي الصغرى تحارب من أجل (افلام الكارتون).. أما أخي الكبير فيبحث عن قنوات "سرية" ليلاً لا أعرف حتى الآن ماذا تعرض!

وأنا أتمنى أن يسمحوا لي بأن أتمم ولو مباراة كاملة لكرة القدم.. لذلك يا (ست) أرى أن "الستلايت" يعبر عن كل ما بداخلنا أنا واسرتي.. هو يضم كل الأفكار والرغبات، وكل منا عبر عما يريده بحرية وجرأة ووضوح.

ابتسمت المعلمة وكادت تحتضن ذلك الطالب وهي تقول له:

- ممتاز يا عبقري!

فرفع طالب آخر يده وقال بلهجة صارمة:

- ولكن "الستلايت" لم يعبر عما يريده الجميع بوضوح، لأننا حتى الآن لم نعرف ماذا يشاهد أخوك في الليل!!

فضحكت المعلمة وهي تنظر إلى أعلى:

"يا إلهي.. كيف أتمكن من تدريس هذا الجيل؟".

عبير حسن عبد العزيز العاني

حلاوة نهر خوز يحبها البصريون وتنتشر في دول الخليج

البصرة / عبد الحسين الغراوي

اقترنت تسمية حلاوة نهر خوز المشهورة باسم ابي الخصيب، المعروف بكثرة قراه وفروع نهيراته وبساتين نخيله وعادات أهله الطيبة وصناعاتهم الشعبية مثل الطرشي الخصيبي ذائع الصيت وصناعة حلاوة نهر الخوز التي مضى على صنعها 114 عاماً، والصناعات الخوصية التي تصنع من سعف النخيل والمهافيف (مروحات يدوية شعبية) وصناعة الخل وإذا كان قضاء أبي الخصيب قد عرف بصناعاته المحلية التي توارث صناعها الآباء عن الأجداد.. فإن أبا الخصيب مدينة الإبداع الشعري والثقافة والأدب.. ويكفي أن يكون السياب ابن هذا القضاء مثلما هو الشاعر سعدي يوسف ومحمد علي إسماعيل وشخصيات ثقافية وفكرية وأدبية وعلمية خرجت من تحت مملكة أبي الخصيب، فلا غرابة إذن أن يحافظ الحاج صالح عبد الرحمن إبراهيم / تولد 1936 وشقيقه فاضل عبد الرحمن / تولد / 1925 على معمل والدهما الحاج عبد الرحمن إبراهيم الذي توارث صناعة نهر خوز عن أبيه إبراهيم.

ومع مرور الأيام اتسعت شهرة حلاوة نهر الخوز وبات مذاقها الحلو يدخل حتى افواه الأوروبيين والآسويين والعرب وبالذات دول الخليج العربي ولكن كيف؟

(المدى) زارت الحاج صالح عبد الرحمن، من قرية نهر خوز بدءاً من مناطق أبي الخصيب المشهورة حيث الطريق بممر واحد تحيط به من الجانبين أشجار النخيل. استقبلني في داره حيث طلبت منه أن يحدثنا عن حلاوة نهر خوز ومتى بدأت صناعتها ولماذا سميت بحلاوة نهر خوز وكيف وصلت إلى الصين وأوروبا ودول الخليج. وهنا قال الحاج صالح عبد الرحمن إبراهيم: اكتسبنا مهارة صنع حلاوة نهر خوز من والدنا أنا وشقيقي، وقد توارثها عن أبيه إبراهيم الذي يعتبر أول منتج محلي لصناعة حلاوة نهر خوز.

سميت بهذا الاسم لأن القرية التي ولدنا فيها وعشنا فيها وما زال اسمها (قرية خوز) وفيها نهر اطلق عليه (نهر خوز) ومن هنا أطلق جدنا إبراهيم على حلاوته (حلاوة نهر خوز) وأضاف: العام الماضي احتفلنا بمرور 113 عاماً على صناعة حلاوتنا (نهر خوز) وهذا العام سنحتفل بالذكرى 114 عاماً على تواصلنا في صناعة الحلاوة، ولكننا طورنا صناعتها تمشياً مع روح العصر...

ثم سألته (المدى) عن المواد الرئيسة التي تصنع منها فأشار الحاج صالح عبد الرحمن إبراهيم - تصنع حلاوة نهر خوز من الراشي والدبس، وحافظنا على مقياس صناعتها منذ ذلك الوقت على الرغم من أن هناك من قلدها، لكن ليس بجودة ومذاق وشهرة حلاوتنا التي عبر اسمها العالم حيث وصلت إلى الدول الآسيوية والأوروبية والعربية وأكثرها الأقطار الخليجية حيث ترسل هدايا. سابقاً كان السعر رخيصاً ولأن المواد ارتفعت فقد وصل سعر الكيلو 3750 ديناراً فيما كان 1500 دينار.. في السابق.

ثم سألنا الحاج صالح عبد الرحمن - إذا كانت نوعية واحدة فأكد: هناك أنواع الراشية والسكرية والجوزية والدهينة.. ونحن نعملها بالمواصفات والجودة نفسها وبعضها نصنعه من التمر الحلاوي والساير والسمسم.

واختتم الحاج صالح عبد الرحمن الحديث عن حلاوته الخوزية التي باتت مشهورة منذ أواخر القرن الثامن عشر حتى يومنا هذا. إن الإقبال عليها يبدأ في شهر رمضان المبارك، أما صناعتها فتبدأ من شهر حزيران حتى نهاية السنة.. وحلاوة نهر خوز في رمضان الكريم تحظى بإقبال البصريين.