بعد ان
كانت تغطي العيوب و التجاعيد فحسب ..
مراهم
البشرة تساعد في إبطاء تقدم العمر
ترجمة/ فاروق السعد
عن/ نيوزويك
بالرغم من أنها لا تبلغ إلا 27 عاما، و بدون أي عيب في
بشرتها، إلا إن مديرة الحسابات بيانيكا بيلي تبحث عن
العناية العلمية بالبشرة في صالة التجميل هارودز. وعندما
يتعلق الأمر بالتقدم في العمر، فان بيلي لاتجازف. فهي
تستشير عدة معينات فائقات الجمال قبل ان تستقر على (Estée
Lauder's DayWear)
بمبلغ 28 باونداً، ستة أضعاف كلفة المرطب الاعتيادي. وهي
لا تهتم بالمراهم التي تعطي أفضل رائحة او بطريقة التعليب
الأنيقة أو شيء ما يعد بترطيب بشرتها. إنها تبحث عن مضادات
الأكسدة. " من يرغب بان يبدو معمرا ان لم يتوجب عليه ذلك؟"
كما تقول. إن إحياء و المحافظة على بشرة نضيرة قد كان يمثل
الكأس المقدس للجمال منذ ان دخلت كليوباترا في حمامها
الأسطوري من الحليب قبل أكثر من 2000 عام. و لكن حتى
الفترة القريبة الماضية، كانت معظم عمليات معالجة البشرة
مشكوكاً بها، مراهم مكلفة و محاليل لا تقوم سوى بستر
العيوب او عمليات تغيير اللون او إضافة تورد صحي. أما
العمليات الأخرى فكانت متطرفة و مؤذية، بضمنها الحقن،
العمليات او الليزر. والآن فان جيلا جديدا من منتجات
العناية بالبشرة يستند على نفس الثورة الجينية التي قامت
بإحداث نقلة في أبحاث السرطان و الزراعة. فالعلماء
يستخدمون الآن عملية فهم اكبر للطريقة التي تعمل بها
الآلية الجينية لخلايا الجلد لغرض التأثير على عملية
التقدم في العمر. والآن عندما تزعم تلك المراهم بأنها
قادرة على إنقاذ مظهر بيلي النضير، فإنها قد تكون على حق.
ان المنطقة المهمة هي الأدمة، طبقة من الجلد محصورة بين
البشرة الخارجية و الأدمة العميقة "هايبودرميس". تحتوي
الأدمة على أوعية دموية تغذي الجلد، و على بروتينات تدعى (elastin)
وكولاجين تحافظ عليه وتجعله مشدوداً، وان بعض الأشخاص
يكونون جينيا معرضين لفقدانها أسرع من غيرهم. يتمكن
العلماء الآن من قياس قابلية الفرد الجينية على إظهار
السرعة التي يظهر فيها التقدم في العمر على الجلد. فعلى
سبيل المثال، تتمكن (Dermagenetics)،
و هي شركة امريكية من تحليل الـ(DNA)
الخاص بك ويقولون لك ما هي المشاكل التي من المرجح ان
تواجهها عندما يتقدم بك العمر. فهي تقوم بتوزيع طاقم للفحص
الذاتي يشمل ضرب داخل الخد 10 الى 12 مرة. يحلل علماء
الشركة النماذج لمعرفة استعداد بشرتك للتعرض لتعطل
الكولاجين إضافة إلى قدرته على معالجة الجذور الحرة
للأوكسجين و الهيدروجين(الالكترونات غير المزدوجة التي
تتمكن من تدمير (DNA)
والبروتينات)، الملوثات البيئية والاثارات الحميدة. عندها
يستطيع العلماء ان يصنعوا مرهماً خاصاً لكل بشرة زبون،
باستخدام مركب من المكونات الفعالة المنتقاة للتعويض عن
حالات النقص المعينة. وهذه تم تحديدها بعد ما يقارب ثلاث
سنوات من البحث بالتوافق مع (Arch
Chemicals)، وهي
شركة ابحاث مقرها كونكتيكوت، و يتضمن إنزيمات نحاسية،
مضادات للاكسدة (superoxide
dismutase)،
ومستخلصات نباتية مثل الطحالب الحمراء او الشبندر. " نحن
لا نتمكن من تغيير جيناتك" كما يقول جون سوزا، متحدث رسمي
بلسان (Dermagenetics)
كل ما يمكننا عمله هو، اذا ما عرفنا بأنك غير قادر على
معالجة جذور الهيدروجين الحر بشكل جيد، فسوف نقدم لك شيئاً
ما يساعدك على ذلك." يكلف الاختبار الأولي 135 باوند، و من
ثم الكريم- الذي يكفي لمدة تقارب الشهرين- 125 باوند. ان
هذه المراهم الحصرية هي مجرد الطرف العلوي من الجبل
الجليدي عندما يتعلق الامر بالمنتجات الجديدة المستندة الى
العلم. تقوم الان شركات معتبرة مثل (Procter
& Gamble, Estée Lauder, L'Oréal, Unilever and Johnson &
Johnson) التي
تستخدم الآلاف من الباحثين بتوسيع مختبراتها في محاولة
للاستئثار بالعلم الجديد. فعلى سبيل المثال، اكتشف باحثو (P&G)
بان (glucosamine)
المعروف في الدوائر الطبية بتاثيراته على التهاب المفاصل،
يؤدي ايضا الى ايقاف انتاج الميلانين، المسؤول عن تلك
البقع الرمادية المزعجة. ومن ثم قاموا باختبار (glucosamine)
في المختبر الجيني للشركة و استخدموه لاحقا كمكون أساسي في
مرهم الشركة (Olay
Definity) ، الذي
طرح هذا الشهر. وصمم علماء (L'Oréal)
جسيمات فائقة الصغر تتمكن من العمل على الجلد و الشعر
بوسائل لا تتمكن الجزيئات الطبيعية من القيام بها. ان تلك
التركيبات الصغيرة الشبيهة بالكبسول، تسمى (nanosomes)،
جزء من حجم الجزيء الاعتيادي. كما يقوم الباحثون ايضا
بتكسير المواد الكيماوية الشائعة الى جسيمات فائقة الصغر،
وهو غالبا ما يعطيها خصائص جديدة و نافعة. فعلى سبيل
المثال ان ثاني اوكسيد التيتانيوم، وهو المركب الواقي من
الشمس، عادة ما يبدو ابيض و زيتيا على الجلد، و لكن النسخة
الفائقة الصغر منه هي شفافة تقريبا وسهلة الامتصاص. ان فيض
المنتجات المبنية على العلم تمثل القوة الدافعة وراء
الازدهار الحالي الذي تشهده صناعة العناية بالبشرة. ان سوق
منتجات العناية بالجلد المضادة للتقدم بالعمر قد نمت بنسبة
70% خلال السنوات الخمس الماضية في الولايات المتحدة فقط،
طبقا للشركة المختصة بأبحاث السوق (Mintel
International)
وارتفعت مبيعات منتجات العناية بالوجه 12 % بين 2000 و
2005، الى 1.5 مليار دولار. وفي بريطانيا، نمت مبيعات سوق
العناية بالوجه البالغة 1 مليار دولار بنسبة 20% منذ عام
2001. و في آسيا، تصارع شركات مواد التجميل العملاقة من
اجل شريحة من سوق منتجات العناية بالبشرة البالغة 18 مليار
دولار، طبقا لما ذكرته (Kline
& Co.) وفي العام
الماضي قامت (Estée
Lauder) بفتح مركز
للأبحاث. كما اتبعت (Shiseido)
اليابانية نفس الخطوة في تشرين الثاني الماضي، بمركز أبحاث
نازك جديد في بكين. و بالطبع، إن أحدث الأبحاث تجري في
مختبرات متضامنة، والتي لا تنشر نتائجها لأسباب تنافسية. و
هذا يجعل من الصعب تقييم الكيفية التي تعمل بها تلك
المنتجات. فعلى سبيل المثال، بالرغم من ان الدليل يبين
بشكل جلي بان مستخلص الشاي الأخضر يمكن ان يساعد في مقاومة
بعض التأثيرات الناتجة من التعرض لأشعة (UVB)
هنالك بالتاكيد عنصر احتراس من المشتري" كما يقول اليكسا
كيمبال، مدير الوحدة العلاجية للتجارب البحثية في البشرة
بمدرسة الطب لجامعة هارفرد. لا يوجد هنالك من وسيلة للتوصل
الى معرفة جازمة ان كان منتج معين سيكون يحتوي على
المكونات التي تحتاج اليها بشرتك. ويواجه الباحثون
الخارجيون مشاكل في تقييم البحث التضامني لأنهم غالبا ما
يفتقدون الى المعدات الثمينة المطلوبة للقيام بالعمل. " لا
يوجد شخص بمفرده في الوسط الأكاديمي يمكن أن يتفوق بعمله
على ما يفعله هؤلاء الأشخاص المتحدون" كما يقول كيمبال. لم
تفعل السيطرة النوعية سوى على تعقيد المشكلة. فثورة
العناية بالبشرة قد انبثقت بدون الكثير من الجعجعة لان
شركات صناعة مواد التجميل مترددة في جعل منتجاتها تبدو
فعالة جدا، مخافة ان يتدخل جماعة السيطرة النوعية و يقوموا
بتصنيفها على إنها أدوية. ان مجموعة المنتجات الجديدة و
البحث قد شوشت على عملية التمييز بين مستحضرات التجميل و
المواد الصيدلانية. فمستحضر التجميل، طبقا لادارة الغذاء و
الدواء الأمريكية، هو أي شيء يهدف الى تنظيف او تجميل
البشرة، وهو غير منتظم. و أي شيء يقوم بتغيير وظيفة الأدمة
الداخلية ينبغي ان يصنف على انه دواء. إذن أين تقع
المنتجات التجميلية-الصيدلانية (cosmeceuticals)
الجديدة؟ لغرض التخلص من إدارة الغذاء والدواء، سيزعم
إعلان مرهم ما بأنه يزيل "مظهر" التجاعيد بدلا من التجاعيد
نفسها- رغم ان الزعم الأكثر طموحا هو اقرب الى الحقيقة. ان
هذا المأزق يوجد في معظم البلدان، و لا يوجد قرار في الأفق
للسيطرة النوعية. ولكن بالنسبة الى النساء من أمثال
بيانيكا بيلي، ان الجيل الجديد من منتجات العناية بالبشرة
يعني أيضا ان التجاعيد، لا ترتقي الى مصاف الأمر
المؤكــــد.
|